السعودية: عقاريون يترقبون بحذر آثار «إيجار» المزمع تطبيقه في يناير المقبل

البرنامج يتصدر القرارات الحكومية الإسكانية الأكثر تأثيرا

توقع عدد من المستثمرين العقاريين أن ينعكس تطبيق برنامج «إيجار» على أسعار قطاع التأجير («الشرق الأوسط»)
TT

ترقب عن كثب يحيط بالسوق العقارية في السعودية، بعد أن قررت وزارة الإسكان تطبيق برنامج «إيجار» بدءا من يناير (كانون الثاني) المقبل، الأمر الذي يجعله مرشحا لأن يتصدر القرارات الحكومية الإسكانية الأكثر تأثيرا، خصوصا أنه يتعلق بفرع التأجير الذي يعتمد عليه أكثر من نصف السكان المحليين، إضافة إلى أنه سينظم السوق من جديد ويهذبها بالشكل الذي يليق بدولة اقتصادية صاعدة كالسعودية.

وتوقع عدد من المستثمرين العقاريين أن ينعكس تطبيق القرار على أسعار قطاع التأجير الذي يترقب انخفاض في قيمته بنسب تتراوح بين 10 و15 في المائة، نتيجة تدوين أسعار العقار والتنافس الذي سيكون على أشده من قبل ملاك المنشآت، الذين سيتهافتون على الظفر بالعملاء ومن الكم الهائل في العرض الذي سيبرز خلال أيام قليلة، وعلى مدى قوة السوق السعودية العقارية، والتلاعب في الأسعار الذي طالما اشتكي منه السكان المحليون من قبل الملاك.

قال نائل العنزي الذي يمتلك استثمارات عقارية، إن «السوق تحتاج، ومنذ فترات طويلة، إلى مثل هذه القرارات التي ستنظم السوق بالشكل الذي يضمن منافسة حقيقية بين أصحاب المنشآت، ولكن هذه المرة ليس في رفع الأسعار، بل في تقديم الخدمات الممتازة بأسعار تنافسية»، لافتا إلى أن القطاع العقاري السعودي يحتاج إلى مزيد من القرارات الجريئة، التي يجب أن تطبق على جميع الأفرع العقارية للتحكم في أسعار السوق واحتواء تفلت الأسعار الذي يضرب بكل قوة جميع القطاعات العقارية.

واقترح العنزي أن يضاف بند في قانون «إيجار» المزمع تطبيقه، وهو تحديد فئات المساكن بأسعار معينة تختلف بحسب عمر المنشأة، وموقعها، وقرب المراكز الحيوية منها، وتكون ذات تحديد عام، ويستطيع المالك أن يزيد الأسعار أو ينقصها بدرجة معينة ومسموح بها نظاميا، وأبان أن فرض مثل هذه البنود سيحد بشكل أكبر من عمليات رفع الأسعار، و«هي المشكلة الكبرى التي يعاني منها السكان، خصوصا الأحياء التي تشهد خدمات حكومية جديدة وفتح شوارع مختصرة التي يعد سكانها من المتضررين، نتيجة اقتناص المالك هذه الفرصة برفع الأسعار، أو طلبه من المستأجر إخلاء المنشأة فور انتهاء العقد».

هذا، ويتوقع أن يكون مشروع «إيجار» الذي هو بصدد تطبيقه على أرض الواقع، ذا دور محوري؛ تنظيميا وتقنيا، بين صاحب الإيجار والمستأجر، وذلك من خلال منصة عرض إلكترونية تشارك فيها شركة معلوماتية ضخمة توفر العرض للعقارات المعدة للإيجار، ويعرض المالك من خلالها لدى الوسيط والمكتب العقاري الوحدات السكنية المعروضة للإيجار، بطريقة تقنية تعرض كل مميزات الوحدة السكنية، وما يتعلق بها، ليطلع عليها المواطن الراغب في الإيجار.

