«سياما» السعودية تغني وجهة مراكش السياحية بمشروع «منتجع جنان عمار»

يشمل ناديا لـ«البولو» هو الأول من نوعه في شمال أفريقيا.. وفندقا وفيلات بقيمة 120 مليون دولار

جانب من مباراة التحدي الاستعراضية في رياضة البولو، التي أعلنت انتهاء الشطر الأول من أشغال مشروع «منتجع جنان عمار» بمراكش
TT

بعد رياضة الغولف، جاء الدور على رياضة البولو لتجد لنفسها، أخيرا، موطئ قدم بمدينة مراكش المغربية، وذلك بفضل مشروع «منتجع جنان عمار للبولو»، الذي تقف وراء الاستثمار فيه «شركة الأمل المغربية للاستثمارات»، المعروفة اختصارا باسم «سياما»، وهي ذات رأسمال سعودي، تشتغل منذ 1985، تاريخ بداية نشاطها الاستثماري، في المجال العقاري والسياحي في المغرب.

وإذا كانت رياضة الغولف قد ضمنت لها، منذ سنوات طويلة، فرصة إغناء المنتوج السياحي بالمدينة الحمراء، ما دامت علاقة هذه اللعبة بالمدينة ليست حديثة، إذ ترجع إلى 1923، تاريخ إنشاء «نادي الغولف الملكي»، فإننا سننتظر 2013 لنشهد تنظيم أول مباراة في رياضة البولو، توجت الانتهاء من الشطر الأول من مشروع «منتجع جنان عمار للبولو».

وشكلت مباراة التحدي، التي احتضنها «نادي جنان عمار للبولو»، في أبريل (نيسان) الماضي، تزامنا مع انتهاء أشغال الشطر الأول من مشروع المنتجع، مناسبة لجمع تبرعات لفائدة مؤسسة «إيف برانسون» الخيرية، وهي مؤسسة هدفها خدمة الفئات الهشة، في عدد من قرى الأطلس الكبير بضواحي مراكش. وعرفت المباراة، التي جرت تحت رعاية العاهل المغربي، الملك محمد السادس، وإشراف الجامعة الملكية المغربية للبولو، مشاركة عدد من أحسن اللاعبين العالميين، أمثال فريد مانيكس وعمر زيدان وماريانو أورانغا وسانتياغو نوفيلو أسترادا وكريس هايد، إلى جانب أحمد بن الطيب وسيدي محمد المحمدي، أعضاء من الحرس الملكي، وتميزت بحضور عدد من الشخصيات المغربية والعربية والغربية، بينهم ريتشارد برونسون، مالك مجموعة «فيرجين» العالمية، وباتريك هيرمس.

ولم يفت عمار عبد الهادي، مالك مشروع «منتجع جنان عمار للبولو»، أن يعرب عن سعادته بالحدث، وبـ«تحقق حلم إنشاء نادي للبولو في منتجع من أعلى طراز، جاء لتطوير وإغناء المشهد السياحي بمدينة مراكش»، ناقلا سعادته بتقديم «منتجع جنان عمار للبولو» للعالم، وتقديم رياضة البولو في المغرب، وهي الرياضة التي تصنف على أنها «رياضة الملوك ولا تمارس إلا في طقوس ملكية».

وأضاف عمار أن «رياضة البولو حديثة العهد بالمغرب، لكن عشاقها ومحبيها كثيرون ومنتشرون عبر العالم، لذلك نتوقع إقبالا على مشروعنا وأن نبيع جل الفيلات خارج المغرب». وأكد تواصل أشغال مشروع «منتجع جنان عمار»، الذي يتوقع أن يناهز غلافه الاستثماري الإجمالي 120 مليون دولار، أن وجهة مراكش ما زالت تغري المستثمرين والزوار على حد سواء. ولم تمنع حالة الانكماش التي يعرفها الاقتصاد العالمي أن يواصل الاستثمار في المجال السياحي انتعاشه في مراكش. ويبقى تنوع جنسيات المستثمرين، خاصة من أوروبا أو الخليج أو أميركا، أبرز ما يميز المشاريع الجديدة، التي يتم إطلاقها.

