خبراء: قطاع الأعمال في لندن قد يخسر أكثر من نصف مليار دولار بفعل التفجيرات الأخيرة

تعافي اقتصاد المدينة الذي يتجاوز 200 مليار دولار يعتمد على عدم تجدد الإرهاب

TT

توقع مصدر سياحي أن تخسر بريطانيا أكثر من نصف مليار دولار من عائدات قطاع السياحة حتى نهاية العام الحالي، بسبب الهجمات التي ضربتها اخيرا. وقالت هيئة بريطانية تعنى بالسياحة أنشيءت قبل أربع سنوات لمتابعة تضرر ذلك القطاع في الحالات الطارئة إن البلاد ستخسر نحو 522 مليون دولار مع نهاية العام الحالي، وتوقعت أن تكون للتفجيرات الارهابية الاخيرة التي ضربت لندن «مضاعفات خطيرة» على القطاع.

وإلى جانب قطاع السياحة أدت هجمات لندن إلى اهتزاز ثقة المستهلك البريطاني، فتناقص عدد الذين يقصدون العاصمة البريطانية للتسوق بأكثر من 70% عند وقوع الموجة الأولى من الهجمات. ورغم أن محلات لندن بدأت تستقطب الزبائن من جديد بعد الانفجارات، فإن الموجة الثانية من الهجمات الفاشلة هوت بنسبة المتسوقين إلى حوالي 27 % مقارنة مع اليوم نفسه من العام الماضي.

وفي الحقيقة اصبح العديد من المحللين يتوقعون ان يواجه اقتصاد مدينة لندن «مطبات» كبيرة مقبلة في حال استمرت الهجمات الارهابية على العاصمة البريطانية، فالمدينة دخلت في منطقة لم تألفها سابقا، صحيح ان هذه العاصمة لها تجربة مريرة وطويلة مع هجمات الجيش الجمهوري السري الايرلندي، الا ان الوضع هذه المرة اكثر خطورة فالمدينة استنفرت او تعطلت 3 مرات في بحر اسبوعين فقط.

وينبغي القول هنا ايضا ان تأثيرات الاحداث الاقتصادية لا تزال حتى هذه اللحظة طفيفة مقارنة مع حجم اقتصاد مدينة لندن الضخم، فالخسائر من تفجيرات 7/7 لوحدها وصلت الى نحو 265 مليون دولار من موارد السياحة، لكن هذا الرقم لا يقارن مع الناتج الاجمالي للعاصمة البريطانية الذي يصل الى 115 مليار دولار (نحو 203 مليارات دولار) وهو ما يمثل 11.5 من حجم الناتج الاجمالي لبريطانيا بحسب احصائيات حكومية.

وفي هذا السياق يقول بعض الخبراء ان مدينتي نيويورك ومدريد تعرضتا لهجمات اسوأ، الا انهما تمكنتا من تجاوز آثارهما وتعافى اقتصادهما بسرعة كبيرة. لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا، هل لندن مقبلة على هجمات اخرى؟

وفي هذا الاطار نقلت صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية عن الان كاسيل وهو خبير اقتصادي يعمل في مؤسسة «ليهان بروذرز» في لندن «ان المدينة شهدت محاولتين كبيرتين، وهذا يعني ان علينا ان نتساءل، هل ذلك سيكون له تأثير كبير على الاقتصاد».

وبحسب رأي الخبراء فان التأثيرات السلبية ربما تكون متعددة تتراوح من تراجع مبيعات التجزئة، مرورا بتأرجح الدخل السياحي وهبوطه، وصولا الى تردد الشركات والمؤسسات الدولية بفتح فروع لها في العاصمة البريطانية او وقف ضخ استثمارات كبيرة الى اجل غير مسمى.

وتتوقع مؤسسة «فيزيت بريتين» Visit Britain السياحية في بريطانيا، التي تروج للسياحة الى المملكة المتحدة في الخارج، ان يؤدي تفجير 7/7 الى انخفاض الدخل السياحي في بريطانيا بنحو 300 مليون جنيه استرليني (نحو 522 مليون دولار). لكن المؤسسة أكدت ان فشل المحاولة التفجيرية الثانية في شبكة قطارات الانفاق سينتج عنه آثار سلبية، خصوصا في مجال السياحة لا يمكن تقديرها الآن.

