رجل الأعمال المصري فتحي نور: عملت مع الحكومتين المصرية والفرنسية ودخلت «بيزنس» الفندقة بالصدفة

TT

لعل الصدفة وحدها هي التي لعبت دوراً كبيراً في الحياة العملية لأحد أبرز رجال السياحة والفندقة المؤثرين في مصر، رجل الأعمال فتحي نور، البالغ من العمر 61 عاماً، خريج كلية الاقتصاد والعلوم السياسية عام 67، الصدفة وحدها والظروف هي التي جعلت فتحي نور رئيس غرفة المنشآت الفندقية في مصر، والمدير البارز لأكبر مجموعتين لتملك الفنادق وإدارتها في مصر، وهما «عربات النوم وآكور»، جعلته ينقلب على تخصص الدراسة ورسالة الدكتوراه ليدخل في مجال آخر غير مجاله، وهو مجال بيزنس الفنادق، والسبب في هذا التحول الكبير في حياة فتحي نور هو السفير الفرنسي بالقاهرة عام 80 والذي كان السبب في وضع قدمه على أول سلم طريق السياحة بعد أن كان قد بدأ الطريق بقوة في وزارة الاقتصاد الفرنسية ليكون مسؤولا في هيئة «الاكتيم» وهي الهيئة المكلفة بتنسيق التعاون الفني بين فرنسا والدول الأجنبية.

رحلة فتحي نور العملية عجيبة، فمرة يجد نفسه في وزارة حكومية أجنبية ومرة يجد نفسه على رأس أكبر شركات بزنسة الفنادق ورئاسة غرفة الفنادق المصرية ومع كل هؤلاء يضيف إلى حياته صفحة أخرى غريبة لم يكن يفكر فيها أو يحلم بها، إنها صفحة وزارة السياحة الحكومية حينها يأتي الوزير الذي عمل معه فتحي نور في مجموعة آكور الفندقية وهو أحمد المغربي ليكون وزيراً للسياحة في مصر وهو الذي يمتلك هو وأشقاؤه أكثر من 15% من مجموعة «آكور» ويصبح فتحي نور مستشاراً فنياً للوزير ويتحول العمل في قطاع السياحة المصري من فكر نظم الإدارة الحكومية الذي ينتابه نوع من التعقيدات والروتين والتحجر في بعض الأحيان إلى فكر رجال الأعمال والإدارة الحديثة وأسلوب الأداء السريع.

ورغم إن فتحي نور يعتبر نفسه من الجيل القديم، جيل شركة «عربات النوم الدولية» التي تأسست عام 1901 إلا أن فتحي نور يصف نفسه بأنه متمرد على هذا الجيل في استخدامه لكافة وسائل التقنية الحديثة منذ السبعينات للحصول على أداء سهل وسريع في كافة أعماله.

يبدأ فتحي نور سرد قصة مشواره الطويل ويقول: بدأت الرحلة عقب تخرجي في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بالقاهرة عام 67 حيث غادرت مصر إلى سويسرا كي أحصل على رسالة الدكتوراه، وكانت الرسالة تحمل عنوان «الوحدة الاقتصادية الأفريقية»، وأثناء إعداد الرسالة اشتغلت خبيراً في منظمة التعاون الاقتصادي الأوروبي حيث كان رئيس المنظمة هو أستاذي في الكلية التي حصلت منها على الدكتوراه ولم يستمر وجودي في المنظمة طويلاً غادرت بعدها إلى فرنسا لأعمل في وزارة الاقتصاد الفرنسية وأكون مسؤولا في هيئة «الاكتيم» وهي المكلفة بالتعاون الفني بين فرنسا والدول الأجنبية، وكان ذلك عام 70 والذي أفادني في عملي في ذلك الوقت انني كنت أجيد التحدث بطلاقة باللغتين الإنجليزية والفرنسية.

