«جراحة التجميل» تتحول لمورد اقتصادي جاذب في لبنان

18.5 ألف عملية عام 2005 وإقبال متزايد من الرجال

TT

جراحة التجميل أو «الترميم» التي بدأت مع القبائل الهندية منذ ما قبل الميلاد بترميم الانف، تحولت اليوم بعد المراحل التطويرية التي مرت بها، وخصوصاً بعد الحربين العالميتين الاولى والثانية، الى صناعة بكل ما للكلمة من معنى.

وانتشرت جراحة التجميل وملحقاتها في المجتمعات العربية بعدما تحولت الحاجة اليها من الاسباب الطبية والخلقية الى البحث عن الجمال والتشابه مع المشاهير.

ومع هذه التحولات، يقدم لبنان الدور الابرز وتحول الى مركز جذب ومميز رئيسي في العالم العربي للجراحات التجميلية برقم لافت يبلغ 18.5 الف عملية تجميل سنويا، أي ما يوازي 35 في المائة من مجموع العمليات الجراحية المألوفة في معظم المستشفيات الخاصة. وساهمت بنحو 15 في المائة من مجموع السياحة في لبنان.

أمام هذا الواقع، وهذه «الهجمة» على العمليات التجميلية مع لبنان، أين الدور الاقتصادي لهذا القطاع؟ وهل بات اختصاص التجميل موردا حيويا للاقتصاد الوطني والدخل الوطني؟.

هذا السؤال ناقشته «الشرق الأوسط» مع نخبة من اختصاصيي التجميل. وكانت الجلسة الاولى مع الدكتور سامي سعد الذي عرض المعطيات المساهمة في تحول لبنان الى نقطة جذب في حقل التجميل، وقال: «أصبحنا نقطة جاذبة للباحثين عن جراحة تجميلية ناجحة، وذلك لعدة أسباب، أهمها: تقدم الطب في لبنان على كل المستويات وفي مجمل الاختصاصات قياسا بالدول المجاورة، فلبنان اليوم يعتبر من الاوائل في المنطقة، على صعيد أنواع الاختصاصيين ومستواهم، والخدمات الطبية، والتجهيزات والمعدات الطبية، إضافة الى ما تقدمه خبرة ومتابعة الاطباء للمرض، خلال العملية وبعدها وبشكل متواصل، وهذا بذاته قيمة مضافة على مستوى الاداء في الجهاز الطبي اللبناني، والذي يشكل آخر ابرز العناصر الجاذبة، وخصوصاً على صعيد طب التجميل، بما فيه من عمليات جراحية او ترميم او شفط للدهون وتخفيف الوزن. وهنا لا ننسى أهمية الخبرة، الى جانب متابعة الطبيب نفسه للتطورات العلمية والتقنية العالمية من خلال حضوره للمؤتمرات والندوات الطبية المخصصة في العالم. وهذا ما ميزنا كاختصاصيي تجميل، وحوّل لبنان الى مركز جذب. بناء عليه، أقولها وبثقة، اننا الاوائل في هذا المجال ونحتل حالياً المركز الـ 24 في العالم نسبة الى عدد السكان، وهذا وفقا لإحصاءات «Isaps» التي تحتسب حجم العمليات الجراحية في السنة قياسا لحجم السكان، حيث فاق المعدل السنوي لعمليات التجميل في لبنان أخيرا 18500 عملية، وهذا الرقم لا يشمل عمليات التجميل البسيطة التي تتم في عيادات الاطباء والتي لا يتم عادة التصريح عنها بالكامل».

