السنهوري جذبني إلى دراسة القانون

الدكتور هاني سري الدين: مقومات جيدة لأسواق المال العربية لم تستغل بعد

TT

كان حلمه ان يعمل معيدا في كلية الحقوق تأثرا بعلامة القانون الشهير الدكتور عبد الرازق السنهوري، ولأنه نشأ في بيئة محيطة زرعت فيه هذه الرغبة حيث عمل والده محاميا حرا وكذلك عمه الذي كان ذا شهرة واسعة في الثلاثينات وأيضا صهره، والد زوجته، الدكتور أحمد البرعي وكيل كلية الحقوق بجامعة القاهرة الآن.

تحقق للدكتور هاني سري الدين رئيس مجلس ادارة الهيئة العامة لسوق المال المصرية ما حلم به فقد حصل فور تخرجه من كلية الحقوق بجامعة القاهرة على درجة الماجستير، وبرغم انه كان مقررا أن يستكمل دراسته في باريس الا انه آثر الذهاب إلى لندن ليحصل على الماجستير ثم الدكتوراة في قانون الأعمال الدولية من كلية «كوين ماري» بجامعة لندن وبدأ حياته العملية بالتدريس وهو طالب دكتوراة في نفس الكلية التي درس منها متخصصا في تدريس مواد تطوير أسواق المال، ثم عاد إلى مصر بعد أن أنهى دراسته الأكاديمية في عام 1995 ليتسلم عمله كأستاذ بجامعة القاهرة.

يقول الدكتور هاني إن مزجه بين الجانب الأكاديمي وعمله الخاص في قضايا الاستثمار أكسبه خبرة كبيرة، موضحا أنه عمل كمدير لمجموعة الفطيم بدبي ومستشارها القانوني، وزادت خبرته بشكل ملحوظ وقت أن كان شريكا رئيسيا لمكتب الشلقاني للمحاماة أشهر مكاتب الاستشارات القانونية في مصر، ورأس مجموعة بنوك الاستثمار الخاصة بالمكتب خلال الفترة من 1996-2002 وتنوعت خبراته العملية ليختاره الدكتور محمود محيي الدين وزير الاستثمار عام 2005 ليتولى رئاسة هيئة سوق المال، بعد أن عمل مع المجموعة الاقتصادية من خلال نشاط اللجنة الاقتصادية بالحزب الوطني في تطوير كثير من القوانين والتشريعات الخاصة بالدور الرقابي والتنظيمي لسوق المال.

ويرى سري الدين انه ليس ضروريا ان يكون رئيس الهيئة شخصية اقتصادية ولكن الدراسة القانونية مفيدة في هذا الموقع، مشيرا إلى اختياره هو والدكتور زياد بهاء الدين رئيس هيئة الاستثمار زميل دراسته على رأس مؤسستين هامتين فى الدولة بمعيار الخبرة العملية والأكاديمية التي تفيد في فهم توجهات المرحلة الحالية، مشددا على أهمية توافر الإطار التنظيمي لمثل هذه المؤسسات خاصة بالنسبة لسوق المال الذي بدأ باستخدام الادوات المالية الجديدة كالشراء بالهامش وبيع الأوراق المالية المقترضة والتداول الالكتروني وغيرها من الادوات التي تم تفعيلها العام الماضي والتي ساهمت بشكل كبير في الحد من كثير من المخاطر.

ويرى سري الدين أن سوق السندات ما زالت تعاني من معوقات ومشاكل أهمها ضعف الثقافة لدى الشركات المصدرة وطول الاجراءات وتعقدها فيما يخص تقييم الشركة والسندات الى جانب غياب المنحنى السعري، وهو الأمر الذي يحتاج لإعادة نظر وهو محل دراسة الهيئة حاليا، لافتا إلى حدوث طفرة في سندات التوريق بعد ثلاثة اصدارات اقتربت من المليار جنيه والتي يعتبرها خطوة هامة في تطوير سوق السندات العقارية.

وحدد سري الدين أبرز العيوب الهيكلية في الأسواق العربية بشكل عام في كبر حجم بعض الأسواق مقارنة بالدور الذي تقوم به، فضلا عن انتشار ظاهرة التركز وقلة عدد الأوراق المتداولة وكذلك سيطرة الأفراد على التعاملات، ويرى أن بعض الأسواق تتسم بالعمق بما يجعلها أقل تعرضا للتذبذب القوي، مؤكدا أن معظمها لديها مقومات جيدة يجب استغلالها، وأشار إلى استقطاب أسواق الخليج لعدد كبير من الخبرات المصرية التي حققت نجاحا واصبحت تمثل منافسة كبيرة للأجانب في الأسواق العربية وكذلك شركات الأوراق المالية المصرية التي احتل بعضها مكانة بارزة في السعودية والإمارات.

ويفسر هاني سري الدين سر تفاؤله الدائم بتعامله بموضوعية شديدة مع كل ما يعترض حياته المهنية والشخصية مؤمنا بالحكمة الشهيرة «من جد وجد» وبأنه لا توجد مشكلة يصعب حلها، منحازا في ذلك الى منهج توسيع دائرة صنع القرار للتشارك في المسؤوليات والنجاح، ويضيف أن تميزه بهدوء الأعصاب ـ المبالغ فيه أحيانا على حد قوله ـ ساعده كثيرا في حياته، معترفا بفضل والده الذي رحل وهو في السابعة عشرة من عمره بعد ان علمه ان الشخص الانفعالي هو اكثر الاشخاص عرضة للإضرار بنفسه. يفخر سري الدين بعلاقته بوالدته التي تمثل له معنى السند الحقيقي وقيم التفاني، ويقول انه ذهب لأداء أحد الامتحانات الذي كان موعده في شهر رمضان ولم يكن قد تسحر لأن السحور فاته فظلت والدته بقية رمضان كله لا تنام إلا بعد أن يستيقظ ليتسحر، ويفخر كذلك بزوجته عاشقة الرسم على الزجاج ويشعر بالامتنان لها لرعاية البيت والابناء، وقد علق الابن الأكبر لسري الدين ابن الحادية عشرة على الحائط بجوار شهادات الوالد وصور العائلة لافتة بخط جميل يقول فيها نحن نحب هذا الأب، ويعتبرها سري الدين أجمل شهادات حياته. ويطمح رئيس هيئة سوق المال ان تسترد مصر ماضيها الجميل باستكمال مسيرتها إلى النهضة، مشيرا إلى توافر المقومات لحدوث طفرة اجتماعية واقتصادية شريطة الاهتمام بالتعليم كأساس للتقدم البشري والاقتصادي.

وبرغم انشغاله بمنصبه وعضويته بالعديد من المؤسسات الدولية الا ان القراءة تظل هوايته التي لا يتخلى عنها، حيث يحتفظ دائما بكتابين في سيارته حاليا هما «ماذا حدث للمصريين» للدكتور جلال أمين و«الملك فؤاد» للدكتور يونان لبيب رزق، وما أن ينتهي منهما إلا ويبدأ في آخرين إلى جانب هواية لعب التنس وتربية بعض الحيوانات الأليفة.