150 مليون دولار لم تعد تكفي لشراء عقار فاخر في لندن

بينما تواصل عقارات العاصمة البريطانية ارتفاعاتها القياسية

عقارات لندن الفاخرة تجذب الأثرياء من كل أنحاء العالم
TT

لم تعد عقارات الأثرياء العادية التي تزيد في قيمتها على المليون جنيه إسترليني (1.5 مليون دولار) نادرة في لندن هذه الأيام، حيث يصل عددها إلى 300 ألف عقار. ولكن الظاهرة الجديدة التي تشغل بال العقاريين هي نزعة متزايدة إلى نوع أعلى من العقار السوبر تسعى إليه فئة المليارديرات وتزيد في تكلفتها أحيانا على مائتي مليون إسترليني (300 مليون دولار). ويؤكد خبير عقاري في لندن في هذه الفئة أن ثريا أجنبيا طلب منه مواصفات قصر لندني، وقال إنه مستعد لدفع 100 مليون إسترليني (150 مليون دولار)، إلا أن المستشار العقاري أخبره أن هذا المبلغ لا يكفي! من أحدث هذه المشاريع ما يقوم به مطور العقار ماركوس كوبر الذي لم يجد ما يبحث عنه، ولذلك اشترى سبعة عقارات متجاورة تطل على حديقة ريجنت بارك يقوم الآن بتوصيلها بعضها ببعض لتصميم عقار واحد في الفئة السوبر قيمته 200 مليون إسترليني (300 مليون دولار). وسوف يشمل العقار الجديد 15 غرفة نوم وحديقة على السقف «روف غاردن» وقاعة احتفالات وصالات للسباحة والسينما تحت الأرض ومصعدا لمرأب سيارات في طابق ثان تحت الأرض.

وفي هذا النوع من العقارات ما زال الموقع مهما، ولكن مع إضافة المساحة وكل التجهيزات العصرية. ويفضل الأثرياء العقارات ذات السقف المرتفع التي تحتوي على أنظمة أمن متفوقة، منها ما يفحص عين الزائر، وتلك التي توفر الخصوصية لأصحابها. ويجب أن تكون هذه العقارات مكيفة الهواء.

ويأتي معظم المشترين لهذا النوع من العقارات من خارج بريطانيا، حيث يعتقد الأجانب أن لندن توفر المناخ الملائم في الأمان والاستقرار لاستثمارهم، خصوصا من منطقة الشرق التي تعصف بها أعاصير سياسية شعارها الربيع العربي. ويأتي الأثرياء الأوروبيون أيضا من فرنسا وإيطاليا إلى لندن هربا من مناخ اقتصادي متهاو وضرائب متصاعدة.

وتقول مصادر لندنية إن مستثمرين جددا في العاصمة البريطانية يأتون من آسيا ومن مصر ونيجيريا. ولكن تجربة كوبر في ضم المساكن لتكوين عقارات سوبر قد يتم منعها في لندن، حيث قررت بعض المجالس المحلية منع توسع العقارات على حساب العقارات المجاورة أو تحت الأرض. كذلك فرضت الحكومة ضرائب قدرها 15 في المائة على الشركات الأوفشور التي تشتري عقارات في لندن، مما قد يحد من نشاط بناء العقارات السوبر.

ويذكر الإعلام البريطاني عدة نماذج لهذه العقارات السوبر مملوكة لمستثمرين من الشرق الأوسط وروسيا، منها:

* العقار رقم 1 و2 و3 كورنوول تيراس بالقرب من ريجنت بارك، ويبلغ ثمنه 120 مليون إسترليني (180 مليون دولار) وهو ملكية قطرية. ويحتوي القصر على 15 غرفة مع حمام سباحة داخلي بمياه ساخنة وصالة للرياضة وحديقة خاصة لا يمكن مشاهدتها من الشارع.

* العقار رقم 15 و15 بـكنسنغتون بالاس غاردنز، وتقدر قيمته بنحو 200 مليون إسترليني ويملكه الملياردير الروسي ليونيد بلافاتنيك. ويحتوي على 13 غرفة وقاعة سينما وصالة تريض ومرأب تحت الأرض. ومن مزايا وجود حمام سباحة نصفه خارجي والنصف الآخر داخلي مسخن، وهو الوحيد من نوعه في العاصمة.

* العقار رقم 18 كارلتون هاوس تيراس في سان جيمس: وتقدر قيمته بنحو 250 مليون إسترليني ويملكه مستثمر من الشرق الأوسط. وهو يضم عشر غرف وصالة احتفالات هائلة الحجم بسلم مزدوج مع كل اللوازم الحديثة؛ من حمام السباحة إلى قاعة التريض. وتبلغ المساحة الإجمالية لهذا القصر نحو 50 ألف قدم مربع.

