عقاريون: «لوائح ساما» الجديدة للتمويل ستنقذ السوق وتنعش العقارات بالسعودية

مطالبات بمراقبة الأسعار لمنع الارتفاع.. والمنشآت الصغيرة ستقود السوق

وحدات سكنية يتم بناؤها في العاصمة السعودية الرياض (تصوير: خالد الخميس)
TT

توقع عدد من خبراء ورجال الاستثمار العقاري في السعودية، أن تعيد اللوائح التنفيذية لأنظمة التمويل العقاري التي أعلنت عنها مؤسسة النقد العربي السعودي، ترتيب القطاع العقاري بكامل عناصره، باعتباره أكثر الأفرع الاقتصادية نشاطا وأقلها ترتيبا وتنظيما، في الوقت الذي يتوقع أن تهذب السوق نفسها من جديد بعد هذه الخطوة، ويقدم شكل جديد من الخدمات، في قطاع يتزايد الطلب فيه على إقامة مشاريع ضخمة تستطيع استيعاب النمو المطرد.

وتوقع عدد من المستثمرين في القطاع أن ينشط الطلب على العقار بشكل شامل، إلا أن الإقبال على الوحدات السكنية الصغيرة سيكون الأكثر تداولا وشيوعا، وسيخدم القرار السواد الأعظم من الطبقات المتوسطة، التي سيسعفها صدى القرار في تحقيق حلم التملك، الذي سينعش السوق وينقذها من الركود الذي طالما لازمها خلال السنوات الأخيرة، مما سيرسم خارطة جديدة لمستقبل العقار، متى ما طبقت بشكل صحيح ودون تعقيد، وسيستفيد منها الجميع دون استثناء. ووصف ناصر التويم، وهو مستثمر عقاري، القرارات الجديدة بالمنقذة للسوق، والتي ستخرج بها من النفق المظلم الذي طالما تخبطت فيه منذ فترة نتيجة ارتفاع قيمة العقار ونقص السيولة لدى معظم الراغبين في الشراء، بعد أن وصلت الأسعار إلى مستويات مرتفعة لم يستطع كثير من الراغبين مجاراتها، لافتا إلى أنهم كانوا شبه متوقفين عن البيع والشراء منذ فترة ليست بقصيرة، فإن القرار متى ما طبق وبشكل بسيط وشفاف، سيعرف كل شخص ما له وما عليه، وأن حلم تملك السكن سيصبح واقعا، وستكون هناك نهضة عمرانية عظيمة لم يسبق أن حدثت في العالم، نتيجة توفر السيولة والعرض والطلب في آن واحد.

وحول توقعاته عن أكثر الأفرع نشاطا فور إيجاد القرار على أرض الواقع، لفت إلى أن الحركة ستطال الجميع، إلا أن الطلب على الوحدات السكنية الصغيرة من المتوقع أن يكون ذا زخم أعلى خلال الفترة المقبلة، خصوصا أن أسعار الوحدات السكنية المتوسطة أو الكبيرة ستكون أكثر تكلفة، وهو الأمر الذي لا يستطيع المقترض الإيفاء أو الالتزام به، مما سيمكن المنشآت الصغيرة من قيادة السوق بشكل أكبر، في ظل الحاجة الماسة للتملك من قبل المواطنين.

وأمام هذه الآراء عقب صدور لائحة التمويل العقاري في البلاد، أفادت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» بأن شركات التمويل العقارية التي من المزمع الترخيص لها خلال الأشهر المقبلة، لن تتجاوز في قيمة التمويل المقدم للمقترض ما قيمته 70 في المائة من قيمة العقار الواحد، وهو الأمر الذي تستهدف من خلاله هذه الشركات عدم تكرار تجربة أزمة الرهن العقاري الأميركية، التي قادت إلى أزمة اقتصادية عارمة.

وفي صلب الموضوع حذر إبراهيم العبيد الذي يمتلك مؤسسة لتقديم الاستشارات العقارية، من استغلال جهل الناس للقرار وإقدامهم على إجراء خطوات في هذا الشأن دون الخوض في التفاصيل، ناصحا من يريد الاعتماد على هذا القرار عند الرغبة في الشراء، بدراسة جميع جوانب اللائحة والتمعن فيها، ومعرفة مدى إمكانية الاستفادة منها في جميع النواحي، وأن لا يكونوا كبش فداء، واصفا القرار بأنه من المستحيل أن يخدم القرار الجميع دون أي استثناءات.

