إلغاء شرط المعاملة بالمثل يفتح آفاق الاستثمار في العقار التركي

جاذبيتها للمستثمرين الأجانب تزداد

جانب من إسطنبول التي تشهد فورة كبيرة قطاع العقارات («الشرق الأوسط»)
TT

قد تكون تركيا وصلت متأخرة بعض الشيء إلى حفل الاستثمار الأجنبي في العقار، ولكنها تبدو اليوم في موقع أقوى من كثير من أسواق العقار التقليدية. وهي تزخر بكثير من المزايا للمستثمر الأجنبي، مثل أسعارها الرخيصة، لوجودها خارج منطقة اليورو، وساحلها الجنوبي الخلاب الذي يتمتع بالدفء والشمس الساطعة 300 يوم سنويا.

ومنذ فتحت تركيا باب الاستثمار الأجنبي في العقار بلا قيود في العام الماضي، توسع هذا القطاع بنسب متضاعفة. البريطانيون وحدهم يملكون ستة ملايين متر مربع من العقار التركي، ويستثمر في تركيا نحو 35 ألف بريطاني، خصوصا على ساحلها الجنوبي.

ولكن العام الماضي شهد دخولا مكثفا من مستثمرين جدد من روسيا والشرق الأوسط، ساهموا في رفع أسعار العقار بنسبة ملحوظة. ودخل هؤلاء إلى السوق في الشهور الأخيرة فور تعديل القانون التركي الذي فتح باب الاستثمار العقاري لكل الأجانب على السواء، بلا شروط للمعاملة بالمثل.

وحتى وقت قريب، كان شراء الأجانب للعقارات التركية مقيدا بكثير من العراقيل القانونية والعسكرية، على الرغم من أن القانون التركي ظل، منذ عام 1935، يمنح الأجانب حق شراء العقارات والأراضي. وحتى شهر مايو (أيار) عام 2012، كان هذا الحق مشروط بمبدأ المعاملة بالمثل، فالدول التي تمنح المواطن التركي حق شراء العقارات فيها يحصل مواطنوها على حق شراء العقار في تركيا.

ولكن هذا الشرط ألغي بقانون سجل الأراضي الصادر في الثالث من مايو (أيار) عام 2012، الذي فتح آفاق الاستثمار العقاري للأجانب في تركيا بالمطلق، مع إلغاء شرط المعاملة بالمثل لتدخل تركيا بذلك إلى مصاف الدول الجاذبة للاستثمار العقاري بقوة.

والنتيجة كانت انطلاقة أسعار للعقار التركي خلال العام الأخير بمستويات غير معروفة في معظم الأسواق الأخرى، بلغت في آخر 12 شهرا وحتى شهر مايو (أيار) هذا العام نسبة 12.2 في المائة. ومنذ أن بدأ البنك المركزي التركي في تجميع إحصاءات أسعار العقار في عام 2010، لم يقل معدل الزيادة السنوية في أسعار العقار عن 10 في المائة. هذا على الرغم من التراجع النسبي في الإنجاز الاقتصادي في العقار التركي خلال العام الأخير.

وتدخل تركيا ضمن أكبر 10 أسواق عالمية في نمو أسعار العقار فيها وفقا لمؤشر نايت فرانك الدولي، كما أنها تقع في المركز الثاني ضمن أكثر الأسواق جاذبية وفقا لمؤسسة «إيرنست أند يونغ». وترشح عدة مؤشرات أخرى أسواق العقار التركية لتقديم أفضل إنجازات في السنوات المقبلة، منها مؤسسات «جونز لانغ لاسال» و«بي دبليو سي».

وتشير هذه المؤسسات إلى العوامل الإيجابية التي تساهم في تعزيز أسواق العقار التركية، ومنها التعداد صغير السن، ونمو الدخل العام مع زيادة النشاط السياحي، بالإضافة إلى ندرة العقارات بكل أنواعها بالمقارنة مع الطلب في الأسواق. ويضيف الطلب الأجنبي على العقار التركي إلى الضغوط على الأسعار التي ترتفع بصفة مستمرة.

من ناحية أخرى، تقبل الحكومة التركية على برنامج إعادة إعمار يستمر لمدة 20 عاما، لتجديد العقارات التركية القديمة، وهو برنامج يشمل نحو 6.5 مليون وحدة عقارية. ولن تكون الحكومة التركية وحدها في هذا البرنامج؛ فقانون فتح الاستثمار لمواطني 183 دولة للاستثمار في العقار التركي يمنح الأجانب فرصة المساهمة في هذا النشاط المعماري. وتدخل الصين ضمن الدول المسموح لموطنيها بشراء العقار التركي.

وتشير إحصاءات وزارة البيئة والتخطيط المدني إلى أن هناك 14 ألفا و600 مستثمر أجنبي في العقار التركي، اشتروا فيما بينهم 13.5 ألف عقار تركي في العام الأخير حتى شهر مايو (أيار) عام 2013. وعلى قمة المستثمرين الأجانب يأتي الروس والبريطانيون. ويقبل هؤلاء بوجه خاص على السواحل الجنوبية المطلة على البحر الأبيض المتوسط.

