«أراضي المخططات الجديدة» تستحوذ على أكثر من نصف الحركة العقارية السعودية

مستثمر: الطلب على الأراضي غير المأهولة يفوق مثيلاتها الواقعة وسط المدينة

حركة نشطة تعرفها الأراضي المفردة في المخططات الجديدة («الشرق الأوسط»)
TT

حركة نشطة في أداء الأراضي المفردة في المخططات الجديدة، تقود السوق العقارية حاليا في الأداء بشكل عام، مدفوعة بالتفاوت بين أسعار القطع المعروضة للبيع، على الرغم من وجودها في المخطط نفسه، وانخفاض طفيف في الأسعار بسبب العزوف الذي يضرب القطاع العقاري، انعكسا بشكل كبير على رواج حركة هذه النوعية من الأراضي على حساب الأفرع العقارية الأخرى، التي تعيش ضمورا في الأداء وتخبطا عشوائيا في النتائج.

كما تجاوز أداء هذا النوع من العقار أداء الأراضي المفردة في المخططات القديمة أو الواقعة وسط العاصمة السعودية، نتيجة ارتفاع أسعارها إلى مستويات مبالغ فيها، كما أن الثورة الحديثة في شبكة الطرق الجديدة أسهمت في دفع مبيعات تلك الأراضي، وقدر عدد من المستثمرين أن بيع الأراضي المفردة من المخططات الجديدة يفوز بأكثر من نصف العمليات العقارية من مجمل أداء السوق العقارية السعودية.

ويقول ياسر المريشد، مستثمر عقاري، إن «السوق تشهد ضمورا عاما في أدائها وعشوائية في تحديد الأسعار أو القيم، أو تحديد نسبة الإقبال، إلا أنها ضعيفة بطبيعة الحال، ولا ترقى إلى أن تصل إلى حجم احتياج السوق للوحدات السكنية»، إلا أنه عرج على أن «هناك حركة نشطة في قطاع الأراضي في المخططات الجديدة، التي لم تصل إلى بعضها الخدمات الرسمية حتى الآن، أو حتى لم يُبن فيها أي منزل حتى هذه اللحظة، بل إنها قد تحتاج إلى سنوات أخرى لتنتعش فيها الحياة وتكون مأهولة للسكن بشكل كامل». وأضاف «في السنوات الماضية كانت حركة الأحياء القديمة غاية في البطء، والحي الجديد يحتاج إلى عشرات السنوات حتى يصبح حيا متكاملا، إلا أنه في الوقت الحاضر تسابق الأحياء الجديدة الزمن، وما هي إلا سنوات قليلة حتى يكتظ الحي بالكامل، ويكون مجهزا بالخدمات لمن أراد البناء أو حتى الاستثمار، مما يوضح تعطشا كبيرا من قبل المواطنين لتملك المباني، إلا أن الحلقة الضائعة هي غلاء الأسعار الذي يقف حاجزا وعائقا في سبيل تملك المواطنين المساكن»، لافتا إلى أنه حتى في المشروعات العملاقة فإن الأراضي عندما تشترى تكون في مناطق غير مأهولة، مثل مشروع الأمير الوليد بن طلال الواقع على طريق الرياض - الدمام.

يذكر أن الحكومة السعودية أقرت الكثير من القرارات المصيرية، التي من شأنها أن تؤثر بشكل مباشر على أسعار السوق العقارية، آخرها القرار الشهير «أرض وقرض» الذي جعل القطاع في حالة تأهب لما سيحدثه القرار على أرض الواقع، مما يوضح أن الحكومة تسعى جاهدة للسيطرة على مشكلة الإسكان، التي تعد من أولويات المواطنين الذين يعيش أكثر من نصفهم في منازل مؤجرة، ويشكل ذلك مشكلة أزلية لديهم.