وفي هذا السياق، شدد عمار على أن المشروع «متميز وموجه إلى شريحة معينة من المستثمرين العالميين من المستوى الرفيع»، مؤكدا قناعة مجموعته بأن «مراكش كانت وستبقى وجهة جذابة للسياحة العالمية». وعبر عمار، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، عن ثقته بأن «يضيف (منتجع جنان عمار للبولو) نكهة جديدة لمراكش كوجهة سياحية، إذ سيجذب إليها طبقة جديدة من السياح الأجانب من عشاق الفروسية ومحبي لعبة البولو، كما أنه سيشجع ويسهم في انتشار هذه اللعبة العريقة في المغرب».

ويتم إنشاء مشروع «منتجع جنان عمار للبولو» على بعد 20 كيلومترا من مدينة مراكش، على طريق أمزميز، التي أصبحت من بين أكثر المواقع جاذبية للاستثمار السياحي في المغرب، بالنظر إلى العدد الكبير من المشاريع السياحية الضخمة التي جرى ويجري إنشاؤها على طول هذه الطريق، بينها ملاعب غولف ومشاريع ترفيهية وسياحية راقية مرتبطة بالرياضات المائية حول بحيرة «لالة تكركوست»، إضافة إلى المشاريع السياحية المرتبطة بالتزلج على الجليد في الجبال المجاورة.

ويغطي مشروع «منتجع جنان عمار للبولو» مساحة 50 هكتارا، وينتظر أن تنتهي أشغال كل أشطره خلال الفصل الثالث من سنة 2016. وهو يتكون من فندق «ريتز كارلتون» من فئة خمس نجوم، يضم، على الخصوص، 60 جناحا و20 فيلا، فضلا عن 85 من الفيلات عصرية الطراز، جميعها «ريتز كارلتون»، من ثلاث إلى خمس غرف، يناهز متوسط ثمن بيعه الفيلا الواحدة مليوني دولار. وتم تصميم الفيلات، التي ستكون جاهزة في حدود 2015، وفق أرقى معايير الرفاهية العالمية، مع لمسات مغربية أصيلة، ومن مميزاتها أنها تقع وسط الخضرة وتخترقها قنوات مائية، مع انفتاحها على جبال الأطلس.

وعن دوافع اتفاقهم في «سياما» مع علامة «ريتز كارلتون»، قال عمار «إن ذاك راجع، أساسا، إلى رقيها وجودة خدماتها، فضلا عن تخصصها وتجربتها الاستثنائية، المعروفة عبر العالم، في ما يخص تدبير وإدارة المشاريع الراقية، حيث سيشكل التعامل معها إضافة جيدة، كما سيمكن من تحقيق التكامل بين الرياضة والإقامة».

كما يضم المشروع مطاعم ومرافق سياحية وترفيهية راقية وأكاديمية للفروسية، فيما يقدم «نادي جنان عمار للبولو» كقلب للمنتجع، وهو يتكون من مقر أنيق للنادي ومركز للفروسية بمقاييس عالمية يضم إسطبلات تسع 104 من الخيول، ومركزا للطب البيطري، وملعبا لرياضة «البولو»، تمت تهيئته وفق المعايير العالمية، من طرف نادي سانتا ماريا للبولو، يعرض ساحتين للعب من أعلى طراز.

وقال عمار إن طبيعة المنتجع ستشكل وجهة لفرق البولو العالمية لزيارة المغرب للقيام بتربصات، دون الحديث عن المباريات والدوريات التي سيحتضنها النادي، مستقبلا، الشيء الذي سيغني وجهة مراكش والمغرب، رياضيا وسياحيا. وأشار عمار إلى أنهم حرصوا في «سياما» على أن ينجز المشروع وفق مواصفات تحترم البيئة المحيطة بالموقع، مع المحافظة على الثروات المائية إلى أقصى حد ممكن، وفي هذا السياق، تم إنجاز دراسة على المشروع بخصوص مدى قدرته على احترام البيئة، وفوائد معالجة المياه.

ومن المتوقع أن تشكل مضامير «منتجع جنان عمار للبولو» دافعا بارزا للنمو بالنسبة لقطاع السياحة في منطقة مراكش. ولا يشك عدد من المتتبعين في أن خصائص الترف المتعددة التي يتسم بها المنتجع، إلى جانب مضامير البولو عالمية المستوى والطراز، ستمنح المنطقة أسلوب حياة ديناميكيا، خاصة أن موقع المنتجع المميز والمشاهد الخلابة لجبال الأطلس، إلى جانب الثقافات المتعددة والإرث العريق للمدينة الحمراء، ستجعل الوجهة أكثر جذبا.

