السعودية تؤكد وجود رقابة على الاتصالات والتقنيات ومطالبات بتشجيع الحلول الوطنية

خبراء : شركات إسرائيلية توسع حصتها في قطاع «الفيسات» ومخاوف على السوق العربي

TT

في وقت يؤكد فيه الدكتور محمد ابراهيم السويل، محافظ هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات السعودية على ان الهيئة التي منحت 5 تراخيص لتقديم خدمة «الفيسات»، على ثقة بأن جميع الشركات والمؤسسات السعودية التي تم الترخيص لها حريصة على الالتزام بالضوابط المتعلقة بمنع تسرب اجهزة اتصال عبر الاقمار الصناعية او برامج مساندة تصنعها شركات اسرائيلية الى السوق المحلي، مؤكدا في ذات الوقت ان من مهام الهيئة الموافقة على الأجهزة والمعدات المستخدمة في الشبكات المرخص لهم.

وحذرت مصادر في صناعة الفيسات من قيام شركات اسرائيلية وعلى رأسها شركة «جيلات» المتخصصة في تصنيع وتشغيل الاتصالات عبر الاقمار الصناعية او حتى شركات استثمار اسرائيلية بالدخول في شراكات استراتيجية او تملك حصص مؤثرة في عدد من الشركات الدولية الناشطة في تصنيع اجهزة وبرمجيات الفيسات ما يهدد بنفوذ الشركاء الاسرائيليين عبر سلسلة الصفقات الاستثمارية هذه على جانب حساس من الاتصالات الدولية عبر الأقمار الصناعية.

وفي وقت تؤكد شركات تزويد خدمات «فيسات» ان هذه التقنية أكثر أمنا من اي طريقة اتصال أخرى نتيجة لاستخدام تقنيات تشفير وتغيير الترددات بشكل مستمر لنقل الصوت والصورة والبيانات لعملاء هذه الخدمة التي تشمل قطاعات حكومية وغير حكومية خصوصا للمناطق النائية، فقد حذر خبراء في تقنية الفيسات من ان تتيح الاجهزة او البرامج التي قد تصل الى السوق السعودية عبر السوق «الرمادية» للمصنعين العالميين او المبرمجين القدرة على اختراق النظم بهدف التنصت او زراعة المعلومات الخاطئة او التشويش او حتى قطع وإقفال الخدمة في وقت الضرورة.

وقال خبراء ان انظمة بعض الدول الغربية تلزم المصنعين بتزويد السلطات المركزية «الحكومية» بمفاتيح تتمكن من خلالها تلك الاجهزة من الدخول على النظام. من هنا طالب مقربون من صناعة تقنية الاتصال بالفيسات بضرورة اختبار الاجهزة ونوعية التشفير واستخدام أساليب تشفير من مصادر مختلفة، معتبرين ان الاعتماد على المصنعين المحليين وتشجيع الحلول الوطنية هي بين الحلول.

وفي وقت ابدت مصادر سوق الفيسات في السعودية مخاوفها من استمرار السوق الرمادية على الرغم من اصدار هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات عدداً من العقوبات على عدد من الشركات والأشخاص لاستخدامهم الاتصالات بطريقة غير نظامية، وذلك عبر تقديم خدمات الإنترنت عبر الأقمار الصناعية وهي الخدمات التي يتم تسويقها محليا بشكل غير نظامي. فان بعض الشركات المرخصة بتقديم الفيسات حسب معلومات السوق مستمرة بتشغيل الخدمات لمشتركيها بناء على العقود السابقة لصدور التراخيص لهم للعمل رسميا، وذلك لتلافي دفع الرسوم مقابل عدد المشتركين والبالغة 3 آلاف ريال«800 دولار» للمحطة.

وفي إجابة لسؤال حول الاشتراطات التي تضعها هيئة الاتصالات السعودية لضمان أمن وموثوقية تقنية الاتصال بالفيسات كنظام اتصال قال محافظ الهيئة انه ولضمان ذلك في مجال تقديم خدمات الاتصالات وتقنية المعلومات باستخدام أنظمة الفيسات، قامت الهيئة بتضمين الشروط والضوابط اللازمة لتقديم تلك الخدمات بالتراخيص الصادرة لمقدمي تلك الخدمات.

واشار، ومن أبرز هذه الشروط والضوابط ان على المرخص له تقديم خدماته وفق المعايير المحددة في الترخيص الصادر له من الهيئة، والتي تتفق مع المعايير العالمية في هذا المجال. اضافة الى ضرورة إيفاء المرخص له بالمعايير الفنية المحددة لشبكات أنظمة الفيسات، وايضا ان يضع الوسائل التقنية والإجراءات اللازمة للمراقبة من قبل الهيئة وإعداد تقارير دورية عن أداء أنظمة الفيسات وجودة خدماتها.

