سوق العقارات بكردستان راكدة.. ولكن مشاريع الاستثمار العمراني رائجة

فورة الأراضي خلال العام الماضي دفعت كثيرين للشراء

سوق العقار في كردستان تشهد تباطؤا بعد فورة عمرانية أسهمت في السنوات الماضية بانتعاش كبير («الشرق الأوسط»)
TT

شكا شيروان عبد الرحمن من توقف عمليات بيع وشراء الدور وقطع الأراضي في القطاع الذي يعمل فيه بجنوب مدينة أربيل، والذي شهد في السنتين الأخيرتين إقبالا كبيرا لشراء العقارات فيه على أساس أنه سيتحول إلى منطقة سكنية راقية، ما رفع أسعار الأراضي فيها بنسبة عشرات الأضعاف، حتى أن عبد الرحمن نصح صديقا مقربا له بشراء خمس قطع أراض هناك وإبقائها لفترة حتى ترتفع الأسعار ثم بيعها ليستفيد من أرباحها، ولكنه بدا محبطا وهو يروي ما عاناه من إحراج شديد مع صديقه لـ«الشرق الأوسط» قائلا: «لم أكن أعرف ماذا سيحصل، فأنا قد ابتعت قطعتين جنيت من بيعهما نحو 20 ألف دولار بفترة شهرين فقط، ولذلك نصحت صديقي بإخراج مدخراته لشراء قطع أراض كانت معروضة في مكتبي على البيع، ولم أكن أدري بأن حظه السيئ سيبقي تلك القطع كما كانت عليه، من دون أن يجد من يشتريها منه، وهو الآن يحتاج إلى أمواله ولكن الكساد الحاصل يحول دون بيع تلك القطع حتى بأسعار أقل مما اشتراه». ويلقي عبد الرحمن صاحب مكتب عقارات بمحلة «زيان» بالمسؤولية على حكومة الإقليم ويقول: «هناك الكثير من العوامل التي تسببت بوقف عمليات البيع والشراء، هناك مشكلة توقف توزيع أراضي الحكومة، ووقف إطلاق القروض العقارية، وعدم وجود السيولة النقدية بالمصارف، هذه العوامل ترعب من يمتلك المال ويدخره، فهو لا يريد أن يخاطر بأمواله في مثل هذه الظروف ما أدى إلى وقف تام لعمليات بيع وشراء الأراضي». ويقول سعدون شريف جاره بالمكتب «هناك أيضا تفاقم مشكلات أربيل وبغداد، الناس تخاف أن تخرج مدخراتها، هناك خوف عام من حدوث حرب بين البيشمركة والجيش في المناطق المتنازع عليها، لذلك يتردد الكثيرون في التصرف بفائض أموالهم، خاصة أن عمليات بيع وشراء قطع الأراضي كانت مربحة ومغرية إلى حد ما، ولكن اليوم ليس هناك من يشتري، مؤجلا ذلك إلى ظروف أفضل».

النهضة العمرانية وتدفق الاستثمارات الخارجية على إقليم كردستان ساهما طوال السنوات الماضية بانتعاش كبير في سوق العقارات، وسجلت الأسعار أرقاما خيالية في بعض المناطق من مركز المدينة، حتى باتت مساحات محدودة من الأراضي المطلة على الشوارع الرئيسية والمعروفة بالمناطق التجارية تقفز إلى حدود غير معقولة، وفي بعض الأحيان يباع المتر المربع الواحد من تلك الأراضي بحدود 8 - 9 آلاف دولار، مع ذلك كان هناك من يشتري. ولكن اليوم لا أحد يجرؤ على الشراء حتى في ضواحي المدينة وليس بمركزها فحسب.

هذا الكساد والتردد من الشراء لم يمنع مستثمرا كرديا هو سردار قادر من مواصلة عمله بمشروعين سكنيين كبيرين في منطقتي «سيتك وزركويز» بحدود محافظة السليمانية. هذا المستثمر الكردي هو من بين عدد محدود جدا من المستثمرين الذين لم تثنهم تداعيات الوضعين السياسي والاقتصادي الحالي، وحتى كساد السوق من مواصلة مشروعاته. فبعد أن تعاقد مع حكومة الإقليم على بناء مجمعين سكنيين، الأول بواقع 600 وحدة سكنية في منطقة سيتك السياحية، وهو المشروع الذي ينفذ وفقا لمواصفات أوروبية متقدمة وبتوفير كافة الخدمات الأساسية له. والمشروع الآخر بناء ألف وحدة سكنية أخرى بمنطقة «زركويز» القريبة من مركز مدينة السليمانية التي تحولت إلى حي ضمن حدود بلدية المدينة مؤخرا، وهذا المشروع ينفذه عبر مشاركة شركة ألمانية وستكون الوحدات السكنية كلها بمواصفات ألمانية، بعد ذلك ينوي العمل على مشروعين خاصين به.

ويقول قادر لـ«الشرق الأوسط» إن المشروعين الحكوميين أنجزت نسبة 95% منهما ولم يبق سوى بعض المستلزمات الخدمية ونسلمهما للحكومة لتوزعها على المواطنين. ومن خلال عملي بهذين المشروعين وفي هاتين المنطقتين تحديدا طرأت عندي فكرة بناء مشروعين آخرين على حسابي الشخصي وعن طريق الاستثمار، حيث سأعمل على مشروع بناء 1500 وحدة سكنية في المنطقتين بعد أن حصلت على الموافقات الرسمية من الحكومة، والهدف هو أولا بالنسبة لمنطقة سيتك تشجيع السياحة الداخلية بعد أن تحولت هذه المنطقة إلى منطقة سياحية جاذبة، وفي زركويز سأحاول بناء مشروع سكني جميل لتكون المنطقة جاذبة بدورها للاستثمارات بعد كانت إلى سنوات قريبة تشكل منطقة ميتة من الناحية العمرانية، فهناك محاولات من المستثمرين المحليين بالانفتاح على أطراف المدينة وبناء مشروعاتهم في الضواحي، أولا لتخفيف ازدحام المشاريع داخل مراكز المدن، وثانيا لضمان انتقال النهضة العمرانية إلى القرى المحيطة بمراكز تلك المدن وهذا هو هدفي بالأساس.