780 مليار دولار حجم الغش التجاري عالميا.. 6.4% منها في الدول العربية

الزبيدي رئيس شركة «حماية» العالمية لـ «الشرق الأوسط» : 7 مليارات دولار غش تجاري في الخليج

أحد الفنيين يفحص بعض المنتجات للتأكد من كونها مقلدة أم أصلية («الشرق الأوسط»)
TT

أكد أحمد الزبيدي، رئيس شركة حماية العالمية أن الغش التجاري بكافة أنواعه أصبح ظاهرة عالمية واسعة الانتشار تستحق الاهتمام. وقد أصبح من الضروري أن تتضافر كافة الجهود للتصدي لهذه الظاهرة الخطيرة من أجل حماية المجتمعات والمحافظة على الاقتصاد الوطني. وقال الزبيدي في حديثه لـ«الشرق الاوسط» إن مكافحة هذه الظاهرة من قبل القطاع العام وحده لم تعد كافية، مفيدا بأن الحاجة باتت ضرورية إلى مشاركة القطاع الخاص وإتاحة الفرصة كاملة له للقيام بواجباته بالتعاون مع القطاع العام، كما تطرق إلى تفعيل دور الجمعيات الأهلية والمؤسسات الحكومية في هذا المجال في ظل توجه الكثير من الدول لفتح أسواق لها في جميع بلدان العالم وتنافسها الشديد بهذا الاتجاه وتبني كثير منها سياسات تمكنها من تحرير القيود التي تحد من تنامي التبادل التجاري فيما بينها. وهنا نص الحوار:

> الغش التجاري أصبح يؤرق الكثير من المستهلكين فما هي أسباب وجوده في السوق السعودية؟

ـ ظاهرة الغش التجاري والتقليد والقرصنة أصبحت من القضايا الرئيسة في مفاوضات منظمة التجارة العالمية، وانضمام الدول إلى هذه المنظمة. كما تعتبر استراتيجية مهمة للشركات المعنية بظاهرة الغش التجاري والتقليد حيث لم يقتصر تأثير هذه الظاهرة سلبا على الشركات المتضررة اقتصاديا فقط بل تعداه ليؤثر على حياة المستهلك والتاجر والاقتصاد الوطني بالإضافة لتأثيره الضار على عملية الاستثمارات الأجنبية بشكل خاص ومنظومة التقدم التكنولوجي بشكل عام.

والحقيقة أن عملية تقليد المنتجات باتت تمثل مشكلة خطيرة وسريعة النمو، وسميت بجريمة القرن الحادي والعشرين لما لها من أبعاد مختلفة على جميع الأصعدة الاقتصادية، السياسية والأمنية. ففي عام 2001 قدر حجم الغش التجاري والقرصنة عالمياً بمبلغ 360 مليار دولار في السنة، وقد تسارع نمو هذه الظاهرة؛ حيث أثبتت الدراسات أن حجم الغش التجاري تفاقم خلال 4 سنوات ليصل إلى 780 مليار دولار بنهاية عام 2005. وفي رأيي أن تنامي هذه الظاهرة لا يكمن في عدم وجود الكوادر البشرية الكافية المؤهلة والمدربة فقط بل إن غياب الخبرة العملية بأساليب الغش وطرق التقليد والتزوير قد أدى إلى تنامي وازدياد الظاهرة مما يجعل هناك حاجة ماسة وضرورية لتدريب وتأهيل العناصر المكلفة بمكافحة الغش التجاري في المؤسسات المعنية بالظاهرة، ليكون لديها الخبرة اللازمة لاكتشاف ومعرفة الفروق الجوهرية بين الأصلي والمقلد مع التأكيد على استمرار هذا التدريب والتأهيل لرفع الكفاءة والإطلاع الدائم على ما يستجد في هذا الشأن.

