رجل الأعمال المصري أنيس أكليماندوس.. من سيارتين تعملان بين القاهرة وبني غازي إلى نائب رئيس الغرفة الأميركية للتجارة بالقاهرة

TT

أنيس أكليماندوس، الذى يشغل حاليا منصب نائب رئيس الغرفة الأميركية للتجارة بالقاهرة، تمتد جذور عائلته إلى عدة قرون في مدينة سوهاج المصرية، وهو مهندس بعثات، طرق الأبواب للولايات المتحدة الأميركية حيث شارك في ثلاث وعشرين بعثة، دافعا بمصالح رجال الأعمال المصريين والقضايا المصرية الوطنية إلى موائد رجال الكونغرس ومجلس الشيوخ، الذي يملك أصدقاء كثيرين منهم، وكان شاهدا من خلال موقعه في هيئة المعونة الأميركية على اتفاقية كامب ديفيد والمباحثات بين الرئيسين السادات وكارتر.

ويملك أكليماندوس شركة ترانس سنشري Trans Century التي اشتراها من مؤسسها «ارن واجنر» رئيس قوات حفظ السلام الأميركية، كما يدير عدة شركات تجارية مصرية ـ أميركية. التجارب تصنع الرجال...عبارة تلخص رحلة عمل أكليماندوس وهو اسم باللغة المصرية القديمة يعني «الحليم»، فقد نشأ في احدى الأسر الثرية وتلقى تعليمه في المدارس الفرنسية، وكان والده من كبار رجال القانون في مصر ويملك مكتبا للمحاماة في شارع عدلي أحد أهم الشوارع في قلب القاهرة، وهو المكتب الذي توارثه ابنه ويعمل فيه حاليا ولا يزال يحمل لافتة باسم الوالد عند مدخل البناية.

وواجهت أسرته تجربة قاسية في تأميم ممتلكاتها في الستينات، أصيب والده على أثرها بشلل نصفي وتدهورت أعماله، في الوقت الذي كان أنيس فيه يبدأ خطواته الجامعية في قسم الرياضة البحتة بكلية العلوم، فتركه لينتسب إلى كلية التجارة ليبدأ مشواره في عالم الأعمال إلى جوار الدراسة، وقبل أن يكمل العشرين من عمره كان قد دخل في عدة مشروعات أولها شراء سيارتين لتشغيلهما على خط القاهرة ـ بني غازي، مثلتا أولى الخطوط المنتظمة إلى ليبيا، ثم في مشروعات لتصنيع أسياخ اللحام واستيرادها، ومشروعا لتربية المواشي وآخر لتصنيع الرخام وجميعها كانت مشروعات ناجحة، لتبدأ بعدها مرحلة جديدة من حياته في عام 1976 عندما بدأ عمله محاسبا بهيئة المعونة الأميركية بالقاهرة.

يحكي أكليماندوس أن السفارة الأميركية بالقاهرة استعانت بعدد من موظفي السفارة وهيئة المعونة للعمل كمترجمين ومساعدين للوفد المرافق للرئيس الأميركي جيمي كارتر أثناء مباحثات كامب ديفيد مع الرئيس السادات، ويقول أمضينا ثلاثة أيام في قصر القبة مع الوفد الأميركي، وكنت حاضرا أثناء مراسم التوقيع على الاتفاقية في فندق ميناهاوس فيما كان الرئيس السادات حزينا لغياب الوفد الفلسطيني، وفي استراحته في منطقة صحاري سيتي كنت حاضرا الحوارات غير الرسمية بينه وبين الرئيس كارتر وزوجته، وحسني مبارك نائب الرئيس آنذاك، ولا يزال أنيس يحتفظ بعدد من الصور التذكارية الخاصة وعدد من الحوارات غير القابلة للنشر.

تدرج اكليماندوس في هيئة المعونة الأميركية حتى وصل إلى منصب رئيس المحاسبين لينتقل إلى العمل في المكتب الرئيسي بواشنطن في عام 1980، وهناك تعرف على وارن واجنر الذي كلفه الرئيس كنيدي بتشكيل قوات السلام الأميركية في الستينات لتقديم المساعدات لشعوب البلدان النامية وتنفيذ البرامج التنموية في إنشاء المدارس واستصلاح الأراضي وإقامة الصناعات الصغيرة.

