ترميم العقارات القديمة يحقق فرصا استثمارية ثمينة

بريطاني يخوض مغامرة عقارية في فرنسا

جانب من العقار الذي جرى ترميمه (نيويورك تايمز)
TT

على مدار 20 عاما ظل هذا المنزل الحجري العتيق المبني فوق الهضبة خاليا من سكانه، لدرجة أن أشجار الغابة المحيطة به زحفت حتى اقتربت منه بشكل كبير. توفي الكهل الذي كان يمتلك هذا المنزل وتركه لأقاربه الذين تريثوا في مسألة بيعه وقاموا بتحديد ثمنه بناء على ذلك.

ولقد تحول ذلك البيت إلى ضربة حظ بالنسبة لريتشارد سالمون، مرمم الأعمال الفنية المولود في بريطانيا والذي وصل إلى ذلك المكان في اللحظة المناسبة، حيث وصل بعد أن خفضت العائلة سعر المنزل عندما أصاب المرض أحد أفرادها. والجدير بالذكر أن السكان المحلين حاولوا تقليل السعر لسنوات كثيرة، بيد أنهم فوجئوا أن شخصا غريبا نجح في ما فشلوا في تحقيقه. ويقول سالمون، الذي اشترى العقار في عام 2000 مقابل 200 ألف دولار أميركي: «إن التوقيت كان رائعا حقا، وإنني كنت محظوظا».

كان سالمون، البالغ من العمر الآن 58 عاما، يبحث عن مشروع ترميم بحيث يكون شيئا مختلفا بقدر الإمكان عن منزله الكائن في بروكلين، الذي يسكنه هو وزوجته كارول، البالغة من العمر 52 عاما (بينما يعيش ولداهما جولي، 19 عاما، ولوسي، 17 عاما، في فرنسا حيث يدرسان هناك). ولدى سالمون شغف وولع مستمر بالبيوت الفرنسية القديمة، حيث بدأ ذلك منذ أن كان طفلا أثناء إجازاته التي كان يقضيها متجولا بين القلاع المحطمة في ذلك الجزء من جنوب غربي فرنسا. واستمر هذا الشغف أثناء دراسته في الكلية عندما كان يدرس فن النحت في العصور الوسطى.

ولذلك، فحينما رأي سالمون هذا المنزل، الذي يستغرق البحث عنه سنوات من السعي والجهد حتى تجد منزلا مثله، صار مهووسا به منذ الوهلة الأولى. ويقول سالمون إن إيجاد هذا المنزل بالنسبة له كان مثل الوقوع في الحب من أول نظرة.

كان المنزل عبارة عن حطام، بيد أنه لم يلحق به الضرر في ما يخص الترميمات البسيطة مثل الكثير من العقارات التي شاهدها والتي كانت بها ذلك العيب. وعلاوة على ذلك، كان سالمون لديه الخبرة الكافية لمعرفة أن ما يبدو للبعض على أنه تلف إنشائي، مثل الدعامات المنهارة والأعمدة التي تحركت من مكانها، والتي تمنع المشتريين الآخرين من شراء العقارات، كانت من الأشياء الجمالية بشكل كبير بالنسبة له.

يعود تاريخ أحد البيوت التي بنيت قديما فوق هذه الأرض إلى ما يقرب من 400 عام، على أقل تقدير، والتي كانت مزارا سياحيا في وقت من الأوقات على الطريق المؤدي إلى سنتياغو دي كومبوستيلا، بيد أن جميع ما تبقى من ذلك البيت هو قبو حجري ذو سراديب. كانت الكثير من المباني التي ما زالت موجودة جزءا من مزرعة بنيت في القرن التاسع عشر، مع وجود برج كان يستخدم كبرج حمام وقبو كبير كانت تخزن فيه الخمر في براميل كبيرة، وكذلك النبيذ الذي يجري رشفه في الشقوق الطولية للنوافذ والعلية الفسيحة المستخدمة للتبغ المجفف. كانت المهمة الأولى التي واجهت عائلة سالمون هي تنظيف المكان مع التخلص من سقط المتاع المتراكم منذ عقود من الزمان وكذلك الأثاث البالي وطبقات مشمع الأرضية. وبالإضافة إلى ذلك، فقد وجدوا الأدوات الأثرية العتيقة، التي احتفظوا بها، والصور الملتقطة أثناء الحرب الأهلية الإسبانية، حيث أعادوا تلك الصور إلى أفراد الأسرة التي كانت تمتلك المنزل سابقا، فضلا عن أغطية الفتحات التي حفرتها الفئران والمصنوعة من المعلبات الصفيح للسردين، حيث تخلصوا منها ورموها في الخارج. ويقول سالمون: «في نهاية المطاف، كان هناك كومة من النفايات خارج المنزل بما يعادل مساحة المنزل نفسه».

وكانت الخطوة التالية هي قيام عائلة سالمون بالشروع في إزالة الخرسانة التي تغطي كل الأسطح تقريبا، للكشف عن الجزء الحجري المنحوت العتيق الموجود تحت الخرسانة، ووضعوا الإسمنت بين الطوب مرة أخرى باستخدام الملاط الجيري التقليدي. وبعد ذلك انتقلت الأسرة إلى حظيرة الأغنام المتاخمة للمنزل الرئيس وحولوها إلى غرفة نوم رئيسة، فضلا عن تحويل حظيرة أخرى إلى استوديو للنحت يستخدمه سالمون. وفي النهاية، زود أفراد الأسرة العلية بالدعامات، بالإضافة إلى رفع الدعامات المتدلية باستخدام الرافعة ووضع أرضية جديدة من البلوط.

كان إنجاز سير العمل بطيئا جزئيا بسبب تصميم سالمون على الحفاظ على أكبر جزء من السمات الأصلية للمنزل بقدر الإمكان، مثل إطارات النوافذ الخشبية القديمة والجص الخاص بالجدران والحفاظ على الصباغ التي يصل عمرها إلى قرون من الزمان والأرضيات الخشبية الأثرية، حيث جرى تثبيت كل ذلك بإحكام. وقال سالمون: «إن تلك الأشياء كانت مثل أمواج البحر حتى رقائق طبقات الدهان التي كانت موجودة على أحد الأبواب الخلفية العتيقة».

وقد استغرقت زوجة سالمون بعض الوقت من أجل مشاهدة هذه التحفة الرائعة. وتتحدث عن ذلك قائلة: «في أحد الأوقات، كنت سأساوم بكل سعادة بتلك الأصالة من أجل الحصول على المزيد من الراحة»، ولكنها الآن تحب هذا البيت الحجري القديم بنفس القدر الذي يحبه زوجها.

وتقول زوجة سالمون: «كان هذا المنزل مثل عقار في مرحلة فقدان أوجه ورونقه، بيد أننا شعرنا تدريجيا أنه يستعيد ذلك الرونق والجمال مرة أخرى، ومن ثم استطعنا أن نتنفس الصعداء عندما شاهدنا ذلك».

*خدمة «نيويورك تايمز»