«العقاري» يوقع اليوم أكبر اتفاقية في تاريخ الدعم السكني للسعوديين مع 14 منشأة مالية

اختلاف حول تأثير القرار على الأسعار.. واتفاق على غربلة الخريطة العقارية

تأتي الاتفاقية بعد أن وافقت وزارة العدل أخيرا على برنامج التمويل الإضافي بصيغته الجديدة («الشرق الأوسط»)
TT

في خطوة هي الأضخم تمويليا في تاريخ البلاد، يبرم صندوق التنمية العقارية السعودي، اليوم الأحد، أكبر اتفاقية في تاريخ الدعم السكني مع 14 منشأة تمويلية، لتمويل المواطنين المستحقين لقروض صندوق التنمية العقارية بقروض إضافية تدعمهم في تملك وحدات سكنية جاهزة، في خطوة مهمة في تأصيل العلاقة بين المنشآت التمويلية والصندوق، بعد أن وافقت وزارة العدل على برنامج التمويل الإضافي بصيغته الجديدة، حيث رأت الوزارة مناسبة تطبيق نظام الرهن العقاري «الجديد».

وتباينت ردود الفعل على هذا القرار الذي يتوقع أن يكون الأكثر تأثيرا على مستقبل القطاع العقاري بأكمله، حيث ستضخ سيولة عارمة في السوق لم يشهد لها مثيل، في الوقت الذي اختلف فيه العقاريون حول انعكاسات القرار، فمنهم من أشار إلى أن ذلك سيساهم في زيادة أسعار العقار، وآخرون قالوا إنها خطوة ممتازة لتملك المنازل في ظل ارتفاعها وصعوبة تمويلها ذاتيا.

وهناك من قال إن السوق تحتاج إلى مشروعات ضخمة للسقوط بقيمة العقار، وليس بضخ مزيد من الأموال، ورغم اختلاف الآراء والوجهات، فإن الجميع اتفق على أن القرار لن يمر مرور الكرام، بل إنه سيغير الخارطة العقارية السعودية بشكل كبير خلال السنوات القليلة المقبلة.

من جهته، وصف وليد آل مرشد، وهو مستثمر عقاري يمتلك عددا من المشروعات السكنية، القرار بغير المدروس، مشيرا إلى أنه سيزيد من أسعار العقار نتيجة علم التجار بأن المال لم يعد مشكلة كبرى بالنسبة إلى المشترين المتعطشين لتملك المنازل بأي ثمن وتضحية.

وأضاف: «هذا هو الوتر الذي سيدندن عليه التجار الذين يجهزون حاليا قائمة من الأعذار والحجج من أجل رفع الأسعار دون أي مبرر، سوى فتح قنوات التمويل الجديدة التي أقرت أخيرا وينظر إليها المطورون العقاريون على أنها وجبة دسمة طال انتظارها، بعد أن شهد القطاع العقاري أسوأ حالاته خلال السنين العجاف الماضية وبالتحديد منذ السنوات السبع الأخيرة». وبين آل مرشد أنه بصفته مستثمرا يرحب بزيادة مصادر التمويل التي ستحرك القطاع العقاري بشكل كبير، خصوصا القطاع السكني بفروعه (الفيلات والأراضي والشقق)، إلا أنه عندما ينظر إلى الموضوع بوطنية فإنه يحزن على ملايين المواطنين البسطاء الذين سينجرفون خلف تمويلات البنوك التي لن تبقي ولن تذر، لذا يرى أنه من واجبه أن يتحدث بالحقيقية، وهي أن القطاع العقاري السعودي يحتاج إلى قرارات حقيقية تخمد نيران ارتفاعات أسعاره، وأن المشكلة الحقيقية هي في إعادة قيمته إلى طبيعتها وإلى حجمها الأساسي.

ولفت إلى أنه من وجهة نظره الشخصية فإن القرار سيكون ذا انعكاسات سلبية بشكل يفوق إيجابياته، في الوقت الذي كان من الواجب فيه على وزارة الإسكان أن تضع ارتداد الأسعار إلى نصابها على رأس أولوياتها وليس زيادة التمويل التي وصفها برمي الحطب على النار.

وأعلن أخيرا أن تطبيق الرهن العقاري الجديد في عمليات التمويل الإضافي، أتاح لصندوق التنمية العقارية إطلاق تطبيقات عدة تسهل تملك المساكن الجاهزة، أو البناء للمواطنين المستحقين لقروض صندوق التنمية العقارية، ويشمل التطبيق الأول حصول المواطن الذي تملك مسكنا أو قام ببنائه عن طريق الصندوق العقاري، «ولا يزال الصك مرهونا لدى الصندوق» على تمويل إضافي لشراء أو بناء مسكن آخر أو أكثر، وفقا لوضعه الائتماني مع جهة التمويل.

