رجل الأعمال المصري حسين صبور: أنا مخاطر ولست مقامرا.. وأعشق احتراف النجاح

TT

كثيرة هي انشغالاته والمجالات التي برع فيها.. فهو المهندس الاستشاري ذائع الصيت على المستوى العربي، ورئيس أحد أكبر النوادي المصرية «نادى الصيد» ورئيس سابق لاتحاد تنس الطاولة المصري، وبنك المهندس أيضا لمدة خمس سنوات، وفى الوقت ذاته هو من أطلق برنامج «صالون دريم » الذي استضاف على شاشة فضائية أبرز الشخصيات الثقافية والعلمية ليتحدثوا في صالون أشبه بصالونات كبار الشعراء والمفكرين القدامى عن هموم الوطن والقضايا التي تشغل بال النخب.

ويعتز المهندس الاستشاري المسرى حسين صبور ورئيس شركة الأهلي للتنمية العقارية ببدايات عمله في الخمسينات من القرن الماضي، بعد تخرجه من كلية الهندسة جامعة القاهرة عام 1957، فأول مشروع قام به في حياته كان بناء «قبر» للأستاذ ويلسون أمين المصرى المسيحي، والذي بلغت قيمته تصميما وتنفيذا 150 جنيها، والثاني كان إقامة حائط لتقسيم مخازن «الشركة العامة للتجارة والكيماويات» في حارة أليكسان بمنطقة مصر القديمة لقاء 140 جنيها! ويقول صبور: كانت تلك أياما جميلة يغلب عليها صفاء النفس وحب الإبداع حتى في أبسط الأعمال. كنت قد أسست مكتبا مشتركا للأعمال الهندسية مع اثنين من زملائى خريجى كلية الهندسة وفى الوقت نفسه جيرانى بضاحية مصر الجديدة، اولهما توفيق نسيم، سليل إحدى العائلات المسيحية الثرية، إلا أن قوانين التأميم التي صدرت في الحقبة الناصرية ـ تحديدا عام 1961 ـ والتي أتت على غالبية ممتلكاتها دفعته للهجرة الى كندا، وقال بالنص «لا داعى لأن تكبر مشروعاتنا ويتم تأميمها هي الأخرى». أما الثاني فهو عفت منصور الذي سافر بعد فترة قصيرة في بعثة للحصول على درجة الدكتوراه من اميركا.

يروي صبور صعوبة هذه الفترة من حياته العملية، فبعد أن تركه أصدقاء عمره وتولى وحده مسؤولية المكتب الهندسي صدرت في هذه الآونة قوانين تحديد ايجارات المساكن فتوقف القطاع الخاص عن البناء ما أدى لتراجع شديد للغاية في معدلات البناء، فانقطع عمل المكتب، وبعد فترة ـ يقول صبورـ قادني فكري للتوجه الى القطاع الصناعى بعد ان اتجهت الدولة لتأميم الصناعة، وتمكنت من ان أتولى بناء مصانع وورش لمصانع كبرى، وبدأ صيتي في الذيوع، إلا أن وقوع نكسة عام 1967 أدى لتوجيه الدولة كافة مواردها الى المجهود الحربي فتوقفت مصادر المكتب من القطاع العام أيضا.

كانت الصعوبة في هذه المرحلة تكمن في القدرة على تحقيق المعادلة الصعبة بالمحافظة على الكوادر العاملة معه ـ 10 مهندسين خلاف الكتبة والسكرتارية ـ وسداد رواتبهم، للابقاء عليهم متفرغين فقط للمكتب، فقد كان مكتبه هو الوحيد الذي تفرغ له كل من عملوا به، بينما كانت بقية المكاتب الهندسية مملوكة لأساتذة جامعة أو مديرين كبار في مصالح حكومية يعملون بها في فترة ما بعد الظهر فقط ومعهم بعض المعيدين غير المتفرغين بالطبع. وجهت هذه الظروف صبور الى ليبيا التي سافر اليها في فبراير 1968، بعد ان استمع لأحد أصدقائه ـ شقيق رئيس سابق لدار «أخبار اليوم» الصحافية ـ يحكي عن صديق له ليبي من كبار رجال الأعمال هناك شكا له من المهندسين المصريين وتجربته مع أحدهم الذي حصل منه على مبلغ مالي كبير لتصميم فيللا له في ليبيا وقدم تصميمات سيئة للغاية، فأردت أن أصحح هذه الصورة لدى رجل الأعمال الليبي وقمت بتصميم الفيللا وقدمتها له من خلال صديقي المصري من دون مقابل، وأعجبته للغاية ودعاني لزيارة ليبيا وبدأت العمل هناك منذ الربع الثاني من عام 1968.

ويؤكد أشهر الاستشاريين المصريين وربما العرب على استفادته الجمة من العمل في الجماهيرية الليبية، فقد كان تركيزه الكامل في مصر على المباني السكنية، ولكنه اكتشف عند زيارته الى ليبيا أن الحاجة للمساكن تأتى في مرتبة تالية بعد مشروعات البنية الأساسية كالمياه والصرف الصحي والكهرباء والطرق والمصانع، مشيرا الى أن انفتاح ليبيا في ذلك الوقت على أوروبا، أدى لاشتعال المنافسة على هذه السوق، مع اكبر المكاتب العالمية، فتعلم كيفية تقديم العروض والمنافسة على الجودة وليس السعر، فارتفع مستواه بدرجة كبيرة، وأصبح اسم «صبور». ذائع الصيت على كافة المستويات.

15 نوفمبر هو يوم عيد ميلاد حسين صبور وهو اليوم الذي اختاره محمود عبد العزيز، الرئيس الأسبق للبنك الأهلي في عام 1994، لعقد الجمعية العمومية التأسيسية لشركة «الأهلي للتنمية العقارية» التي أسسها البنك الأكبر في مصر بالشراكة مع صبور الذي كان مستشاره الهندسي، لتكون ذراعه في قطاع الاستثمار والتنمية العقارية، بنسبة مساهمة 40% للبنك الأهلي و60% لصبور، الذي أصر على أن يكون نجله المهندس أحمد الذي لم يكمل في ذلك الوقت 30 عاما عضوا منتدبا للشركة، ووصلت الآن برأسمالها المدفوع من 5 ملايين جنيه في عام 1994 الى 100 مليون جنيه حاليا.

بعد رحلة الكفاح الطويلة التي خاضها صبور يؤكد أنه «مخاطر» وليس «مقامرا»، مشددا على أنه لم يبحث يوما عن «الفلوس» وإنما عن النجاح في أي صورة كانت ـ وان جاءت الفلوس بطبيعة الحال ـ، وأكثر ما كان يسعده هو أن توضع فيه الثقة للنهوض بمؤسسة فاشلة وإعادتها مرة أخرى للطريق الصحيح، لذلك فقد سعد بتوليته رئاسة بنك المهندس في فترة سابقة، والذي تسلمه ولا يزيد رأسماله على 20 مليون جنيه وميزانيته أقل من مليار جنيه ولم يحقق أرباحا طيلة 7 سنوات، وسلمه بعد 5 سنوات، وقد ارتفع رأسماله الى 180 مليون جنيه ووصل حجم ميزانيته الى 5 مليارات جنيه، محققا أرباحا سنوية بلغت 100 مليون جنيه.

ويؤكد أن التحدي كان ممتعا ولذلك لم يتقاض «مليما واحدا» طوال فترة رئاسته للبنك، وهو الأمر نفسه الذي تكرر مع نادى الصيد ـ الذي يقع حاليا على قمة النوادي بعدد أعضاء يبلغ 40 ألف أسرة.