البنوك الخاصة تتطلع لاستقطاب أصول 8.3 مليونير في العالم

يملكون ثروات تقدر بـ31 تريليون دولار

TT

كان اسم البنوك الخاصة مرتبطا حتى وقت قريب بدول مثل سويسرا او جزيرة جيرسي او موناكو، الا ان بتحسن اوضاع الاقتصاد العالمي في الآونة الاخيرة وتصاعد اعداد اصحاب الثروات الكبيرة وانتشارهم في بقاع كثيرة من انحاء العالم، شهدت البنوك الخاصة أو Private banking طفرة كبيرة وبدأت تبرز في العديد من عواصم العالم حتى ان البنوك الكبرى دخلت على الخط وبدأت تقدم خدماتها وبنوكها الخاصة للعملاء الاثرياء وللاثرياء فقط.

ومن الواضح انه مع تواصل الداء الاقتصادي القوي لكثير من دول العالم فان التوقعات ان تستمر البنوك الخاصة في النمو. فقد سجلت ثروات المليونيرات في العالم زيادة كبيرة العام الماضي، للسنة الثانية على التوالي، لتقفز بمعدّل 8.2 في المائة، وتبلغ 30.8 تريليون دولار، حسب تقرير الثروات العالمية لعام 2005 الذي نشره مصرف ميريل لينش الاستثماري، مع مؤسسة أبحاث السوق كاب جيميناي اخيرا. وقدر حجم الثروات الشخصية في الشرق الأوسط بتريليون دولار (الف مليار دولار)، بزيادة 150 مليار دولار عما كان عليه في عام 2003. واظهر التقرير أن عدد المليونيرات في العالم ممن يملكون مليون دولار وما فوق، من دون احتساب مساكنهم، ازداد بنسبة 7.3% ليصل حجم الزيادة الى 8.3 مليون، أي بارتفاع 600 ألف خلال عام، وإذا كان نمو الثروة في الشرق الأوسط الأعلى في العالم، فإن زيادة عدد المليونيرات في الولايات المتحدة خاصة، وأميركا الشمالية عامة، كانت الأكبر لتتجاوز أوروبا، فوصل عدد المليونيرات فيها الى 2.6 مليون. اما النمو في آسيا ـ المحيط الهادئ فقد تجاوز 8%، ليبلغ عدد الأثرياء 3.2 مليون اي بمعدل يساوي ضعفي معدل النمو في أوروبا. وبلغ نمو الثروات في أوروبا 3.7 في المائة، بينما زاد عدد المليونيرات بنسبة 4.1 في المائة. وبحسب «مجموعة بوسطن الاستشارية»، فإن ادارة الثروات الخاصة حققت ايرادات بلغت في عام 2003 نحو 252 مليارا وهو ما يمثل عشر ايرادات البنوك العالمية أي حوالي 2.52 تريليون دولار. كما انه طبقا للبيانات التي اوردتها مؤسسة «كي بي ام جي» فإن تحويلات في البنوك الخاصة ارتفعت حوالي 26% في العام الماضي.

ووفقا للارقام التي قدمتها ايضا مؤسسة «سكوربي» الاستشارية والمتخصصة في مجال ادارة الثروات الخاصة فان ارباحها ارتفعت بنحو 24%، واصبحت تدير ثروات وصلت قيمتها الى 6 تريليونات في العام الماضي. ويعتبر بنك «يو بي اس» اكبر بنك خاص في العالم، حيث يدير اصولا تصل قيمتها الى 1.3 تريليون دولار، يليه بنك «ميريل لينش» في المركز الثاني بادارة اصول تصل الى 1.03 تريليون دولار.

