اكتسب مهنته بالوراثة وصقلها بالدراسة

رجل الأعمال السعودي الراحل حسين علي رضا

TT

فقدت الساحة التجارية السعودية اخيرا أحد أبرز وجوهها بغياب رجل الأعمال المعروف الحاج حسين علي رضا الذي وافاه الأجل في 16 ديسمبر (كانون الأول) الماضي عن عمر يناهز الـ 75 عاماً، إلا أنه ترك وراءه رصيداً من الاحترام والتقدير في عيون منافسيه قبل زملائه وأصدقائه خلال أكثر من نصف قرن قضاه في مجال التجارة.

وتتحدر اسرة حسين علي رضا من أسرة احترفت التجارة وخرجت على مر السنوات عدداً من أهم التجار ليس في المملكة فقط ولكن على المستوى العالمي، وشغل بعض أفرادها مناصب مهمة في عالم المال والأعمال.

ومنذ ولادة الحاج حسين علي رضا بمدينة جدة في العام 1930 لأسرة حجازية عريقة لها وزنها الاجتماعي، كان بالإمكان التنبؤ مسبقاً بما ستكون عليه حياته من التحاقه بالمدارس الابتدائية والمتوسطة بجدة ثم سفره لإكمال تعليمه الثانوي في كلية فكتوريا بالإسكندرية وهي الكلية التي كان يرتادها علية القوم في الوطن العربي آنذاك.

وحتى عندما يمم وجهه شطر الولايات المتحدة الأميركية منتصف القرن الماضي للالتحاق بالجامعة، لم يكن في الأمر ما يبعث على الاستغراب فحاله حال الكثيرين ممن كانت عائلاتهم قادرة على ابتعاثهم إلى الولايات المتحدة لتحصيل الخبرات العلمية فحصل على شهادتي البكالوريوس في إدارة الأعمال والماجستير في الاقتصاد من جامعة بيركلي، وهنا استطاع ابن العائلة التجارية بامتياز أن يجمع المجد التجاري من طرفيه باكتسابه المهنة عن طريق الوراثة من جهة، واستثمار الخبرات العلمية التي حصلها ليوظفها في خدمة مهنته المتوارثة.

وعندما عاد الشاب المتحمس إلى أرض الوطن وجد أمامه شركة العائلة ليمارس فيها ما اكتسبه من خبرات علمية بشكل عملي، وكما يقول ابنه الأكبر علي «استطاع أن يطورها وأن يحقق نجاحاً كبيراً عن طريق الاستمرار في التبادل التجاري على مستوى عالمي من خلال تعاونه مع عدة شركات في مجال المواصلات مستفيداً من مرحلة الطفرة الاقتصادية التي كانت تمر بها البلاد آنذاك».

ويعود تاريخ الشركة إلى مطلع القرن الماضي حيث قام الحاج حسين علي رضا (الجد) بتأسيسها في العام 1906م، والحاج هو لقب تشريفي يقابل لقب الشيخ الذي يطلق على كبار رجال الأعمال في الوقت الحاضر، واكتسب الحفيد هذا اللقب كونه يحمل اسم جده المؤسس، كما يقول ابنه.

وأثبت رضا بشهادة الجميع أنه يستطيع القيام بما هو أصعب من النجاح في حد ذاته، وهو المحافظة على هذا النجاح الذي حققته شركة العائلة وسط الظروف والمتغيرات في السوق المحلية والعالمية، فتابعت الشركة نجاحها وما لبثت أن تطورت على يديه في فترة وجيزة لتصبح أول شركة وطنية تقوم بتجميع السيارات داخل المملكة مستندة إلى أيدي عاملة محلية.

وعلى الرغم من اقتصار عملها في السنوات الأخيرة على محورين أساسيين في تجارتها هما السيارات وأجهزة الكومبيوتر وأنظمة المعلومات من خلال «ناتكوم» ـ الشركة المنبثقة عن الشركة الأم، «إلا أن الشركة حافظت على نجاحها القديم وتطورت ليصل رأسمالها الآن إلى مائة وخمسين مليون ريال مدفوعة بالكامل» كما أوضح ابنه.

وإذا كانت الحنكة والحكمة اللتان تميزان أساطين التجارة صفتين لا تورثان كما تورث المهنة فإن حسين علي رضا أثبت تحليه بهما عندما قام باستقطاب الشركات والوكالات العالمية للمشاركة في بناء البنية التحتية بالمملكة، وعندما استطاع من خلال شركاته أن يطور القطاع الخاص ليكون شريكاً في بناء الوطن، وانعكست حكمته بشكل خاص على استشاراته وتوجيهاته التي كان يقدمها لرجال الأعمال وخاصة الناشئين منهم.

ولم يقتصر عمله على شركة العائلة وحدها، لكنه ـ كما يذكر ابنه ـ شغل عدة مناصب استطاع من خلالها أن يضيف إلى خبرته، فشغل منصب عضو في مجلس إدارة الخطوط السعودية عند تأسيسها، كما كان عضواً مؤسساً في البنك السعودي الأميركي، وعضواً بمجلس إدارة الغرفة التجارية والصناعية. وعلى الرغم مما عرف عن الحاج حسين علي رضا من كرم وعطاء على الصعيد الإنساني عن طريق دعمه للجمعيات الخيرية وجمعيات تحفيظ القرآن الكريم، إلا أنه ظل بعيداً عن الأضواء والإعلام.