المكسيكيون في أميركا.. كل ما يريدونه ادخار بعض الأموال ثم العودة إلى الوطن

يقدر عدد المهاجرين غير الشرعيين في الولايات المتحدة بـ 6 ملايين شخص

TT

كانت خطتي بسيطة: «اذهب للولايات المتحدة. احصل على وظيفة غسل أطباق. ادخر ما يكفي من المال لتؤسس عملا في المكسيك».

وبعد خمس سنوات من وصوله الى نيويورك، حقق مانويل فوستينو كل ذلك. ولذا فقد حصل على آخر مرتب له في أوائل الشهر الحالي. وجمع حقائبه، وعاد للمكسيك.

وفي اطار النقاش حول الهجرة غير القانونية، يتركز النقاش على المكسيكيين وغيرهم من الاجانب الذين يرغبون في البقاء في الولايات المتحدة للأبد، وان يحصلوا على الجنسية الاميركية. وينسى الناس الاشخاص من أمثال فوستينو الذي عمل لفترة قصيرة في الولايات المتحدة، ثم عاد الى وطنه بسبب علاقاته الاسرية او لأسباب اخرى.

ولا توجد اية معلومات صادقة حول مدى انتشار مثل هذه الحالات. إلا ان المكسيك مزدحمة بسائقي سيارات الأجرة، والجرسونات والباعة الذين يتذكرون اسماء مدن وبلدان صغيرة في ميتشيغان او اوريغون، حيث كانوا يحصدون الخضروات في المزارع او يعملون في مشاريع البناء لعدة سنوات.

ويقول فوستينو، وهو في الخامسة والثلاثين من عمره الذي كان يحضر حفلا على شرفه في قرية سان خوزيه بونافيستا «الاميركيون لا يفهمون. العديد منا لا يريدون الحياة في الولايات المتحدة. ما نريده حقا هو ادخار بعض الاموال، ثم العودة الى أسرنا».

وكان فوستينو وابن عمه قد عبرا الحدود بطريقة غير مشروعة عام 2002. وعاشا في شقة من ثلاث غرف نوم مع 18 مهاجرا آخر. ثم أصبحا طاهيين في مطعم، وتمكن كل منهما من توفير 35 ألف دولار.

وجمع الرجلان مجموعة من المستثمرين، ثم أٌضيف اليه منحة من ولاية بوبلا المكسيكية لتشييد مجموعة من «الصوبات» لزراعة الطماطم في سان خوزيه بونافيستا على بعد 120 ميلا شمال شرقي مدينة المكسيك. وسيبدأ تشغيل أول الصوبات في الشهر القادم، وقد تمكنا من التوصل لاتفاق بالفعل مع مشتري في نيويورك.

وكانت مثل هذه الهجرة القصيرة منتشرة حتى التسعينات، عندما انهار الاقتصاد المكسيكي، وأدى الى ارسال موجة جديدة من المهاجرين للولايات المتحدة، كما ان جهود تعزيز الحدود قد قللت من محاولات عبور الحدود.

وأوضح خوان ارتولا رئيس البعثة المكسيكية في المنظمة الدولية للهجرة ان عودة اللاجئين الى المكسيك «هو توجه بدأ في الانكماش، ولكن هناك العديد من الاشخاص الذين يتنقلون بين البلدين».

ويقدر عدد المهاجرين المكسيكيين غير الشرعيين في الولايات المتحدة بـ 6 ملايين شخص، طبقا لتقديرات مركز بيو الهيسباني للعام الماضي. وفي موسم 2004/5 تبين من الاستطلاع الذي أجراه المركز أن 27 في المائة من المهاجرين المكسيكيين يريدون البقاء في الولايات المتحدة لمدة خمس سنوات أو اقل.

وكشف استطلاع للحكومة المكسيكية في عام 2005 مع المكسيكيين العائدين الى بلادهم لأجازة الصيف، ان 79 في المائة منهم عبروا الحدود الاميركية في السنوات الثلاث الماضية. وقال ان العديد من المهاجرين السابقين عادوا لافتقادهم لأسرهم.

وعبّر السمكري انتونيو سالازار صحراء اريزونا في عام 2004 تاركا وراءه زوجة وثلاثة أطفال في تشيمالهوكان القريبة من مكسيكو سيتي. واشتغل كعامل بناء لمدة عام في نيويورك قبل عودته إلى مكسيكو. وقال «لم أتمكن من البقاء بعيدا عن زوجتي وأطفالي».

والآن يقضي سالازار، 29 سنة، أيامه بانتظار اشغال سمكرة في زاوية تقع بساحة زوكالو في مكسيكو سيتي. ويحصل أسبوعيا على 120 دولارا ويساوي ذلك ثلث ما كان يحصل عليه في نيويورك.

ومولت ولاية بويلا 40 مشروعا تجاريا يعود لأربعين مغتربا بما فيها شركة فوستينو التي أنشئت في مدينة سان خوزيه بوينافيستا. وأسهمت الولاية في نصف تكاليف الشركة التي وصل بناؤها إلى 170 ألف دولار.

وقال كارلوس اولامندي مفوض ولاية بويبلا السامي والمعني بشؤون المغتربين «نحن نريد أن تكون الهجرة خيارا أكثر من ضرورة لهذه المدن».

وحينما كان الحال مع مانويل فوستينو وابن عمه خوزيه لويس فوستينو يحتسيان شرابا في حفلة أقيمت لهما بمناسبة عودتهما إلى الوطن، راحا يناقشان الحلم الذي كان يراودهما: توسيع مشروع زرع الطماطم بحيث يصبح ممكنا تشغيل كل أفراد عائلتيهما وإبقاؤهم في ولاية بويبلا. وقال مانويل فوستينو: «أنا لن أعود أبدا إلى نيويورك».

*خدمة «يو أس ايه توداي» ـ (خاص بـ«الشرق الأوسط»)