> ما أبعاد انتشار هذه الظاهرة؟

ـ هناك أبعاد خطيرة لانتشار هذه الظاهرة حيث يمتد تأثيرها ليشمل الفرد والمجتمع ويؤثر على الاقتصاد الوطني ويعرقل مسيرة نموه وازدهاره. كما أن الظاهرة لها بعد آخر يرتبط بسلامة وصحة المستهلكين ولا نستطيع أن نتجاهل بعدا جوهريا مهما وهو أن الغش والتقليد من شأنه أن يعوق نمو الإبداع والابتكار عن طريق استغلال حقوق الغير بدون وجه حق. ومن هنا، نجد أن حجم الغش التجاري يختلف من منطقة إلى أخرى طبقا لحجم ونوعية الجهود المبذولة لمواجهة هذه الظاهرة والتصدي لها. حيث بلغ حجم الغش التجاري في منطقة الخليج 7 مليارات دولار سنوياً، منها 4 مليارات دولار سنوياً تستهلك في السوق السعودية أي أنها تعادل 57 في المائة من هذه التجارة في الدول الست. وفي مختلف المجالات مثل المواد الغذائية والاستهلاكية، قطع غيار السيارات، الالكترونيات، المواد الكهربائية، الملابس، الجلديات، المواد الصحية، المنظفات والأدوية وغيرها من المجالات ذات الاستهلاك العالي من قبل المستهلك وبالتالي فان ذلك يتطلب جهدا مضاعفا لمواجهة هذه الظاهرة. > ماذا عن أهمية دور القطاع الخاص في مكافحة هذه الظاهرة؟

ـ كما ذكرت لك ان القطاع الحكومي وحده لا يستطيع مواجهة انتشار تلك الظاهرة إضافة إلى ما للقطاع الخاص من دور كبير ومحوري في الجهود الهادفة إلى مكافحة الغش التجاري وحماية حقوق الملكية الفكرية، وذلك باعتباره صاحب المصلحة الأولى والمتضرر الأكبر من عمليات الغش التجاري، وهذا يمكن من خلال تبادل الخبرات والمعلومات حول كيفية التفريق بين السلع الأصلية والمغشوشة والمقلدة ودعم جهود الإدارات الحكومية المعنية بمكافحة الغش التجاري والتقليد.

> هل لكم تعاون مع الجهات الحكومية في مجال مكافحة الغش التجاري والتقليد؟

ـ بالطبع شركة حماية العالمية قامت بدعم من وزارة التجارة والصناعة لتعزيز جهودها في مكافحة الغش التجاري والتقليد من خلال تزويد الوزارة بمعلومات دقيقة عن الاماكن والمحلات التي تتداول السلع المغشوشة والمقلدة، ما اسفر عن القيام بعدد كبير من الضبطيات للسلع المغشوشة والمقلدة. بالاضافة الى التعاون الناجح مع مصلحة الجمارك المتمثل في مذكرة التفاهم في مجال تدريب مفتشي الجمارك وتقديم الاستشارات والمعلومات اللازمة للتفريق بين المنتجات الأصلية والمقلدة، حيث بلغ عدد المتدربين الذين تم تدريبهم من قبل حماية 437 متدرباً خلال النصف الثاني من العام الماضي من خلال 20 دورة تدريبية في المنافذ الجمركية المهمة وعددها 15 منفذاً من إجمالي منافذ السعودية الجمركية والبالغ عددها 33 منفذا. ونظرا للنتائج الايجابية لهذه الدورات فقد تم الاستمرار في عقد الدورات التدريبية للعام الثاني على التوالي من خلال خطة تدريبية طموحة لتدريب 2670 موظفاً عبر 179 دورة تدريبية لهذا العام.

