رجل الأعمال شريف الجبلي: من مقاعد كلية الهندسة إلى قيادة أكبر شركة في قطاع الأسمدة المصري

TT

يرتبط اسم «الجبلي» بوزير الزراعة الأسبق مصطفى الجبلي صاحب مدرسة الاكتفاء الذاتي الوطني والعربي في القمح، كما يرتبط بأسرة تتخذ من الزراعة وتجارة وتصنيع الأسمدة مجالا رئيسيا لعملها، علاوة على المشروعات الطبية والصحية التي تحمل اسمها. ويعد د. شريف الجبلي عضو مجلس تحديث الصناعة ورئيس غرفة الصناعات الكيماوية أبرز الأسماء في مجال «بيزنس» الأسمدة في مصر، وهو ابن وزير الزراعة الأسبق مصطفى الجبلي، وشقيق الطبيب حاتم الجبلي صاحب المشروعات الطبية والصحية الشهيرة في مصر. ويحمل شريف الجبلي علي عاتقه مهمة السعي لتحرير قطاع الأسمدة في مصر ورفع الدعم الحكومي عنه، ورفع يد الدولة عن القطاعات الصناعية بحيث تصبح مهمتها هي المراقبة والتنظيم.

ويقول شريف عن نشأته انه تربي لوالدين استاذين متخصصين في كلية الزراعة، وشغل والده عدة مناصب دولية وعربية بالإضافة إلى منصبه رئيس قسم استصلاح الأراضي بجامعة الإسكندرية، ومؤسسة تنمية واستصلاح الأراضي في عهد الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر ثم تولى وزارة الزراعة وعمل خبيرا للأمم المتحدة ومستشارا لعدة حكومات عربية وغربية. ولا تزال والدته تشغل منصب الأستاذ غير المتفرغ بكلية الزراعة جامعة القاهرة.

بدأ مشوار شريف الجبلي في كلية الهندسة بالقاهرة قسم الهندسة الكيماوية التي استكمل فيها دراسته حتى درجة الدكتوراه وعمل بعدها في المنظمة العربية الصناعية، ثم سافر إلى دولة قطر للعمل في أول مشروع عربي للبتروكيماويات مع إحدى اكبر الشركات الكيماوية المتعددة الجنسيات. ثم عمل في مصر بنفس الشركة لمدة ثمان سنوات وترقى حتى منصب المدير الإقليمي للشركة ثم مدير منطقة شمال أفريقيا.

ورفض الجبلي الترقي لوظيفة اكبر خارج مصر، مفضلا الاستقالة والبدء في مشروع خاص وبدأ بالفعل في عام 1989 في إنشاء أول مصنع خاص للأسمدة وأقام مع مجموعة من المستثمرين العرب على ميناء السويس، مشروعا آخر لأول مجمع لاستيراد الزيوت النباتية وتكريرها وتخزينها وتداول الكيماويات بطريقة الصب.

ويقول د. شريف الجبلي «كانت أسرتي هي أول من دخل في نشاط تجارة الأسمدة عندما تحررت عام 1991 وقمنا بإنشاء أول شركة لتجارة السماد، وأصبحنا أول واكبر شركة في هذا المجال، وأقمنا شركة لتصدير جميع أنواع الأسمدة المصرية واخرى لتداول وتجارة المحاصيل الزراعية، ومنذ ثلاث سنوات اشترينا من الحكومة المصرية مصنع «أبو زعبل» للأسمدة والكيماويات في إطار برنامج الخصخصة، وقمنا بتطويره مع مجموعة من المستثمرين العرب».

ويعتبر والده الدكتور مصطفى الجبلي وزير الزراعة الأسبق صاحب مدرسة تحقيق الاكتفاء الذاتي الزراعي لمصر، ولكن أين هي هذه المدرسة وأين هم تلاميذها؟

يجيب الجبلي قائلا ان وزير الزراعة الحالي احمد الليثي يعد أحد تلاميذ والدي وعمل معه فترة طويلة كذلك د.احمد جويلي ومجموعة كبيرة من الأساتذة في كلية الزراعة جامعة الإسكندرية مؤمنون بهذه المدرسة التي أسسها والدي منذ عام 1981 عندما دعا الرئيس مبارك لعقد المؤتمر الاقتصادي وضع والدي به خطة متكاملة لتحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح بالتفصيل، وهي خطة لم تكن صعبة التحقيق، لكن عندما تولى الوزير السابق يوسف والي كرسي الوزارة قام بتغيير هذه السياسة معتمدا على سياسة زراعة الفاكهة والخضر وتصديرها واستيراد القمح بدلا من زراعته، لكن ثبت بالتجربة أن هذه الطريقة ليست مجدية لان من لا يملك قوته لا يملك قراره.

