عدم تطوير «أراضي المنح» يعرقل مسيرة تملك المساكن في السعودية

يقدر عددها بنحو 2.2 مليون قطعة.. معظمها بحاجة إلى تطوير

عدم تطوير أراضي المنح في السعودية أصبح يشكل عائقا كبيرا أمام ملاكها الراغبين في تملك المساكن
TT

بات عدم تطوير أراضي المنح في السعودية يشكل عائقا كبيرا أمام ملاكها الراغبين في تملك المساكن، ففي الوقت الذي بلغ فيه عدد أراضي المنح التي قامت الحكومة السعودية بتوزيعها على مواطنيها خلال السنوات الماضية نحو 2.2 مليون قطعة أرض، أكد مختصون أن معظم هذه الأراضي يحتاج إلى التطوير.

وتأتي هذه المستجدات في الوقت الذي كشفت فيه دراسة اقتصادية حديثة أن 10 ملايين سعودي يقطنون مساكن بالإيجار، حيث شملت هذه الدراسة جميع السعوديين وعائلاتهم الذين لا يمتلكون مسكنا، يأتي ذلك في الوقت الذي بدأت فيه الحكومة السعودية خلال الأشهر القليلة الماضية بالعمل على إيجاد حلول عصرية لمشكلة عدم تملك السكن في البلاد، جاء ذلك من خلال تسهيلات جديدة قدمها صندوق التنمية العقاري، بالتعاون مع البنوك المحلية.

وقالت الدراسة التي أعدتها شركة الاستشارات العقارية العالمية «سي بي آر إي»، وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها: «لا تزال مشكلة ارتفاع أسعار الأراضي في السعودية تحبط محاولات مطوري القطاع الخاص في زيادة حجم المعروض والاستثمار في هذا القطاع، حيث يجد القطاع الخاص نفسه غير قادر على تلبية المتطلبات السعرية للشرائح المتوسطة والدنيا من المجتمع، خصوصا أنهم الشريحة الأكثر رغبة في شراء عقار».

وأوضحت الدراسة أن السعوديين أصحاب الرصيد المالي العالي ما زالوا مستمرين في تفضيل تملك الأراضي كوسيلة استثمار طويلة الأجل، مشيرا إلى أن هذا الاستمرار قاد إلى مزيد من تضخم أسعار الأراضي السكنية في البلاد.

وفي هذا السياق قال مايك ويليامز، كبير مديري البحوث والاستشارات في «سي بي آر إي»: «المستثمرون الذين يضخون أموالهم في تجارة الأراضي لا يأخذون عادة حسابات القيمة الاقتصادية الفعلية للأراضي عند اتخاذ قراراتهم الاستثمارية».

وأضاف ويليامز: «وفقا لدراسة (سي بي آر إي) فإنه يعتبر جميع الذكور فوق سن الـ18 عاما والأرامل من النساء مؤهلين للحصول على قطعة أرض سكنية بصرف النظر عن الدخل أو الوضع الاقتصادي، وفقا لنظام المنح الحكومي، وبذلك نتج عن هذه العملية عدد كبير من الأراضي غير المطورة لعدم توفر الموارد المالية لدى المستفيدين من أجل البناء على أراضيهم، حيث وزعت وزارة الشؤون البلدية والقروية السعودية نحو 2.2 مليون قطعة أرض بهذه الطريقة، إلا أنه لا توجد بيانات ترصد الاستخدام الفعلي لهذه الأراضي».

وفي ظل هذه المستجدات أشارت دراسة شركة الاستشارات العقارية العالمية «سي بي آر إي» إلى أن عددا كبيرا من الوحدات السكنية ذات التكلفة المنخفضة لم يتم بيعها في المشاريع المجتمعية كبيرة الرقعة الواقعة في جنوب الرياض، وهي المشاريع التي تم عرضها للإيجار بعد فشل بيع وحدات كافية منها، إلا أنه قال: «بينما شهدت أسعار الإيجارات بعض الارتفاعات الحادة في المناطق الناشئة التي تحظى بإقبال خاص في كل من الرياض وجدة».

