قطاع تأجير المحال التجارية الأكثر ارتفاعا في السعودية بمعدل سنوي 20%

الزيادة ساهمت في دعم تضخم السلع في ظل عدم وجود قانون يقيد الأسعار

TT

تربع قطاع تأجير المحال التجارية على قائمة العقارات الأكثر ارتفاعا في الأسعار، بمتوسط نسبة سنوية، قدرت بـ20 في المائة، الأمر الذي يضطر على أثرها المستأجر إلى رفع أسعار السلع من أجل القدرة على تسديد قيمة الإيجار، في ظل عدم وجود قانون يسمح بتقنين أسعار تأجير المحال، وتركها لما يسمى العرض والطلب، الذي دفع بالأسعار إلى التحليق لأعلى المستويات، مدفوعة بالنمو والانتعاش الذي يعيشه الاقتصاد السعودي.

ودفعت عمليات الزيادة السنوية أيضا ببعض المحال التجارية إلى الإغلاق لعدم قدرتها على الوفاء بمبلغ التأجير الذي يرتفع بشكل سنوي دون أدنى مبرر، وكشف بعض المهتمين بالشأن العقاري عن أن بعض التجار يفسدون على بعضهم بإغراء أصحاب المنشأة التجارية بمبالغ أكبر لإفراغ المحل وتأجيره، كما أن سكوت التجار عن هذه الزيادات دفع بأصحاب المنشآت إلى التمادي في ظل غياب قانون يحدد نسب وقيمة الإيجارات، على الرغم من أن بعضها أنشئ منذ أكثر من ثلاثة عقود.

يقول ياسر الهبدان، مدير أحد المحال التجارية في العاصمة الرياض إن من أكثر المشكلات التي يعانون منها في تجارتهم هي عدم قدرتهم على توقعات تحقيق الأرباح، نتيجة ارتفاع الإيجار من دون أي سبب واضح، مضيفا أنه منذ أربع سنوات والإيجار يرتفع بشكل سنوي بنحو 20 في المائة، وزاد أنه على الرغم من وجودهم في الموقع نفسه منذ فترة طويلة تزيد على 15 سنة، فإن الإيجار لم يرتفع منذ أن استأجروا الموقع إلا خلال السنوات الماضية، وأن العذر الوحيد لمالك العقار هو الارتفاع الكامل في أسعار السوق العقارية، وأن بإمكانه الخروج في حال رفض الزيادة الحاصلة، مبينا أنهم مضطرون إلى رفع أسعار البضائع لتسديد الإيجار، وأن المتضرر الرئيس من ذلك هو المستهلك الذي يدفعها بشكل غير مباشر.

وفي الاتجاه نفسه، بيّن عبد الله الخالدي الذي كان يمتلك أسواقا تموينية، أنه اضطر إلى إغلاقها بعد أن أصبح صاحب المنشأة يحاسبه على أرباحه عن طريق رفع الإيجار إلى مستويات مهولة وغير مقبولة، مبينا أن الإيجار ارتفع إلى أكثر من 100 في المائة، مقسمة على ثلاث سنوات، وهي نسبة كبيرة لم يستطع تحملها، وبالتالي أغلق محله، على الرغم من أنه قبل إغلاق المحل كان يحصد مبالغ جيدة من الأرباح.

ويضيف الخالدي أن الإيجار السنوي الذي كان يدفعه عند استئجاره المحل، لم يتجاوز 80 ألف ريال (21.3 ألف دولار) في محل له أربع فتحات، إلا أن مالك المنشأة زاد عليه الإيجار إلى الضعف ليصل إلى 160 ألف ريال (42.6 ألف دولار)، وهو المبلغ الذي لم يستطع تسديده، مبينا أن المحل مغلق منذ أكثر من سنة ولم يستأجره أحد حتى هذه اللحظة.