> وقعت شركتكم أخيرا اتفاقية تعاون مع جامعة الدول العربية، ما أهداف هذه الاتفاقية؟

ـ تختص هذه الاتفاقية بعقد المنتدى العربي لحماية المستهلك ومكافحة الغش التجاري والتقليد في شهر مايو (أيار) من عام 2008، في السعودية. ويجمع المنتدى وزراء التجارة والمالية للدول العربية والجهات الحكومية ذات العلاقة مثل مصلحة الجمارك وهيئات المواصفات والمقاييس والغرف التجارية وجمعيات حماية المستهلك وأصحاب العلامات التجارية والمنظمات غير الحكومية العالمية المتخصصة في محاربة ظاهرة الغش التجاري، حيث يعتبر المنتدى فرصة جيدة للتشاور والحوار لمدة 3 أيام لاستعراض وجهات النظر المختلفة ودراسة الآليات المقترحة من كل جانب والخروج بالتوصيات المقترحة لحماية المستهلك ولمكافحة هذه الظاهرة ورفعها إلى جامعة الدول العربية لمناقشتها على أعلى المستويات ووضع خطط مستقبلية لها بالتنسيق مع الحكومات لتطبيقها.

> ماذا عن أهداف المنتدى؟

ـ يهدف المنتدى العربي لحماية المستهلك ومكافحة الغش التجاري والتقليد إلى توعية المستهلك بالأخطار الجسيمة الناتجة عن استعمال السلع المغشوشة والمقلدة من خلال إقامة معرض دائم ومتنقل بين المدن الرئيسة للمملكة في دورته الأولى، ثم في البلد المستضيف مستقبلاً، وتكثيف الندوات والمحاضرات عن أضرار الغش التجاري. كما يهدف إلى حماية الاقتصاد الوطني للسعودية والدول العربية، وحماية التجار أصحاب المنتجات الأصلية من كساد بضاعتهم، وتبادل البيانات والمعلومات مع القطاعات الحكومية ذات العلاقة والمنظمات الدولية المتخصصة في سبيل الحد من هذه الظاهرة. كما يهدف المنتدى إلى دراسة تطوير وتفعيل الأنظمة والقوانين الخاصة بمكافحة الغش التجاري والتقليد وحماية حقوق الملكية الفكرية مع الجهات الحكومية المختصة والعمل على التشديد في تطبيق الأنظمة والقوانين الخاصة بقضايا الغش التجاري وعدم التهاون بها، ومراجعة وتحديث الأنظمة والقوانين الخاصة بذلك وحماية حقوق الملكية الفكرية باستمرار، وذلك من خلال إيجاد قنوات اتصال مع الجهات الحكومية المختصة بمكافحة الغش التجاري والتقليد وتزويدها بالمعلومات الدقيقة عمن يقومون ببيع المنتجات المقلدة والمغشوشة، وتفعيل أنشطة حماية المستهلك ومكافحة الغش التجاري والتقليد، إلى جانب بحث الآليات المناسبة للحد من انتشار ظاهرة الغش التجاري والتقليد، والاستفادة من تجارب الدول المتقدمة في أساليب مكافحة الغش التجاري وحماية حقوق الملكية الفكرية.

> ما الأسباب التي تؤدي إلى تفشي ظاهرة الغش التجاري والتقليد من وجهة نظركم؟

ـ غياب الوازع الديني والأخلاقي لدى المصنعين والموردين للمنتجات المقلدة والمغشوشة.. القوة الشرائية بالأسواق التي تتسم بالربحية العالية من مزاولة هذه الظاهرة كالأسواق الخليجية.. ضعف نظام العقوبات التي تطبق على المتعاملين بالسلع المقلدة والمغشوشة.. قلة عدد الكوادر المؤهلة في الكشف عن السلع المغشوشة والمقلدة في الأسواق.. عدم وجود شبكة ربط آلية بين الجهات المعنية بمكافحة هذه الظاهرة.. طول الإجراءات المتبعة في قضايا الغش التجاري.. عدم كفاية المختبرات وتجهيزاتها بالأجهزة والكوادر المتخصصة.. الاعتماد على شهادة المطابقة الصادرة من البلد المصدر وقد تكون غير مكتملة من الناحية النظامية.. عدم التزام الدول بمنع استيراد وتصدير تلك السلع المغشوشة والمقلدة، وقلة وعي المستهلك العربي.