ويضيف فتحي نور قائلاً: حدث تحول أو انقلاب في حياتي وجاء هذا التحول بالصدفة البحتة عندما انتقلت للعمل في أكبر شركة فرنسية في مجال الإلكترونيات عام 80 وهي شركة «الكاتل» حيث عملت مديرا تجاريا لمجال الحاسبات الآلية «النظم الكبيرة» في الشرق الأوسط كله، وكنت على علاقة طيبة وصداقة متينة مع رئيس مجلس إدارة الكاتل في فرنسا ووجدته ذات يوم يستدعيني ويخبرني بأن هناك طلبا مهما جدا يخص زوج رئيسة وزراء فرنسا مدام سيمون فاري ولا أستطيع رفض هذا الطلب، وكان زوج رئيسة وزراء فرنسا يعمل رئيساً لمجلس إدارة شركة عربات النوم السياحية.

وتبدأ رحلة فتحي نور في مجال العمل السياحي في مصر حيث ينتقل إلى القاهرة مع أسرته في عام 1980 وقبلها كان قد أخذ دورة تدريبية في مجال العمل الفندقي لمدة 6 أشهر حيث درس أقسام الفندق من أسفل إلى أعلى، ويقول فتحي نور: رجعت مصر وتسلمت شركة عربات النوم حيث كان لديها 11 فندقاً وشركة لإدارة عربات النوم السياحية من القاهرة إلى أسوان، وعملت مديراً للشركة حتى عام 93 وبعد ذلك اشترت شركة «آكور» عربات النوم العالمية، وبالتالي انتقل كل من كان بها إلى الشركة الجديدة، وانتقلت بنفس درجتي الوظيفية مديراً عاماً للشركة وهي من أضخم شركات تملك وإدارة الفنادق في مصر والشرق الأوسط كله، وفي آكور زادت خبرتي في مجال الإجارة حيث كان الخلاف الوحيد بين عربات النوم وآكور أن الأولى بها نظام إدارة تقليدي وقديم جداً لأن الشركة تم تأسيسها عام 1901 في حين تأخذ آكور بنظم الإدارة الحديثة أو الأسلوب الأميركي في الإدارة.

وبين عربات النوم وآكور يصبح لفتحي نور قدم أخرى ولكن ليس في مؤسسة خاصة أو مشروع استثماري هذه المرة، ولكن ينتقل فتحي نور إلى محطة أخرى في حياته، محطة لم تخطر على باله على الإطلاق حيث يتم الاستعانة بالرجل الذي ربطته بفتحي نور علاقات وطيدة، علاقات عمل بدأت منذ فترة طويلة في اتحاد الغرف السياحية وغرفة الفنادق وشركة «آكور» وهو الوزير أحمد المغربي وزير السياحة الذي اختير لهذا المنصب والذي طلب من نور العمل معه مستشاراً بالوزارة ليصبح فتحي نور حالياً الرجل الثاني في وزارة حكومية يديرها بفكر رجال الأعمال والقطاع الخاص.

ويشير فتحي نور إلى أن الفكر الجديد كان له بصمات واضحة على أداء الفنادق في الفترة الأخيرة حيث لم يعد هناك شكاوى سواء من شركات الإدارة أو الجهات المالكة أو منظمي الرحلات في الخارج، حيث دعمنا موضوع الرقابة على الجودة وغيرنا الفكر الذي كانت تقوم به وزارة السياحة في السابق، حيث كانت تعتمد على مفتشين تقليديين يفتشون على الفنادق وبعد ذلك يقدمون تقريراً للوزير، نحن غيرنا هذا الاتجاه تماماً، بدأنا نأخذ بالنظام المتبع في العالم كله وهو قيام غرفة الفنادق بدور الرقابة على الجودة والسيطرة بشكل علمي على مشكلة تدني الأسعار، وتم الاستعانة بشركتين عالميتين أحدهما سويسرية والأخرى إنجليزية لوضع مواصفات محددة لمستويات الدرجات الفندقية وتم الالتزام بذلك مع إحكام نظام التفتيش على الاشتراطات الصحية بالمواصفات العالمية، وطبقنا هذا النظام بشكل دقيق وبدون مجاملة، والنتيجة ان الخدمة في الفنادق تطورت والسعر أصبح عادلاً وأصبحت هناك عدالة في السوق بحيث لا تطغى الفنادق الخمس نجوم على الفنادق الأقل.