«لافارج» الفرنسية تسعى لنقل خبرات مشاريع «الإسكان الاجتماعي» العالمية إلى مصر

مسؤول: الدعم الحكومي الموجه إلى محدودي الدخل أفاد الأسر المتوسطة

TT

تسعى شركة «لافارج» الفرنسية إلى نقل خبراتها العالمية التي تكونت من خلال مشاركة حكومات دول في إنشاء مشاريع الإسكان الاجتماعي، إلى مصر، وقال مسؤولون بالشركة الفرنسية إنهم قاموا بدراسة للسوق المصرية بينت أوجه القصور التي واجهت البلاد في الوفاء باحتياجاتها في هذا النوع من الإسكان.

وأشار مسؤولون بالشركة إلى أنه تم تكليف فريق خبراء جديد لدراسة السوق المصرية لذوي الدخول المعقولة واحتياجاتهم من أجل بناء حلول اقتصادية وفنية متكاملة من حيث الأنظمة المالية والتنمية المجتمعية وبناء الوحدات السكنية والطرق والكباري والمدارس والمستشفيات.

وقال مسؤولو الشركة إن مشكلة الإسكان الاجتماعي الموجه لمحدودي الدخل يواجه تحديات كثيرة، منه أنه أفاد متوسطي الدخل أكثر من محدودي الدخل، إلى جانب عدم مناسبة السكن نفسه لتلك الطبقة، وعرض مسؤولو الشركة نماذج لإسكان محدودي الدخل في دول أخرى لكي يستفيد منها المسؤولون بمصر.

وقال خالد غريب رئيس قطاع الاستراتيجيات والتطوير بشركة «لافارج» إن الدعم الحكومي الموجه في الأساس إلى محدودي الدخل أفاد الأسر المتوسطة أكثر من محدودي الدخل. وأضاف أن «الإسكان الاجتماعي» الذي يتم طرحه في كثير من الأحيان غير كاف لتلبية الاحتياجات الفعلية لمحدودي الدخل لأسباب كثيرة منها أسباب اقتصادية، وأسباب تتعلق بالملاءمة، وأسباب تتعلق بالجودة.

وأضاف غريب أن من بنين المشاكل التي تعيق تملك وحدات سكنية هي الفائدة المرتفعة لتمويل الوحدات السكنية من خلال نظام التمويل العقاري التي تصل الفائدة عليه إلى 12.4 في المائة، وهو ما يعيق تملك وحدات سكنية بالنسبة لمحدودي الدخل، وتابع: «ينبغي لتقديم عرض مناسب أن نبدأ بالتعرف على القيمة النهاية للعملاء أنفسهم وهذا لا يحدث في مصر، فتمويل الشراء هو أحد العوائق الرئيسية، وبافتراض تخصيص 34.5 في المائة من دخل الفرد للسكن وأن متوسط أسعار العقارات يبلغ سبعة أضعاف الدخل السنوي فيستغرق دفع ثمن منزل في مصر نحو 19 عاما».

ويقول فيليب موران، مدير قطاعات الإسكان الاجتماعي بشركة «لافارج»: «رغم وجود تحديات كبيرة أمام بناء المساكن الاقتصادية الفعالة affordable house، فإن الإرادة السياسية لهذه الحكومة الجديدة كبيرة وتسعى من أجل تحقيق تغيير إيجابي ومستدام لمصر».

وأوضح موران أن التوزيع الديموغرافي للسكان في مصر يشبه ذلك الخاص بالهند حيث يمثل نحو 30 في المائة من السكان دون سن الخامسة عشر، وأضاف: «من المتوقع أنه خلال 20 عاما عندما يصبح هذا الجيل الشاب الحالي جزء من القوى العاملة في البلاد فإن هذه النسبة من الشباب ستقل قليلا لتصل إلى 25 في المائة، لذا توجد حاجة لضمان قدرة هذه الأسر للحصول على إسكان اقتصادي ذي جودة ملائمة.» وتابع: «70 في المائة من المواطنين المصريين البالغ عددهم 84 مليون نسمة تحت سن 30 سنة وتوجد 600 ألف حالة زواج جديدة كل عام، مما يعني أن عدد السكان ينمو بمعدل ما يقرب من 2 في المائة سنويا». وتشير التقديرات الإحصائية إلى أنه حتى يمكن مواكبة الطلب على الوحدات السكنية، فإن هناك حاجة لتوفير ما بين 440 ألفا و600 ألف وحدة سكنية جديدة سنويا من الآن وحتى عام 2020. مع تركز تلك الوحدات في المناطق الحضرية. ويعيش سكان مصر على مساحة 5.5 في المائة فقط من أرضها، مع تركز 45 في المائة منهم في المناطق الحضرية.

