رجل الأعمال حسين وجيه أباظة: من ضابط في الجيش إلى رئيس «بيجو مصر»

أكد أنه لن يخلع «جلباب أبيه» الوطني

TT

سأعيش دائما في جلباب أبى الوطني الثائر أحد قادة ثورة يوليو الذين شكلوا الخلية الأولى لها.. والسياسي المحنك محافظ القاهرة والبحيرة وكذلك رجل الاعمال «ملك البيجو» في مصر والشرق الأوسط لن اخلع هذا الجلباب لانه جلباب الشرف والوطنية والشجاعة.

كهذا تحدث مع «الشرق الأوسط» رجل الاعمال البارز وعضو البرلمان المصري حسين وجيه اباظة رئيس مجلس إدارة مركز التجارة والتنمية «بيجو مصر» اشهر وكيل لسيارات «بيجو» الفرنسية في الشرق الأوسط.

حسين اباظة الذي ينتمي الى واحدة من اعرق العائلات في مصر وهي عائلة الاباظية التي خرج منها الوزراء والفنانون والأدباء والكتاب الشعراء ورجال الاعمال والثوار يعد من أحد القلائل من رجال الاعمال الذين يجمعون بين عالم الاعمال ودهاليز السياسة والتقرب من مراكز صنع القرار في مصر أملا في المزيد من الصفقات التجارية أحيانا أو الصفقات السياسية في أحيان أخرى ولاستمرار الوجاهة الاجتماعية لعائلة عريقة في مجتمع بدأت تظهر فيه عائلات مالية جديدة وتختفي عائلات قديمة من الساحة.

عن البداية يقول حسين اباظة (61 عاما): لعب القدر دورا كبيرا في حياتي المليئة بالمتناقضات أنا خريج كلية العلوم العسكرية عام 1966 وعملت ضابطا بالجيش المصري منذ عام 1966 وحتى ابريل (نيسان) 1973 من سلاح المدرعات بسيناء والسويس والإسماعيلية الى الشرطة العسكرية وفي هذه الفترة شاركت في حرب 1967 وحروب الاستنزاف ولم يسعدني الحظ بشرف القتال مع الجيش المصري في حرب 1973 لان لهذه قصة أخرى.

وعن القصة التي تميزت حياة حسين اباظة بها يقول: بعد تولي الرئيس السادات حكم مصر عام 1971 قام بحركة التصحيح للقضاء على ما سمي آنذاك بمراكز القوى ولم يكن ابي في قائمة مراكز القوى التي تم التخلص منها لان أبى وجيه اباظة والسادات أول من شكلوا الخلية الأولى لثورة يوليو (تموز) وكانت تربطهم صداقة متينة، بل أن أول تشكيل وزاري في عهد السادات كان قد طرح اسم أبى ليتولى وزارة التموين ولكن هناك من استطاع الإيقاع بين ابي والرئيس المصري الراحل. وهنا انقلب السادات عليه وتم القبض على ابي وذهبت ضحية هذه الأحداث حيث تم نقلي الى وظيفة مدنية وهي مفتش فنادق بوزارة السياحة وللحقيقة لم احبط او احزن فقد تأقلمت مع العمل الجديد علي وجه السرعة لأنني في بداية حياتي كنت احلم بإنشاء فندق وإدارته قبل عملي بالخدمة العسكرية ومكثت بالوزارة 3 سنوات قدمت بعدها اجازة بدون مرتب ثم استقالة نهائية لأبدأ رحلة أخرى في حياتي وهذه المرة مع أبي بعد الإفراج عنه لظروفه الصحية حيث مكث طيلة سجنه بمستشفى المعادي العسكرية..

وفي أواخر فترة السبعينات تبدأ مرحلة أخرى في حياة حسين اباظة حيث ينتقل للعمل مع والده في عام 1979 في شركة توكيل سيارات البيجو التي أصبحت ملك وجيه اباظة وهذه لها قصة أخرى يحكيها حسين. ويقول بهذا الصدد: كان والدي له صديق ليبي اسمه عبد الجليل عارف وكان هو صاحب توكيل «بيجو» في ليبيا ولظروف سياسية غادر عبد الجليل ليبيا الى مصر وعرض على والدي ان يشاركه في التوكيل وكان معهم شريك ثالث هو محمد علي حنيش وهو من ليبيا ايضا. واستمرت الشراكة بينهم فترة من الزمن الى ان علمنا باغتيال عبد الجليل عارف في روما بعدها استقل والدي بالتوكيل بعد انسحاب الشريك الثالث وسفره خارج مصر.

وعن بداية عمله وطريقة الإدارة في «بيجو» مصر قال حسين اباظة: بدأت عملي بالشركة في خدمة ما بعد البيع وأنشأت بعد ذلك اكبر مركز صيانة وهو مركز غمرة المشهور ثم توليت بعد ذلك وبالذات بعد اشتداد المرض بوالدي منصب نائب رئيس مجلس الإدارة بالشركة في حين تولى أخي ممدوح منصب المدير العام التنفيذي للشركة. وظل هذا الوضع الى أن توفي أبي عام 1949 وتم اختياري رئيسا بمجلس الإدارة منذ ذلك الحين وحتى الآن.