وفي السياق ذاته، كشف بدر التميمي، المدير التنفيذي لشركة «تميم القابضة»، أن الرهان الحالي بين المستثمرين ينصب على تملك الأراضي في المخططات الجديدة التي هي في انتظار النمو، لافتا إلى أنها من أكثر الأفرع التجارية مكسبا، نظرا لأنهم يشترونها وهي مفتقدة للخدمات والمباني، إلا أنه فور وصول الخدمات إليها، وقيام بعض المشروعات، فإن أسعار الأراضي ترتفع إلى مستويات كبيرة قد تصل إلى الضعف، متى ما توافرت الخدمات الحكومية، لافتا إلى أن لشبكة الطرق الحديثة دورا كبيرا في الدفع بعمليات تملك الأراضي، خصوصا أن القرب من الشوارع الرئيسة ميزة تضيف قيمة إضافية إلى سعر الأرض.

وزاد التميمي أن الرواج الأعظم هو لقطاع بيع أراضي المخططات الجديدة حتى لو كانت على شكل مزادات، إذ إنها تمثل ما يزيد على نصف العمليات التجارية التي تحدث في القطاع العقاري السعودي، لافتا إلى أنه كلما اشتد ارتفاع الأسعار توجه الناس إلى شراء الأراضي عوضا عن المنازل الجاهزة، خصوصا في ظل ارتفاع أسعار مواد البناء والأيدي العاملة، إضافة إلى الارتفاع الحاصل في أسعار الأراضي، إلا أنها تعتبر الأكثر نشاطا من ناحية المبيعات، إذا ما قورنت ببيع الفيلات أو الشقق أو العمائر التجارية والمصانع.

وتشهد السوق العقارية السعودية حركة عمرانية كبيرة، حيث تعتبر من أكثر الأسواق نشاطا على مستوى الشرق الأوسط، وتنشط في الوقت الحالي الكثير من المشروعات العقارية الضخمة، التي ستسهم بشكل مباشر في تقليص أزمة الإسكان التي تعاني منها السعودية، وأقرت الدولة حزمة من القرارات العاجلة للمساهمة في احتواء الأزمة بأسرع وقت ممكن.

وفي صلب الموضوع، تحدث إبراهيم العبيد، الذي يمتلك شركة متخصصة في الاستشارات العقارية، عن أن أكثر ما يميز الاتجار في أراضي المخططات الجديدة هو اقتناص الفرص فيها، حيث إن الأسعار تكون متفاوتة، على الرغم من وجودها في مخطط واحد، لافتا إلى أن البعض يكون محتاجا إلى السيولة ولا يمكنه الانتظار، فيضطر إلى بيعها بأسعار منخفضة، مما يدفع بعض المستثمرين إلى شرائها، لذا تجد أن البعض يفضل الاستثمار هناك نتيجة اقتناص الفرص، لافتا إلى أن الشراء في المخططات الجديدة يفوق الشراء في الأحياء القديمة وسط المدينة، نظرا لارتفاع أسعارها وازدحامها.

وحول أكثر المناطق رغبة في الشراء، أكد العبيد أن الشمال هو الأكثر حركة عن باقي أحياء الرياض، بل إن معظم العمليات تدور في فلكه، إلا أن هناك حركة في الشمال الشرقي، وبالتحديد قرب المطار، كما أن أحياء شرق الرياض تعد مرغوبة بشكل كبير، إلا أن هناك نقصا في العروض هناك، وتأتي في المرحلة التي تليها أحياء الغرب الشمالي والغرب الجنوبي، وتحل في المرحلة الأخيرة أحياء جنوب الرياض، لافتا إلى أن فرق السعر بين جميع الأحياء ليس كبيرا إلى هذا الحد، ويتضح من ذلك أن هناك ارتفاعا يلف الأسعار بشكل عام ويتضح جليا في تقارب الأسعار بين الأحياء.

يشار إلى أن السعودية موعودة بعهد جديد من فرص التملك والبناء، مما أهلها لاحتلال مكانة متقدمة بين الدول من حيث تزايد المشروعات العقارية الإنشائية، خصوصا أن الحكومة تسعى جاهدة إلى تسهيل عملية تملك المواطنين للمساكن، مما ينبئ بمشروعات إضافية ضخمة وطفرة عمرانية مرتقبة ستعيد إلى السوق توازنها وتضعها في وضعها الطبيعي.