وأشار موران إلى أن حكومات كثيرة لا يمكنها أن تقدم دعما كبيرا لقطاع الإسكان - الذي يحتاج إلى رؤوس أموال كبيرة – أملا في حل أزمة السكن، وقد تم بالفعل تحقيق بعض التقدم على مستوى السياسات، إلا أنه حتى الآن معظم المبادرات الخاصة التي أطلقت تحت رعاية حكومات البلدان النامية قد أفادت الأسر متوسطة الدخل أكثر من الأسر محدودة الدخل.

وقال مروان: «وقعنا مع مركز بحوث الإسكان والبناء بروتوكول تعاون ينص على تبادل الخبرات بين الشركة ومركز بحوث الإسكان والبناء لتحسين عملية البناء بالقرى والريف وتقوية المنازل باستخدام الطمي المخلوط بالإسمنت». وتابع: «الشركة تجري دراسات حاليا لربط فورمة الإسمنت في عملية تصنيع الخرسانة الجاهزة باستخدام تقنية النانو تكنولوجي»، مشيرا إلى أن النتائج النهائية للدراسة لن يتم التوصل لها بشكل حاسم إلا خلال 3 سنوات من الآن.

من جانبه قال خالد غريب إن شركته نقلت خبرات للإسكان منخفض الدخل إلى كثير من دول العالم، وتابع: «هناك شكل آخر نسعى لتقديمه في مصر وهو الاستشارات، وهي تقديم نصيحة مجانية للمواطنين الذين يقومون ببناء منازلهم لكي نساعدهم على تخفيض نفقات البناء وإرشادهم إلى التكلفة الفعلية».

وأشار إلى أن شركته تعمل بالتعاون مع المركز القومي لبحوث الإسكان والبناء المصري على بحث احتياجات المجتمع المصري وتطبيق كافة التقنيات التي تلبي هذه الاحتياجات.

وقال خالد إن تقديم وحدات منخفضة التكاليف لمحدودي الدخل مسألة حيوية لمصر، للقضاء على العشوائيات، فطبقا لتقارير عالمية فإنه يوجد بالقاهرة، ثلاثة من أكبر 30 «عشوائية مليونية» على مستوى العالم، مؤكدا أنه لا يوجد حل أو إجراء واحد لحل مشكلة الإسكان في مصر، وتابع: «مصر تحتاج إلى حزمة من الإجراءات، وهناك سعي من قبل الحكومة لحل تلك الأزمة، وفي كل حزمة من الإجراءات التي تسعى الحكومة لاتخاذها سيكون لنا دورا فيها».

وتبلغ استثمارات الحكومة الموجهة للإسكان في 2012 - 2013 ما قيمته 3.9 مليار يورو، وهو ما يمثل زيادة تقارب 38 في المائة عن 2011 - 2012، والذي يعتبر نصيب الأسد من جميع الأموال المخصصة من الموازنة العامة للدولة، حيث يحصل النقل على 25 في المائة، والصرف الصحي 16 في المائة، ومياه الشرب 14 في المائة، ومشروعات التعليم 13 في المائة. ويقول خالد: رغم هذه الاستثمارات الحكومية الضخمة في قطاع الإسكان فإن القطاع الخاص لا يزال اللاعب الرئيسي في سوق الإسكان في مصر، حيث يسهم حاليا بنسبة 76 في المائة من العرض.

وعن كيفية الوفاء باحتياجات السكن لمحدودي الدخل، يرى خالد أنه ينبغي لتقديم عرض مناسب لتلك الفئة أن نبدأ بالتعرف على القيمة النهاية للعملاء أنفسهم، مشيرا إلى أن مصر تواجه نقصا في العرض على الإسكان الاجتماعي للشرائح محدودة الدخل رغم توافر 5 ملايين وحدة شاغرة ولكنها لا تلبي طلبهم.

وقال: إنه رغم أن الحكومة وضعت على رأس أولوياتها برنامج الإسكان الاجتماعي، فإنه لن يستطيع معالجة الفجوة الكلية في العرض من دون مشاركة حقيقية من القطاع الخاص.