«بزنس المكسرات والسكاكر» قاد اسم الرفاعي من لبنان إلى الأسواق العالمية

محمد الرفاعي: بدأنا بمحل صغير ولدينا حاليا 170 فرعا محليا وخارجيا

TT

من محمصة تبيع البزورات والمكسرات في محلّ لا تتعدى مساحته خمسة عشر مترا مربعا الى مؤسسة تنتشر من خلال 170 فرعا في لبنان وخارجه وتحوز على 53 في المائة من نسبة السوق اللبنانية في مجال انتاجها ولها ثلاثة مصانع في لبنان ومصنع في الكويت ويبلغ حجم اعمالها في لبنان 18 مليون دولار ويناهز عدد موظفيها 265 موظفاً.

قصة هذه المؤسسة التي بدأت في العام 1948 والمراحل تدرجت فيها لتبلغ هذه المكانة في عالم الاعمال في لبنان والمنطقة، تابعتها «الشرق الاوسط» في لقاء خاص مع محمد الرفاعي صاحب «مؤسسات الرفاعي» الذي روى ابرز المحطات في سجل النجاح المستمر.

وقال بداية: «أسس والدي موسى الرفاعي محمصة الرفاعي في العام 1948 في منطقة كورنيش المزرعة في بيروت، والسبب وراء تأسيس المحمصة كان اهتمامه بالزراعة لا سيّما زراعة الفول السوداني. نحن من قضاء صور (في الجنوب) وتشتهر هذه البلدة بالبساتين والزراعة، وافتتح المحمصة في محلّ مساحته 15 مترا مربعا. كان حينها في سن الخامسة عشرة، وبمعاونة شقيقيه بدأ بتطوير انتاجه تباعاً وضخّ اصنافاً جديدة في السوق، بالأمس كانت المكسرات تباع في قرطاس (لفائف ورقية) واكياس ورقية بسيطة، وقد اهتم والدي بتطوير غلافات التعبئة ايضا وابتكر تقديم المكسرات بأكياس فاخرة مصنوعة من النايلون. وكان ابرز منافسيه في ذاك الوقت محامص شكري حماصني والنحلاوي وفايد. ولا يزال شكري حماصني فقط مستمرا حتى الآن».

ويتابع: «والدي احبّ هذه الصنعة (العمل) واعطاها من روحه، اهتم بكل التفاصيل لتطويرها. كان يولي حجم حبة المكسرات وطريقة التحميص اهمية. ومع الوقت اصبح يتوسّع، انتقل الى محلّ اوسع بمساحة 200 متر مربع وافتتح مصنعاً في بلدة صوفر الجبلية بمساحة 200 متر مربع. وفي العام 1965 افتتح معملا في صور. وابتداءً من العام 1972 وتزأمنا مع متابعتي دراسة ادارة الاعمال في الجامعة الاميركية في بيروت، كنت اتردد خلال الصيف على المحلّ. ومع اندلاع الحرب في العام 1975 انغمست في العمل اكثر ولم اتمكن من متابعة دراستي».

وعن مراحل تطور محمصة الرفاعي يقول: «في العام 1977 كنّا اول شركة في لبنان والشرق الاوسط تستورد ماكينة لتعبئة المكسرات في علب وتوزيعها في السوق. وبذلك توسعنا نحو رفوف المحال التجارية ما شكّل منعطفاً مهما في مسيرتنا. وبعد ذلك اتجهنا نحو التصدير وابرز الاسواق كان العراق والسعودية وليبيا. وفي ما بعد توسعنا نحو اميركا وتحديدا كندا والبرازيل. حصل ذلك اوائل الثمانينات. كما تجدر الاشارة الى انه مع نهاية السبعينات اصبحنا موجودين في لبنان من خلال ثلاثة فروع».

وعن اهمية ضخ دماء شابة وجديدة في العمل، يقول: «انا كبير اشقائي واول من خضت غمار المعترك العملي الى جانب الوالد، آلة التغليف والتوضيب كانت فكرتي، وجود عنصر شاب في اي عمل عائلي مهم جدا لانه يساهم في ضخ دماء جديدة في ظل دراية تامة (know how)».

مثل الكثير من اعمال اللبنانيين، اضرت الحرب بآل الرفاعي اذ خسروا في العام 1984 معملهم في صوفر. واحرق محلهم في الحمرا في العام 1986، بعد سنة على افتتاحه.

وعن كيفية عملهم خلال الحرب اللبنانية، يقول: «ما بين 1980 و1990 ركزنا على التصدير. وقد شكلت الاسواق العربية منفذاً لنا. اعتمدنا سياسة التصدير للتعويض عن التراجع الحاصل في السوق المحلية والخسارة التي منينا بها. في العام 1990 وبعدما هدأت الاحوال واخذت الامور بالتحسّن قررنا التوسع في لبنان. فافتتحنا نقطة بيع في مطار بيروت ومجمع ABC التجاري. وعلى مدى خمس سنوات توسعنا وفق خطة مدروسة عززت وجود محمصة الرفاعي في لبنان. واليوم لدينا سبعة مراكز رئيسية ما يعرف بـ «Flag Stores» و22 نقطة بيع (Express Unit)، وهي منتشرة في السوبرماركت والمراكز التجارية، اضافة الى عدد من مراكز نقاط البيع الكبرى (Stand Alone Unit) كفرعنا في مطار بيروت. طوال فترة عملنا سلحنا انفسنا بالعلم والخبرة والتطوير، وسعينا الى تجديد معاملنا وآلاتنا واطلاق اصناف جديدة في السوق. نحن اول من اطلق اللوز المدخن ومكسرات بنكهات جديدة مختلفة. اهتممنا بجودة منتوجاتنا فأنشأنا مختبراً صحياً ضمن المعمل لضمان سلامة الانتاج».