يشار إلى أن التضخم في السوق العقارية السعودية يبلغ أوجه بعد أن أصبح العقار بمثابة السوق الآمنة والمثالية للمستثمرين، وهو الأمر الذي جعل القطاع العقاري من أكثر القطاعات تضخما وارتفاعا، ووصلت الأسعار إلى مستويات مهولة تجاوزت نطاق العرض والطلب.

وفي الاتجاه المعاكس، برر إبراهيم العلي الذي يمتلك الكثير من المنشآت العقارية، سبب رفع إيجارات المحال إلى ضغوط السوق بشكل عام، وأن من يضع الأسعار هو الطلب الكبير على المحال التجارية، خصوصا الواقعة في المناطق التجارية والاقتصادية، موضحا أن المحال الواقعة على شوارع بعرض 30 مترا فما فوقه، ترتفع فيها الأسعار أكثر من غيرها، ويرتفع السعر كلما ارتفع عرض الشارع، الأمر الذي يبرز عمق الحركة النشطة لتلك المحال.

وأوضح العلي أن الحركة الاقتصادية في الرياض بشكل عام تختلف عنها قبل خمس سنوات، بمعنى أن هناك قوة شرائية كبيرة وحركة نشطة من تلك المحال، تفرض عليهم مجاراتها ورفع أسعار المحال، كاشفا عن أن بعض التجار يعرضون على بعض الملاك عزمهم استئجار المحل المؤجر بسعر أعلى، مما يجعل المالك يخير المستأجر بين رفع قيمة الإيجار أو الخروج الفوري لتسليمه لتاجر آخر.

ويتبين أن الحركة الاقتصادية الكبيرة للسعودية التي تعتبر أكبر اقتصاد عربي، قد أثرت وبشكل مباشر على قيمة تأجير المحال التجارية فيها، خصوصا في ظل الرخاء الاقتصادي الذي تعيشه البلاد، الأمر الذي دفع بملاك العقارات في المملكة إلى الاستفادة القصوى من محالهم التي تعتبر واجهة عرض تلك التجارات، برفع الأسعار لتحقيق أكبر فائدة ممكنة من الرخاء الاقتصادي الذي تعيشه البلاد.

وفي صلب الموضوع، أوضح إبراهيم العبيد، وهو وسيط عقاري، أن تأجير المحال التجارية في السعودية يعد من أكثر القطاعات التي تشهد زيادة في الأسعار، إذا ما قورن بالقطاعات العقارية الأخرى، وأن الوضع فيها يخضع وبشكل مباشر لميزان العرض والطلب، خصوصا المحال الواقعة في أماكن الازدحام والنشاط العقاري، فتجد أن بعض ملاك العقارات يقومون برفع الإيجار على المستأجرين بشكل سنوي، دون أن يرفضه المستأجرون الذين يحصدون أرباحا عالية ولا تضرهم الزيادة التي يفرضها مالك المنشأة.

وأضاف العبيد أن قبول الأغلبية الزيادة هو السبب الرئيس في دفع ملاك العقار إلى الزيادة الدورية، موضحا أن أصحاب المحال يفسد بعضهم على بعض بعرضهم استئجار بعض المحال المؤجرة بسعر أعلى، أو قبولهم الزيادة دون مناقشة صاحب المنشأة، وهو الأمر الذي حول عملية رفع الأسعار إلى عملية مزاجية من قبل مالك المنشأة العقارية.

يذكر أنه لا يوجد في السعودية نظام يفرض على ملاك المنشآت نسبا معينة من الزيادات السنوية، حيث إن السوق متروكة للعرض والطلب، مما سهل على بعض التجار رفع أسعار التأجير إلى مستويات كبيرة، دون أدنى رادع قانوني لهم، وهي خطوة عدها المراقبون رئيسة في دفع التضخم الحاصل في القطاع العقاري السعودي، كما أن لها انعكاسات مباشرة على ارتفاع أسعار السلع في السوق محليا.