رجل الأعمال الأردني عبد الكريم الكباريتي: التغيير مع الخليج وأنا من المؤمنين بضرورة تحقيق التكامل

TT

«أنا لا اعمل بالسياسة» .. هذا ما يكرره عبد الكريم الكباريتي الذي تقلد العديد من المناصب، من ممثل محافظة العقبة في المجلس النيابي لمرتين ووزير في أكثر من حكومة تقلد فيها مهام العمل والسياحة والخارجية، ثم رئيسا للوزراء فرئيسا للديوان الملكي وعضوا في مجلس الأعيان. ويشغل حاليا منصب رئيس مجلس ادارة البنك الاردني ـ الكويتي الذي اصبح في مقدمة البنوك الاردنية بعد ان تولى هذا المنصب. وينتمي الكباريتي إلى عائلة ميسورة، فوالده كان يشغل رئيس بلدية العقبة لسنوات طويلة وعندما عاد من الولايات المتحدة الأميركية وكانت أجواء الديمقراطية قد انتعشت في الأردن رشح نفسه وفاز بالمقعد النيابي حيث لفت الأنظار بتعامله مع كافة الأطراف واستقلاليته وعدم المشاركة في المماحكات السياسية.

في عام 1991 أسندت إليه وزارة السياحة ثم العمل بعدها ترشح مرة أخرى ليفوز بالمقعد النيابي عن العقبة وليتولى حينها منصب وزير الخارجية ثم عهد إليه الملك الراحل الحسين بن طلال تشكيل الحكومة عام 1996 .

ركز الكباريتي رغم العمر القصير لحكومته على تحديث أداء القطاع العام وبخاصة الوزارات الخدمية حيث شهدت تلك الفترة تغييرا ملموسا في الأداء الحكومي، كما واجه المعارضة بالحوار، واعتمد الشفافية والوضوح في إجراءات الحكومة، وهي أمور لم تكن سائدة في السابق، لكن يبدو أن عوامل عديدة بينها شخصية الكباريتي نفسه ساهمت في تعجيل استقالته، وربما كان وصف العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني لشخصية الكباريتي أدق وصف عندما وجه اليه رسالة قبول استقالته من رئاسة الديوان الملكي حيث جاء في الرسالة الملكية: «لقد عهدت اليك قبل عدة اشهر برئاسة الديوان الملكي الهاشمي وكان اختياري لك مبنيا على ما عرفته فيك عبر السنين الماضية من كفاءة وحماس للعمل وقدرة على اتخاذ القرار بجراءة وشجاعة وصلابة في الدفاع عما تراه الصواب».

ولا يخفي الكباريتي نفسه بعض السلبيات في شخصيته إذ يقول: معارفي كثيرون وصداقاتي قليلة جدا. لا اقصد الإساءة الشخصية لأي إنسان إلا إذا كانت هناك حالة تقتضي أن أسجل موقفا عندما اشعر بذلك، وانني اعتبر نفسي عصبيا، كما أنني عندما التزم قضية أو موضوعا ابذل أقصى جهدي لإنجازه وقد يؤدي ذلك إلى بعض الصدامات والاحتكاكات التي قد تثير غضب الآخرين.