أما التطبيق الثاني فيشمل شراء الأرض عن طريق منشأة تمويلية، ومن ثم حصوله على قرض الصندوق العقاري للبناء، في حال كان لدى المواطن قرض ويمتلك أرضا، فإنه يمكن أيضا رهن الأرض للصندوق في حال الاستحقاق والحصول على قرض الصندوق العقاري. وفي هذا السياق، أبان إبراهيم العبيد الخبير والمستشار العقاري، أن المستفيد الأول هو شركات العقار التابعة للبنوك التي تمتلكها كأذرع استثمارية، لافتا إلى أنها ستزيد غلتها بشكل ملحوظ نظرا لإنشائها مشروعات جديدة لتمويل عملائها، أو على الأقل عن طريق تقييم واستشارات العقار التي تأتي من الشركات الأخرى، حيث إن القرار الأخير أتى هدية ثمينة للبنوك، وأن أعمالها ستزيد بشكل كبير مما يلقي بظلاله على أرباحهم، وهو ما سيؤدي إلى تضخم مرتقب في الأسعار نتيجة توافر السيولة الكبيرة والطلب الكبير في وجود عرض أقل بكثير من حجم السوق، وهو ما يثير المخاوف من احتمال وصول القيمة العقارية إلى سقف أعلى بكثير مما هي عليه، خصوصا أن السيولة أصبحت متوافرة في متناول المشترين الذين سيجدون أن بناء المنزل قد يكلفهم أقساطا شهرية كبيرة تمتد إلى عشرات السنين مما ينعكس على الفائدة الإجمالية للبنوك. وأضاف: «السيولة ليست كل شيء، فهناك أساسيات يجب توفيرها قبل ضخ هذه الأموال، فمراقبة الأسعار ووضع سقف عام لها، خاصة في المدن الكبرى قبل إصدار القرار لضمان السيطرة عليها، خصوصا أنه لن تستطيع أي جهة مهما كانت قوتها أن توفر العرض، في ظل تراكم الطلب بكميات كبيرة، أفرزت زيادة مفرطة في الأسعار وشحا ملحوظا في الوحدات والأراضي، خصوصا في وسط المناطق والأحياء السكنية المعمورة». ولفت إلى أن القرار بشكل عام سيفرض لا محالة تغيرات جذرية على خارطة العقار السعودية، متوقعا أنها ستؤثر بشكل سلبي على الحالة العامة للقطاع الذي لو تحرك فلن تستطيع إعادته كما كان.

يشار إلى أن هذه الخطوة تمثل البداية الفعلية لتطبيق القرض الإضافي لشراء المساكن الجاهزة، بعد مرحلة التجريب التي نفذها الصندوق العقاري مع بعض البنوك المحلية، وكذلك بعد أن بدأت وزارة العدل تعاونا واضحا لإنهاء ازدواجية الرهن بين الصندوق والجهة الممولة، حيث شرعت في تنفيذ إجراء توثيق نقل الملكية من البائع إلى ملكية المواطن (المستفيد)، مع رهن العقار لصالح الجهة الممولة وصندوق التنمية العقارية، وذلك عبر إجراء وضبط واحد.

وفي الاتجاه المعاكس أبدى علي بن سعيدان الذي يمتلك شركة استشارات إنشائية، سعادته من القرار الذي وصفه بالدافع الأكبر لعمليات تملك العقار السكني، موضحا أن السوق ستشهد خلال السنوات الخمس المقبلة شرائح اجتماعية كبيرة استطاعت بفضل القرار السكن في منزل خاص لها، وهو ما لن تستطيع هذه العائلات توفيره لولا صدور الاتفاقية التي ستمكن الجميع من تملك المنزل الخاص بهم عبر اختيارات مناسبة، واصفا القرار بالجريء الذي سيدفع بالعقار نحو الانتعاش ودخول مرحلة جديدة من الازدهار بعد الانخفاض والضمور الذي غشيه أخيرا.

وحول انعكاس القرار على أسعار العقار، أكد أنه لا يرى أي ارتفاع يلوح في الأفق رغم اختلاف رؤيته مع الكثير من زملاء المهنة، لكنه رأى أنه من الواجب توعية المشتري بمحاسن التمويل ومخاطره، عبر دورات متخصصة من قبل الجهات المسؤولة والمتخصصة لدراسة جميع المخاطر التي سيمر بها بعد حصوله على القرض، وتركه يحدد قراره بنفسه وهو على دراية كاملة بالعواقب.

وبين أن وعي المواطن هو المقياس الأساسي لتحديد أسعار العقار مستقبلا، متفائلا بأن المواطن وصل إلى مرحلة النضج ولن يجري خداعه ورفع الأسعار عليه بسهولة، مشددا على أن موقف المواطنين وهم الشريحة الأهم في تحديد مستقبل العقار من ارتفاع الأسعار، سيترك أثرا واضحا ودلالة عبر رفضهم أو قبولهم الشراء أو العزوف عنه.

وأعلن الدكتور شويش بن سعود الضويحي وزير الإسكان رئيس مجلس إدارة صندوق التنمية العقارية، أخيرا، برنامج التمويل الإضافي مع المنشآت التمويلية، لتمويل شراء الأراضي للمستحقين لقروض الصندوق، سواء من الذين أعلنت أسماؤهم، ويبلغ عددهم أكثر من 120 ألف مستحق، أو من الدفعات الجديدة التي يعلن عنها الصندوق تباعا، وآخرها ما أعلن عنه الصندوق قبل أيام قليلة بالموافقة على إصدار دفعة من القروض العقارية تضم 11 ألف قرض.