وقال منتصر بولال، مدير الترويج والتسويق السياحي بالمركز الجهوي للسياحة بمراكش، لـ«الشرق الأوسط»، إن «مشروع (منتجع جنان عمار للبولو) سيقدم إضافة كبيرة ونوعية لوجهة مراكش السياحية، لأنه يمس شريحة راقية من الزبائن، ترتبط برياضة البولو». ورأى بولال أن «من شأن قيمة ونوعية هذا المشروع، سواء تعلق الأمر بالمستثمرين أو بالعلامات التي تؤثث له، أن يجر وجهة مراكش نحو الأعلى».

وتوقف بولال عند قيمة علامة «ريتز كارلتون»، مشددا على أن دخولها سوق مراكش، من خلال مشروع «منتجع جنان عمار للبولو»، يعتبر «مفخرة لوجهة مراكش، لأنها تأتي لتضاف إلى عدد من العلامات المرموقة التي اختارت الاستثمار والوجود بالمدينة الحمراء، مؤكدة، في الوقت نفسه، تواصل وتنامي الثقة في وجهة مراكش، سواء للزيارة أو للاستثمار».

وبخصوص فرص نجاح مثل هذه المشاريع السياحية الراقية، في سوق مراكش، ضمن مناخ عالمي يعيش تداعيات الأزمة الاقتصادية، أوضح بولال أن «المستثمرين، ومن خلالهم العلامات التجارية الكبرى التي تؤثث لمشاريعهم، لا يمكن أن يبرمجوا استثمارا سياحيا إلا بعد ضمان فرص نجاحه بنسب كبيرة، الشيء الذي يؤكد، من جهة أخرى، أن هذه الاستثمارات، عند إطلاقها، تبقى مؤشرا على الثقة التي تحظى بها وجهة مراكش، ودليلا على استقرارها، سواء بالنسبة للسياح أو المستثمرين».

وتطرق بولال إلى تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية، ملاحظا أن «تواصل الاستثمارات، سواء تعلق الأمر بعدد المشاريع التي يتم افتتاحها أو إطلاقها، أو بنوعيتها، يؤكد أن المدينة الحمراء ما زالت تستقطب وتجذب الاستثمارات السياحية الكبرى، الشيء الذي يبرز ثقة المستثمرين في سوق مراكش، ويؤكد أن قطاعها السياحي متماسك ومضمون على مستوى فرص الاستثمار».

وبخصوص الاستثمارات الخليجية، بشكل عام، والسعودية، بشكل خاص، قال بولال إنها «غير جديدة أو طارئة على مدينة مراكش»، مبرزا أن «الاستثمار الخليجي أكد قيمته وأدواره المهمة، ولذلك فإنه يشكل إضافة نوعية لقطاع الاستثمار السياحي، على الصعيد العالمي». ولاحظ بولال أن «تواصل مسلسل الاستثمار بمراكش، على المستوى النوعي والكمي، يؤكد أنها وصلت درجة النضج والقوة، ولم تعد في مرحلة تجريب فرص النجاح الاستثماري بها، لذلك لم يعد وجود مزيد من العلامات التجارية الراقية يثير أي تخوف أو إشكال بالنسبة لهذه العلامات التي صارت ترغب في ضمان مكان لها في سوق مراكش، إلى جانب العلامات الأخرى التي سبقتها، وهو وجود يؤكد، في ظل استمراريته، ضمان تواصل فرص نجاح الاستثمار، وتواصل توهج وجهة مراكش».

وتشكل مراكش أبرز الوجهات المفضلة للسياح الذين يقصدون المغرب، الذي يوفر لزواره فرصة الاستمتاع بعرض سياحي متنوع، يشمل سياحة المدن العتيقة والسياحة الجبلية والسياحة الصحراوية والسياحة الدينية والسياحة الشاطئية والسياحة الطبية. وبذل المسؤولون المغاربة، في السنوات الأخيرة، جهودا ملحوظة لجعل النشاط الرياضي في خدمة السياحة، وذلك من خلال فتح المجال أمام المستثمرين، المغاربة والأجانب، لاستغلال التنوع الطبيعي للبلد، الذي يوفر الأمكنة الملائمة لممارسة مختلف الرياضات، على مدار فصول السنة، سواء في المرتفعات، التي توفر فضاء ملائما للطيران الشراعي والرياضات الشتوية، كالتزلج على الجليد، أو الشواطئ لممارسة مختلف الرياضات الشاطئية، فضلا عن رياضتي القنص والصيد، مع الانفتاح على رياضات أخرى لمسايرة وتلبية رغبات وانتظارات السياح.