سوق «الحديد السكراب» ينتعش إلى 100 مليار دولار عالميا

مع تصاعد أسعار المواد الخام

TT

يجري في الوقت الحالي تحفيز مشاريع تفكيك السفن الأميركية، التي تلكأت في سنوات التسعينات وسط خشية من مخاطر بيئية، عبر التلاقي غير المألوف لعمل الحكومة مع التطورات في مجال صناعات الصلب والطاقة والشحن في العالم.

والقوة الدافعة هي مشاريع الصلب التي تزدهر بسبب الطلب من الصين والاقتصادات السريعة النمو الأخرى. ويأتي ما يقل قليلا عن ثلثي الصلب الجديد المنتج سنويا من معدن الحديد. أما البقية فيعاد تدويرها من السيارات والغسالات والسفن التالفة القديمة وأشكال اخرى من معادن السكراب.

وتشتري مصانع الصلب في مختلف أنحاء العالم ما تبلغ قيمته 100 مليار دولار من فولاذ السكراب كل عام. ويشكل هذا المعدن المعاد تدويره حوالي 35 في المائة من المليار طن متري أو 400 مليار دولار من الصلب الجديد المنتج سنويا. وتعتبر السفن القديمة مصدرا رئيسيا للفولاذ المعاد التدوير، حيث توفر ما يصل الى 5 في المائة من المعدن «السكراب» المستهلك سنويا على مستوى العالم، طبقا للارقام التي اوردها تقرير صدر حديثا عن نشرة قائمة «لويدز» للصناعة البحرية.

يشار هنا الى ان سوق الحديد والصلب تسيطر عليه 10 شركات تنتج فيما بينها نحو 300 مليون طن من الحديد والصلب الخام، ويتقدم هذه الشركات «ميتال ستيل» الاولى عالميا، والتي يوجد مقرها في هولندا ويملكها الملياردير الهندي لاكشمي ميتال، بإنتاج 58.9 مليون طن سنويا. ثم تتبعها شركة «ارسيلور» الفرنسية التي تنتج 46.9 مليون طن في العام. اما شركة نيبون اليابانية فتحتل المركز الثالث بمعدل انتاج سنوي يصل الى 32.4 مليون طن.

ولكن، هناك نقص في السفن القديمة التي يمكن ان تلبي طلب الصناعة. وارتباطا بازدهار المواد الخام العالمية يجري ابقاء السفن الأقدم في دائرة العمل أطول من المعتاد من أجل شحن النفط والفحم والمواد الأولية الأخرى، ناهيك عن الكميات الهائلة من الصلب والحديد «السكراب» او الخردة. وعلى رغم التوسع الذي تقوم به شركات صناعة سفن الانتاج، إلا أن الأمر يتطلب عادة ثلاث سنوات لبناء وتهيئة سفينة شحن جديدة. ومع الطلب الكبير على الصلب فان نشرة قائمة «لويدز» للصناعة البحرية، التي تتخذ من لندن مقرا لها، تشير الى ان ما يقرب من 232 سفينة ناقلة قد جرى تحويلها الى «سكراب» خلال الأشهر العشر الأولى من عام 2005، وهو ما يقل عن العدد خلال الفترة نفسها من السنة السابقة الذي بلغ 422 سفينة.

وفي الحقيقة فان عملية تفكيك السفن لها تاريخ طويل وخطر وملوث بيئيا. وقد افلست العشرات من شركات تفكيك السفن في الولايات المتحدة وإسبانيا والبرتغال وايطاليا والمملكة المتحدة خلال العمل في سنوات السبعينات والثمانينات بسبب أن الشركات القليلة الكلفة في آسيا حلت محلها.

وأصبحت دول مثل بنغلاديش وباكستان والهند والصين مراكز كبرى لصناعة تفكيك السفن وتحوي تشريعات متساهلة وضوابط مرنة تسمح للشركات بسحب السفن ببساطة الى سواحل معينة والبدء بتفكيكها. ومثل تلك العمليات تجعل التكاليف منخفضة، إلا انها تثير اعتراضات متواصلة من جانب جماعات حماية البيئة، والأمم المتحدة وجهات أخرى قلقة من الآثار السلبية على العاملين والبيئة. وغالبا ما يفتقر العمال في تلك الدول النامية الى اجراءات الأمن الصناعي ويمكن أن يتعرضوا الى المواد الخطرة مثل الأسبستوس، بينما يرمى النفط والمواد الخطرة الأخرى في البحر عادة مما يلحق اضرارا كبيرة بالبيئة والحياة البحرية.

وتعتبر الاحتجاجات البيئية احد التحديات التي تواجه صناعة تفكيك السفن. يقول رجل الأعمال الهندي (هارش ميشرا) حول هذا الموضوع «ان المشروع يتميز بالمخاطرة أصلا. يمكنك أن تفقد حياتك ان لم تكن محظوظا». ويشير الى أنه يجب على مشاريع تفكيك السفن أن يقدموا عروضهم على التعاقدات قبل اشهر «ولا يعلم المرء ما الذي ستكون عليه اسعار الصلب السكراب بعد اربعة أو خمسة أشهر»، بحسب ما نقلت عنه صحيفة «ذي وول ستريت جورنال».

ويقول بوب بيري، مدير التشغيل في شركة تعمل في صناعة تفكيك السفن في الولايات المتحدة، ان شركته عانت من حوادث مميتة اصابت العاملين في السنوات الخيرة. ويشير الى انه «يمكن ان يكون مشروعا خطرا ولكننا نسعى الى ان نجعله آمنا قدر الامكان».

وفي موقع شركة «بي بريدج» في اميركا، يقوم العاملون الذين يرتدون بدلات واقية وأجهزة تنفس اصطناعي، بتفريغ النفط وإزالة الأسبستوس والمواد الخطرة الأخرى والكيبلات المغلفة بالمواد الخطرة. ثم يقومون بتفكيك الأنابيب النحاسية والأسرة المعدنية وأجهزة الحمامات طبقا لما جاء في الصحيفة.

ويبدأ تفكيك السفينة ذاتها عادة في القمة ثم يجري النزول الى تحت، حيث العمال يستخدمون المشاعل لقطع جسم السفينة الى أجزاء يمكن نقلها. ويتعين على شركات تفكيك السفن ان تفكر بتوازن السفينة وهم يفعلون ذلك، ليتأكدوا من عدم ميلان السفينة من جانب الى آخر خلال عملية التفكيك، مما يمكن أن يؤدي الى إيقاع إصابات في صفوف العاملين.