جمعية شباب الأعمال المصرية تتحول إلى معمل لإنتاج القيادات الحكومية

بعد عامين من التأسيس

TT

لفتت جمعية شباب الأعمال أنظار المجتمعين الاقتصاديين والسياسيين، بعد أن ظهر أن الجمعية أصبحت في الآونة الأخيرة من أهم الأوعية التي يختار منها الوزراء وتختار منها الحكومة قيادات الكثير من مواقع السلطة التنفيذية المهمة بالذات في مجالات المال والصناعة والسياحة.

كانت الجمعية قد أنشئت منذ عامين بتجمع من أعضاء بدأوا تطفلاً على سمعة عائلاتهم المالية المعروفة وبمنحة أجنبية، لكنهم سرعان ما أثبتوا أنهم ليسوا مجرد «أولاد رجال الأعمال الكبار» وأنهم أنفسهم أصحاب مواهب وقدرات وطموحات، وقد ظهر ذلك جلياً العام الماضي حينما قدموا أجندة أعمال لدعم تنافسية مصر، احتوت على رصد جيد للمشاكل الاقتصادية في كل المجالات وحلولها، ثم قدموا أجندة هذا العام وناقشوها في مؤتمر مفتوح مع الدكتور أحمد نظيف رئيس الحكومة وعدد من الوزراء على مدار ساعات.

وقد شد الأنظار إلى الجمعية أكثر تواتر اختيار أعضاء منها لشغل مواقع مهمة في الدولة والحكومة، وبدأت العملية باختيار حلمي أبو العيش رئيس الجمعية السابق مديراً لمركز تحديث الصناعة منذ شهور، ثم اختتمت باختيار المهندس عمرو عسل رئيساً لهيئة التنمية الصناعية، وهي هيئة منشأة بقرار جمهوري وتعد من أهم الهيئات في وزارة الصناعة والتجارة، وما بين الاسمين جرت في النهر مياه كثيرة.

في الدور السادس عشر بإحدى البنايات الشاهقة بالجيزة اختارت جمعية شباب رجال الأعمال مقرها الجديد بعد أن بدأت أولاً في مساحة لا تتجاوز 60 متراً بحجرتين في مبنى «أركاديا مول» على كورنيش النيل بالقاهرة، كان قد تبرع بهما أحمد حسين صبور أحد الأعضاء المؤسسين للجمعية، كجزء من مساحة شركته ليجتمع فيها الأعضاء.

المقر الجديد اختاره المدير التنفيذي للجمعية بعناية ليطل على نيل القاهرة وحديقة الاورمان وجامعة القاهرة، بالإضافة إلى رؤية قمة الاهرامات من هذا الارتفاع الشاهق للبناية، وهو يضيف دلالات أخرى لأهمية الجمعية التي استعانت بمجموعة من الشباب لإدارة العمل بها اشترطت فيهم المستوى التعليمي الجيد وإتقان اللغات الأجنبية، بالإضافة إلى إيمانهم بثقافة العمل التطوعي.

ويشرح أيمن صلاح المدير التنفيذي للجمعية بداياتها كفكرة قادها عدد من شباب رجال الأعمال في مصر مثل أحمد صبور ونهاد رجب وتامر نصار وحاتم خاطر وخالد محمود وحسن عبد الله، وكان التفكير هو تكوين غرفة لشباب رجال الأعمال تخرج من عباءة الغرفة العربية الألمانية للتجارة والصناعة، ثم تطورت الفكرة إلى إشهار جمعية مصرية تمت في ظل قانون 84 لسنة 2002 تضم أقل من مائة عضو.

وتواكب مع إنشاء وإشهار الجمعية ظهور مفهوم التنافسية وتبنت الجمعية هذا المفهوم الجديد على المجتمع الاقتصادي المصري وبدأت في تطوير محتواه لقياس تنافسية الاقتصاد المصري وتطبيق معايير الأداء المعروفة في تقرير دافوس للتنافسية بين الدول، وتم إصدار تقرير التنافسية الأول لمصر عام 2003 واستضافة لوبي كلاروس أوجوستو مدير تقرير التنافسية العالمي للتعليق على موقع مصر التنافسي في العالم، وإنشاء المجلس الوطني للتنافسية برئاسة حسام بدراوي للتعاون مع مركز الدراسات الاقتصادية في إصدار تقرير التنافسية سنوياً.