وحول قيام الهيئة بمراقبة مدى تطبيق الشركات المرخص لها بتقديم الخدمة لهذه الاشتراطات أمن تقنيات «الفيسات»، قال محافظ هيئة الاتصالات السعودية ان الهيئة تلزم مقدمي الخدمة بموجب الترخيص الصادر لهم بتقديم تقارير دورية كل ثلاثة أشهر، وهذه التقارير تخضع لمراجعة الهيئة للتأكد من وفائها للمعايير المعتمدة، كما يحق للهيئة القيام بما تراه، بما في ذلك الزيارات المفاجئة، للتأكد من التزام المرخص لهم بالشروط والضوابط المحددة بالتراخيص.

وحول قيام شركات غير مرخصة بتوفير خدمات «الفيسات» بالترويج لخدمات الاتصال بالإنترنت عبر الأقمار الصناعية تغطي السوق السعودي كجزء من باقة اشتراك بالقنوات التلفزيونية الفضائية، قال الدكتور السويل إن أنظمة الهيئة تقضي بضرورة الحصول على ترخيص منها لكل من يرغب في تقديم خدمات الاتصالات وتقنية المعلومات، كما تقضي أيضاً بمخالفة أي شخص غير مرخص له يقوم بتقديم تلك الخدمات، وقد قامت الهيئة بالإعلان للعموم «بأن تقديم خدمات الاتصالات وتقنية المعلومات من دون الحصول على ترخيص من الهيئة أو استخدام هذه الخدمات من جهات غير مرخصة بما في ذلك تقديم خدمات الإنترنت عبر الأقمار الصناعية، يعتبر مخالفة لنظام الاتصالات ويعرض مقدمي هذه الخدمات ومستخدميها للجزاءات التي ينص عليها النظام في السعودية». كما دعت الهيئة أيضا الجميع بالتقيد بذلك والتعاون مع الهيئة بالتبليغ عن المخالفين، وقد قامت الهيئة أخيرا بمخالفة بعض الجهات أو الأشخاص الذين خالفوا النظام، وما زالت الهيئة تقوم بدورها الرقابي في هذا المجال بالتعاون مع جهات حكومية أخرى للقضاء على المخالفين للأنظمة.

وحول تزايد استخدامات هذه التقنية من قبل الجهات الحكومية والخاصة في السعودية وما اذا كان ذلك سيدفع الهيئة لإصدار تراخيص جديدة إلى جانب التراخيص الخمسة الاولى، قال ان من ضمن مهام الهيئة إجراء دراسة لسوق تقديم خدمات الاتصالات وتقنية المعلومات في السعودية، وقد أوضحت دراسة السوق بأن هناك حاجة لخدمات الاتصالات باستخدام أنظمة الفيسات، خاصة من قبل الشركات والجهات الحكومية، وهناك دلائل عملية في صحة تلك الدراسات، حيث يلاحظ ازدياد مستخدمي تلك الخدمات مع الشركات والمؤسسات التي تم الترخيص لها، ونتوقع أن تتزايد هذه الأعداد أكثر بعد القضاء على مقدمي تلك الخدمات غير النظاميين. أما بخصوص نية الهيئة لاصدار تراخيص جديدة فقال الدكتور السويل، إن عدد مقدمي خدمات الفيسات حالياً يصل إلى خمسة، وتضمن التراخيص الصادرة لهم بأنه يجوز للهيئة بعد مرور ثلاث سنوات من تاريخ سريان تلك التراخيص إصدار تراخيص جديدة، وقرار هذا الأمر يعتمد على عوامل كثيرة أهمها دراسات السوق التي تقوم بها الهيئة، والتزامات السعودية مع منظمة التجارة العالمية.

وفي وقت تنشط شركات اسرائيلية في مجال انتاج اجهزة وبرمجيات تقنية الفيسات تتزايد المخاوف من نفاذ تلك الشركات بشكل غير مباشر للسوق المحلي، حيث تشير مصادر السوق الى ان شراكات عقدتها كل من شركة «اس اي اس جلوبال» كبرى شركات الاتصالات عبر الاقمار الصناعية في العالم مع كل من شركة «جيلات» الاسرائيلية و شركة «الكاتيل» منذ مدة لتملك وتشغيل شركة «ساتلاين» لتقديم خدمات الاتصال التفاعلية الفائقة السرعة في اوروبا، ومن المعروف ان شركة «اس اي اس جلوبال» العملاقة تمتلك حصة 10 في المائة من شركة «ان دي سات كوم» التي تستخدم تقنياتها في السعودية. وفي جانب آخر، ترتبط شركة «ميجدال» الاستثمارية الاسرائيلية بعلاقات شراكة استراتيجية مع شركة «اي ام بي جنرالي» المدرجة في بورصة ألمانيا وتمتلك الأخيرة حصة في رأسمال شركة «اس اي اس جلوبال» اكبر شركة تشغيل لشبكات الاتصال بالأقمار الصناعية في العالم والتي تمتلك حصصا في «ان دي سات كوم».

