مصر: لقاء مشترك بين الغرفتين الأميركية والألمانية للتجارة يثير تساؤلات حول المغزى وإمكان تكرار التجربة

يعكس سخونة حمى التنافس على تقاسم الصفقات والعقود

TT

وسط التنافس المحموم والطبيعي الذي يأخذ شكل الحروب الدبلوماسية بين سفارات الدول الكبرى في مصر، للفوز بأكبر نصيب من الصفقات والعقود وارتباطات الشراكة، ورغم المعارك التي تدور علنية نادرا ومكتومة غالبا، بين السفارات لاقتناص الفرص واحتلال المساحات، أو حتي إفساد الأمر على الآخرين، ومع الصراع الضاري بين الأربعة الكبار بصفة خاصة، أميركا وألمانيا وفرنسا وإنجلترا، شهدت القاهرة ظهر الأحد الماضي، حدثا فريدا في نوعه هو عقد مؤتمر مشترك للغرفتين التجاريتين الألمانية والأميركية بالقاهرة. والمعروف انه توجد بمصر نحو عشرين غرفة تجارية أجنبية يأخذ بعضها طابع الجمعيات المشتركة مثل «البيبا» (المصرية ـ البريطانية)، ويبقي الآخر أكثر ارتباطا بالطرف الأجنبي مثل الأميركية، التي يكتب الكثيرون خطأ أن اسمها الغرفة الأميركية ـ المصرية، وواقع الأمر أن الاسم الصحيح هو الغرفة الأميركية للتجارة بالقاهرة، ويتجلى التنافس واضحا بين السفارات والغرف في حالات استشراف توجه حكومي لبيع شركة كبيرة أو حصة فيها لمستثمر استراتيجي أو سعي لاستيراد سلعة حيوية أو إقامة مشروع خدمي أو إنتاجي برأسمال كبير، هنا يحتدم السباق للوصول الي المعلومات أسرع واستغلال كل أوراق الضغط، لصالح هذا البلد أو ذاك.

وعادة ما تميل الغرفة الأميركية الي تغليب الجانب السياسي والتقرب من دوائر صنع القرار السياسي في مصر أو «الزائرين» من الولايات المتحدة الأميركية.. لتوثيق علاقاتها وتحقيق مصالحها الاقتصادية بينما يغلب على توجه الغرفة الألمانية العربية الطابع الاقتصادي ولا تميل الي اللعب علي أوتار السياسة إلا في ما ندر، وتهتم أكثر بالمعارض المشتركة ومبادرات العمل المشترك لدى طرف ثالث.

ومع هذه الخلفية التنافسية الشديدة التي تجملها مصافحات المجاملة الدبلوماسية في اللقاءات التي تجمع أعضاء ورؤساء تلك الغرف، فقد فاجأت كل من الغرفة الأميركية والألمانية المتعاملين معهما، بتنظيم ندوة مشتركة والتعاون بينهما لأول مرة في ما وصف بأنه «لقاء السحاب» بين الغرفتين والذي انعقد لاستضافة الدكتور نوربرت الخبير الاقتصادي بمجموعة دويتشه بنك (التي لها مكتب تمثيل بمصر) ود. محمود محي الدين وزير الاستثمار المصري.

وكان الدافع الأساسي لهذا التعاون هو شخصية الضيف الألماني الذي وجهت إليه الغرفة الأميركية (ومجموعة دويتشه عضو بها الدعوة) للحديث عن الدروس التي يمكن للاقتصاد المصري الاستفادة منها لتشجيع العلاقات التجارية مع دول أوروبا وآسيا وأميركا. وقد تطلب ذلك طلب العون من الغرفة الألمانية لتنسيق وترتيب الجوانب الإدارية والتنظيمية ودعوة رجال الأعمال المهتمين بالعلاقات مع الجانب الألماني ودعوة الرعاة الرسميين لدفع نفقات هذا التجمع ونفقات إقامة الندوة.

وقد حرص عدد كبير من كبار رجال الأعمال في مصر على حضور تلك الندوة التي أقامتها الغرفتان يوم الأحد الماضي تحت عنوان «هل يمكن لمصر أن تواكب المناطق التجارية العالمية في أوروبا وآسيا وأميركا؟)، كما حرص كل من د. عبد الرحيم شحاتة وزير التنمية المحلية، ود. احمد درويش وزير التنمية الإدارية، على الحضور.

ورغم كثرة عدد الحاضرين الذي تجاوز 500 ضيف فقد تم تنظيم الندوة على درجة عالية من الاحترافية الإدارية، وأشاد مسؤولو التنظيم في الغرفة الأميركية بعلاقة التعاون والمشاركة مع الغرفة الألمانية وكذلك مسؤولو التنظيم في الغرفة الألمانية الذين جذبهم المستوى المحترف في الإدارة والتسويق للجانب الأميركي.

ومن ناحيته قال د. طاهر حلمي رئيس الغرفة الأميركية إن السبب الرئيسي في التعاون بين الغرفتين هو الضيف الألماني، بالإضافة الي عضوية مجموعة دويتشه بنك في الغرفة الأميركية، وأكد ضرورة تكرار هذه التجربة وترحيب الغرفة الأميركية بالتعاون مع الغرف التجارية الأخرى.