ولفتت الدراسة إلى أنه ارتفعت معدلات الإيجار في العاصمة الرياض بنسبة تتراوح بين 1 إلى 14 في المائة للفيللات، وقال: «بينما كانت نسبة ارتفاع أسعار إيجارات الشقق أقل حدة لتتراوح بين 3 و10 في المائة»، مضيفا: «وفي جدة شهدت الأجزاء الشرقية من المدينة ارتفاعا طفيفا جدا لأسعار إيجارات الفيللات والشقق، في حين ارتفعت في المناطق الغربية منها بنسبة أعلى بلغت 20 في المائة للشقق، و6 في المائة للفيللات».

من جهة أخرى، أكد محمد آل محمد الرئيس التنفيذي لشركة «بواني العالمية» خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» أمس، أن أراضي المنح غير المطورة لا تشكل أي إضافة لمعروض الأراضي في السوق السعودية، وقال: «يجب أن يكون هنالك تمويل حكومي لأصحاب هذه الأراضي كي يقوموا بتطويرها، أو أن يكون هنالك تطوير حكومي مباشر، وفي حقيقة الأمر شراء أراضي المنح من قبل الحكومة ليس حلا لهذه المشكلة».

وأشار آل محمد إلى أن القطاع العقاري في السعودية يعاني من ركود موسمي وليس دائما، وقال: «ما تشهده السوق العقارية من فترة لأخرى ما هو إلا ركود موسمي وليس دائما، بدليل أن الرياض ما زالت بحاجة إلى 200 ألف وحدة سكنية إضافية اليوم، والرقم يزداد من عام لآخر».

وأوضح الرئيس التنفيذي لشركة «بواني العالمية» أن أسعار الأراضي التجارية المكتبية في السعودية تراجعت بنسبة 25 في المائة خلال الفترة الأخيرة، وقال: «إلا أن أسعار الأراضي التجارية السكنية ارتفعت، والأمر ذاته للأراضي التجارية المخصصة للمولات أو صالات العرض».

يشار إلى أنه كانت قد أصدرت مؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي) الشهر الماضي اللوائح التنفيذية لأنظمة التمويل، حيث شملت اللائحة المعتمدة لنظام التمويل العقاري السماح للبنوك بمزاولة التمويل العقاري بتملك المساكن لأجل تمويلها، بالإضافة إلى الترخيص لشركات التمويل العقاري، والترخيص لإنشاء شركات مساهمة لإعادة التمويل العقاري وفقا لاحتياجات السوق، والترخيص لشركات التأمين التعاوني بتغطية المخاطر المتعلقة بالتمويل العقاري، وإصدار المعايير والإجراءات المتعلقة بالتمويل العقاري، ونشر البيانات المتعلقة بسوق التمويل العقاري، بالإضافة إلى تحديد مبادئ الإفصاح عن معايير تكلفة التمويل وطريقة احتسابه.

وفي ما يتعلق بنظام مراقبة شركات التمويل، أظهرت اللائحة أنه تزاول الشركات المرخص لها بموجب هذا النظام أعمال التمويل بما لا يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية، بناء على ما تقرره لجان شرعية تختار أعضاءها تلك الشركات، وبما لا يخل بسلامة النظام المالي وعدالة التعاملات، كما نصت اللائحة على حظر مزاولة أي نشاط من نشاطات التمويل المحددة وفقا للنظام.

واشترطت لائحة نظام مراقبة شركات التمويل العقاري في أحكام الترخيص الأولية أن لا يقل رأسمال الشركة عن المبلغ الذي تحدده مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما)، بما لا يقل عن رأس المال المحدد في نظام الشركات، كما تضمنت اللائحة أن لا تزيد الحصة الأجنبية في حال وجودها عن النسبة التي تحددها «ساما».

وكفت اللائحة المعتمدة أيدي الأشخاص الذين سبق أن شهروا إفلاسهم أو انتهكوا أحكام نظام السوق ولوائحها التنفيذية، أو أخلوا بأي التزام تجاه دائنيهم، من الدخول في عضوية الشركات الجديدة المرخص لها لنشاط مزاولة التمويل العقاري، كما نصت على منع شركات التمويل العقاري المرخص لها من ممارسة أي نشاط آخر غير التمويل، أو امتلاك أي منشأة تزاول نشاطا آخر غير التمويل، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، بالإضافة إلى منعها من المتاجرة في العملات أو الذهب أو المعادن النفيسة أو الأوراق المالية، أو المتاجرة في العقار.