«أبوللو» الأميركية تنتج ألماسا صناعيا.. وتثير منافسة قوية مع «دي بيرز»

الفكرة بدأت من كراج وتحولت إلى شركة عينها على سوق حجمه 60 مليار سنويا

TT

في خلفية بناية هزيلة داخل مركز تسوق متداع كانت هناك ثماني مكائن كل منها في حجم طبل وهي مخصصة لصنع ألماس. والشركة التي تصنع ألماس الذي لا يمكن تمييزه عن ذلك الذي تشكل عبر مليار سنة هي «أبوللو دايموند» وهي بدأت أولا مع عالم كان يعمل في «مختبرات بيل».

وتتوقع شركة «أبوللو» العام الحالي تصنيع تنمية ألماسات تصل حجمها إلى قيراطين. ومع نهاية هذا العام قد تصل إلى 10 قراريط، وقد يبدأ هذا النوع من الماس أن يدخل إلى سوق المجوهرات ابتداء من العام المقبل وقد يكون سعره مساويا لثلث سعر ألماس المستخرج من المناجم.

وقد يؤدي هذا الابتكار إلى تغيير صناعة ألماس من اساسها، والى تغيير المنتجات والحياة اليومية مثلما جرى مع بروز عصر الفولاذ خلال الخمسينات من القرن التاسع عشر أو ابتكار «الترانسستر» خلال أربعينات القرن العشرين.

وفي التكنولوجيا يعد الماس مادة يحلم باستخدامها العلماء، إذ بإمكانها أن تجعل سرعة الكومبيوتر تزداد بمعدلات خيالية. ويمكن لألماس المصنَّع أن يساعد على صنع أجهزة ليزر ذات قوة هائلة. وقد تسمح بإدخال هاتف جوال وتثبيته في الساعة وفي جهاز الموسيقى iPod لخزن 10 آلاف فيلم لـ 10 آلاف أغنية فقط. وأحجار ألماس تعني تبديل المفاصل بمفاصل طبية مصنوعة من الماس خالية من الاحتكاك. أو تغطية السيارات بطبقة خفيفة منه تجعلها محمية من الخدش أو الاستهلاك.

وقالت سونيا أريسون منظمة تحليل التكنولوجيا بمعهد «باسيفيك رسيرتش» «أنا مندهشة جدا بهذه التكنولوجيا. أساسا سيتم تسريع كل شيء يعتمد على قوة الكومبيوتر». من جهته، قال روبرت ليناريس أحد مؤسسي شركة أبوللو «نحن لا نستطيع أن نبدأ برؤية ما سيحدث بسبب صنع قطعة ألماس. نحن فقط في البداية». واشتغل لينارس لخمسة عشر عاما في مجال التكنولوجيا وكان عمله في الجزء الأكبر من هذه المدة داخل كراج. ومنذ البداية قام بذلك بسبب ما يحمله ألماس من أهمية للتكنولوجيا.

وبعد حصوله على الدكتوراه من جامعة روتغيرز التحق لينارس بشركة «بيل لابز» وعمل على الكريستال الذي يعد أساسيا للمواصلات الهاتفية. وخلال ثمانينات القرن الماضي بدأ بشركة «سبيكتروم تكنولوجي» لعمل رقائق كريستالية من الغاليوم ارسينايد وهي واحدة من مكونات الهواتف الخليوية. وأصبحت هذه الشركة واحدة من أكثر الموردين الأميركيين وباع لينارس في الأخير الشركة، لشركة «نيركو أدفانسد ماتيريالز». ثم كرس جهوده لصنع ألماس الخاص بالأجهزة القاطعة وللإلكترونيات. وبعدها بدأ لينارس ببناء مكائن في كراج بيته. وتمكن من وضع الطريقة التي تمكنه من الحصول على ماس صغير الحجم يستخدم في صنع رقائق الماس ثم أسس شركته «أبوللو» وبدأ في طريق الماس المصنَّع. وحاول لينارس صنع ألماس الا كان يعتقد انه لا يمكنه فعل ذلكك. وبطريق الصدفة ترك من غير قصد قطعة ألماس في كوب يحتوي على حامض خلال عطلة نهاية الأسبوع. قام الحامض بإزالة الكربون الزائد الذي هو في الأساس فحم والذي كان قد بقي على سطح الماس.

بالنسبة لـ «أبوللو» كانت هناك اشياء كثيرة ايجابية حول صناعة الاحجار الكريمة، اذ ان سوق الحلي التي تدخل المجوهرات في تصميمها سيصل الى 60 مليار دولار وينمو بصورة سريعة في الوقت الراهن. واذا تمكنت ابوللو من تأمين 1 بالمائة فقط، ستصل قيمة الشرط الى 600 مليون دولار. ومن المحتمل ايضا ان تصبح المجوهرات مصدرا للعائدات. في الوقت الذي يعمل فيه الجيش والشركات في مجال التكنولوجيا التي تستخدم المجوهرات، فإن ظهور سوق لتكنولوجيا المجوهرات لن يظهر قبل فترة عشر سنوات. ومن خلال بيع المجوهرات يمكن لـ«أبوللو» توفير الأموال اللازمة لدعم البحوث في مجال منتجات التكنولوجيا ذات الصلة بالمجوهرات. إلا ان هذا الحل سيسبب مشكلتين كبيرتين اولهما ان ابوللو ليس لها معرفة بسوق وتجارة المجوهرات، فموظفوها في الأساس يعملون في المجال الفني والتكنولوجي بصورة عامة. وباستثناء ليناريس، فإن شركة «أبوللو» يديرها ابنه برايانت، وكان يعمل نائب رئيس الشركة باتريك دوارينغ ضمن فريق كبار العلماء في سبكيتروم. ويعترف برايانت ليناريز قائلا انهم ليسوا متخصصين في مجال المجوهرات، اذ انهم لا يعرفون سوق الاستهلاك او البيع بالتجزئة. وأشار برايانت ليناريس الى ان شركة ابولو تعتزم ان تقسم عملها الى جزء تجاري تكنولوجي تحت إدارته وقسم آخر لتجارة المجوهرات يديره شخص له خبرة طويل في هذا المجال. وتكمن مشكلة «أبوللو» الاخرى في «دي بيرز De Beers«، التي لا تتفق مع ما تفعله «أبوللو». وكانت شركة «دي بيرز» قد بدأت حملة علاقات عامة وبرنامجا للعاملين في مجال المجوهرات بهدف التأكيد على ان الماس المستخرج من المناجم هو الماس الحقيقي الذي لا يتغير، على العكس من أنواع المجوهرات الاخرى الاصطناعية. الخبراء المتدربون انفسهم لا يستطيعون ان يفرقوا بين المجوهرات الحقيقية وتلك التي استخدمت الاساليب التكنولوجية الحديثة في صناعتها. إلا ان شركة دي بيرز مصممة على المساعدة في هذا الجانب بتصنيع ماكينات قادرة على التمييز بين المجوهرات الحقيقية والاصطناعية.

*خدمة «يو اس أي توداي» خاص بـ «الشرق الأوسط»