وكانت مؤسسة النقد العربي السعودي تلقت ما يزيد على 2000 ملاحظة ومقترح، قدمها عدد من المختصين والمواطنين حول اللوائح التنفيذية لأنظمة التمويل العقاري، وقالت المؤسسة في بيان أصدرته سابقا، إنها درست هذه المقترحات بعناية، وأجرت ما يلزم من التعديلات على مشاريع اللوائح التنفيذية. وعن أكثر القطاعات العقارية المتضررة، خمن العبيد أن يكون قطاع التأجير الأكثر خسارة عندما يطبق القرار بحذافيره، ويليه بيع الأراضي المفردة، لافتا إلى أن المنازل الجاهزة، وخصوصا ذات المشاريع العملاقة ستكون هي الأكثر ربحا ونشاطا، وذلك لاستهداف القرار متوسطي الدخل ومحدودي الدخل، وهم الشريحة الأكثر احتياجا للإسكان، مما يعني تعاونا مرتقبا ستدور رحاه بين الشركات الإنشائية الكبرى والمصارف التجارية، التي ستشكل ثنائيا قويا في عالم العقار الفترة المقبلة.

وبحسب بيانات «ساما» فإن البنوك السعودية رفعت من حجم قروضها العقارية في العام الماضي، لتوقعها صدور لائحة بذلك خلال العام الجاري، وحسب بيانات «ساما» فإن القروض العقارية ارتفعت في السعودية بنسبة قياسية بلغت 83 في المائة العام الماضي، وبحجم وصل إلى 48 مليار ريال (12.8 مليار دولار).

وطالب عبد الله القحطاني الذي يمتلك شركة مقاولات خاصة، بأن يتم البت في بيان إلحاقي للتوضيح بشكل أكبر بالقرار الأساسي، خصوصا أن صيغة القرار لا يفهمها إلا المتخصصون في العقار، إذ يجب تبسيط القرار وتعريف المواطنين بما لهم وما عليهم منه، متمنيا أن يكون للمؤسسات الإنشائية المتوسطة والصغرى دور في هذا القرار، خصوصا أن نسبة كبيرة من العقارات يتم بناؤها عن طريقهم، مما سيقطع الطريق على احتكار السوق مستقبلا لصالح الشركات الكبرى، وأن يكون لهم دور في رسم السياسة العقارية الجديدة.

ويبين القحطاني أن القرار سيجد أرضية ثابتة للمضي فيه، وأن الناس متعطشة كحال المستثمرين في تنشيط عمليات البيع والشراء والتملك، مجيبا عن سؤال «الشرق الأوسط» حول تأثير القرار على الأسعار، بأن لارتفاع الطلب دورا في زيادة سعر العرض، إلا أن المؤشرات المبدئية تقول بأن السوق ثابتة في مكانها منذ فترة طويلة، ولم يحدث فيها أي تغيير، وأن المفاجآت ستكون هي العنصر المنتظر خلال الأيام المقبلة فور تفعيل القرار واقعا ملموسا.

يشار إلى أن مؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي) كانت قد أصدرت مؤخرا، اللوائح التنفيذية لأنظمة التمويل، حيث شملت اللائحة المعتمدة لنظام التمويل العقاري السماح للبنوك بمزاولة التمويل العقاري وتملك المساكن لأجل تمويلها، إضافة إلى الترخيص لشركات التمويل العقاري، والترخيص لإنشاء شركات مساهمة لإعادة التمويل العقاري وفقا لاحتياجات السوق، والترخيص لشركات التأمين التعاوني بتغطية المخاطر المتعلقة بالتمويل العقاري، وإصدار المعايير والإجراءات المتعلقة بالتمويل العقاري، ونشر البيانات المتعلقة بسوق التمويل العقاري، إضافة إلى تحديد مبادئ الإفصاح عن معايير تكلفة التمويل وطريقة احتسابه.