عقارات توسكاني الإيطالية محصنة ضد الكساد

بسبب الإقبال السياحي وسحر الطبيعة

الجبال والطبيعة الخضراء تجذب مستثمري العقارات
TT

رغم المتاعب الاقتصادية التي تعاني منها إيطاليا ضمن منطقة اليورو، فإن قطاع العقارات في منطقة توسكاني ما زال منتعشا نسبيا بفضل الإقبال السياحي على المنطقة ونوعية الحياة الجيدة التي توفرها المقاطعة الإيطالية لزوارها وسكانها من الثراء الثقافي والتنوع الجغرافي وشهرة المطبخ الإيطالي. وعن أحدث تطورات قطاع العقار في المنطقة تقول لين ديفي، مديرة مكتب شركة «بيتشام» العقارية في مدينة فلورنسا عاصمة توسكاني، إن النشاط مستمر في المنطقة وإن مكتبها يتلقى طلبات شراء من داخل وخارج إيطاليا. وتضيف أن الوقت الحاضر يمثل فرصة شراء، خصوصا في القطاع الفاخر. وهي تنفذ صفقات حاليا لمشترين في توسكاني من الشرق الأوسط والهند وروسيا بالإضافة إلى أوروبيين وأميركيين. ويتوجه البعض إلى توسكاني من أجل تطوير العقار إما بغرض التأجير لقطاع السياحة أو التجديد وإعادة البيع.

ويتخصص مكتب «بيتشام» في قطاع العقار الفاخر وللشركة مكاتب أخرى في لندن وعدد من المدن الأوروبية الأخرى. ويعمل في مكتب فلورنسا ثلاثة أفراد لديهم خبرة طويلة في التعامل في عقارات توسكاني. وتقول لين إن توسكاني تعتبر من أكثر المناطق الإيطالية ثراء ثقافيا وتوفر الكثير من الخيارات للمشتري من عقارات ساحلية إلى أخرى ريفية. وهي من أكثر مناطق إيطاليا شهرة سياحية، وتعيش فيها جاليات أجنبية من الطبقات الراقية. وتقوم لين أحيانا بمساعدة المشترين في تطوير العقارات واستكمال الديكورات الداخلية.

وقال تقرير من «بيتشام» مؤخرا إن توسكاني تعد ثالث أكبر منطقة سياحية في إيطاليا ويزورها سنويا ستة ملايين سائح. ولذلك تعد أسعار عقاراتها الساحلية من أعلى المعدلات السائدة في إيطاليا باستثناء روما. وتتألق فلورنسا، عاصمة الإقليم في معدل أسعار عقاراتها وتتميز أيضا بسهولة الوصول إليها من خارج إيطاليا. وأدت الأزمة الاقتصادية والشعور بعدم الثقة إلى خفض نسب إكمال صفقات العقار الإيطالية بنحو الثلث بين عامي 2006 و2011. مع تراجع إضافي في عام 2012.

ووفقا للإحصاءات الرسمية الإيطالية ما زال معدل الأسعار السائد في توسكاني أقل مما كان عليه خلال الربع الأول من عام 2008 بنحو 10%، ولكن المعدل في القطاع السياحي لم يتراجع إلا بنسبة 4.4%.

وتبدو المقارنة في صالح توسكاني عند النظر إلى وجهات سياحية أوروبية أخرى انخفضت فيها الأسعار بنسبة 50%. وتساند سوق توسكاني عوامل تتعلق بـ«نوعية الحياة» فيها وليس بالاستثمار. وهي تجذب نخبة من المشترين الأثرياء الذين يميلون إلى الشراء النقدي وعدم الاقتراض. ولا توجد في توسكاني مشروعات ضخمة موجهة لاستثمارات من خارج إيطاليا، مما يعني عدم وجود فوائض عقارية في السوق يمكنها أن تؤثر سلبا على الأسعار. وفي قطاع التأجير السياحي يسيطر المشترون البريطانيون تقليديا على السوق، ولكن هذا التوجه تغير في السنوات الأخيرة نحو مزيج من المستثمرين الدوليين من جهات متعددة. وتوجهت نسبة من كبار المستثمرين الروس الذين اشتروا عقارات في لندن إلى توسكاني من أجل شراء عقارات ثانية أو ثالثة. ويشير التقرير أنه لاحظ في السنوات الأخيرة تغيرا في المزاج العام للمشترين من شراء الشقق الفاخرة في المدن إلى شراء عقارات ريفية أوسع مساحة وأكثر هدوءا. وتشتهر في هذا القطاع قصور ريفية لها شخصية تقع بالقرب من طرق رئيسية في المقاطعة ويسهل الوصول إليها من مدن فلورنسا وسيينا ولوكا. ويفضل المشترون القصور التاريخية التي لا تبتعد بأكثر من مسافة ساعتين بالسيارة من المطارات. وتعرض الشركة في الوقت الحاضر قصرا يضم 3 فيللات وحمامي سباحة وحدائق ومزارع تمتد على 55 فدانا في مدينة لوكا بمقاطعة توسكاني. ولا تعلن الشركة عن السعر إلا للمهتمين بالشراء. وكانت آخر الصفقات التي عقدتها الشركة في توسكاني بيع فيللا مكونة من 4 غرف نوم مع حديقة وحمام سباحة في موقع متميز يبعد 26 كيلومترا من فلورنسا، وذلك بمبلغ 3.6 مليون يورو. وتتيح قوانين الملكية في إيطاليا منح المستثمرين الأجانب ملكية خالصة للعقار والأراضي، كما يمكن شراء العقارات المؤجرة لآخرين بتعاقدات، أو ملكية العقار من دون ملكية الأرض كما في حالة شراء الشقق.

