دراسة: الرؤساء التنفيذيون هم أكثر الموظفين قلقا وأكثرهم عرضة لفقدان الوظيفة

TT

العناوين الرئيسية في الصحف وما يروى من قصص عن صرف الرؤساء التنفيذيين في كبرى الشركات عبر العالم حملت الخبراء والمستشارين وأوساط رجال الأعمال ـ وبطبيعة الحال، الرؤساء والمديرين التنفيذيين أنفسهم ـ على التساؤل عما إذا كنا قد بلغنا مرحلة بات فيها تحول السلطة في الشركات عن الرؤساء التنفيذيين ظاهرة شائعة.

والجواب هو، بحسب ما أظهرته دراسة جديدة لمؤسسة بوز ألن هاملتون السنوية عن تعاقب الرؤساء التنفيذيين في أكبر 2500 شركة في العالم، أننا تجاوزنا تلك المرحلة. إذ ترك أكثر من 14% من الرؤساء التنفيذيين لهذه الشركات وظائفهم في عام 2004 وما يقارب الثلث منهم ـ 111 شخصا يمثلون 4.4% من مجموع الرؤساء التنفيذيين ـ أخرجوا من وظائفهم لأسباب متعلقة بأدائهم أو بسبب خلافات مع مجلس الإدارة.

وتعتبر هذه النسبة أعلى نسبة من الاستقالات القسرية التي شهدتها دراسة بوز ألن حتى اليوم وتمثل ارتفاعا نسبته 300% مقارنة بعام 1995، العام الأول للمقارنة. فبعد أربع سنوات على صدور الدراسة الأولى عن تعاقب الرؤساء التنفيذيين التي خلصت فيها إلى القول أن الرحيل المبكر للرؤساء التنفيذيين بات ظاهرة عادية قي الشركات، أضحينا اليوم في عصر الرؤساء التنفيذيين سريعي الزوال. فهذا الاتجاه بات واقعا لا سبيل إلى نكرانه وانعكاساته بالغة الأهمية. فكلما كان المساهمون أو غيرهم من أصحاب المناصب الرئيسية في جميع الاقتصادات العالمية الكبيرة، غير راضين عن أداء الرئيس التنفيذي انتزعوا منه صلاحياته مهما عظم نفوذه.

ولعل هذا رد فعل طبيعي على الظروف التي تعمل فيها الشركات اليوم ـ في ظل الضغوط المتواصلة على عائدات الاستثمار والتقلبات الجيوسياسية واتساع نطاق المراقبة التنظيمية وحروب المواهب العالمية- وعدم قدرة الرؤساء التنفيذيين، فعليا أو وفقا للانطباع السائد، على تحقيق النتائج المرجوة. ويعامل اليوم الرؤساء التنفيذيون معاملة اعتادها سواهم من الكوادر والمديرين: انجح أو ارحل. إن أوقعت الشركة في خطر أو أحرجتها، قضي أمرك.

هذه الحالة من اللااستقرار المتواصل تطرح أسئلة مقلقة عن سير الأعمال. فهل تمادى المساهمون في منهج الفعالية؟ هل المبدأ الملزم بترك الرئيس التنفيذي الوظيفة في حال إخفاقه في تحقيق النتائج المرجوة يحمل الرؤساء التنفيذيين على التركيز أكثر على الخطط قصيرة الأجل أكثر منها الاستراتيجية الطويلة الأجل.

ومن الاستنتاجات الرئيسية للدراسة ان سوء الأداء هو السبب الرئيسي لصرف الرؤساء التنفيذيين. ويتلازم الدوران القسري للرؤساء التنفيذيين مع تدني مستوى عائدات المساهمين. فقد حقق الرؤساء التنفيذيون خلال العام الذي سبق صرفهم من الخدمة عائدات وسطية تقل بـ 7.7 نقاط مئوية عن أمثالهم من الرؤساء التنفيذيين الذين تركوا العمل في ظروف طبيعية.

والرؤساء التنفيذيون الجدد المعينون من الخارج يرثون شركات أسوأ حالا بكثير من تلك التي يتولى إدارتها رؤساء تنفيذيون معينون داخليا. في «دفعة» الرؤساء التنفيذيين لعام 2004 تولى الرؤساء التنفيذيون المعينون من خارج الشركات مسؤولياتهم الوظيفية في شركات كان أداؤها خلال العام السابق، المتمثل في شكل عائدات المساهمين، أقل بـ 5.2 نقاط مئوية من أداء الشركات التي عينت رؤساءها التنفيذيين داخليا.