* قصر «ميني بك بال» في منطقة هايغيت: وهو أغلى قصر في لندن يعرض للبيع، ويصل سعره إلى 300 مليون إسترليني (450 مليون دولار). ولا تعرف السوق هوية البائع الحالي، وإن كان الأرجح أن يكون من شرق أوروبا. استخدمت «بي بي سي» هذا القصر في تصوير حلقات تلفزيونية اسمها «أكاديمية الشهرة». يحتوي القصر على 25 غرفة وحمام سباحة تحت الأرض، وغرف للمساج والألعاب والتريض، وقاعة سينما، ومساحة لصف 25 سيارة، ومطبخ بحجم كبير. وتبلغ مساحة القصر 90 ألف قدم مربع، وهو ثاني أكبر قصر في لندن بعد باكنغهام بالاس.

شوارع الأثرياء من ناحية أخرى، كشف بحث عقاري بريطاني عن أغلى شارع للأثرياء في لندن يصل متوسط سعر العقار فيه إلى 36 مليون إسترليني (54 مليون دولار)، وهو شارع كنسنغتون بالاس غاردنز، ويمتلك عقارات فيه أثرياء من أمثال لاكشمي ميتال، ملك الحديد الهندي، وتمارا إيكلستون، ابنة متعهد سباقات السيارات «فورمولا - 1» الملياردير بيرني إيكلستون.

وفي لندن 2013 لم تعد العقارات التي تزيد قيمتها على مليون إسترليني نادرة، بل إنها منتشرة في 23 من 33 حيا من أحياء المدينة. وهناك 2789 شارعا بها عقارات تزيد في قيمتها على المليون إسترليني، وفقا لأحدث أبحاث السوق التي أجراها موقع العقار الإلكتروني «زوبلا».

وتحوي لندن الآن أكثر من ثلث العقارات التي تزيد قيمتها على المليون إسترليني في كل بريطانيا، وأكبر تجمع لهذه العقارات يقع في حي وستمنستر الذي يقع فيها 602 عقارا مليونيا يليه حي كنسنغتون وتشيلسي بعدد 600 عقار.

وفي تصنيف أغلى شوارع لندن بعد كنسنغتون بالاس غاردنز يقع شارع «ذا بولتونز» في «ساوث كنسنغتون» بمتوسط سعر للعقار فيه يبلغ 23 مليون إسترليني (34.5 مليون دولار) ثم غروفنر كرسينت في بلغرافيا بمتوسط سعر يبلغ 19 مليون إسترليني (28.5 مليون دولار). ومن ضمن أغلى 20 عقارا في بريطانيا يقع 19 منها داخل لندن.

وتدخل الآن أحياء كانت فقيرة في الماضي إلى نادي الأثرياء العقاري، منها أحياء ليوشام وكرويدون التي يضم كل منها عقارا واحدا على الأقل يزيد سعره على المليون إسترليني. ولكن أيا منها لا يستطيع منافسة حي كنسنغتون الثري الذي يحتوي على 7 في المائة من كل العقارات باهظة القيمة في بريطانيا، التي يبلغ إجمالي عددها نحو 300 ألف عقار، بزيادة 32 في المائة عن قيمتها في العام الماضي.

وقال متحدث من شركة «زوبلا» إن موقع العقار ما زال هو العامل الأهم في لندن، ولدى المستثمرين رغبة في اقتناء العقارات في المناطق المرموقة بأي ثمن. ويتركز الاهتمام بوجه خاص على حي وستمنستر.

من ناحية أخرى انعكس ارتفاع أسعار العقار في لندن على الأحياء المجاورة، ففي منطقة قريبة من لندن اسمها «فرجينيا ووترز» في مقاطعة ساري، يسكنها بعض المشاهير، لا تقل الأسعار فيها عن مليون إسترليني للعقار الواحد في المتوسط. تليها منطقة مجاورة اسمها كوبهام.

كما أصدرت الجمعية العقارية التي تعمل كمصرف باسم «نيشن وايد» إحصاء آخر أشار إلى أن أسعار العقارات زادت في لندن هذا العام بنسبة 5 في المائة، إلى رقم قياسي جديد. وبوجه عام أصبح متوسط سعر العقار في لندن نحو 318 ألف إسترليني (477 ألف دولار) في شهر يونيو (حزيران) 2013. وتعني هذه الزيادة أن أسعار العقارات في لندن تفوقت على ما كانت عليه في وقت الذروة السابقة في عام 2007 التي عادلتها أسعار العام الماضي.

وفي بعض أحياء لندن تخطت الزيادة هذه النسبة وبلغت في حي لامبث 14 في المائة و12 في المائة في حي ساثرك. ولكنها انخفضت في بعض الأحياء الأخرى مثل ردبريدج.

ولا تزال لندن هي الاستثناء بين العقار البريطاني التي توضح إحصاءات «نيشن وايد» أن متوسط الأسعار فيها ما زال دون الذروة التي بلغها في عام 2007 وبنسبة 9 في المائة.

ووصف جوناثان هوبر مدير أبحاث العقار في شركة «غارينغتون» هذه الظاهرة بأنها غير عادية، وعبر عن اعتقاده أن لندن تمثل الآن اقتصادا مصغرا ومنفصلا عن الاقتصاد البريطاني ينافس على المستوى الدولي. وأشار هوبر إلى أن الدورة الأولمبية الأخيرة التي عقدت في لندن في عام 2012 كان لها تأثير إيجابي ملحوظ على أسعار الأحياء القريبة من موقع القرية الأولمبية.