وعلى الرغم من تراجع اعداد المسافرين، خصوصا منطقة الشرق الاوسط، الا ان شركة الخطوط الجوية البريطانية لم تعلن حتى هذه اللحظة عن الغاء حجوزات بأعداد كبيرة من السياح المتوجهين الى بريطانيا او لندن، هذا بالاضافة الى ان التأثيرات على سوق المال والبورصة لم تكن كارثية.

وقال مايكل سنيدير رئيس لجنة السياسات في مؤسسة لندن Corporation of London «ان الخسائر التي سيتكبدها قطاع الاعمال في لندن ستكون نتيجة الارتباك وليس الخوف... فالبنوك الاجنبية ضخت مليارات الدولارات الى لندن خلال فترة الثمانينات والتسعينات من الالفية الماضية لكي تضمن لها موطئ قدم في عاصمة الضباب على الرغم من الهجمات الارهابية التي كان يشنها الجيش الجمهوري الايرلندي السري».

من جهتها، تتوقع مصادر اقتصادية في العاصمة البريطانية ان القطاع السياحي في بريطانيا يستعد لتحمل خسائر كبيرة بفعل انخفاض عدد السياح الاجانب في اعقاب التفجيرات والتهديدات التي تتعرض لها المدينة. صحيح ان رد فعل سكان لندن كان متزنا على تلك الهجمات الارهابية، الا ان ذلك لم يمنع من تراجع الرحلات السياحية الى العاصمة البريطانية.

وطبقا للارقام التي اوردتها الحكومة البريطانية فان صناعة السياحة في بريطانيا التي يصل حجمها الى اكثر من 26 مليار دولار ستتعرض الى ضغوط كبيرة بفعل التهديدات الارهابية التي بدورها ستضغط على قطاع الاعمال. وفي هذا المجال قال جيرمي هودجز رئيس قسم مبيعات الصرف الاجنبي في بنك «لويدز تي اس بي» في لندن «ان تكلفة قضايا الأمن اصبحت %500 اكثر من السابق».

ويساهم قطاع السياحة في بريطانيا بنحو 4 % من الناتج المحلي الاجمالي لبريطانيا والذي يصل الى تريليون جنيه استرليني (حوالي 1.8 تريليون دولار)، بينما تساهم مدينة لندن لوحدها بحوالي 50 % من السياحة في بريطانيا. ووفقا للارقام التي اوردتها مجموعة الطوارئ في قطاع السياحة في بريطانيا، والتي تشتمل على المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص مثل دائرة الثقافة وجمعية وكلاء السياحة والسفر، ومؤسسة «فيزيت بريتين»، فضلا على الخطوط الجوية البريطانية، فانها تتوقع ان يتراجع انفاق السياح الاجانب بنحو 2 % من الدخل المتوقع للعام الحالي. فقد انفق السياح الاجانب في العام الماضي 22.6 مليار دولار بارتفاع 10 % عن العام الذي سبقه. وفي السياق ذاته تتوقع لجنة الازمات التابعة لمجلس السياحة والسفر العالمي ان ينخفض عدد السياح الاجانب المقبلين الى بريطانيا بنحو 588 الف زائر هذا العام عن الرقم الذي كان متوقعا سابقا وهو 30.95 مليون زائر، الا ان المجلس يتوقع ان تختفي الاثار السلبية للتفجيرات في عام 2007. واكثر ما يقلق قطاع الاعمال حاليا هو ترافق هذه التوقعات مع انخفاض مبيعات التجزئة في بريطانيا، فضلا على ان النمو الاقتصادي سجل ادنى مستوياته منذ 12 عاما حيث لم يتجاوز 1.7 في الربع الثاني من العام الحالي بحسب الارقام التي قدمها مكتب الاحصائيات الوطنية التابع للحكومة البريطانية. ويخشى قطاع الاعمال في لندن ان تطول فترة الاستنفار الأمنى مما يدفعها الى تحمل اعباء اضافية في ظل صعوبات يعانيها القطاع مع تباطؤ الاقتصاد.