ويقوم الوزير الحالي احمد الليثي بإعادة تنفيذ خطة للاكتفاء الذاتي وبدأها بالقمح هذا العام.

وفي هذا السياق يعتقد الجبلي أن اكثر القطاعات نموا في الفترة الحالية في قطاع البتروكيماويات والأسمدة، حيث ستشهد الخمس سنوات القادمة تدفق ما لا يقل عن ثلاث مليارات دولار للاستثمار في الأسمدة البتروكيماويات بجميع أنواعها مثل بولي ايثلين وبولي ستارين وبولي بروبلين، وكل أنواع الأسمدة مثل اليوريا والأمونيا والأسمدة الفوسفاتية بشكل أوسع لان مصر بها مخزون كبير من خام الفوسفات. ويضيف شريف الجبلي أنا اعتقد انه من الأفضل طرح الشركات التي لها طابع تخصصي مثل مصنع زجاج أو مصنع بتروكيماويات في اكتتاب عام، لكن لا بد أن يحصل علي جزء منه مستثمر رئيسي متخصص في صناعة الزجاج أو صناعة البتروكيماويات حتى يدير المصنع بشكل اكثر كفاءة، وهو ما ينفذه حاليا وزير الاستثمار محمود محيي الدين. وهو يؤكد في هذا الاتجاه انه المفروض أن تقوم الحكومة في الفترة الحالية بدور الرقيب، ويمكن أن تحتفظ بالمرافق الرئيسية مثل النقل بشرط أن يبدأ دخول القطاع الخاص في هذه المرافق بالتدريج مع وجود جهاز للمراقبة لضبط الانحرافات وما سيساعد في استقرار هذه الأوضاع تطبيق قانون المنافسة ومنع الاحتكار بحيث تتنافس أربع أو خمس شركات في كل مجال لصالح فائدة المستهلك.

فلا بد من تحقيق سياسة متوازنة لحماية مصالح المنتج والتاجر والمصدر وتحرير قطاع الأسمدة قضية هامة لأنه ليس من المنطقي أن يتم تدعيم أسعار سماد اليوريا وبيعه بسعر 80 دولارا للطن، بينما سعره العالمي240 دولارا، والدعم الذي تقدمه الحكومة للفلاح يمكن أن يقدم في دعم المحاصيل كل محصول على حدة بجدول معين، ويتم رفع سعر سماد اليوريا بالتدريج خاصة أن تكلفة سماد اليوريا باقي الزراعة لا تتعدي 10 الى 12% فقط، لكن الخوف من تحرير سعره مسألة سياسية لأن السماد سلعة استراتيجية أو سلعة رأي عام، ويتعامل معها البعض بحجم اكبر من حجمها. ويتابع قائلا، لذا يجب مواجهة هذا الموضوع بشجاعة وطريقة علمية، وتقوم حاليا بعقد اجتماعات بصفة مستمرة مع وزارة التجارة الخارجية، وطلبنا رفع أسعار السماد بالتدريج على مدار 4 سنوات وحساب الاحتياج الفعلي ومعدلات نمو الاستهلاك السنوي بحيث نضبط حجم الاحتياج المحلي من الأسمدة لان المصانع الحكومية الأربع التي تمتلكها الحكومة وتبيع بسعر 80 دولارا ستضار إذا استمر هذا الدعم لأنها تحتاج إلى أموال لتجديد المصانع والحفاظ عليها، وفي الوقت ذاته هناك خمسة مصانع للأسمدة قائمة بنظام المناطق الحرة لكي لا ترتبط بالسياسة المصرية في دعم أسعار السماد وتتجه بإنتاجها بأكمله للتصدير. وفي ظل عدم ترحيب هذا القطاع ستتيحه جميع الاستثمارات للمناطق الحرة بينما التحرير سيؤدي الى زيادة عدد المصانع واتجاهها للبيع محليا وخارجيا أيضا.