> هل لديكم إحصاءات عن حجم الغش التجاري عالمياً وعربياً؟

ـ يمثل حجم الغش التجاري عالمياً من 5 إلى 10% من حجم التداول التجاري العالمي، أي ما يعادل 780 مليار دولار سنوياً. إلا أن حجم الغش التجاري في الدول العربية يقدر، حسب الإحصاءات العالمية، بـ 50 مليار دولار تعادل ما نسبته 6.4 في المائة من حجم الغش التجاري عالمياً.

> هل ترون أن مشاركة القطاع الخاص الفعالة في مكافحة ظاهرة الغش التجاري تكفي للقضاء على هذه الظاهرة؟

ـ بالطبع لا، فمكافحة هذا الظاهرة من جانب القطاع الخاص وحده لن تكون مجدية إلا بتضافر كافة الجهود ووجود شريك استراتيجي مثل جامعة الدول العربية لتنسيق وتفعيل هذه الجهود مع القطاعات الحكومية ذات العلاقة لتتبنى هذه المبادرة من أجل جلب وتشجيع الاستثمار الأجنبي الذي لن يتحقق إلا في ظل وجود مستهلك واع وآليات وقوانين رادعة ضد المستفيدين من هذه الظاهرة بالإضافة إلى إنعاش الحركة التجارية داخل الدول العربية.

> ما الأسباب التي كانت وراء إنشاء شركة حماية العالمية؟

ـ تولدت فكرة إنشاء شركة حماية العالمية كنتيجة حتمية لتفشي ظاهرة الغش التجاري وما نتج عنها من أضرار جسيمة على الفرد والمجتمع والاقتصاد. ومن هذا المنطلق، تم، وبتشجيع ودعم من وزارة التجارة والصناعة السعودية ممثلة في الإدارة العامة لمكافحة الغش التجاري والتقليد، وبكوادر سعودية وطنية متخصصة ذات خبرة واسعة في هذا المجال، تأسيس الشركة مطلع 2005، وهي تعتبر أول شركة سعودية في منطقة الشرق الأوسط متخصصة في تقديم خدماتها للشركات المتضررة من ظاهرة الغش التجاري والقرصنة وتقليد منتجاتها، والاعتداء على العلامات التجارية في الأسواق المحلية والإقليمية ما يؤثر على الاقتصاد وحماية المستهلك. وتمثل شركة حماية العالمية أكثر من 30 شركة عالمية متضررة من هذه الظاهرة. كما أن حماية العالمية تعمل من خلال رؤية واضحة، ألا وهي مجتمع عربي آمن من أضرار الغش التجاري والتقليد وأنظمة وقوانين تحمي المستهلك وأصحاب المنتجات الأصلية، وذلك من خلال حماية وتوعية المستهلك العربي وحماية المنتجات الأصلية من خلال تفعيل وتطوير برامج وآليات تشرعها الحكومات وتنفذها الجهات ذات الاختصاص في الحد من هذه الظاهرة.

> صدر أخيرا قرار مجلس الوزراء السعودي بالموافقة على إنشاء جمعية حماية المستهلك، ماذا يعني لكم هذا القرار؟ ـ لا شك في ان هذا القرار يترجم حرص حكومة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده على ضمان حقوق ورعاية مصالح المستهلك من خلال قرار انشاء جمعية لحماية المستهلك ما زاد من مسؤولية القطاع الخاص لمواجهة هذه الظاهرة، وحيث ان شركة حماية العالمية تعنى بقضايا مكافحة الغش التجاري والتقليد، ومن خلال الخبرات الميدانية المكتسبة والمتمثلة في كوادرها المؤهلة للتعامل مع هؤلاء المخالفين والاحاطة بأساليبهم، فاننا نرى ان هذا القرار هو خطوة ايجابية للحد من هذه الآفة والتي طالت مجتمعاتنا العربية بكافة مستوياتها.