أنا من جيل قديم وأدير شركة حكومية بروح القطاع الخاص

المهندس زكي البسيوني رائد «بيزنس» الألومنيوم في مصر

TT

لم يكن يخطر ببال المهندس زكي البسيوني أحد خبراء الاقتصاد والتصنيع في مصر ورئيس الشركة القابضة للصناعات المعدنية أن ينتقل من أقصى الشمال وبالتحديد من مدينة الإسكندرية ليستقر 35 عاما في أقصى الجنوب في منطقة صعيد مصر المختلفة بتقاليدها وعاداتها ومناخها ليكون أحد المؤسسين لأضخم مجمع لصناعة الألومنيوم في البلاد وفي المنطقة العربية وقتها وهو مجمع شركة مصر للألومنيوم العملاق قبل ان يختاره وزير الاستثمار المصري الدكتور محمود محيي الدين ليتولى مسؤولية إدارة الأصول والأموال بأضخم شركة قابضة تابعة لقطاع الأعمال العام في مصر وليستقر في العاصمة القاهرة في منطقة ذات طبيعة أرستقراطية وهي «جاردن سيتي».

وعن أولى محطات حياته يقول المهندس زكي البسيوني خريج الهندسة الكيماوية عام 1967: «لن أكون صادقا لو تذكرت طموحاتي في بداية حياتي وعقب تخرجي في الجامعة منذ أن كان سني 22 عاما ولكنني بدأت أولى محطات حياتي عندما انتقلت من مسقط رأسي بمركز المحمودية بمحافظة البحيرة شمال مصر إلى مدينة الإسكندرية التي تبعد عن المركز بحوالي 70 كيلو مترا حيث عشت هناك 6 سنوات بدأت العمل خلالها في شركة الإسكندرية للزيوت والصابون وذلك عام 1967 حيت عملت في أقسام الشركة المختلفة حتى تاريخ أول سبتمبر (ايلول) 1973 وبعد ذلك وبدون تخطيط انتقلت لأشارك في بناء مجمع مصر للألومنيوم».

وانتقال المهندس زكي البسيوني إلى مصنع الألومنيوم له قصة حيث انه لم يكن راضيا عن عمله بشركة الزيوت والصابون كونها شركة قديمة ولا توجد فيها فرصة للنمو الشخصي أو تحقيق الأهداف والطموحات التي كان يتمناها أو رفع قدراته الإدارية وكان قرار الانتقال من الإسكندرية شمالا إلى محافظة قنا قلب الصعيد جنوبا حيث يتابع المهندس البسيوني قائلا: «قرأت عن تأسيس شركة مصر للألومنيوم في منطقة نجع حمادي بالصعيد وبدون تردد قررت الذهاب للعمل في تأسيس المصنع وقدمت استقالتي من شركة الصابون حيث وجدت أن فرصة انطلاقي ستبدأ من الشركة الجديدة وكانت الفرصة متاحة بالفعل لعشرات من أمثالي في ظل وجود إرادة قوية وعزيمة وقدرات بدأت العمل بالشركة كمهندس تركيبات ثم بعد ذلك رئيس عنبر ورئيس خط «عنبرين» وبعد ذلك رئيس العنابر، ثم رئيس العنابر والمسابك وتم اختياري بعد ذلك لاصعد إلى سلم الإدارة العليا رئيسا لقطاعات الإنتاج وأصبحت الرجل الثاني في عهد المهندس سليمان رضا رئيس الشركة الأسبق ووزير الصناعة فيما بعد حيث أعطاني هذا الرجل تفويضا مفتوحا لإدارة الشركة وكنت عضوا فعالا في كل أقسام الشركة من مشتريات ومبيعات وتدريب وأمن ومشاريع».

وانطلق القطار بالمهندس زكي البسيوني ليبرز في مجتمع المال والأعمال كواحد من أهم من حققوا نجاحات للصناعة المصرية بخبرته وكفاءته وقدرته على الانطلاق خارج الحدود حتى أصبحت مصر للألومنيوم الآن واحدة من أقوى الكيانات الاقتصادية في مصر إذ وصل حجم مبيعاتها إلى أكثر من 3 مليارات جنيه (517 مليون دولار)، بل وأهم شركة في مصر على الإطلاق من حيث الإدارة والتكنولوجية والقدرة على المنافسة بشهادة وزير الاستثمار نفسه، ووضعت الشركة قدمها في السوق العالمي وعن قصة النجاح هذه يقول زكي البسيوني: مصر للألومنيوم بحكم فكر الإدارة والشفافية الموجودة في النظام الإداري للشركة ورغم أنها شركة حكومية لها نسبة من الأسهم مباعة في البورصة تدار بروح القطاع الخاص ولها ثقافتها في البيزنس مثل الشركات الأجنبية حيث تتعامل في أكثر من 60 منتجا على مستوى أوروبا والولايات المتحدة وتنافس شركات عملاقة وذلك بفضل الإدارة والقرار السريع الذي ميز الشركة من حيث جودة منتجاتها والسعر والخدمة ولدى الشركة استراتيجية توضع لمدة 10 سنوات وكل رئيس يأتي للشركة لا يحيد عن هذه الاستراتيجية وهذا هو سبب نجاحها. وبعد ذلك يستشعر وزير الاستثمار المصري عبقرية الإدارة في المهندس زكي البسيوني حيث نال استحسان الوزير وإعجابه في أول زيارة للوزير لمصنع الألومنيوم فاختاره بعد أيام من الزيارة رئيسا للشركة القابضة للصناعات المعدنية وهي أكبر شركة من شركات الوزارة وليتولى إدارة أصول أكثر من 30 شركة تابعة ابرزها الألومنيوم والحديد والصلب والتعدين والسبائك الحديدية.