وتضع الجمعية معايير واشتراطات محددة للعضوية لها؛ أولها ألا يتجاوز العمر ما بين 25 إلى 45 عاماً فقط، وأن يتعهد العضو بتطبيق مبادئ الجمعية في العمل لتنمية المجتمع المصري اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً، ويوافق على تطبيق أحدث نظم الإدارة من حيث جودة الإنتاج ومراعاة البيئة في شركته، والمشاركة في المعلومات والخبرة بعقل متفتح مع بقية أعضاء الجمعية والتعهد بتقديم الصفقات التي لا تستطيع شركته الوفاء بالتزاماتها إلى الشركات الأعضاء بالجمعية.

وتضيف الجمعية في أوراق استمارة الاشتراك المبادئ الواردة في ميثاق الأمم المتحدة، حيث يوقع العضو على الالتزام بها مثل حماية حقوق الإنسان وحقوق العمالة وعدم استخدام الأطفال، وعدم التفرقة بسبب الجنس أو اللون أو الدين، والالتزام بالشفافية والبعد عن الرشاوى، ويبلغ رسم الاشتراك بالجمعية 500 جنيه بالإضافة إلى ألف جنيه رسوم سنوية للعضوية.

ويؤكد أيمن صلاح أن أجندة الأعمال التي أصدرتها الجمعية عام 2004 كانت توجهاً فكرياً جديداً على المجتمع الاقتصادي المصري، حيث قسمت مجتمع الأعمال إلى قطاعات رئيسية وحددت العوائق والمشاكل التي تواجه كل قطاع، بالإضافة إلى الحلول التي تقترح الجمعية تطبيقها لإزالة العوائق وأسلوب التوجه إلى الوزارات المعنية بالمشكلة. وطبقت هذا الأسلوب في اثنى عشر قطاعاً تشمل الإنشاء والتعمير والاستشارات والطاقة وقطاع تنمية الصادرات والمنتجات الغذائية والبنوك وقطاع الاتصالات، والمنتجات الصناعية والمنسوجات والدواء والسياحة وقطاع الشؤون القانونية، كما وضعت الجمعية تحدياً لكل القطاعات وهو الوصول إلى رؤية موحدة لكافة القطاعات بالمجتمع المصري وخلق مشاركة استراتيجية بين قطاع الأعمال والمجتمع المصري، وتطبيق الشفافية ومحاربة الفساد.

كما رصدت صعوبات الحصول على الائتمان وربط المشروعات الصغيرة بالأسواق العالمية وضمان التوزيع العادل والشفاف والجيد للائتمان وتوفير الدعم الفني للمشروعات وغيرها من الحلول التي قدمتها الجمعية إلى الوزارات والهيئات المصرية، كما قدمتها إلى جهات التمويل المختلفة، مثل مؤسسة CIPO لتشجيع العمل الخاص وحصلت منها على 30 ألف دولار لتمويل متابعة تنفيذ الحلول الواردة بأجندة الأعمال.

ويقول أيمن صلاح لقد أصبحنا «فرخة بكشك» لدى جهات التمويل والوزارات المصرية بسبب هذا التوجه الفكري الذي يرصد المشكلة ويقدم الحلول والاستعداد للمشاركة في تنفيذ هذه الحلول وتصادف مع هذا التوجه من الجمعية مجيء حكومة الدكتور أحمد نظيف بتوجهاتها لإفساح المجال للإصلاح الاقتصادي ومشاركة القطاع الخاص وتسهيل بيئة الأعمال.

وقامت الحكومة بتبني الحلول التي وضعتها الجمعية وقامت بتنفيذها وخاصة في قطاع المنسوجات حتى أصبحت الحكومة المصرية أسرع من الجمعية في معالجة مشكلات القطاعات الصناعية المختلفة وتطبيق الحلول المقترحة.

