الحكومة المصرية تستبدل بالعشوائيات في قلب القاهرة أبراجا سكنية

الخطة تهدف إلى تعويض السكان وتهجيرهم إلى مناطق نائية

عشوائية «رملة بولاق» حيث تسعى الحكومة المصرية إلى تطويرها (تصوير: عبد الله السويسي)
TT

على كورنيش نهر النيل في منطقة ماسبيرو بوسط العاصمة المصرية، تخفي مبان عملاقة لعدد من الوزارات والفنادق ومؤسسات حكومية وأبراج سكنية متراصة في مواجهة نهر النيل، واحدة من أشهر العشوائيات في مصر وهي منطقة «مثلث ماسبيرو». تلك المنطقة كانت مطمعا لعدد كبير من المستثمرين، سواء المحليين أو الأجانب، لقربها من قلب العاصمة المصرية، فكانت الحلول المقترحة لتطوير تلك المنطقة هي تهجير قاطنيها، وتعويضهم بمساكن في المدن الجديدة أو بمقابل مادي هزيل، وهو ما كان يرفضه أهالي المنطقة الذين اعترضوا أكثر من مرة على هذا الأمر.

وكان النزوح إلى المدن الكبرى أحد أسباب تكون العشوائيات في مصر، ووفقا للإحصاءات الدولية، فإنه في العقد المقبل سوف تتغير المدن بشكل جوهري، حيث إنه من المتوقع حدوث النمو السكاني بشكل خاص في المناطق الحضرية. وبحلول عام 2050، سوف يسكن نحو 70% من عدد سكان العالم في المدن، مقارنة بما يزيد قليلا على 50% حاليا، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى زيادة في عدد سكان المدن بنحو ملياري ساكن.

ويعيش نحو 45% من عدد سكان مصر في المناطق الحضرية. خلال الفترة بين عامي 2005 و2020، سوف يزداد عدد قاطني المدن في البلاد بنحو 14 مليون نسمة؛ أي بما يعادل مليون نسمة سنويا تقريبا. فالنمو على هذا النحو الذي لم يسبق له مثيل سوف يمثل تحديا خاصا في مصر.

قد لا تحسد سكان منطقة مثلث ماسبيرو على العقارات المتهالكة، المكونة من أدوار محدودة تحتاج فقط إلى كارثة طبيعية كهزة أرضية ضعيفة لانهيارها، كما حدث قبل سنوات قليلة لمنطقة «الدويقة» العشوائية التي تقع قرب جبل المقطم والتي شهدت انهيارا صخريا أسفر عن مئات من القتلى والمفقودين تحت الأنقاض. إلا أن الموقع يجعل البعض مستعدا لأن يدفع مئات الآلاف دون تردد مقابل الحصول على شقة في تلك المنطقة التي تفصلك فقط خمس دقائق على قدميك للوصول إلى ميدان التحرير في قلب العاصمة التي يتركز بها أغلب المصالح والأعمال في مصر.

تطوير العشوائيات في مصر، خاصة ما يعرف بمثلث ماسبيرو، كان هدفا لحكومة ما قبل الثورة، فتم إنشاء شركة «ماسبيرو للتنمية العمرانية»، التي كان هدفها شراء أراضي العشوائيات التي تقع في المنطقة، خاصة أن تلك الأراضي ملك للدولة، دون توفير بديل سوى الأموال للسكان.

إلا أن الحكومة الحالية انتهجت أسلوبا مختلفا، حيث تم توقيع اتفاقية تعاون منتصف الشهر الحالي بين محافظة القاهرة وصندوق تطوير العشوائيات لتطوير منطقة «رملة بولاق» البالغ مساحتها 4.26 فدان التي تعد جزءا من مثلث ماسبيرو، حيث يعتمد المشروع على توفير وحدات إيجارية مؤقتة لنحو 191 وحدة سكنية و9 وحدات للنشاط تجاري، ثم بناء 4 أبراج سكنية بارتفاع 12 دورا، توفر 368 وحدة سكنية و40 وحدة تجارية و8 وحدات إدارية، بتكلفة إجمالية تقدر بـ139.1 مليون جنيه. وسيقوم صندوق تطوير العشوائيات بتوفير تمويل قدره 54.3 مليون جنيه (7.8 مليون دولار) لاستعادة تكلفة التمويل، وتتحمل المحافظة مبلغ 84.6 مليون جنيه (12.3 مليون دولار) لتعويض أراضي الأملاك الخاصة، على أن يتم نقل السكان من الوحدات الإيجارية المؤقتة بالموقع إلى الوحدات الجديدة، وسيتم إخلاء مساحة من الأرض تقدر بـ8695 مترا مربعا يتم طرحها للبيع لاستعادة تكلفة التطوير، ومن المخطط، بحسب ما أعلنته رئاسة الوزراء، أن يحقق المشروع قيمة مضافة تقدر بنحو 129.7 مليون جنيه (19 مليون دولار).

وكان مجلس الوزراء المصري قد وافق في سبتمبر (أيلول) 2012 إلى أبريل (نيسان) الحالي على تنفيذ مشروعات تطوير 10 مناطق عشوائية بمختلف المحافظات، بتكلفة إجمالية تقدر بـ434 مليون جنيه (63 مليون دولار).

وبالنهج نفسه، تم توقيع اتفاقية لتطوير عشوائية بمحافظة المنيا مساحتها 4 أفدنة، وبتكلفة إجمالية تقدر بنحو 92.8 مليون جنيه (13.4 مليون دولار).

ودأبت الشركات الخاصة بدورها أيضا في إيجاد حلول لتوفير مساكن بأسعار مناسبة، خاصة في مدن الدول النامية التي يمثل الحصول على مسكن فيها من أكثر الأحلام التي تراود شبابها.

إردوجان بيكنتش، الرئيس التنفيذي لشركة «لافارج مصر»، يقول إن شركته «تسعى إلى أن تساهم في تحسين المدن، ومساعدة الناس في الحصول علي مساكن ذات جودة أفضل بتكلفة في متناول اليد، مع عدم التأثير على الطبيعة بشكل سلبي، بفضل المنتجات والحلول المبتكرة لدينا».

وتابع: «مع وصول تعداد سكان مصر إلى نحو 90 مليون نسمة وقابليته للازدياد، فإن مصر تمتلك إحدى كبرى الأسواق المحلية في المنطقة بأسرها. ومن هنا، نشعر بأن هناك دورا كبيرا في تطوير بيئة حضرية متميزة، من خلال توفير منتجات فريدة وكذلك خدمات وأنظمة بناء في عدد من المناطق الحضرية الحيوية بهدف السعي إلى مزيد من التسكين في المدن وتعزيز وجود السكن الذي يسهل الحصول عليه بأسعار مناسبة، وكذلك زيادة التفاعل بين المدن من خلال دعم وتطوير البنية الأساسية التي تشمل الطرق، المطارات، المحطات، الكباري والأنفاق».