كشفت مؤسسة «بلاك بريك» المتخصصة في شراء العقارات السكنية في العاصمة البريطانية لـ«الشرق الأوسط» أن المستثمرين العرب احتلوا المرتبة الثانية من حيث حجم الاستثمارات العقارية خلال السنوات الـ8 الماضية، بـ17.1 في المائة من مجمل الصفقات. فيما احتل المستثمرون الأفريقيون المرتبة الأولى بما يقارب 43.7 في المائة، وجاء البريطانيون والآسيويون في المرتبة الثالثة بنسبة 10 في المائة فقط.
توضح كاميل ديل، مؤسسة والرئيس التنفيذي لمؤسسة «بلاك بريك» لـ«الشرق الأوسط» أن «السنوات الثمانية الماضية شهدت ارتفاع الاستثمارات الشرق أوسطية، خصوصا منها السكنية، ومن المتوقع أن تستمر وتيرة الارتفاع في الفترة المقبلة». كما أكدت رئيسة «بلاك بريك»، التي تعد من أهم المؤسسات العقارية السكنية المستقلة في لندن، أن دوافع استثمار رجال الأعمال العرب في العقار اللندني تختلف باختلاف بلدانهم الأم وميزانياتهم. تكشف آخر الإحصائيات أن أهم الاستثمارات العقارية الشرق أوسطية لعام 2014 صدرت من الإمارات والسعودية وقطر والبحرين والكويت والأردن ومصر ولبنان. أما فيما يتعلق بحجم الاستثمارات، فقد تتراوح المبالغ التي يضخها المستثمرون في السوق العقارية بين نصف مليون جنيه إسترليني للعقارات الصغيرة و20 مليون جنيه للعقارات الكبيرة.
ومن جهة أخرى، أكدت ديل أن السوق العقارية شهدت ارتفاعا ملحوظا من حيث عدد المستثمرين المصريين في شهر ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، إثر التحسن النسبي في الأوضاع السياسية في البلد وسهولة تنقل الأموال خارجها. أما المستثمرون العرب الأكثر نشاطا في السوق العقارية اللندنية، فهم الإماراتيون. وترجع ديل ذلك إلى طبيعة السوق العقارية الإماراتية، التي شهدت عددا من الفقاعات العقارية في الآونة الأخيرة في ظل الطفرة الاقتصادية والتي قد تؤدي إلى انهيار السوق لأدنى مستوياتها.
وكشف خبراء تحدثوا مع «الشرق الأوسط» حول أسباب تدفق الاستثمارات الشرق الأوسطية إلى العقارات اللندنية أن العاصمة البريطانية توفر مجموعة مؤهلات مثيرة للاستثمارات الخارجية، أهمها شفافية السوق العقارية، والأداء الجيد للأصول المالية واستقرار الأنظمة القانونية والسياسية والضريبية.
وأشار شارلي والش، مدير قسم العقارات السكنية في مؤسسة سيفيلز للعقارات البريطانية، لـ«الشرق الأوسط» إلى أن السنوات الأخيرة شهدت ارتفاعا في حجم الاستثمارات الشرق أوسطية في لندن لثلاثة أسباب أساسية.
السبب الأول وفقا لتحليل والش هو كون لندن «سيف هافن»، أي منطقة آمنة، وموقعا ماليا متميزا للحفاظ على الثروات وتطويرها. ويضيف: «شروط الأمان والرفاهية، خصوصا في سياق لا - استقرار الذي تعيشه المنطقة العربية في الفترة الأخيرة أساسية لاستقطاب رجال الأعمال العرب».
أما السبب الثاني الذي أدى إلى توافد المستثمرين العرب إلى لندن هو التعليم، حيث يتضح أن رجال أعمال الخليج خاصة يفضلون تسجيل أبنائهم وبناتهم في المدارس البريطانية الخاصة المتميزة.
والسبب الأخير يتعلق بعائدات الإيجار المرتفعة التي تضمنتها العقارات السكنية في لندن، وخصوصا منها تلك المتمركزة في «الحزام السكني الراقي».
أما فيما يتعلق بأكثر المناطق جاذبية للمستثمرين العرب، فيوضح والش أن هؤلاء، وخصوصا منهم المستثمرين الشباب، يفضلون استكشاف مناطق جديدة في لندن. ويؤكد والش في هذا الصدد: «لا يزال الإقبال كثيفا على المناطق العقارية الراقية، أو العناوين الذهبية مثل (نايتسبريدج) و(مايفير) و(بيلغرافيا)، إلا أننا نرى اهتماما متزايدا بالمناطق الراقية الجديدة و(الشابة) على غرار (ساوثبانك) والمناطق الراقية غرب لندن».
ويقدر مات أوكلي، مدير قسم العقارات التجارية في مؤسسة سيفيلز للعقارات البريطانية، في حديثه مع «الشرق الأوسط» الاستثمارات الخليجية والعربية في سوق العقار التجاري في لندن بنحو 1.7 مليار جنيه إسترليني، أي ما يعادل 13 في المائة من إجمالي الصفقات. وأكد أوكلي أن وتيرة الاستثمار في العقار السكني ستستمر في الارتفاع عام 2015، وسيظل المستثمرون العرب من أهم عملاء السوق العقارية في لندن.
ويذكر أن المستثمرين الخليجيين ضخوا نحو 45 مليار دولار في مجال العقارات السكنية والتجارية في السوق البريطانية بين 2007 و2013، وهو ما يفوق حجم الاستثمارات العقارية المحلية في الشرق الأوسط بسبعة أضعاف، وفق تقرير نشرته مجموعة «سي بي آر إي» - CBRE - المتخصصة في أبحاث السوق العقارية حديثا. كما أن نصف هذه الاستثمارات تقريبا، أو ما يناهز 20.2 مليار دولار، جرت خلال السنتين الماضيتين. ومثل السعوديون والإماراتيون نحو 15 في المائة من المشترين الجدد للعقارات في لندن.