وأصبح للجمعية مصداقية لأنها لا تبحث عن مصلحة خاصة لأعضائها وإنما عن مصلحة القطاعات الصناعية بصفة عامة ومصلحة الاقتصاد المصري، لذلك بدأ إقبال الوزراء على المشاركة في المؤتمرات التي تعقدها، وتطوع عدد من الأعضاء على التعاون مع الوزارات لتنفيذ البرامج والحلول المقترحة للقطاعات في توافق بين جمعية تريد التغيير والإصلاح وبين قابلية للاستماع والعمل من الحكومة.

ويعترف أيمن صلاح بأن المسألة ليست قضية وطنية فقط، مشيراً إلى أن أعضاء الجمعية يهدفون إلى تحسين المناخ الاقتصادي ليصبح مشجعاً للأعمال بما ينعكس بالإيجاب على مصالحهم أيضاً، ويلقي زيادة عدد الأعضاء إلى 340 عضواً تمثل شركاتهم ومصانعهم موئلاً لما يقرب من 140 ألف موظف وعامل، وتمثل المرأة نسبة 10% من مجموع الأعضاء، حيث تشارك 39 سيدة أعمال في عضوية الجمعية.وتعمل الجمعية من خلال ثلاث مجالس رئيسية هي مناخ الأعمال وشؤون الأعمال وتنمية المجتمع وتندرج تحت تلك المجالس الثلاث اللجان الصناعية المختلفة والمشاريع مثل مشروع تدريب طلبة الجامعات لتأهيلهم للعمل وفق احتياجات السوق. ويقول إن هذا التدريب يتم في مصانع أعضاء الجمعية ثم يتم توظيف الطلبة الحاصلين على هذا التدريب بما يحقق فائدة للطالب وفائدة أيضاً للمصنع.

وتتبنى الجمعية خلال عام 2005/2006 برنامجاً لحوكمة الشركات لتوعية الأعضاء بأهمية مبادئ الحوكمة في مواكبة التطور العالمي، ووضع ترتيب للشركات وفق مدى تطبيقها لهذه المبادئ بما يؤهلها للمنافسة في السوق والحصول على التمويل اللازم لمشروعاتها.

كما تتبنى الجمعية مشروعاً يهدف إلى خلق رؤية شاملة لمصر حتى عام 2030، بحيث ينبع عن الرؤية هدف واستراتيجية وخطة عمل لجعل مصر قوة إقليمية بالمنطقة.

كما تتبنى الحكومة الأفكار التي تضعها الجمعية، فإنها أيضاً تستعين بأعضاء الجمعية في المناصب القيادية المختلفة (حكومية وخاصة بالمجتمع المدني) وقائمة الأعضاء الذين تولوا مناصب في المجالس التصديرية المختلفة التابعة لوزارة التجارة والصناعة قائمة طويلة تبدأ بحلمي أبو العيش في منصب رئيس مركز تحديث الصناعة ونهاد رجب (مؤسس الجمعية) في المجلس التصديري للبناء والتشييد، بالإضافة إلى اختيار حسن عبد الله رئيس مجلس إدارة البنك العربي الأفريقي (وأحد مؤسسي الجمعية) رئيساً للجنة الاقتصادية بالحزب الوطني خلفاً للدكتور محمود محيي الدين وزير الاستثمار الحالي.

كما تضم القائمة شيرين عباس حلمي في المجلس التصديري للأدوية وأدهم نديم في المجلس التصديري للأثاث، واشراف الجزايرلي نائباً لرئيس المجلس التصديري للصناعات الغذائية. واختيار حسن الخطيب في عضوية مجلس أمناء مجلس المديرين بوزارة الاستثمار، ومحمود خطاب نائباً لرئيس الشعبة العامة لتجار الأجهزة الكهربائية، وعلاء رائد هاشم عضواً بمجلس إدارة برنامج تحديث الصناعة، وأحمد حجاج بالمجلس التصديري للرخام والجرانيت، وحديثاً اختيار عمرو عسل رئيساً لهيئة التنمية الصناعية.