من مقاعد الدراسة إلى شركة خاصة رأسمالها بالملايين

رجل الأعمال المصري أحمد حسين صبور:

TT

احمد صبور، هو نسخة طبق الأصل من والده حسين صبور، رجل الأعمال ورئيس أحد اكبر الشركات المصرية في مجال الاستشارات الهندسية، والتطابق ليس فقط في التشابه الشكلي، فمن شابه أباه فما ظلم، لكنه أيضا في أسلوب التفكير، وفي طريقة تحدي الصعاب وتحقيق النجاح.

وقد حاول «صبور الابن»، أن يخرج من جلباب أبيه بكل الطرق ليشق لنفسه طريقا معتمدا على نفسه حتى لا ينسب نجاحه إلى والده ومساندته. ان احمد صبور هو أيضا نسخة من عدد كبير من شباب رجال الأعمال من الجيل الثاني في مصر، الذي تلقى تعليمه في الخارج، وعاد ليقود عملا خاصا ينفذ من خلاله احدث الدراسات والأفكار العلمية وتطبيقات التكنولوجيا الحديثة. بدأ تمرد احمد صبور على جلباب أبيه، عندما كان في السنة الدراسية الأولى بكلية الهندسة جامعة القاهرة، حيث قرر ترك الدراسة والسفر إلى الولايات المتحدة الأميركية لاستكمال الدراسة بها. وهو يعلل هذا التمرد قائلا: «لان أبي كان يمتلك واحدا من اكبر المكاتب الهندسية في مصر، كان يقابلني دائما أحد أسلوبين في تعاملات من حولي، اما الاهتمام الزائد لأنني ابن حسين صبور، أو الجفاء والتجاهل من البعض نتيجة الغيرة من نجاح أبي، وكانت لدي قناعة أنني سأنجح وحدي، فلم يكن يعنيني ماذا سأدرس، لكن الأهم أن اذهب لمكان لا أحد يعرفني فيه وسافرت بالفعل في عام 1982». واضاف احمد صبور: «تخرجت في جامعة جنوب كاليفورنيا عام 1987 من كلية الهندسة، قسم مدني، ورغم العروض المغرية للعمل في المكاتب الهندسية الأميركية ومنها مكتب DMJM في كاليفورنيا، فقد قررت العودة لمصر لاعمل في أي مكتب هندسي بعيدا عن أبى لكي «اتبهدل» وأتعلم».

وبعد عام من العمل اكتشفت أنني لا أريد أن اعمل مهندسا، وان اكبر الأخطاء التي ارتكبتها في حياتي هي الاستمرار في دراسة الهندسة في الولايات المتحدة، بدلا من دراسة البيزنس، فقد كان بداخلي صراع بين ما يجب أن أقوم به لكي اكمل مسيرة والدي وأقود العمل في ما بعد في مكتبه، وبين أحلامي وطموحاتي الخاصة، واستغرقت بعض الوقت حتى قررت العمل في مجال التنمية العقارية، وهو مجال يعتمد على التجارة في سلعة هندسية ويجمع ما بين الهندسة والمقاولات والدراسات السوقية والاستثمار وبرأسمال يبلغ 62.500 ألف جنيه (10.6 ألف دولار) اقترضتهم من والدي، وبدأت العمل في شركة خاصة بي للتنمية العقارية واستعنت بمكتب أبى ليكون المكتب الهندسي الذي يتولى مشروعات شركتي، وكان أول مشروع نفذته الشركة مشروع سكني في منطقة مساكن شيراتون هليوبوليس عام 1989».

ويتابع قائلا: «ونفذت خلاله أفكارا جديدة في السوق العقاري من خلال دراسات السوق التي قمت بها، ووفرت شققا سكنية صغيرة المساحة بمبلغ 30 ألف جنيه بالتقسيط على عامين، مع تمويل ثلث المبلغ من خلال أحد البنوك المصرية، وصادفني إقبال شديد على هذه الشقق السكنية. وربحت في هذا المشروع مليون جنيه، نتيجة المزج بين الخبرة الهندسية ودراسة السوق وايماني بأهمية التسويق والدعاية والبيع». وبعد هذا المشروع، يقول صبور: «نفذت خمس مشروعات خلال خمس سنوات من 1989 إلى 1994 وكبرت الشركة وكثر عدد الموظفين من ثلاثة إلى 15 موظفا وزاد رأسمالها إلى 12 مليون جنيه».