ولعل هبوط عوائد الاسهم والسندات في الدول الصناعية دفع الكثير من المستثمرين والافراد للجوء الى البنوك الخاصة لحماية ثرواتهم من التآكل وتنويع استثماراتهم تعظيم المكاسب. لكن رغم هذه الارقام الكبيرة، لكنها في الحقيقة لا تكشف بشكل كامل عن العديد من التوجهات المتقلبة في اطار ادارة الثروات الخاصة. فاولا هناك صعوبة داخل البنوك الخاصة بتحديد من «العميل» المناسب، حيث لا يوجد اتفاق بين هذه البنوك على المبلغ الذي يحتاجه هؤلاء الاثرياء من اجل الاستقادة من خدمات البنوك الخاصة، فبعض البنوك الخاصة يطالب بسيولة مالية تصل الى مليون دولار، في حين البعض الآخر يطالب باضعاف هذا المبلغ. وعلى سبيل المثال فان «سيتي غروب» رفعت حجم المبلغ الذي يجب ان يملكه العميل حتى يستفيد من خدمات بنكها الخاص الى 25 مليون دولار. هذا ورغم ان هذه البنوك بدأت بتقليص التكاليف، لكن اهتمام بنوك الأثرياء ينصب في على جلب المصرفيين أو حتى أطقم عمل بأكملها من البنوك المنافسة في استراتيجية أدت الى ارتفاع حاد في الإنفاق على الموظفين. لكن تعيين موظفين جدد يستغرق وقتا. وفضلا عن تحليل خطوط الكتابة وجد ميرزا في دراسة لهذه البنوك في آسيا هذا العام أن المصارف تلجأ ايضا الى الاختبارات النفسية والاستبيانات المطولة. وقال يونج فيك فوي، رئيس قسم خدمات الاثرياء في مصرف «دي. بي. اس» بنك في سنغافورة: «للأسف، فان عدد موظفي مصارف الخدمات الخاصة لا ينمو بالسرعة التي تنمو بها السوق». وذكرت مؤسسة برايسووترهاوس كوبرز، في تقرير صدر أخيرا، أنه على الرغم من التوقعات بارتفاع الايرادات والأصول فان نصف بنوك الخدمات الخاصة التي شملها مسح في آسيا أبدت تشاؤما ازاء هوامش الربح خلال السنوات الثلاث المقبلة نتيجة ارتفاع تكلفة العاملين.

وقالت المؤسسة ان تقريرا أعدته عام 2003 وجد أن العاملين في مصارف الخدمات الخاصة يحصلون في المتوسط على دخل سنوي يبلغ نحو 100 الف دولار في سنغافورة وحوالي 200 الف دولار أميركي في هونغ كونغ. وزادت هذه التكلفة منذ ذلك الحين.

وقال مارسيل كريس، رئيس قسم ادارة الثروات في قسم جنوب آسيا والمحيط الهادئ في «يو. بي. اس»، وهو أكبر مصرف على مستوى العالم متخصص في خدمات كبار المستثمرين: «إن ادارة الثروات من الانشطة الرئيسية لبنك يو. بي. اس. ونحن مستعدون للاستثمار في العاملين والبنية التحتية على المدى الطويل بصرف النظر عن الضغوط السعرية الحادة أو ضغوط الربحية على المدى القصير». وللحيلولة من دون فرار المصرفيين يقول جوستين اونج، الشريك في برايسووترهاوس كوبرز، ان هذه البنوك تلجأ الى وضع برامج امتيازات تدفع فيها عمولات ومكافآت على مدى عدة سنوات أو تعرض خيارات اسهم لاغراء موظفيها بالاستمرار لديها.

واضاف أن بنوك الاثرياء تعمل ايضا على ضمان ألا ينفرد العاملون فيها باقامة روابط خاصة مع العملاء. ففي أي وقت يقابل فيه المصرفي عميلا للبنك يكون بصحبة موظف آخر مثل متخصص في منتجات البنك او خبير استثماري.

واشار اونج: «تحاول البنوك التعامل مع العميل كمؤسسة، فهي تريد أن تجتذب العميل بفضل امكاناتها واسمها وقوتها المالية والمنتجات التي تقدمها وليس لمجرد الروابط الخاصة مع مصرفييها المتخصصين في استثمارات الأثرياء».