مستثمر إماراتي يشتري مدارس دولية قديمة ويجلبها إلى الإمارات

أول الغيث «ريبتون» الإنجليزية التي تأسست قبل 450 عاما

TT

بعد قصة متحف اللوفر أخيرا والإعلان عن خطط أدهشت العالم لبناء نسخة منه في عاصمة الإمارات ابوظبي، والتي كان قبلها ايضا مشروع بناء فرع من جامعة السوربون الفرنسية العريقة في المدينة ذاتها، يعمل مستثمر اماراتي شاب على جلب مدارس عالمية عريقة بأسمائها ومناهجها وصرامتها الى الامارات والخليج، عبر صندوق استثماري يبلغ حجمه 100 مليون دولار.

ومع حلول العام المقبل ستظهر للوجود في دبي نسخة من مدرسة «ريبتون» الانجليزية العريقة التي تأسست قبل 450 عاما، فيما لن تستغرق عملية بناء النسخة الإماراتية من المدرسة العامين. يقول خالد المهيري الرئيس التنفيذي للبنك الاستثماري «ايفولفنس»، ومقره دبي ان خاض معركة صعبة مع مجلس محافظي المدرسة البريطانية للحصول على موافقته لبناء فرع في دبي، والذي ناله بعد ان كان الشرط الأساسي للمجلس هو ان تحافظ ريبتون دبي على هوية المدرسة وشخصيتها وعراقتها الممتدة لأربعة قرون ونصف القرن. وايفولفنس تنضم الى قائمة متزايدة من المؤسسات الاستثمارية التي تدخل الى قطاع التعليم المربح في الامارات ومنطقة الخليج، خاصة في ظل سمعة سيئة لنظام التعليم الحكومي ورغبة الكثيرين، وخاصة من الأجانب المقيمين الى أن يتلقى أولادهم مستوى تعليميا جيدا يؤهلهم لدخول الجامعات الغربية فيما بعد. وفيما يجري العمل حاليا على قدم وساق لاتمام الأعمال الانشائية لمدرسة ريبتون دبي، لتكون جاهزة لاستقبال 3000 طالب في العام الدراسي 2008، بمن فيهم طلاب للمدرسة الداخلية في المدرسة ذاتها، أصر المهيري على ان مدرسته هذه ستكون مثالا يحتذى في المنطقة.

وقال لـ«الشرق الأوسط» في مقابلة بمكتبه في دبي، إن النظام التعليمي المتبع في المدرسة، سيكون الافضل مع التركيز ايضا على الهوايات كركوب الخيل، حيث يوجد في مخطط المدرسة مضمار واسطبل للخيول على غرار مدارس النبلاء الانجليز. أما متوسط مرتبات المدرسين في هذه المدرسة، فستتراوح بين 18 ـ 20 الف درهم شهريا (4900 ـ 5400 دولار شهريا) وفقا للمهيري، وهي من بين المرتبات «الخيالية» للمدرسين في مراحل التعليم الاساسي في الإمارات او منطقة الخليج. وقال المهيري الذي كان يعمل سابقا في جهاز ابوظبي للاستثمار، ويدير حاليا عبر شركته صناديق استثمارية في الملكية الخاصة يصل حجمها الى مليار دولار، انه عقد صفقات لافتتاح فروع لمدرسة «اميركان كومينتي سكول» الأمريكية والتي يبلغ عمرها 100 سنة، ومدرسة بيرلا الهندية وعمرها 70 سنة والمدرسة الفرنسية 150 سنة في الامارات وقطر، وربما في السعودية ايضا خلال اربع سنوات.

واجتذبت كعكة التعليم المربحة خلال السنوات الماضية، عددا متزايد من الشركات مثل اعمار العقارية، التي أعلنت قبل عامين تقريبا عن خطط لتوسيع استثماراتها باتجاه قطاع التعليم في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والهند بإنشاء مدارس دولية لمراحل التعليم ما قبل الجامعي.