لا تقتصر منتوجات مؤسسة الرفاعي حالياً على المكسرات اذ توسعت ابتداء من العام 1990 بانتاج السكاكر من ملبن ونوغا وملبّس (Drage)، اضافة الى القهوة. وتشكل السكاكر ما بين 15 الى 20 في المائة من نسبة انتاج المؤسسة بينما تحتل القهوة نسبة 15 في المائة. وتستحوذ المكسرات على حوالي 70 في المائة من الانتاج. وتشكل حصة مؤسسة الرفاعي من السوق اللبنانية 53 في المائة وتصدر 20 في المائة من انتاجها ويبلغ حجم اعمالها في لبنان 18 مليون دولار».

وفيما يتعلق بعمليات التوسع خارج لبنان، قال الرفاعي: «أسسنا معملاً في الكويت لتغطية منطقة الخليج بطاقة انتاجية تبلغ ستة اطنان يومياً. وعقدنا شراكة مع مجموعة الحميضي (وكلاء بيبسي وبيرغر كينغ ومفروشات IKEA في الكويت) لتأسيس الرفاعي انترناشونال. وقد تمت هذه الشراكة بيني وبين صالح الحميضي. واليوم ننتشر في العالم العربي من خلال 85 فرعاً تتنوع ما بين محال ونقاط بيع. في الاردن لدينا اكثر من فرع. ونحن موجودون في كل ارجاء السعودية. وفي الكويت لدينا 19 فرعاً. ونستحوذ على 36 في المائة من حصة السوق. وفي البحرين لدينا فرعان. وفي الدوحة لدينا ستة فروع. وقبل افتتاح هذه الفروع كنا موجودين في العالم العربي من خلال الفرنشايز».

ولمؤسسة الرفاعي ثلاثة معامل في لبنان، اثنان في بيروت وواحد في صوفر. وتبلغ مساحة المعمل الرئيسي في بيروت 2500 متر مربع، بينما تبلغ مساحة المعمل في صوفر 6000 متر مربع والسبب وراء وجودهم في صوفر، الحرارة المنخفضة الملائمة للحبوب والمكسرات. ويناهز انتاج المعامل في لبنان 1480 طناً يصدر منها 20 في المائة الى اوروبا واميركا.

وتستورد مؤسسات الرفاعي الفستق الحلبي من ايران وتركيا والفول السوداني من الصين والكاجو من البرازيل والهند والبندق من تركيا والبزر من الصين وافغانستان والـ «مكداميا» من استراليا وهاواي واللوز من الولايات المتحدة واوروبا. والبن من كولومبيا والبرازيل وكينيا.

الجدير بالذكر ان بن الرفاعي لا يباع الا في مؤسسات الرفاعي. وتشغّل مؤسسات الرفاعي في لبنان 265 موظفاً موزعين بين 70 موظفاً في المعامل و65 موظفاً في الادارة. والباقون في نقاط البيع.

وعن المراحل الانتقالية في مسيرة المؤسسة، يقول: «خطوتان شكلتا مرحلة مفصلة في تاريخنا. الاولى، في العام 1977 عندما أتينا بآلة التوضيب والتغليف. والثانية في العام 1990 عندما بدأنا بالتوسع خارج لبنان. إنتاج الآلة اثمر خلال عشر سنوات والتوسع خارج لبنان برهن جدواه خلال عشر سنوات ايضاً«. وعن علاقة والده وابنائه بالعمل اليوم، يقول: «والدي ما زال متابعاً لشؤون العمل وفخور بالتطور الذي حققته المؤسسة والنجاح الذي احرزته. واليوم بدأ الجيل الثالث يدخل المهنة، ابنتي تعمل معنا وابني يهتم بتطوير الشؤون التقنية والمعلوماتية ويتولى ربط كل اجهزتنا بالكومبيوتر. ونعمل مع مايكروسوفت لاطلاق برنامج يساعدنا على ضبط الانتاج والبيع وادارة شؤون الموظفين».

ولا بد من الاشارة الى انه في نهاية العام 2004 حصلت مؤسسة الرفاعي على شهادة «Haccp» للجودة وتمنح من انظمة دولية غذائية. وعن آخر خط استحدثته المؤسسة يقول: «مع اهتمام الناس المتزايد بالاغذية الصحية والرشاقة، ارتأينا انتاج صنف لا يحتوي على كمية دهون وسعرات حرارية مرتفعة. وبعد اربع سنوات من الابحاث بالتعاون مع شركة فرنسية للتغذية توصلنا الى اطلاق خط انتاج للمكسرات الخاصة بالحمية تحت اسم «Innocent». ومع نهاية هذه السنة سيتم طرح هذه المنتوجات في الاسواق».