ويستكمل حديثه قائلا: القرار داخل الشركة يتخذ بموافقة كل أشقائي فلم يحدث اننا اختلفنا على شيء وكل منا له وظيفة محددة فنحن أسرة قوية ومتماسكة ويجمعنا حب متبادل غرسه فينا والدنا الراحل وهو محبة الناس.

وعن انشغاله بالسياسة والحياة البرلمانية وأثرها على عمله داخل الشركة يقول حسين اباظة: للأسف الشديد هناك الكثير ممن يسعون الى المنصب النيابي بهدف توسيع دائرة الاعمال والصفقات ولكني طوال فترة وجودي بالمجلس لم أسع لعقد صفقات ولم أفكر فيها على الإطلاق بل العكس هو الصحيح لقد شغلني العمل السياسي عن عملي كرئيس لمجلس إدارة الشركة وزود الأعباء على أشقائي لأن جدول الاعمال والمهام تنتقل إليهم في غيابي.

ويضيف: اشغل عضوية مجلس الشورى منذ 10 سنوات ولم يكن في فكري تولي هذا المنصب حيث كنت اكتفي بمنصب امين الحزب الوطني بدائرة منيا القمح وكان عمي المهندس ماهر اباظة وزير الكهرباء الأسبق وعميد الأسرة الاباظية حاليا يشغل منصب عضو مجلس الشعب إلا أن أهالي الدائرة قاموا بتزكيتي لمجلس الشورى ونجحت بالتزكية مرتين والمرة الأخيرة بالانتخاب.

تمرد حسين اباظة ابو الأولاد الثلاثة وجيه وفؤاد ومحمد والذين يعملون معه في الشركة تمرد على تقاليد هذه الأسرة العريقة المتحدرة من الجزيرة العربية والتي يرجع اصلها الى قبائل العائد التي جاءت الى مصر مع الفتح الإسلامي واستقرت في منطقة بلبيس بمصر وكانت مسؤولة عن حماية قوافل التجارة والحجاج بين مصر والسعودية والتي ارتبطت بصلات نسب في جمهورية انجازيا إحدى جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق تمرد حسين على عرف هذه الأسرة التي منعت الزواج من خارج الأسرة حفاظا على ملامحها ومكوناتها اذ يقول «نعم تمردت على هذا العرف بل أن جيلا بأكمله تمرد على تقاليد الأسرة وكان الهدف هو الاندماج في المجتمع المصري والإقلال بقدر الإمكان من المشاكل الصحية لزواج الأقارب حتى الجيل السابق هناك من خرج منهم أيضا على هذا التقليد ومنهم فنان السينما المشهور «رشدي اباظة».

واضاف: تزوجت من ابنة محافظ الإسكندرية الأسبق فؤاد المهداوي وعشنا قصة حب جميلة إذ وقفت زوجتي معي في محطات رحلة العمر المختلفة. وقال حسين اباظة انه رغم ذلك فان الحرص على تماسك الأسرة الاباظية هو من الثوابت الموجودة بالأسرة والتي يحافظ عليها كل جيل يحمل الراية إذ تصدر الأسرة نشرة غير دورية منذ عهد العشرينات وأنشأت موقعا على الإنترنت باسم جمعية النشأة الاباظية. لتتواصل مع العصر الذي نعيشه ولرعاية مصالح الشباب الاباظي وتقديم الخدمات الاجتماعية لهم.

ويحكي حسين اباظة عن أهم المطبات في حياته إذ يقول: اهم المطبات في حياتي والتي اثرت علي أنا وأسرتي نفسيا هي الشائعة التي انتشرت في التسعينات عقب وفاة والدي الراحل والتي عمت المجتمع المصري كله ولم يكن لهذه الإشاعة ادني قدر من الحقيقة، بل كان الهدف منها الإساءة إلينا والى رموز الحكم في مصر للأسف وبقدر المرارة التي شعرنا بها من جراء هذه الإشاعة الخبيثة إلا انه من الطريف أن اغلب الناس قد صدقتها وانعكس ذلك على مبيعات الشركة من سيارات البيجو لتحقق قفزة كبيرة ثم تراجعت بعد أن ثبت أن الإشاعة مجرد دخان في الهواء.

وعن رؤيته لجيل رجال الاعمال الشبان الجدد في مصر يقول حسين اباظة: من الطبيعي أن ينشا جيل جديد من رجال الاعمال له دراسات عميقة في السوق وفكر إدارى منطلق وهم اقدر خلال الفترة القادمة من الأجيال القديمة على إدارة منظومة العمل وعالم الاعمال في مصر.