وذكرت الشركة انها تتفاوض لعقد شراكات استراتيجية مع مجموعة من أبرز المؤسسات العالمية المتخصصة في مجال التعليم، كما أنها استحوذت على مؤسسات قائمة حاليا.ً واعتبر محمد علي العبار، رئيس مجلس إدارة الشركة إن «دخولنا قطاع التعليم خطوة استراتيجية، تأتي في الوقت المناسب، ونتوقع أن تسهم هذه الخطوة في تعزيز ربحية الشركة ورفد النمو المطرد الذي تشهده». وأعلنت إمارة رأس الخيمة في الإمارات العام الماضي عبر ذراعها الاستثمارية، عن تأسيس شركة مساهمة بهدف إنشاء مشاريع تعليمية تشمل مدارس وجامعات محليا واقليميا برأسمال يبلغ 272 مليون دولار. وكان من باكورة مشاريعها إطلاق مشروع جامعة «جورج مايسون» الأميركية في رأس الخيمة وجامعة رأس الخيمة للعلوم الطبية والصحية وأكاديمية الحمراء، التي ستكون أول مدرسة داخلية من نوعها في المنطقة.

كما أعلنت العام الماضي شركة الصكوك الوطنية الإماراتية التي تدير البرنامج الإدخاري الإسلامي في البلاد عن مشروع «مدارس»، وهو عبارة عن شركة مساهمة خاصة برأسمال 136 مليون دولار لافتتاح نحو 14 مدرسة ابتدائية وثانوية في غضون السنوات الخمس المقبلة.

ووفقا لمركز دراسات الاقتصاد الرقمي ومقره دبي، فقد بلغ حجم الإنفاق على قطاع التعليم في دول الخليج العربي 26 مليار دولار أميركي في عام 2005، نتيجة لعائدات النفط العالية ولالتزام دول المنطقة بتطوير أنظمتها التعليمية. وتصدرت الإمارات المنطقة العربية، انفاقاً على قطاع التعليم، حيث زادت نسبة إنفاقها من 17.08% في عام 2004 إلى 17.20% في 2005، وخصصت في عام 2004 حوالي 1.11 مليار دولار أميركي للإنفاق على القطاع وحده من حجم الموازنة السنوية العامة التي بلغت 5.6 مليارات دولار. وتخطو دبي حثيثا نحو تأسيس قاعدة تعليمية متطورة بحلول نهاية العقد الحالي، لتتحول الى مركز للتعليم العالي العالمي المستوى لاستقطاب عشرات آلاف الطلاب من المنطقة متطلعة ان يتطلع اليها الطلاب كبديل عن الولايات المتحدة واوروبا لتحصيلهم الجامعي والعالي، خاصة في ظل تصاعد الضغوطات بعد احداث سبتمبر (أيلول) على الطلبة العرب والمسلمين الراغبين في الدراسة في الولايات المتحدة.

واضافة الى التعليم الاساسي، تسعى دبي الى خلق قاعدة واسعة لاستقطاب طلبة التعليم العالي الجامعي، عبر مشروعها قرية المعرفة.

ويبدو أن نجاح دبي في مساعيها التجارية والاقتصادية، بحيث أصبحت «محور» المنطقة المالي، شجعها على استشراف الفرص الأخرى، ومنها التعليم العالي الذي يعتبر من اكثر «المنتجات» تكلفة في الخارج.

وتسعى القرية حاليا الى استقطاب 30 جامعة عالمية وما يزيد عن 36 ألف طالب، مع التركيز بشكل كامل على متطلبات وأسس التعليم العالمي.

وتضم القرية حالياً حوالي 15 جامعة عالمية من بينها معهد بيرلا للتكنولوجيا والعلوم من الهند وجامعتا «ولوينغ» و«سذرن كوينزلاند» الاستراليتان والجامعة البريطانيـة بدبي وجامعـة ميدلسكس البريطانيتان وجامعة آزاد الاسلامية الإيرانية.