وعن تطور جراحة التجميل الذي بدأت تحققه الامارات، يوضح سعد عناصر القوة التي يملكها لبنان والتي تبقيه بعيدا عن المنافسة، مختصرا اياها بأن «موضوع العمليات التجميلية لم يكن مقبولا ولا محبذا في البيئة العربية بصورة عامة، ومنها اللبنانية، إلا في السنوات الخمس الاخيرة، حين بدأنا نشهد «هجمة» على عمليات التجميل، ولكن ورغم تطور مفهوم عملية التجميل وتقبلها في عالمنا العربي، لا تزال هناك خشية وخوف من «القيل والقال»، سواء من المرأة أو من الرجل العربي، وهذا يعني ان طابع السرية ما زال محببا في الدول العربية لهذا النوع من العمليات، زد على ذلك عامل السياحة عندنا واللغة المشتركة، وهذا أمر مهم جدا للمريض او السائح العربي، وهذا ما يعزز موقعنا ويجعلنا ننافس الدول الاوروبية والاميركية لأن المريض الذي يزور لبنان يصيب أهدافه كاملة في السياحة والترفيه والاستشفاء القائم على الخبرة والتقنية الى جانب السرية. وحول موضوع التكلفة التي يشكو منها العديد من المرضى، قال: «صحيح أسعارنا عالية نسبيا لأننا نضمن الجودة والنوعية. وإذا ما قارنا كلفة العمليات الجراحية التجميلية في لبنان مع أي دولة اجنبية نجدها معقولة، علما اننا نعتمد التقنيات ذاتها. زد على ذلك، ان عمليات التجميل تحدد كلفتها بين اختصاصي التجميل والمريض، مما يعني انها تشبه العقد بين طرفين وتكون بالتوافق وبالتالي لا توجد مشكلة، خصوصا اننا نتحدث هنا عن الكماليات وليس عن الضروريات الصحية، أي اننا نتحدث بصورة عامة عن طبقة معينة من الناس، وهي الطبقة «المخملية» في المجتمع والتي ترغب في عمليات التجميل ومواكبتها كموضة ايضا».

وتكشف بعض الاحصاءات الأولية لـ «الشرق الأوسط»، ان الذين يخضعون لعمليات تجميلية من حيث نوع عملية التجميل وأهدافها، موزعون على قسمين: الأول طبّي ولا تتجاوز نسبته الـ 2 في المائة من نسبة عمليات التجميل، أما الثاني فرغبة وموضة وهو موزع كالآتي:

ـ تحت عمر 21 الى 50 سنة، 49.7 في المائة.

ـ من عمر 50 سنة وما فوق، 46 في المائة.

واللافت ان نسبة إقبال الرجال على عمليات التجميل ارتفعت ما بين عامي 2003 و2005، من 2 في المائة من حجم هذه العمليات الى نسبة 11 في المائة وتتجه صعودا.

وهل تساهم هذه النقلة النوعية في حقل التجميل في تطوير قطاع الاستشفاء في لبنان؟ يقول الدكتور سعد: «صراحة هذا السؤال يعيدنا في إجابته الى أهمية كلفة العمليات الجراحية التجميلية على هذا الصعيد، فمردود عمليات التجميل كما هو معروف سريع جدا ومرتفع ويؤمن للمستشفيات دخلا جيدا وسريعا وبعيدا عن أخطار الحسومات التي تتعرض لها الفاتورة من الصناديق الضامنة على اختلاف مرجعياتها، يقابلها هذا الإقبال الواسع على عمليات التجميل والذي يحتاج الى أحدث المعدات والتجهيزات والخبرات في الجسم التمريضي، مما دفع بمعظم المستشفيات الخاصة الى استقبال عمليات التجميل والتجهيز لها لأنها مربحة جدا. ولو أخذنا مثلا مدينة بيروت نجد ان نسبة العمليات الجراحية في المستشفيات الخاصة حوالي 35 في المائة من نسبة العمليات الجراحية فيها، وهي تشكل دخلا مغريا للمستشفى».

وعن مدى مساهمة ناتج العمليات التجميلية في الناتج الوطني يقول: «يكفي أن تقيس نسبة ما تؤمنه ضريبة المهن الحرة من دخل للخزينة قياسا بنسبة عمليات التجميل المصرح عنها لنعلم مدى اهمية تطويرنا لهذا القطاع ودوره في تحسين الوضع الاجتماعي والاقتصادي».