انخفاض مبيعات الفيلات السكنية في السعودية إلى أدنى مستوى لها منذ عقود

شروط «ساما» غربلت القطاع.. وانعكس الأمر نزولا طفيفا في الأسعار

الطلب على الوحدات انخفض بشكل كبير كما هو متوقع والسوق تدخل في دوامة العرض
TT

بحسب ما توقعت «الشرق الأوسط» في تقرير سابق لها عن انخفاض وشيك في الطلب على الوحدات السكنية، وخصوصا الفيلات، إلى مستويات قياسية في السعودية، أظهر مؤشر العدل العقاري انخفاضا كبيرا خلال الأشهر الأخيرة لم يسبق لها مثيل من ناحية نسبة الانخفاض منذ أزمة حرب الخليج، بحسب تأكيدات متعاملين، حيث انخفض الطلب الذي انعكس على مبيعات هذا النوع من البنايات التي بدأت الدخول في صيام تام عن عمليات البيع والشراء، في وقت كان من المتوقع أن تشهد فيه فورة في المبيعات نتيجة ارتفاع الرغبة في الشراء، إلا أن الواقع أتى عكس ذلك، حيث أكد عقاريون أن لائحة «ساما» أغلقت جميع المنافذ، وتشددت في منح القروض العقارية التي انعكست بشكل مباشر على الطلب.

ويتضح جليا أيضا انخفاض الأفرع العقارية الأخرى، إلا أنها لم تصل بعد لمرحلة الانخفاض الكبير الذي لم يسبق له تحقيقه منذ 9 سنوات، بحسب المؤشر العقاري للعدل السعودية، وهي نسبة كبيرة قصمت الحركة العقارية محليا، إلا أنها قد تلقي بظلالها إيجابا على الأسعار نحو الانخفاض بحسب شريحة كبيرة من المهتمين الذين أكدوا ذلك، رغم اختلاف قلة من العقاريين على هذا الرأي.

يقول فهد الموسوي الذي يدير شركة عقارية قابضة: «إن الطلب انخفض بشكل كبير كما هو متوقع، وأدخل السوق بذلك في دوامة من المشكلات، خصوصا الشركات التي تقوم حاليا ببناء وحدات سكنية، حيث كانت تنوي بيعها بطريقة القروض العقارية الممنوحة من قبل البنوك والممولون، إلا أن لائحة «ساما» قطعت الطريق عليهم، وأصبحوا في ورطة كبيرة، خصوصا لمن هم مرتبطون بعقود معينة مع شركات الإنشاء والمتضامنين في المشروعات الذين يلتزمون بتاريخ معين في السداد.

الأمر الذي سيوقع الكثير من الشركات في مشكلات مالية، وقد نسمع في القريب العاجل أنباء عن خروج شركات عقارية من السوق، أو تصفيتها واندماجها مع بعض الشركات القوية، وهو الأمر الذي سيضر القطاع العقاري بشكل عام.

وحول الأسباب التي أدت إلى هذا الانخفاض، أكد الموسوي أن لائحة «ساما» التي تشترط وجود الدفعة الأولى المقدرة بـ30 في المائة، كان لها الأثر العظيم في ذلك، حيث إن السواد الأعظم من المشترين لا يمتلكون مبلغ الفيلا أو العقار كاملا، في ظل ارتفاع الأسعار بشكل عام، مما يعني أن وجود الدفعة يعني وجود عقبة كبيرة لا يستطيع الكثير تجاوزها، وهي نتيجة طبيعية لانخفاض الطلب، متوقعا أن تشهد السوق انخفاضات أكبر، فكلما تقادم الوقت زادت صعوبة تملك العقار.

وسجلت مبيعات العقارات السكنية تراجعها، للأسبوع الثالث على التوالي، مسجلة نسبة انخفاض بلغت 1.5 في المائة، لتستقر عند مستوى 6110 عقارات مبيعة خلال الأسبوع، أتى هذا التراجع في أعداد العقارات المبيعة للقطاع السكني متأثرا بالتراجع الأسبوعي، الذي شمل جميع أنواع العقارات السكنية، عدا قطع الأراضي التي سجلت ارتفاعا أسبوعيا طفيفا لم تتجاوز نسبته 0.4 في المائة، مقابل تراجع كل من الأراضي الزراعية بنسبة 24.1 في المائة، والبيوت السكنية بنسبة 11.9 في المائة، والشقق السكنية بنسبة 3.0 في المائة، والعمائر السكنية بنسبة 42.5 في المائة، والفيلات السكنية بنسبة 34.8 في المائة.

جدير بالذكر هنا أن مبيعات الفيلات السكنية خلال الأسبوع سجلت أدنى معدل مبيعات أسبوعية منذ 9 أعوام، حيث لم تتجاوز سقف 43 فيلا سكنية، ويأتي هذا المعدل أدنى من المعدل الأسبوعي لعام 2013 (معدل 110 فيلات أسبوعيا) بنسبة 60.8 في المائة، وبمقارنته مع أعلى معدل أسبوعي مسجل للـ10 أعوام الماضية، الذي جرى تسجيله خلال عام 2010 (بمعدل 166 فيلا أسبوعيا)، ستصل نسبة الانخفاض إلى 74.2 في المائة.