ويشير موقع شركة «جيلات» الاسرائيلية الرسمي الى انها تنشط بشكل ملحوظ في قارة آسيا لتعزيز مواقها السوقية، فهي موجودة في تركيا عبر مشروع لتزويد 356 موقعا للاتصالات بالأقمار الصناعية للإنذار المبكر في حالات الزلازل والفيضانات، وأنظمة مراقبة المناخ.

كما توجد الشركة الاسرائيلية في الصين في عدة مشروعات بينها توفير 1300 نقطة اتصال للمناطق الريفية ولديها عقود مع شركة المياه الصينية لتزويد 200 موقع بـ«سكاي ستار» لنقل البيانات الميدانية في 10 محافظات صينية الى الوزارة في بكين. وتنشط الشركة الاسرائيلية كذلك في الهند حيث توفر خدماتها لسوق الاسهم الهندية وتسيطر على حصة كبيرة تقدر بـ 70% من قطاع الاتصال بالاقمار الصناعية في الفلبين عبر عدة مشروعات. كما انها تتعاون مع شركة «ان تي تي» للاتصالات لبناء شبكة اتصالات بالاقمار الصناعية للمدارس اليابانية بالتعاون مع وزارة البريد والاتصالات اليابانية بالاضافة الى التعاون مع عدد من كبرى الشركات اليابانية. كما تنشط الشركة الاسرائلية في تايوان في خدمة قطاع محطات الوقود بالاضافة الى شبكة إنترنت في كازاخستان بالاضافة الى الاتصالات العمومية في اندونيسيا والإنترنت فائقة السرعة في المناطق الريفية.

ومن المعروف ان السعودية منحت خمسة تراخيص لخمس شركات ومؤسسات لتزويد لخدمة الفيسات هم شركة ديتكون السعودية التي تستخدم تقنيات شركة «اي دايركت» الاميركية، وشركة ناصر حجاب الحربي للتجارة التي تستخدم تقنيات شركة «هيوز» الاميركية، وثالث شركة هي الشركة الإلكترونية للاتصالات الدولية والتي تستعين بتقنيات «ان دي سات» الألمانية، فيما تستخدم شركة الكفاءات العالية للتقنية، تقنيات «فايا سات».

واخيرا فان شركة الاتصالات السعودية وهي المزود الخامس فتستعين بتقنيات شركة «الكاتيل» الفرنسية ومن المتوقع ان تمنح تراخيص جديدة خلال العام المقبل اي بعد مرور ثلاث سنوات على منح الرخص الخمس الاولى.

وللتعرف على جوانب الأمن في تقنية الاتصالات الفضائية تحدثت «الشرق الاوسط» مع الدكتور عبد الرحمن الشنيفي، مستشار أمن وتقنية المعلومات في وزارة الداخلية السعودية، فرد بقوله ان العالم يتحرك نحو تقنية الاتصال الفضائي بشكل غير مسبوق خاصة في مجال تبادل المعلومات الكونية بين دول العالم (الإنترنت، الفضائيات التلفزيونية، أنظمة التعاملات المصرفية، الأنظمة الخاصة بتداول الأسهم على المستوى الدولي وغيرها). ولا شك في أن هذه الأنظمة ستأخذ بعدا متطورا خلال السنوات القليلة المقبلة عندما يتم إطلاق الأقمار الاصطناعية ذات المدارات المنخفضة.

واوضح ان تقنية الأقمار الاصطناعية من التقنيات الأكثر أمنا إذا ما قورنت بتقنية المعلومات الأخرى (الشبكات المحلية والبعيدة المدى). لكن ذلك لا يعني أنها بمنأى عن التصنت والتجسس (خاصة الأمني والاقتصادي بين الدول). الا انه اضاف ان من الصعب القول إن هناك تقنية آمنة مائة في المائة لكن ما يحدث في مجال أمن المعلومات ينطوي على بناء العديد من الطبقات الأمنية كي يتم ردع أكبر عدد من الدول والأشخاص الذين يرغبون في التنصت والتجسس. هذه الطبقات تلعب دور الأنظمة الدفاعية التي تحاول الحفاظ على سرية وسلامة المعلومات (سواء رقمية أو صوتية أو مرئية)،