وفي هذا السياق، أبان إبراهيم العبيد الخبير العقاري، أن «إيجار» الذي يعتمد على قاعدة بيانات هائلة، لن ينعكس على انخفاض الأسعار فحسب؛ بل إنه سيكون موفرا للجهد والوقت عند الرغبة في الحصول على منزل بقصد الإيجار، وقال: «سيستطيع المواطن من خلال المشروع التنقل بين عشرات المنازل ومشاهدة العروض وهو في مكان واحد، مما يعني أن المشروع سيكون ذا طابع سهل يمكِّن عملاءه من إيجاد حاجاتهم بأكبر قدر من الخيارات وبعروض مختلفة»، متوقعا أن «ينال المشروع إعجاب المواطنين الذين سيختصرون مسافة كبيرة عند الرغبة في الحصول على منزل مناسب». وزاد: «إضافة إلى ما جرى ذكره، فإن الأسعار ستشهد انخفاضا متوقعا نتيجة ارتفاع كمية العرض وتوفره في مكان واحد»، وقدر العبيد نسبة الانخفاض بأنها ستتراوح بين 10 و15 في المائة، مستبعدا أن تشهد السوق ارتفاعا أكبر مما هو حاصل الآن، وأن الانخفاض متوقع بشكل كبير، «إلا أن بقاء السوق على وضعها الراهن من المستحيل حدوثه».

وتهدف وزارة الإسكان من خلال شبكة خدمات «إيجار» إلى تكوين البيئة النظامية والتشغيلية اللازمة لعمل المنظومة بالتعاون مع شركائها من الجهات الحكومية والخاصة ذات العلاقة، لتوفر للمواطنين رزمة من التسهيلات اختصرتها في نظام «إيجار»، الذي يكفل للمواطنين البحث عن أفضل المساكن بأقل الأسعار الممكنة.

وفي صلب الموضوع، أكد المستثمر العقاري بدر التميمي، أن «إيجار» سيكون حجر عثرة في وجه من وصفهم بـ«المتلاعبين بالأسعار»، مضيفا: «من الصعب أن تقوم برفع الأسعار عند وجود آلاف المنافسين الذين يعرضون عقاراتهم بأسعار منخفضة من أجل الظفر بالعملاء»، لافتا إلى أنه سيقلص بشكل كبير من عمليات المزايدة في أسعار المساكن، و«هي المشكلة التي سيحلها (إيجار) الذي سيكون دافعا إلى التخوف من رفع الأسعار خشية فقد العملاء واتجاههم نحو عارضين آخرين».

وأضاف التميمي أن السوق العقارية ستكون كاشفة للتلاعب بعد تطبيق «إيجار»، لافتا إلى أنهم، بصفتهم مستثمرين، يتحرون تطبيق النظام لمعرفة مدى استجابة المتعاملين مع «إيجار»، وأن نجاح النظام سيعيد ترتيب أوراق التجار الذين يترقبون نتائج القرار، و«ستكون السنة الأولى من تطبيق القرار هي المعيار الذي سيحدد أسعار التأجير طوال السنوات المقبلة، كما سيحد (إيجار) من عمليات مماطلة المستأجرين في دفع الإيجار».

ويتيح نظام «إيجار» الفرصة للمستأجر لسداد إيجار الوحدة السكنية عن طريق البنك خصما من حساب الأخير، لا سيما بعد تطبيق نظام الأجور الملزم بصرف رواتب العاملين في القطاع الخاص عن طريق الحسابات البنكية، كما أن آلية نظام «إيجار» ستكون عن طريق وسيط «مكتب العقار» بين المستأجر والمالك، على أن تكون جميع بيانات الملاك في الحي مسجلة لدى النظام عن طريق المكتب العقاري.

كما يحدد البيئة النظامية التي تحكم العلاقة بين الطرفين من خلال هيكلة العلاقات النظامية لأطراف العملية التأجيرية وكذلك العقد الموحد، بهدف وضع دراسة قانونية، والتعاون مع الجهات الحكومية، ويهدف إلى التنظيم الدقيق ومعرفة أسعار الإيجارات والارتفاعات السنوية التي تحدث وتمكّن من مقارنة هذه الإيجارات. ويحتوي على بوابة إلكترونية تمكن المواطن والمقيم من البحث في نطاق واسع عما يناسبه من مسكن للإيجار حسب المواصفات التي يرغب فيها كالموقع والمساحة والخدمات.. وغيرها من التفاصيل.