جاذبية نيويورك تنعش سوق المساكن الفاخرة

30 مليار دولار قيمة الصفقات العقارية بالمدينة عام 2012

TT

ظلت مدينة نيويورك لفترة طويلة مركزا لأكثر العقارات جاذبية في العالم من حيث الموقع والقيمة، ومن ثم، فإنه ليس من المفاجئ أنه عند طرح منازل فريدة من نوعها في السوق – عادة بأسعار مذهلة – يكون هذا بمثابة خبر تتردد أصداؤه عبر مختلف أنحاء العالم. لقد كانت تلك هي الحال خصوصا مؤخرا، إذ إن تأثيرات الركود لم تنحسر تماما، وبات كثير من الناس يراقبون عن كثب بحثا عن إشارات واضحة دالة على أي تحسن.

لذلك، عندما طرح عقاران مؤخرا في السوق – كل منهما في الأغلب بسعر يربو على 100 مليون دولار – نظر الكثيرون من العاملين في القطاع إلى ذلك بوصفه علامة واضحة دالة على أن سوق منازل مانهاتن وغيرها من عقارات مدينة نيويورك الفاخرة عادت بكامل طاقتها. وبحسب نشرة «بيزينس إنسايدر» الأميركية، يشير طرح هذين العقارين للبيع – أحدهما يملكه ستيف كوهين المدير التنفيذي لشركة «إس إيه سي كابيتال» والآخر يملكه المستثمر الراحل مارتن تسفايغ – إلى أن المستثمرين وغيرهم من مشتري المنازل الفاخرة المحتملين الآخرين قد عادت إليهم الثقة في السوق وقلت مخاوفهم إزاء شراء منازل باهظة الثمن، مما يعني أنهم باتوا يتطلعون للمستقبل.

وحسب وكالة سوذبي العالمية للعقارات، لقد اتضحت تلك النقطة جليا مؤخرا حينما قامت سيدة أجنبية بشراء وحدة سكنية سعرها 6.5 مليون دولار لابنتها. ورغم أن هذه الخطوة في حد ذاتها ليست بالضرورة خارج المعتاد، فإن الطبيعة بعيدة المدى لصفقة الشراء أذهلت الكثيرين – بمن فيهم الوكيل العقاري المشارك في الصفقة – بوصفها جديرة بالملاحظة. وبحسب صحيفة «ديلي نيوز» الأميركية، قامت السيدة بشراء الوحدة السكنية، بحيث يتسنى لابنتها امتلاك مكان فاخر ومناسب للسكن، في وقت تواجدها لحضور المحاضرات بالجامعة أو بالقرب من مدينة نيويورك، وهو الأمر الذي ليس من المحتمل أن يحدث عما قريب، حيث إن عمر ابنتها عامان.

«نحن نجوب المدينة ونتابع الصفقات عن كثب، وقلت في النهاية: ما الذي تشترينه على وجه التحديد؟»، هذا ما جاء على لسان كيفن براون، الوسيط العقاري بشركة «سوثبيز إنترناشيونال ريال ستيت»، بحسب الصحيفة الأميركية. ويواصل قائلا: «قالت: إن هذه الوحدة السكنية لابنتها، التي كانت تخطط للذهاب إلى جامعة كولومبيا أو نيويورك أو هارفارد، ومن ثم، كانت بحاجة للبقاء في قلب المدينة، ولهذا، اختارت هذه الشقة على وجه الخصوص في مبنى (وان 57) الذي يعد مطمعا للكثيرين في وسط مدينة نيويورك». وحينما علم أن ابنة المشترية في الثانية من عمرها، صدم براون. غير أنه ربما لم يكن عليه أن يصدم، حيث إن عقارات مدينة نيويورك تعتبر استثمارا جيدا. ويشتري كثيرون منازل في المدينة متوقعين أن قيمتها سوف ترتفع. ولهذا، عادة ما يشعرون بالراحة حينما يشترون منازل لا ينوون شغلها على مدى عدة أعوام.

وبحسب صحيفة «نيويورك تايمز»، تظل نحو 30% من الشقق الكائنة في «آبر إيست سايد» شاغرة على مدى أكثر من 10 أشهر، إذ إن المشترين الأجانب يملكونها ويعتبرونها استثمارات طويلة الأمد. وقد ساهم الطلب المتزايد على المنازل وتحسن الاقتصاد الوطني في جعل عام 2012 ثاني أفضل عام بالنسبة لسوق عقارات مدينة نيويورك منذ عام 2008. وبحسب صحيفة «نيويورك ديلي نيوز»، كانت هناك 39.381 صفقة إبان العام، وصل إجمالي قيمتها إلى أكثر من 30 مليار دولار. مثل كلا الرقمين ثاني أعلى إجمالي قيمة صفقات منذ ركود عام 2008.

وبحسب مايك سلاتري، نائب رئيس قسم الأبحاث بـ«ريال استيت بورد أوف نيويورك» (آر إي بي إن واي)، فإن دعم الاقتصاد وانخفاض أسعار الفائدة الوطنية وارتفاع أسعار الإيجارات عوامل ساهمت في جعل عام 2012 عاما جاذبا لعناوين الأخبار. ربما كان من المرجح أن عاملا آخر، بحسب الصحيفة، هو هجمة البائعين على إتمام صفقات البيع قبل ارتفاع معدل ضريبة المكاسب الرأسمالية. وبصرف النظر عن الأسباب، فقد زاد حجم المبيعات خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2012. علاوة على ذلك، فقد ارتفع متوسط سعر المنازل ليصل إلى 775 ألف دولار في الربع الأخير من عام 2012. وهي زيادة نسبتها 12% عن العام الماضي. وربما كانت هذه الزيادة مدفوعة بتجدد الاهتمام بالمنازل الفاخرة، إذ إن مشتري العقارات الفاخرة باهظة الثمن بدءوا يشعرون بثقة أكبر في القيام باستثمارات عقارية ضخمة.

وتشير الصحيفة إلى أن الطلب على المنازل التي تتصدر قائمة العقارات في السوق في مانهاتن كان يسجل ارتفاعا بشكل مطرد خلال السنوات القليلة الماضية، مع تقلب ملحوظ على وجه الخصوص في النصف الثاني من عام 2012. حيث بدأ بيع منازل مانهاتن وغيرها من العقارات الأخرى القيمة يزداد نظرا لزيادة التفاؤل بين المشترين المحليين والدوليين.

وقد ساعد هذا النشاط المحموم والطلب القوي في ارتفاع مستويات الثقة لأصحاب المكاتب العقارية في مستقبل السوق. وبحسب «ريال إستيت بورد أوف نيويورك» (آر إي بي إن واي)، وصلت ثقة وسطاء العقارات السكنية والتجارية في مدينة نيويورك إلى أعلى مستوياتها خلال الثمانية أشهر الماضية خلال يناير (كانون الثاني) 2013.

وقال سلاتري: «يشير استبيان هذا الشهر إلى أن ثقة الوسطاء في السوق الحالية في العموم آخذة في التحسن»، وأضاف: «هذه الأرقام هي أعلى أرقام شهدناها على مدى آخر ثمانية أشهر أجري فيها الاستبيان». حيث ارتفع مؤشر الثقة العامة في العقارات السكنية من 8.59 إلى 8.79 في الفترة ما بين ديسمبر (كانون الأول) 2012 ويناير 2013.