رئيس «غولدن إيغل»: ضريبة الأرباح على الأجانب ستدعم استقرار أسعار عقارات لندن

بول سيحا قال لـ «الشرق الأوسط» إن الشركة تملك وتدير 500 منشأة وسط العاصمة البريطانية

راضي سيحا (يمين) وابنه بول مدير شركة غولدن إيغل
TT

في قلب لندن وفي شارع ليس ببعيد عن وسط المدينة التجاري، «أكسفورد ستريت»، يقع مبنى شركة «غولدن إيغل» الدولية المحدودة التي تأسست في عام 1985، كشركة عائلية صغيرة لإدارة العقارات والاستثمارات على يد شاب عربي هاجر من السودان في منتصف 1970 وهو في عمر 19 عاما، وهو الآن بعمر 58.

توفر شركة «غولدن إيغل» قاعدة بيانات عقارية لعملائها، الغالبية العظمى منهم يأتون من الشرق الأوسط، حيث تتضمن أحدث معلومات ذات صلة بالسوق العقارية في لندن وتحديدا وسط المدينة، وهي منطقة اهتمام المئات من المستثمرين الخليجيين سواء أفراد أو شركات، أو حتى صناديق، إلا أن أعمال الشركة لا تتوقف هنا، فلديها ثلاثة محاور تشغيلية: الإيجارات السكنية، ومبيعات الوحدات السكنية، والاستثمار العقاري.

يقول راضي سيحا مؤسس الشركة والمالك، لـ«الشرق الأوسط»، على هامش إجراء الصحيفة حوارا مع الرئيس التنفيذي للشركة ابنه «بول»، إن السر فيما يقرب من ثلاثين عاما من النمو المتواصل لأعمال الشركة في السوق، يكمن في النهج التقليدي للغاية لرجال الأعمال الذي انتهجته.

ويضيف «بدأت هذا العمل منذ فترة طويلة لأنني أحب أن أهتم بالناس، صحيح أن كسب المال أمر مشروع وجزء من نجاحي في مجال الأعمال التجارية، لكن الأساس هو أصول غير ملموسة تتمثل في قاعدة (سمعة جيدة تجلب لك المال والعملاء)».

هذا الاهتمام بالتفاصيل والخدمة الحقيقية «الموجهة لصالح العملاء» هو ما يميز الشركة عن وكلاء العقارات الآخرين، وفقا لبول سيحا (29 عاما)، مدير الشركة.. الحوار تطرق لجوانب مهمة تتعلق بسوق العقارات في لندن، والمستثمرين العرب وقطاع التأجير.. وهنا التفاصيل:

* تأسست غولدن إيغل الدولية المحدودة في عام 1985.. كيف بدأ راضي سيحا الأعمال التجارية؟ وما قصة بدايات الشركة؟

بول: قام أبي بعدد قليل من الأعمال المختلفة قبل بداية هذه الشركة، فقد امتلك مقهى وقام بالاستيراد والتصدير إلى السعودية والشرق الأوسط لقطع رولز رويس، وبعد ذلك كان له صديق، وهو طبيب مصري معروف جدا، أراد شراء بعض الشقق في لندن، وتمكن والدي من تقديم شقتين له، وكانتا بحاجة لبعض التجديدات في ذلك الوقت وقام بعملية التجديد. كانت عمولته حينها ما يقرب من 1000£ في العقار مما كان يجعله وكأنه على سطح القمر، حيث كان عمره حينها فقط 30 سنة، وكانت والدتي تعمل في نظام القانوني البريطاني، وفي الواقع هي من قام بتمويل شراء هاتين الشقتين، اللتين لا تزالان مملوكتين من قبل نفس الطبيب حتى يومنا هذا وقد تضاعف سعرها مرات كثيرة.