وانسحب كثير من المستثمرين من دول اليورو، مثل إسبانيا والبرتغال، بعد عشوائية التخطيط السياحي والعقاري فيها وارتفاع أسعار السياحة بها. وكانت تركيا هي البديل الجيد خارج أوروبا، خصوصا مع ما يبديه أهلها من تسامح وحسن ضيافة مع السياح.

وما زال معدل الأسعار المعيشية في تركيا ينخفض عنه في أوروبا بنحو 40 في المائة، مما يتيح مستويات معيشية أفضل للمتقاعدين الأوروبيين تحت شمس تركيا.

وهناك كثير من المزايا التي يمكن الاستغراق فيها للاستثمار في العقار التركي، ولكن هناك أيضا بعض المخاطر الظاهرة، أهمها نسبة التضخم المرتفعة، والتظاهرات المعارضة للحكومة الحالية، التي يمكن أن تؤثر على الاستقرار السياسي، بالإضافة إلى تأخر النظر في قضية انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي. ويرى محللو العقار الأوروبيون، ومنهم كبير المحللين في مؤسسة «نايت فرانك» ليام بيلي، أن استمرار ارتفاع العقار التركي بمعدلات عالية على المدى الطويل غير محتملة، وأن استمرار النمو يتطلب الاستقرار السياسي، الذي يشجع على المزيد من الاستثمار الأجنبي في العقار التركي.

* كيف تشتري عقارك التركي؟

* بعد العثور على العقار التركي الذي يروق لك تكون الخطوة الأولى هي العثور على محامٍ مستقل يطلع على الوثائق القانونية، ومنها ما يسمي رخصة الإسكان. وسوف يفحص المحامي وثائق العقار ويدرس ما إذا كان متاحا للاستثمار الأجنبي، ويناقش مع المشتري ثمن العقار وطريقة الدفع الملائمة. ويطلب المحامي في العادة دفع مقدم للعقار يختلف من منطقة لأخرى ويتراوح ما بين ثلاثة إلى خمسة آلاف دولار. ويجري بعد ذلك تحديد موعد لدفع نسبة 10 في المائة من ثمن العقار، يخصم منها المقدم الذي سبق للمشتري دفعه عند بداية التعاقد. وسوف يتطلب الأمر الحصول على رقم ضريبي وفتح حساب مصرفي في تركيا. وتستغرق عملية الشراء نحو ثمانية أسابيع، مع وعود تركية في عام 2013 بأن عملية التعاقد العقاري سوف تكون أسرع وأقل تعقيدا. ويحصل البائع على بقية الثمن فور استكمال الإجراءات وتسجيل التعاقد.

وتوجد بعض الضرائب المستحقة على شراء العقار التركي، وتدفع أثناء تسجيل الوثائق في الشهر العقاري. ويوقع الأطراف على كل صفحات التعاقد باللغة التركية، مع إمكانية ترجمته إلى اللغات الأخرى، بواسطة مترجم معتمد. وبعد ذلك، ترسل الوثائق للحصول على الموافقة العسكرية. ويمكن للمحامي أن يتابع المراحل النهائية من دون الحاجة إلى حضور المستثمر شخصيا.

ويتعين دفع تأمين إجباري سنوي ضد الزلازل قيمته نحو 75 دولارا. كما تفرض ضريبة قيمة مضافة قدرها 18 في المائة على العقارات الجديدة التي تزيد مساحتها عن 150 مترا مربعا.

وتختلف التكاليف بين منطقة وأخرى، ولكن بصفة عامة لا بد من تخصيص مبلغ 800 دولار للرسوم القانونية، مع رسوم الشهر العقاري وتبلغ نحو 300 دولار. وتبلغ نسبة ضريبة شراء العقار، نحو 3.3 في المائة من قيمة العقار. كما توجد تكاليف أخرى للموافقة العسكرية تتراوح ما بين 160 إلى 750 دولارا. أما تكاليف التسجيل في سجل الأراضي فتبلغ نحو 160 دولار. ويحصل الوكيل العقاري في حالات العقارات الخاصة التي يعاد بيعها على نسبة ثلاثة في المائة، بينما يدفع المشتري رسوما أخرى لنقل خدمات المياه والكهرباء إلى اسم المشتري.

وعلى المشتري الحذر خصوصا فيما يتعلق باختيار المحامي المستقل، وليس محاميا تقدمه شركة «تطوير العقار». وفي حالات الشراء من على الخريطة، لا يجب الدفع مقدما إلا عند التسليم.

* نماذج لعقارات معروضة للبيع في تركيا توجد مئات العقارات المعروضة للاستثمار الأجنبي في أنحاء تركيا في قطاعات السوق المختلفة، ومنها:

* في القطاع الرخيص: شقة من غرفة واحدة على مقربة 10 دقائق من الساحل في منطقة كالكان جنوب غربي تركيا معروضة، بسعر 33 ألف إسترليني (50 ألف دولار).

* فيلا مكونة من ثلاث غرف وحمامين، مع حمام سباحة وبلكون بالقرب من بودروم مع مشاهد على البحر بسعر 200 ألف إسترليني (300 ألف دولار).

* قصر يعود تاريخه إلى القرن التاسع عشر به 23 غرفة وثمانية حمامات في وسط إسطنبول معروض بسعر 76 مليون إسترليني (114 مليون دولار).