رجل الأعمال السعودي عدنان شربتلي: من موظف صغير في مكتب والده إلى إدارة أكبر المجموعات العربية

TT

ارتبطت حياته منذ بداياتها بالنشاط التجاري والأرقام حتى وهو صبي يسعى في طرقات جدة، أو وهو في مقتبل الحياة، ينهل من تجربة والده حسن عباس شربتلي، وزير الدولة، الذي أنعم عليه الملك عبد العزيز بلقب (وزير فخري).

يقول عدنان شربتلي: «بالرغم من أنني عشت طفولتي وحياتي في أسرة ميسورة الحال للغاية، إلا أنني منذ البداية كنت اعتمد على نفسي في كل شيء. ورغم أنني عملت مديراً لدائرة أملاك والدي داخل السعودية وخارجها، لمدة تسع سنوات، إلا أنني في الوقت ذاته كنت موظفاً بمرتب في دائرة أملاك الوالد رحمة الله عليه (توفي عام 1999). وكان دخل الأملاك عندما تسلمت الإشراف عليها 480 ألف ريال سنويا، وبفضل الله وتوفيقه، بلغ رصيدها 29 مليون ريال سنويا بعد سبع سنوات إلى أن قررت الاستقلال بعملي أواخر السبعينات».. لم نكن محتاجين والحمد لله، لكنني كنت أحب الاعتماد على نفسي».

البداية الحقيقية للنجاح هي مكتب صغير في عمارة الوالد بجدة، وفترة أواخر السبعينات، هي نقطة البداية، لأنها تشكل المحور الرئيسي في حياته كلها، حيث شهدت مرحلة صعوده، وانطلاقه إلى عالم الأعمال ليصبح واحداً من كبار موردي الأغذية إلى وزارتي التعليم والدفاع، كذلك الحرس الوطني.

يقول رجل الأعمال شربتلي: «مرت عليّ أيام طويلة لم يعرف النوم طريقه إلى جفوني، لأنني كنت مسؤولاً مع مجموعة صغيرة من المنسوبين عن تقديم وجبة غداء إلى نحو 230 ألف طالب، وكانت تلك الوجبات بمواصفات معينة وبسعرات حرارية معينة، يضعها أطباء واختصاصيو تغذية، وتحت إشراف كبرى الشركات الأوروبية، ومنها سرفير الفرنسية، وكانت الوجبات تأتي في أول الأمر من بيروت، ثم في طائرات خاصة من فرنسا، إلى أن استقر الأمر وأصبحت جميعها سعودية. وتكلفت مؤسسته بعد ذلك، بعطاء ضباط وجنود الجيش، كذلك الحرس الوطني بالمنطقة الشرقية، والخرج، والرياض، وفي أنحاء مترامية من أطراف السعودية».

ربما كانت هذه بداية القدرة على تحديد فرص الاستثمار المناسبة لتحقيق الربح، التي انتهت بصاحبها إلى رئاسة مجلس إدارة مجموعة «شربتلي»، ومن العقارات وشراء وبيع الأراضي التي حققت له نجاحات كثيرة، وأيضاً من متعهد للمواد الغذائية، انطلق الرجل من محطة نجاح إلى أخرى، إلى الاستثمار في بورصة الأوراق المالية التي فرضت عليه ظروف حياة عملية جديدة، وغيرت من نمط حياته، مثل العمل مع جهاز استشاري مالي خاص من الخبراء، والاتصال المباشر بأكبر المؤسسات المالية العالمية في أوروبا وأميركا، ومنها مؤسسة ميريل لينش المالية.

وحتم عليه ذلك اغتنام الفرصة بالدخول إلى الإنترنت لمعرفة أسعار العملات والأوراق المالية، ومتابعة التقارير الواردة له من مؤسساته يومياً حتى وإن كان على سفر، وبسبب تنوع استثماراته التجارية في مجالات عديدة وغالبيتها تتركز في السعودية، يثور التساؤل: كيف يدير هذه المجموعة؟.. يقول: «أنا أؤمن بضرورة التنوع في الاستثمارات، لذا أقوم بالاستثمار في مجالات عديدة ومتنوعة، واعتمد في إدارة هذه المجموعة على مجهودي الشخصي، بالإضافة إلى جهود ولديّ نايف وأحمد، وبذلك نكون فريق عمل قادراً بإذن الله على الإحاطة بكل هذه الأعمال ومتابعتها وإدارتها بأسلوب ناجح».