بعد ذلك وكنوع من التطور الطبيعي، بدأ والدي إدارة المزيد من العقارات للأشخاص في عام 1985، 86، 87. ثم اشترى أول عقار له مع أرباحه، حيث باع سيارة والدتي في ذلك الوقت، فولكس فاغن غولف التي كانت فخورة جدا بها، وقد استخدم المال كدفعة مقدمة لشقة في نوتينغهيل. كانت تقدر بـ68 ألف جنيه استرليني في ذلك الوقت، وهي الأخرى لا تزال مملوكة من قبل أبي حتى يومنا هذا، ومن هنا بدأ التوسع في شراء ممتلكات عقارية لأشخاص آخرين أو لنفسه، وفي عام 1989، 90، 91، وبعد حرب الخليج، كان هناك الكثير من الشعب الكويتي المقبل إلى لندن، وكان العقار الذي اشتراه والدي مكتظا بالنزلاء إلى الحد الذي كان عليه أن ينام على أرضية المكتب، وهو ما أحدث توسعا سريعا في النشاط، إذ إنه وبنهاية التسعينات، توسعت المحفظة الاستثمارية، حيث كان والدي يدير 50 إلى 60 منشأة.

على الصعيد الشخصي، في عام 2004 تركت الجامعة وانضممت إلى الأعمال، وأعتقد أنها كانت الدفعة الثانية اللازمة من الطاقة في الأعمال، إذ إنني الابن الوحيد، وأصبح لدينا الآن رؤيتان مختلفتان في الأعمال التجارية، ما أعطى الشركة ونشاطها زخما وتنوعا أكبر.

* ما التحديات التي واجهتها الشركة عند بداية التأسيس؟

بول: فترة الركود التي جاءت في أوائل التسعينات عندما هبطت أسعار الفائدة إلى 20 في المائة، أحدثت نوعا من الهزة للشركة، إذ إن والدي بعد أن كان شابا ومتطلعا للنجاح، اقترض بكثافة من البنوك بينما جميع عملائه من المشترين نقدا، لذلك، وللأسف كانت الضربة موجعة.

والدي شخص معتد بنفسه جدا؛ رفض إقرار الإفلاس، فعمل بجد وفعل كل ما بوسعه، في نهاية المطاف، استطاع مرة أخرى أن يقف على قدميه، حيث عاد في أواخر التسعينات للعمل بالسمعة الجيدة التي بناها سابقا بالعمل الشاق والاحترام.

* ما حجم محفظة الاستثمار التي تديرها الشركة اليوم؟

بول: ربما الآن نملك نحو 200 منشأة ووحدة عقارية، كما ندير نحو 350 منشأة أخرى، وفلسفتنا في إدارة الأملاك العقارية تعتمد الحزم مع الملاك من جانب والعملاء من جانب آخر، ولدينا عدد محدود منهم بين سعوديين وكويتيين ومصريين.

* برأيك من أهم أكبر داعمي الشركة ونشاط والدك في السوق العقارية البريطانية؟

بول: عملاء والدي هم أكبر داعميه، لدي عملاء يقولون اسأل والدك.. إذا قال راضي افعل ذلك، أو هذا المشروع جيد فأفعل.

* أسعار المساكن في لندن تنمو بمعدل سنوي يقترب من 18 في المائة.. كما أن بنك إنجلترا يحذر من الزيادة المبالغ فيها حول أسعار العقارات (فقاعة الإسكان). كيف تقيمون الوضع الحالي للسوق؟

بول: نحو 90 في المائة من العملاء أو العملاء المحتملين المهتمين بالاستفسار عن العقار هم من غير البريطانيين، وفي الأساس من الشرق الأوسط والخليج، لقد كانت لندن دائما المكان الأمثل للجيل الأكبر سنا حيث إنها آمنة جدا لوضع الأموال.

الحالة الراهنة للسوق في وسط لندن، ونحن هنا نتحدث عن: ماريليبون، ماي فير، نايتسبريدج، حتى بايزووتر، نعم ارتفعت الأسعار فيها بصورة عالية جدا، وذلك بدعم من اتجاهات الاقتصاد العالمي والأحداث السياسية، إذ إن الثورات على سبيل المثال في العالم العربي، جعلت الكثير من المستثمرين العقاريين يضعون أموالهم في السوق البريطانية، سواء المستثمرون من مواطني تلك الدول كالمصريين أو السوريين أو الليبيين، أو من مستثمري دول الخليج الذين سحبوا أموالهم من تلك الدول.