وفي شأن متصل، أبدى بدر السعيد، وهو مستثمر عقاري، انزعاجه من حال السوق، حيث إنه يُلاحظ في الآونة الأخيرة خروج كثير من المستثمرين المتخوفين من سقوط أسعار العقار، الذين اتخذوا القرار بتعزيز من التقارير الاقتصادية الأسبوعية التي توحي بانخفاض كبير في الطلب لن يستمر كثيرا حتى يسقط معه السعر.

كما أن لحال السوق بحكم قربهم من الواقع فإنه يوحي بأن هناك حركة بطيئة جدا في المبيعات، خصوصا الفيلات التي نشر أخيرا تقرير اقتصادي بانخفاض الطلب عليها إلى مستوى لم يسبق لها تحقيقيه منذ 9 سنوات.

ويرى التميمي أن هذه النسبة ليست الأخيرة حيث إنه يتوقع أن هذا الانخفاض لم يأتِ مثيل له منذ أزمة الخليج مطلع تسعينات القرن الماضي، موضحا أنه لا يستبعد انهيار أسعار العقار، خصوصا أن هناك نسبة انخفاض حاليا، إلا أنها ليست كبيرة، إلا أنه يتوقع أن تصل إلى مدى أبعد وتكسب الرهان الذي طالما حاول كبار التجار طمأنة القطاع بأنه مستقر وقوي، إلا أن الواقع يقول غير ذلك.

وحول القطاعات العقارية الأكثر انخفاضا، أكد التميمي أن الفيلات تتسيد المشهد العقاري بلا منازع، ويلاحظ ذلك على العروض والانخفاضات التي يسوق لها أصحاب تلك الفيلات، خصوصا الاستثمارية منها.

كما أن الأراضي شهدت هي الأخرى انخفاضا في الإقبال إلى درجات كبيرة، إلا أنها لم تصل إلى الهاوية كما يحدث مع الفيلات، ويليها الشقق التي تأثرت بشكل ملحوظ، متوقعا أن يحدث هناك تغيير كبير في رغبة المشترين نتيجة استمرار ارتفاع الأسعار وعدم قدرتهم على مجاراتها، حيث ستصبح الشقق الخيار الأفضل، وهي الأكثر طلبا خلال الفترة الأخيرة، خصوصا للشباب، وهم الفئة الأكثر طلبا للعقار.

ويلاحظ ذلك في طرح الشركات مخططات تصاميم جديدة للشقق تناسب الأذواق والطبقات الاجتماعية كافة، وهي الاستثمار المقبل، بحسب توجهات السوق.

من جهته، قال فاهد الودعاني الذي يدير مكتبا للاستشارات العقارية إن «النظام الجديد للتمويل العقاري فرض نفسه بقوة على القطاع العقاري، عبر تحديد اختيارات العميل، خصوصا في ظل صعوبة جمع الدفعة الأولى للراغبين في الشراء بالآجل، الأمر الذي يفتح خيارات جديدة بالنسبة لقطاع الشقق الذي يلاحظ زيادة الإقبال عليه بشكل كبير، نتيجة تلاشي فكرة تملك الفيلات والمنازل الصغيرة في ظل ارتفاع الأسعار بشكل عام».

في الوقت الذي تحتاج فيه السعودية إلى زيادة مهولة في بناء الوحدات السكنية لتلبية طلبات المواطنين الذين تقع مشكلة الإسكان لديهم على رأس المطالب التي يطالبون بتوفيرها، في ظل سكن معظمهم في منازل مستأجرة.

أما على مستوى متوسط أسعار العقارات السكنية خلال الأسبوع، فقد تباينت اتجاهات الأسعار بين ارتفاع وانخفاض، حيث أتى في جانب الارتفاع كل من الشقق السكنية والفيلات السكنية، مسجلة ارتفاعا إلى 592.6 ألف ريال للشقة الواحدة، و1.7 مليون ريال للفيلا الواحدة.

ويُعزى السبب وراء ارتفاع متوسط قيمة الفيلات السكنية، رغم تراجع أعداد مبيعاتها إلى ارتفاع مساحاتها، واعتماد قوة الشراء هنا على التمويل الذاتي دون الاقتراض التمويلي في أغلب تلك الصفقات.

بينما سجلت المتوسطات الأسبوعية لقيم الأراضي الزراعية والبيوت والعمائر وقطع الأراضي تراجعات، بلغت (حسب الترتيب أعلاه) نحو 14.6 ريال للمتر المربع للأرض الزراعية، ونحو 320.1 ألف ريال للبيت الواحد، ونحو 455 ألف ريال للعمارة الواحدة، ونحو 537 ريالا للمتر المربع لقطع الأراضي.