الكباريتي لم يتوقف عن النشاط بعد استقالته، فسرعان ما تولى رئاسة مجلس إدارة البنك الأردني ـ الكويتي وخلال فترة قصيرة تحول البنك إلى إحدى المؤسسات المصرفية المتميزة في الأردن وبخاصة انه استمر على نفس النهج الذي عرف به خلال توليه المناصب المختلفة وهو الحرص على الدوام المبكر في موعده حتى ساعة متاخرة مساء، ولكن هل يفضل الرئيس الكباريتي العمل في القطاع الخاص أم في القطاع الحكومي ؟ يؤكد الكباريتي ان القاسم المشترك الأهم بين كافة القطاعات هو رأس المال الاجتماعي الذي يشير إلى الموارد البشرية من الموظفين والعاملين بكل معارفهم العلمية وخبراتهم العملية للقيام بوظيفة محددة وهي خدمة المواطنين في القطاع العام والمستهلكين في القطاع الخاص، والفارق أن هذا المفهوم يحظى بدرجة أعلى من الوضوح في القطاع الخاص لجهة اعتباره الاستثمار الكامن الذي يتبدى في صور كثيرة منها المبادرة إلى العطاء والأداء والابتكار من دون رقابة مباشرة وخدمات متميزة للعملاء وتغليب المصالح الجماعية على المصالح الفردية وانسياب أفضل للمعلومات وشفافية اكبر في الإدارة وتطوير دائم لخبرات العاملين، وبتعبير أدق القدرة في القطاع الخاص لقياس عائد وكلفة الاستثمار في رأس المال الاجتماعي أفضل منها لدى القطاعات الأخرى ويقول: أنا بطبيعتي استمد متعتي الحقيقية من النجاح في أي عمل أقوم به مهما كان مستوى أهميته.

ويشهد الجميع للكباريتي أنه مهندس إعادة العلاقات الطبيعية بين الاردن ودول الخليج العربي وهي العلاقات التي مرت بفترة فتور بل قطيعة كاملة اثر احتلال الكويت، وقد كان جريئا في إعلان موقفه من النظام العراقي السابق بالرغم من مخالفته للعديد من النخب السياسية الأردنية مما أدى في النتيجة إلى عودة العلاقات الطبيعية بين الاردن وكافة دول الخليج.. وحول هذا الموقف يوضح الكباريتي رؤيته بالقول: «الاردن بطبيعته وبحكم تاريخه وموقعه يشكل جزءا حيويا من الوطن العربي، والوعي القومي الأردني يتجاوز دائما كل الحسابات والاعتبارات الضيقة، ومن هذا المنطلق أنا من المؤمنين بضرورة تحقيق التكامل على محورين: محور التكامل مع منظومة مجلس التعاون الخليجي وآخر للتكامل مع سوريا ولبنان وفلسطين، ويمكن إيجاد قواسم مشتركة هائلة على هذين المحورين أمنيا واقتصاديا وشعبيا وسياسيا وبلورة أوجه التكامل هذه وصولا إلى صيغة أعلى وأقوى».

وحول التحديات التي تواجه الاردن حاليا يقول الكباريتي «إن ارتفاع الفاتورة النفطية سيترك أثرا كبيرا ومتفاوتا على دول العالم، والأردن، وكما قلت سابقا، ظل يسعى من اجل أن يصل إلى مرحلة الاعتماد على الذات بدون الاعتماد على الهبات والهبات الخارجية ليحافظ على وتيرة نمو معقولة ومستدامة، ولذلك فإنني اعتقد أن المستقبل سيحمل في طياته الكثير من الفرص وكذلك التحديات وان لم يكن التصدي على قدر التحدي فقد يعاني الاردن مستقبلا من عجز مالي كبير ستكون له تأثيرات على مستويات المعيشة والتضخم مما يقتضي المزيد من إجراءات التقشف والإصلاحات الهيكلية المؤلمة، والأمر يحتاج إلى وقفة ومراجعة شجاعة في التعامل مع الواقع ومعطياته». يشغل الكباريتي حاليا منصب رئيس مجلس البنك الأردني الكويتي ورئيس مجلس ادارة الشركة المتحدة للاستثمارات المالية وغيرها ولكنه لا ينفي انه ما زال يمارس هواياته بالرغم من كثرة مشاغله، فقد عرف عنه اهتمامه منذ الصغر بتربية الطيور، كما تميز بأسلوب خاص في خطاباته من حيث تمكنه من الحديث بسلاسة وتأثير باللغتين العربية والإنجليزية، وعن هذا يقول: «أنا رجل بيتوتي، أنام مبكرا واستيقظ مبكرا، واعشق الحديقة والعمل فيها، واهتم بتربية الطيور والغزلان والمطالعة. ولا أحب التلفزيون».