بالنسبة لموضع «فقاعة عقارية»، فقد سبق وتحدثوا في 2007، و2008، و2009، عنها لكنها لم تحدث لأن هناك طلبا عاليا.. من تجربتي لندن سوق مختلفة عن السوق في بقية عموم بريطانيا وهي تتمتع بأسعار ثابتة ومتماسكة، بعكس بقية المدن.

كانت المشكلة مع 2009 - 2010 أن الأسعار لم ترتفع، ويعزى ذلك لعدم وجود السيولة في البنوك.

في الوقت الحاضر لا أعتقد أنه ستكون هناك فقاعة، بل سيكون استقرار في الأسعار على المدى المتوسط، وربما مع ضريبة الأرباح الرأسمالية الجديدة المقبلة، أجد الكثير من زبائني بالشرق الأوسط يتصلون بي لالتماس المشورة على ذلك.

* هل يمكن الحديث بمزيد من التفصيل حول ضريبة الأرباح الرأسمالية الجديدة؟

بول: إذا اشترى البريطانيون عقارات، واحتفظوا بها لمدة عشر سنوات فإنهم يدفعون ضريبة أرباح رأس المال على الربح.. بفرض أن قيمة العقار ارتفعت 500 ألف جنيه استرليني في عشر سنوات، فإنهم يدفعون ما يصل إلى 28 في المائة منها ضرائب، بينما أصحاب العقارات الأجانب لا يدفعون أي ضريبة أرباح على رأس المال.

ما قامت به الحكومة البريطانية هو جعلهم وبدءا من 2015 يدفعون هذه الضريبة، وينبغي أن تجلب الضريبة الجديدة، الاستقرار للأسعار في السوق، من هنا أعتقد أن الاستقرار يكون مؤقتا؛ فإن السوق تبطئ حين يبدأ الناس في محاولة لفهم الضرائب.

* ما النصيحة التي تقدمها للعملاء فيما يتعلق بالضريبة الجديدة؟

بول: نحن مستثمرو عقارات، وأيضا مديرو عقارات، وذلك لحسن الحظ فإن كل ما يقلق عملاءنا يجب فحصه في أعمالنا أيضا، ونحن نستخدم أفضل المستشارين والمحامين والمحاسبين الذين لا تبعدنا عنهم دائما سوى مكالمة هاتفية.

فإذا كان عميلي لديه قلق بشأن ضريبة الأرباح الرأسمالية، مجرد أن ألتقط الهاتف وأطلب المحاسب، أسأله عن أفضل طريق لهذا العميل.. هذا لا يكلفني شيئا، بعض الزملاء في الشركة يقولون إن تصرفا كهذا يعد خدمة إضافية علينا أن نتقاضى عليها أجرا إضافيا، لكنني لا أرى ذلك خدمة، بل هي أقل ما يمكن القيام به لعملائنا.

* من أبرز عملاء الشركة المستهدفين في لندن؟

بول: لدينا عملاء من الطبقة الغنية جدا الهندية والماليزية، وأعتقد أن عشرة على الأقل من زبائني هم على قائمة مليارديرات «فوربس»، كما أن البنوك العربية والخليجية هم عملاء لنا، إلى جانب بعض المؤسسات العربية الأخرى، فمثلا نحن نتعامل مع مكتب الكويت الصحي، والسفارة القطرية والسفارة السعودية، ولدي أيضا عملاء من الولايات المتحدة.

* أين ستكون غولدن إيغل الدولية في المستقبل؟

بول: هذا موضوع نناقشه أنا ووالدي كثيرا.. قرأت مقالا حول توسيع الأعمال التجارية، وقال المقال: مهما كنت كبيرا، لا تنس أبدا القيم الأساسية الخاصة بك.. لدينا بعض المشاريع الجيدة جدا في الوقت الحالي ونحن نسعى على الأقل إلى مضاعفة محفظتنا في السنوات الخمس المقبلة، نخطط لزيادة محفظة الاستثمار بمقدار معين في كل سنة، هيكليا نحن شركة قوية، والقيم الأساسية لدينا ستبقى كما هي، وعلى الرغم من أن لدينا خططا للتوسع فسوف نظل دائما شركة عائلية.