وتتوقع شركات عقار إيطالية من بينها شركة «سيناري ايموبيلياري» أن يستمر استقرار أسواق العقار في توسكاني خلال العام الجاري مع ارتفاع طفيف بنسبة 1 إلى 2%. ومن المتوقع أن تكون الزيادات بالدرجة الأولى في المدن الرئيسية في توسكاني ثم في القرى المحيطة بها. وتضم مقاطعة توسكاني نحو 1800 قرية تقع جميعها في مناطق طبيعية وتاريخية ذات مشاهد خلابة.

ولكن المدن الرئيسية في توسكاني تضم نحو 60% من السكان وتوفر معظم الخدمات للقرى المحيطة وهي تجذب المشترين الإيطاليين أكثر من الأجانب. وقامت شركة «سيناري ايموبيلياري» بعمل مسح إحصائي بين المشترين الإيطاليين والأجانب حول تفضيلات الشراء لديهم واكتشفت أن معظم الإيطاليين يحلمون بشقة لها بالكون أو تراس في المدينة. أما الأجانب فإن حلم الشراء الذي يراودهم فهو شراء قلعة ريفية تاريخية.

ووجدت الشركة أن طبيعة سوق المدن في توسكاني يعني ارتفاع الأسعار أكثر من الريف مع قدرة أعلى على التفاوض وتخفيض هذا السعر عند التعاقد. ولكن الأسعار الريفية التي لم ترتفع بنفس النسبة يكون من الصعب خفضها كثيرا.

ويقول الخبير القانوني الدكتور توماسو فرانكالانشي إن عملية شراء العقار عن بعد تكون في الغالب صعبة وبها من العقبات ما لا يواجهه المستثمر في السوق المحلية التي يقيم فيها. وهو يركز على ضرورة أن يدرس المشتري السوق قبل أن يتقدم للشراء. وفيما يتعلق بالسوق الإيطالية تتكون نصيحته من 4 نقاط هي:

* الاستعانة بخبير قانوني للعمل لصالح المشتري والتأكد من أن العقار مستوف للشروط القانونية وليس عليه خلافات بشأن الملكية.

* ضرورة فهم الأعباء المالية المترتبة على ملكية العقار بما في ذلك ضرائب العقار ورسوم التسجيل.

* الوعي بالالتزامات القانونية المترتبة على شراء العقار وملكيته في إيطاليا.

* اختيار وسيلة الشراء الملائمة لظروف المشتري الشخصية وخططه المستقبلية.

وهو يؤكد من وجهة نظره أن توسكاني هي إحدى المناطق القوية سياحيا والمغرية عقاريا فهي «من أجمل مناطق العالم» على حد قوله.

وهناك الكثير من نماذج العقارات الفاخرة المتاحة في أسواق توسكاني في الوقت الحاضر منها فيللا ريفية تسمى «سان دوناتو» تقع بالقرب من فلورنسا وتضم 4 غرف نوم و4 حمامات و3 غرف استقبال وقاعة مكتب. وتقع الفيللا على مساحة 340 مترا مربعا مع فدانين من الأراضي المحيطة، وتعرض في السوق بسعر 1.8 مليون يورو.

كما توجد فيللا «ليك كومو» تطل مباشرة على بحيرة كومو، تم تجديدها بالكامل في عام 2010. وهي تقع على 4 طوابق وتضم 5 غرف نوم و5 حمامات و4 غرف استقبال ومرسى على البحيرة بالإضافة إلى حدائق. وهي معروضة بثمن 4.5 مليون يورو. وفي القطاع الفاخر أيضا توجد مجموعة من الفيللات في موقع «بورغو لوفيغالي» في قلب توسكاني بالقرب من اريزو، وأقرب المطارات إلى الموقع هما مطارا فلورنسا وبيزا. ويتم تطوير ست فيللات بأحدث أساليب الديكور ووفق طلب المشتري. وتعرض الفيللا الواحدة منها بسعر 1.7 مليون يورو.

مثال آخر لبيت ريفي اسمه «ليوبولدينا» مكون من 3 غرف نوم وحمامين مع حديقة خاصة وحمام سباحة ومكان لصف السيارات مع مدخل خاص ببوابة تعمل كهربائيا. ويعرض هذا المنزل في السوق بسعر 450 ألف يورو.