كما ان وظيفة الرئيس التنفيذي ترهق حتى أشدهم تفانيا وإخلاصا. تميل نسبة متزايدة من الرؤساء التنفيذيين في عمر 55 أو ما من دون، بخاصة في شمال أميركا، إلى التقاعد. وباتت أوروبا وآسيا (ما عدا اليابان) البيئتين الأكثر تطلبا في ما يتعلق بالرؤساء التنفيذيين. تسجل أوروبا وآسيا أعلى معدل دوران للرؤساء التنفيذيين وأعلى نسب صرف وأقصر مدة في الوظيفة، مع الإشارة إلى أن معدلات الدوران هي الأسرع ارتفاعا.

الا ان استمرار الرئيس التنفيذي السابق في الخدمة قد يعوق التطور في أداء المؤسسة. الشركة التي يستمر فيها رئيس تنفيذي متقاعد رئيسا لمجلس الإدارة تتخلف مقارنة بسواها.

وتعد الشركات الناجحة أكثر ميلا إلى فصل الرؤساء التنفيذيين الجدد. بعكس الفكر السائد المعهود، كانت الشركات التي كان أداؤها جيدا في العامين السابقين تعين رؤساء تنفيذيين جدداً أكثر ميلا (بنسبة 33%) إلى إخراج هذا الأخير من الوظيفة. والشركات التي بذلت أقصى الجهد في سبيل البقاء قبل مجيء الرئيس التنفيذي الجديد هي أكثر ميلا إلى الاحتفاظ به.

المعينون من الداخل يتفوقون في الأداء على المعينين من الخارج. يميل الرؤساء التنفيذيون المعينون من الداخل، طوال مدة الوظيفة، إلى التفوق في الأداء على الرؤساء التنفيذيين المعينين من الخارج. فخلال السنوات السبع التي شملتها دراسة مؤسسة بوز ألن هاملتون للشركات عبر العالم، حقق الرؤساء التنفيذيون المعينون من الداخل عائدات للمساهمين تزيد 1.9 نقطة مئوية سنويا عن تلك التي حققها المعينون من خارج الشركة. وفي عام 2004 في أوروبا، تخطى المعينون من الداخل في أدائهم المعينين من الخارج بـ 6.0 نقاط مئوية. إلا أن في أميركا الشمالية في عام 2004، تفوق المعينون من الخارج على المعينين من الداخل للمرة الأولى منذ عام 1995 . في دراسة بوز ألن هذه، يشير مصطلح انتهاء الخدمة «النظامي» إلى التقاعد بعد اكتمال مدة الخدمة وإلى الوفاة. في عام 2004، سجل انتهاء الخدمة النظامي أعلى معدلاته إذ بلغ 7.3% لدى أكبر 2500 شركة. أما انتهاء الخدمة «لأسباب متصلة بالأداء» فيشير إلى الحالات التي يرغم فيها الرئيس التنفيذي على الاستقالة نتيجة سوء أدائه أو خلافه مع مجلس الإدارة. وهذه الفئة بدورها سجلت أعلى معدلاتها. وأما الفئة الثالثة فهي انتهاء الخدمة «نتيجة الاندماج»، حيث يتم إخراج الرئيس التنفيذي من الوظيفة بعد حيازة شركة أخرى شركته أو اندماج شركته وشركة أخرى.

في عام 2004 وعلى المستوى العالمي كانت نسبة احتمال فصل رئيس تنفيذي في أوروبا ضعفي ما هي عليه في شمال أميركا. وقد سجل معدل دوران الرؤساء التنفيذيين لأسباب متصلة بالأداء معدلات قياسية في عام 2004 في أوروبا وهو أعلى مستوى للدوران القسري في أية منطقة في أي من السنوات التي شملتها دراساتنا. كذلك سجل معدل دوران الرؤساء التنفيذيين في أوروبا واليابان ـ البالغين 16.8 و15.6 في المائة على التوالي ـ ارتفاعا جديدا في عام 2004، حيث قاربت معدل الدوران المذهل الذي شهدته أميركا الشمالية بعد انهيار شركات الإنترنت والبالغ 18%. الا إن معدل دوران الرؤساء التنفيذيين أعلى في منطقة آسيا/المحيط الهادئ (ما عدا اليابان) حتى من أوروبا، علما بأن معدل الدوران اللاإرادي منخفض. في شمال أميركا، كان معدل دوران الرؤساء التنفيذيين في عام 2004 متناسبا مع فرضية بوز ألن في دراسات سابقة بأن معدل دوران الرؤساء التنفيذيين مستقر بينما يبلغ المعدل السنوي للتعاقب الوظيفي المقرر والصرف لأسباب مرتبطة بالأداء 6% و4% على التوالي.