البنك المركزي المصري ينشئ وحدة جديدة للرقابة على البنوك الإسلامية

الخبراء اعتبروها اعترافا بالصيرفة الإسلامية ومغازلة للاستثمارات العربية

بنك القاهرة أحد البنوك المصرية التي تمتلك فرعا للمصرفية الاسلامية («الشرق الاوسط»)
TT

أشاد خبراء ومصرفيون باتجاه الحكومة المصرية نحو إنشاء وحدة بالبنك المركزي المصري للرقابة والإشراف على البنوك الإسلامية، معتبرين أن ذلك يعد أول اعتراف رسمي من الحكومة والبنك المركزي، بوجود فروق واضحة بين البنوك التقليدية والإسلامية ووجوب خضوع الأخيرة لمعايير وإجراءات مختلفة عن البنوك التقليدية. وقال الخبراء أن مثل هذه الوحدات أصبحت موجودة في معظم دول العالم التي لديها فروع للمعاملات الإسلامية، مؤكدين أن إنشاء الوحدة الجديدة لا يتطلب تعديلا تشريعيا أو تغييرا في نصوص قانون البنوك رقم 88 لسنة 2003 والذي خلا تماما من أية نصوص خاصة بالبنوك الإسلامية.

وأوضح الخبراء أن الوحدة الجديدة يمكن أن تمارس عملها من خلال إجراءات ومعايير يحددها البنك المركزي المصري، متوقعين أن يكون هناك تنسيق كبير بين الوحدة وهيئات الرقابة الشرعية بالبنوك الاسلامية بما يخدم في النهاية الصيرفة الإسلامية في مصر ويدفعها نحو مزيد من الانطلاق والجودة خلال الفترة المقبلة.

وقال محمد عشماوي، رئيس المصرف المتحد، إن الدولة ظلت لسنوات طويلة تتعامل مع البنوك الإسلامية بحالة من الإنكار، رغم تزايد نشاطها في السوق وصدر القانون الأخير للبنوك والبنك المركزي رقم 88 لسنة 2003 خاليا من آية نصوص تنظم عمل البنوك الإسلامية في مصر. كما لم يتضمن القانون أية إشارة إلى البنوك الإسلامية بحيث يخضعها لنفس القواعد والشروط التي تخضع لها البنوك التقليدية رغم الفارق بينهما.

وأضاف أن إنشاء الوحدة الجديدة يعد بادرة طيبة من البنك المركزي والحكومة المصرية، وإشارة الى مرحلة جديدة من التعامل مع النشاط المصرفي الإسلامي، بعد انتشاره في دول العالم واتجاه البنوك العالمية نحو إنشاء فروع للمعاملات الإسلامية، ويتزامن ذلك مع رغبة جادة لدى الحكومة في جذب الاستثمارات العالمية وعلى رأسها قطاع البنوك، ولا سيما بعد دخول بنوك كبرى الى السوق المصرية واتجاهها للتركيز في استثماراتها على النشاط المصرفي الإسلامي، مثل مصرف أبو ظبي الإسلامي بعد استحواذه على حصة في البنك الوطني للتنمية، وخطته لتحويل البنك الى بنك إسلامي بالكامل خلال عدة أشهر. وهو ما استلزم في النهاية ان تكون هناك أداة رقابية لدى البنك المركزي لمراقبة هذا العمل المصرفي الإسلامي بمعايير واجراءات تناسب طبيعة هذا النشاط.

وأوضح محمد كفافي، نائب رئيس بنكي مصر والقاهرة والمشرف على فروع المعاملات الإسلامية، أن النشاط المصرفي الإسلامي في مصر يعيش حاليا أزهى عصوره، فهناك اقبال كبير من العملاء على مثل هذه المعاملات، الى جانب إقبال البنوك الإسلامية والتقليدية على إصدار صناديق استثمار وفقا للشريعة الإسلامية ورغبة بعض البنوك في التحول الكامل الى العمل وفقا للشريعة أو فتح فروع للمعاملات الإسلامية، وكل ذلك يؤدي في النهاية الى ضرورة تطوير الأدوات الرقابية لدى البنك المركزي على هذا النشاط، وأحد وسائله في ذلك، هي إنشاء وحدة متخصصة للبنوك الإسلامية.

وأشار الى أن الوحدة الجديدة ستضم قيادات تجمع بين خبرة العمل المصرفي التقليدي والإسلامي، وستعمل وفقا لإجراءات ومعايير يعدها البنك المركزي حاليا ولا تحتاج الى تغيير تشريعي أو إضافة نصوص جديدة لقانون البنوك 88 لسنة 2003، إلا انه لم يستبعد إمكانية ان يحدث ذلك في مرحلة لاحقة.

وقال محمد عبد الحليم عمر، مدير مركز صالح كامل للاقتصاد الإسلامي: «إن إنشاء هذه الوحدة أصبح ضرورة للغاية في مصر باعتبار أن هذا النشاط واعد للغاية والمناخ في مصر جاذب للمعاملات الإسلامية، ولكن كان لا بد من توافر اداة رقابية لدى البنك المركزي للتأكد من دقة وصحة هذه التعاملات، وهي أداة مكملة لهيئات الرقابة الشرعية بالبنوك الإسلامية بحيث تتأكد الوحدة الجديدة من التزام البنوك بالمعايير الرقابية لضمان سلامة المعاملات بينما تركز هيئات الرقابة الشرعية على مطابقتها للشريعة بما يساعد في النهاية على توافر مناخ خصب لنمو هذا النشاط.