ولا ينفي احمد صبور استفادته من اسم والده في عمله، ليس فقط الاسم، بل أيضا الخبرة وشبكة العلاقات ويقول: «نعم استفدت الكثير من اسم والدي، فالبنوك كانت تتعامل معي باحترام زائد، وكان اسم والدي يعطي ثقلا لشركتي رغم حداثتها في السوق، كما انه لم يبخل علي بخبرته ورأيه عندما احتاجهما، لكنه لم يفرض أبدا رأيه أو وجهة نظره ويتركني اخطئ كي أتعلم من أخطائي».

لكن بعد سنوات النجاح، بدأت سنوات التوقف التجاري من عام 1998 إلى عام 2003 أو السنوات العجاف كما يطلق عليها احمد صبور، وكان عليه أن يواجه تحدي توقف عدد كبير من المشروعات العقارية وانخفاض المبيعات والأرباح.

ورغم السنوات العجاف فتقييم احمد صبور لنجاح شركته ايجابي وهو يقوم بحساب الأرقام والأرباح، فمنذ تأسيس الشركة في عام 1994 إلى الآن، قامت شركته بأكثر من عشرة مشروعات منها مبنى إداري بالدقي (ساريدار)، وفندق بشرم الشيخ، وأربعة منتجعات في القاهرة الجديدة، ومنتجع في السادس من أكتوبر، وآخر في سهل حشيش، بالإضافة إلى الدخول بنسبة في شركات أخرى لمشروعات BOT وبحساب الأرقام أيضا ارتفاع رأسمال الشركة من 5 ملايين جنيه إلى 100 مليون جنيه، وزيادة عدد الموظفين من 18 موظفا إلى 150 موظفا.

«طموحات «صبور الابن» ليس لها حدود».. كما يقول احمد فهو يريد الوصول بشركته إلى مصاف افضل الشركات العالمية وتقديم منتج بأسعار السوق المصرية، وفي نفس الوقت أن تصبح شركته مقصدا لمن يريد أن يتعلم ما هي التنمية العقارية وكأنها جامعة من يتخرج منها يحمل شهادة انه علم بشركة احمد صبور. ورغم إغراء الاستثمار في الخارج يرفض احمد صبور الدخول في غمار فهو يرغب في جذب الاستثمارات إلى شركته، لذلك دخل في تعاون مع شركة الشربتلي بالسعودية، وشركة مصرية أخرى لتأسيس كيان جديد للاستثمار في التنمية العقارية، يعتبره خطوة لإنشاء تحالف اقوى لتنفيذ مشروعات عربية ومصرية اكبر في مجال التنمية العقارية.

وصبور ليس بعيدا عن الرياضة، فوالده رئيس أحد اكبر الأندية الرياضية في مصر، وهو يسير على نفس الدرب ويعشق كرة القدم بجنون، ويتابع مباريات كرة القدم بانتباه وشغف، ويعترف انه ضعيف أمام أي شيء أو أي شخص له علاقة بالنادي الأهلي.

هوايات صبور الأخرى تتنوع ما بين السفر واستكشاف أماكن جديدة، خاصة الأماكن الساحلية، وما بين الاستماع للموسيقى، خاصة ما يطلق عليه heavy metal ، لدرجة انه يسافر لحضور حفلة موسيقية لعدة ساعات فقط ويعود بعدها للقاهرة! ويرفض احمد صبور، المتزوج حديثا، أن تعمل زوجته رانيا، الحاصلة على ماجستير إدارة الأعمال، معه في شركته، لان ذلك سيجعل مشاكل العمل هي محور الحديث الدائم مع زوجته، سواء في العمل أو في البيت، وهو يفضل ترك كافة المشاكل خارج أبواب البيت.