وبعد تقاعده أنشا واجنر شركة ترانس سنشري لتقوم بتوريد وتموين قوات حفظ السلام وتنفيذ العقود. يقول أنيس: كنت من خلال عملي بهيئة المعونة أتابع معه عقود المشروعات التي تمولها المعونة في الدول الأفريقية، فطلب واجنر مني العمل معه وعرض علي منصب نائب رئيس الشركة فوافقت وحققنا نجاحات متوالية في الصومال وكينيا وأوغندا والسودان، ونجحنا في إقامة عدد من المشروعات لمساعدة الدول الأفريقية، وواجهنا الموت أكثر من مرة وعاصرنا الحروب الأهلية والصراعات القبلية، وفي عام 1993 باع لي واجنر 70% من ملكية الشركة وأنشأت شركة مصرية موازية لها وأخرى تجارية وكيلا لشركة كوداك العالمية.

ويضيف اكليماندوس: في تلك الفترة بدأ مجموعة من رجال الأعمال المصريين في التفكير في إنشاء كيان يضم رجال الأعمال المصريين والأميركيين، فكانت النواة الأولى للغرفة التجارية الأميركية في حجرة صغيرة أمام السفارة الأميركية بمنطقة جاردن سيتي بوسط القاهرة في عام 1982 ضمت اثني عشر عضوا، واختاروني لأكون نائبا لرئيس الغرفة لشؤون العضوية وبدأت في تشجيع رجال الأعمال للانضمام وكونا عددا كبيرا من اللجان مثل لجان الجمارك والضرائب والتعاون الدولي لحل المشاكل التي تعترض رجال الأعمال في هذه المجالات.

وكان للغرفة دور كبير في التأثير على كثير من القوانين الاقتصادية، وبدأت تتمتع بالمصداقية وبثقة صانعي القرار السياسي في مصر. ومن هنا بدأت بعثات طرق الأبواب إلى الإدارة الأميركية لتوصيل الصورة الحقيقية عن مصر والمشروعات الاقتصادية والفرص التجارية بين البلدين بمصداقية وتقديم براهين على أهمية دور مصر خاصة للمعارضين والمختلفين مع السياسات المصرية داخل الكونغرس ومجلس الشيوخ.

ويؤكد أنيس أن أعضاء الغرفة من المشاركين في بعثات طرق الأبواب تعلموا الكثير من هذه البعثات، فمفتاح رجل الكونغرس الأميركي هو طاقم العمل الذي يعمل معه ويقوم بإعداد الأبحاث والتقارير له، ودرسنا كيف تسير التحالفات السياسية والاقتصادية وديناميكية حركة رجال السياسة الأميركيين وارتباطاتهم بالمراكز البحثية، ومن يمول تلك المراكز البحثية والبحث وراء سجل المرشح الديمقراطي والمرشح الجمهوري وتصويته لقرارات في صالح أو في غير صالح التجارة مع مصر، وعدد الشركات في المنطقة التي يمثلها وارتباطاتها التجارية مع مصر، فالسياسة الخارجية الأميركية تنبع من المحلية وجماعات الضغط، وما إذا كان من الفريق المحافظ أم المعتدل، فلا يوجد عضو بالكونغرس يتخذ قرارا يضر بفرص إعادة انتخابه في منطقته مرة آخرى. ويعتقد اكليماندوس أن هذه الخبرة لا يمكن استخلاصها من الكتب لكنها نتيجة خبرات طويلة على مدى ثلاث وعشرين بعثة طرق أبواب شارك فيها حتى الآن، علاوة على الزيارات التي نظمتها الغرفة في مصر لأعضاء الكونغرس وفريقهم، ويقول «لا يمكن بناء كوبري إلا بنسبة 100%، فإما أن يكون لديك كوبري يصل من مكان لآخر، وإما ألا يكون على الإطلاق» والمعنى انه كان لزاما أن يكون العمل تاما وذلك هو التحدي الدائم لان ما تعتقد فى تمامه يصبح بعد قليل اقل قيمة.