وعن هذه الخطوة يقول زكي البسيوني:أنا لست غريبا عن القابضة وعندما توليت رئاستها وجدت أن برنامج العمل الموجود حاليا جيد جدا ولا حاجة لضم إدارات أو إلغاء قطاعات ولكن بالتأكيد سيكون لي وجهة نظر ونظرة تغيير في المستقبل.

وقد بدأ المهندس البسيوني عمله بالقابضة بالقيام بعدة زيارات للشركات التابعة ووضع جدول أعمال لمراقبة كل شركة ويقول: عملي بالشركة القابضة هو عمل مكتبي وميداني وهذا هو التكامل فكل واحد له وجهات نظر هندسية وتسويقية وفنية وإدارية والهدف دائما هو النهوض بهذه الشركات.

وعن رؤيته لاتجاه الدولة للتوسع في سياسة تخصيص الشركات يقول: بيع الشركات ليس هدفه التخلص منها ولم نأت لتصفيتها على الإطلاق فالهدف هو إدارة المحفظة بطريقة سليمة تضمن جلب أكبر العائدات من عمليات البيع وهذا يتطلب دائما التطوير والتحديث والمتابعة.

وعن رؤيته لجيل رجال الأعمال الذي ظهر في مصر ويحمل ما يسميه بالفكر الجديد يقول: لا أستسيغ تقسيم الفكر إلى جديد وقديم فليس هناك فكر قديم ولا فكر جديد والإدارة هي الإدارة ومعروف أن المدير هو الذي يحقق أهداف المؤسسة من خلال الآخرين فإذا حققها يعتبر ناجحا وحديثا أما غير ذلك فليس بمدير، وأنا أعتبر نفسي من جيل قديم ومع ذلك أمارس الاطلاع على ما هو موجود في العالم فلن تستطيع ممارسة البيزنس أو تطوير البيزنس بدون تأهيل، والتأهيل الذاتي للمدير في غاية الأهمية لا بد أن يكون المدير مطلعا في التكنولوجيا والتسويق ومنه البيع والشراء والموارد البشرية والاحصاء والحاسب الآلي واللغات والمدير بدون كل ما سبق يعتبر غفيرا.

وعن فن التفاوض وممارسة البيزنس مع الأجانب يقول البسيوني: الأجنبي في البيزنس قوي وأمين وغير مكسور العين وسيعمل له الف حساب، فالأمانة والكفاءة وحسن التفاوض تجعلك ترفع رأسك على المستوى المحلي والخارجي وتنافس وتتفاوض وأنت في القمة.

وعن أسرته يقول زكي البسيوني: زوجتي ابنة عمتي وهي ربة منزل حيث انها أصرت على تربية الأولاد والتفرغ للبيت كاملا وقد رفضت فرصة عمل في مصر للألومنيوم كان مرتبها مغريا وحمدتُ الله على ذلك فقد قامت بتربية الأولاد أفضل تربية حيث رزقت ببنت تعمل مهندسة مدني وولدين أحدهما يعمل في الإسكندرية والآخر مازال يدرس بالجامعة.

وعن هواياته يقول: هوايتي القراءة، كان لدي مكتبة كبيرة في شركة مصر للألومنيوم كانت هي كل حياتي فرغم التعب والإرهاق والمسؤولية إلا أنه كان لدي وقت فراغ للقراءة، لان المدير لا يحسب عمله بعدد الساعات بل بقدر ما أعطى وما أنجز في اليوم الواحد فأنا أدخل مكتبي الساعة السابعة والنصف صباحا ولو تأخرت 5 دقائق أشعر بأنه ستحدث لي كارثة، ورغم كل ضغوط العمل كان لدي في مصر للألومنيوم وقت كاف لسماع الموسيقي واصبح هناك طقم هائل يدير منظومة العمل، ويستطيع تطبيق روح القوانين والقواعد، بحيث لا تعرقله ولا يرتكب أخطاء يحاسب عليها.