رجل الأعمال المصري الشاب خالد فوزي: النقل روح الصناعة.. والخبرة العملية سر النجاح

TT

اختار خالد إبراهيم فوزي قطاع الخدمات، ليكون نقطة انطلاقة إلى عالم نشاط النقل والشحن مقتحما مجالا كان مقصورا على كبار رجال الأعمال.

وجاء دخوله المجال المحاط بالمصاعب والمشاكل اعتمادا على شخصيته المتمردة والرافضة للثوابت، وقد بدأ رحلة البحث عن الذات بممارسة اللعبة البيضاء (التنس)، والتي كان يعتقد أنها ستكون محطته الأخيرة غير أن التنس بما تفرضه على صاحبها من نظام حديدي صارم يفرض ساعات النوم والاستيقاظ، والتدريب والاحماء، هذا النظام المتكرر كان يتعارض مع مزاج الطائر الذي يهوى الترحال. ويرى خالد فوزي أن التجربة الحقيقية تبدأ من قراءة وجوه البشر والتعامل المباشر مع الحياة وليس خلف زجاج الغرف المكيفة، فمنذ حصوله على شهادة الثانوية العامة رفض أن يسير على درب الوالد ويدخل الجامعة ليدرس الهندسة الميكانيكية كما أراد له والده الدكتور إبراهيم فوزي وزير الصناعة السابق، وفضل أن يحتك بالتجارب الحياتية، بأن يسافر إلى الأردن واسكوتلاندا ليعمل في مهن قد تبدو غير لائقة عند أقرانه كأن يعمل عاملا بمقهى وشيالا، ويسافر بعدها إلى الولايات المتحدة ليدرس مجال الدعاية والتصوير، ولكن هذا المجال لم يلق هوى لديه، فقرر أن يدرس الفلسفة والعلوم السياسية ويحصل على الماجستير من جامعة ليبزانيا وقد تعب الطائر من الترحال، فبدأ مشوار العودة إلى مصر عام 2002.

يقول خالد: لقد أتاح لي السفر خبرات إنسانية متنوعة أكسبتني ميزات مهمة من بينها تنظيم الأفكار والوقت وإعداد دراسة جيدة مع كل خطوة أقدم عليها، وهو الأمر الذي دفعني لأن أؤسس شركة شحن بمفردي، دون اعتماد على «بيزنس» عائلي أو غيره.

كانت البدايات صعبة بعد أن أسس شركته، ولم يحظ بعميل واحد لمدة ستة أشهر ومع فوزه بأول شحنة تحطمت في الطريق، محققا خسارة لكنه ظل صامدا ويعمل بمفرده دون استعانة، وعماله معه قاصدا أن يطلع على كل صغيرة وكبيرة في مجال النقل البحري والجوي والبري، إلى أن تحولت شركته الصغيرة إلى شركة كبيرة يشار إليها.

كانت لخالد رؤيته الخاصة لشركات الخدمات، رافضا أن ينظر إليها باعتبارها مجرد وسيط، فهو يعتبر أن مقدم الخدمة عليه أن يقدمها في أفضل صورة، وأن يكون قادرا على حل المشاكل الطارئة، وأن يعمل بشفافية ليحصل على ثقة عملائه، ويرى أن قطاع الخدمات مظلوم في مصر، نتيجة فقدان الثقة في قدرته على لعب دور في الاقتصاد، ويشكو من غياب الدعم الحكومي لقطاع الشحن.

واعتبر رجل الأعمال المصري الشاب أن الخط الملاحي أقوى حلقة في منظومة النقل، لأنه يمتلك الحاوية والمركب، وأن الخطوط الملاحية تستخدم مصر كموانئ ترانزيت، محذرا من الاتجاه إلى خصخصة الموانئ التي قد تخلق وضعا احتكاريا للشركات المالكة، التي تعطي الأولوية لخطوط الملاحة الخاصة بشركاتها، وتغالي في الأسعار بما يزيد من تكلفة الشحن على العميل، مشددا على أهمية وضع ضوابط وحدود سعرية مع توفير آليات للرقابة والمتابعة والتنظيم على الموانئ الحكومية.

ورغم أن خالد فوزي عضو في جمعية شباب الأعمال وفي مجلس الأعمال المصري الماليزي، وغرفة التجارة الألمانية إلا أنه ينتقد بعض تجاوزات رجال الأعمال الكبار مع الجيل الجديد من شباب الأعمال، مثل احتكار بعض الكبار لسوق النقل، فضلا عن تحكمهم في الأسعار وهو الأمر الذي يشكل منافسة ضارة للصغار. ويؤكد على صعوبة المقارنة بين الجيلين، موضحا أن الجيل الجديد أكثر تواصلا مع العالم الخارجي واعتمادا على قدراتهم الخاصة. كما يؤكد على أهمية زيادة عدد الخطوط الملاحية إلى القارة الأفريقية، التي لا تزيد عن خمس خطوط فقط على عكس أوروبا. وقد لمح إلى أن خط زيم الملاحي الإسرائيلي، يشكل منافسة كبيرة نظرا لانخفاض أسعار الشحن عليه ولامتلاكه أسطولا كبيرا من الحاويات، فضلا عن تعامله مع الكثير من الموانئ.

وخالد فوزي لم يتزوج وهو يمتلك حسا سياسيا ناقدا حادا، وقد مارس العمل العام بقوة خلال وجودة بالجامعة في أميركا ويمارس دورا كبيرا حاليا من خلال مؤسسات المجتمع المدني التي ينشط بها. ويرى خالد فوزي، أن انعدام الثقة بين قطاع الأعمال والحكومة، كان أحد معوقات انطلاق القطاع الخاص، ويؤكد أن على القطاع الخاص أيضا أن يتخلص من عيوب عدم النضج ومن الطابع العائلي المحافظ، وينتقد وجود ممارسات فاسدة في قطاع الشحن يتعين القضاء عليها، وهو ممن يؤمنون أن قطاع النقل هو أهم خادم للصناعة وقد أسس شركة أخيرا لتجارة الأسمدة، وهو يظن أنه سينتقل إلى الصناعة يوما لا محالة.