لكن حبه الكبير للمشاريع التجارية يتركز في مشروعات المواد الغذائية، ويقول إن فيها الكثير من الجاذبية، فهي تتطلب خبرة طويلة وعلاقات مع الأطباء واختصاصيي التغذية لوضع سعرات حرارية لوجبات تختلف من الطالب إلى الجندي. ومنطلق إيمانه بضرورة تنويع الاستثمارات، اتجه حديثاً إلى الاستثمار في قطاع الملابس الجاهزة بمختلف أنواعها.

وبمقارنة البيئة التجارية التي بدأ بها نشاطه التجاري بالبيئة الحالية، يكون الحكم لصالح الماضي «أيام بدأت نشاطي التجاري، كانت هناك إيجابيات كثيرة، مثل الأمانة والتعامل بكلمة الشرف. أما حاليا فالبيئة التجارية تغيرت، وأصبح هناك بعض السلبيات التي يجب التخلص منها، هي على سبيل المثال وجود بعض المنافسات غير الشريفة التي شهدناها في الفترة الأخيرة، مثل التنافس على الوكالات، لكن بلا شك هناك إيجابيات حالياً مثل سهولة الاتصال والتنقل، وأصبح العالم قرية صغيرة مما يزيد من فرص التجارة وازدياد المنافسة».

أما أول مناقصة استبشر فيها الخير كله، فكانت تتعلق بشرف خدمة بيت الله الحرام في مكة المكرمة، وهي نظافة وصيانة الحرم المكي، وكانت مؤسسته هي أقل العطاءات المتقدمة لأداء هذه الخدمة، وبموجب النظام أصبحت مؤسسته هي المؤسسة التي ترسو عليها العطاءات «لكن بعض المنافسين أصلحهم الله، اعتبروا مؤسستي جديدة في هذا المجال، لذا برّروا فارق السعر الكبير بين عطائي وعطائهم بـ (الخبرة)، وعندما علمت بذلك، لجأت إلى الله سبحانه وتعالى، ثم إلى المغفور له بإذن الله جلالة الملك فيصل رحمه الله، وعرضت عليهه الأمر بكامله، وكنت منفعلاً وخائفاً من أن ترسو المناقصة على إحدى الشركات المنافسة الأخرى، في الوقت الذي كنت فيه حريصاً كل الحرص على أن يكتب الله لي شرف خدمة بيته الحرام. هدّأ جلالة الملك فيصل من روعي، وبدّد مخاوفي عندما قلت له بالحرف الواحد كما أذكر، بأنهم «سيعطونها للمؤسسة المنافسة الأخرى تحت عذر عدم امتلاكي ومؤسستي الخبرة في هذا المجال، وهل الكناسة والنظافة لبيت الله الحرام تحتاج إلى خبرة يا مولاي».. فضحك جلالة الملك ووعدني خيراً وطمأنني بأنه طالما أن مؤسستي صاحبة أقل العطاءات واستحقها بموجب نظام الدولة، فسآخذ حقي كاملاً، وسيكون لي شرف الخدمة بإذن الله، وكان هذا اليوم من أسعد أيام حياتي لأنني لم أكن انظر للربح بقدر ما كنت فرحاً مستبشراً بخدمة بيت الله الحرام، وكانت هذه البداية هي بداية الخير كله».

يحب رجل الأعمال عدنان شربتلي أن يؤكد على تأثير والده عليه، تعلم منه حبه وتفانيه لخدمة الوطن، فقد تعلم منه حبه للعمل والمثابرة عليه، كذلك «تعلمت منه يرحمه الله حبه للخير وعطفه على الفقير والمسكين، واهتمامه بطباعة القرآن الكريم والكتب الإسلامية، ومن ضمن ما تعلمته من والدي يرحمه الله، مرافقتي له في شهر رمضان المبارك لزيارة المستشفيات والمرضى والأربطة، لمواساة الفقراء والمحتاجين، وأصبحت أعلّم أولادي ما تعلمته من والدي يرحمه الله، بمرافقتهم لي في تنفيذ ما تعلمته من والدي في شهر رمضان».