الإجماع على تحريم التورق المصرفي المنظم

مركز دبي المالي العالمي («الشرق الأوسط»)
TT

عندما صرح الدكتور حسين حامد حسان في مقابلته مع «الشرق الأوسط» الأسبوع الماضي، بأن فقهاء هذا العصر اقروا بالإجماع قبل أيام عدم مشروعية التورق المصرفي المنظم علمت ان لهذا القول ما بعده، وانه سيكون بمثابة صدمة للمتلقي سواء كان من عملاء التورق أو المصارف التي تقدم هذه الخدمة، حيث ان الدكتور حسين حامد حسان يعد من شيوخ هذه الصناعة المخضرمين فهو يرأس العديد من الهيئات الشرعية للمؤسسات المالية كما انه عضو في عدد من المجامع والمجالس الفقهية. وقد صرح بهذا في مناسبة جمعت جل الأسماء البارزة في هذه الصناعة من الفقهاء والاقتصاديين والتنفيذيين ألا وهي ندوة البركة الثامنة والعشرين مما يبعد معه ان يكون الشيخ يعبر في حديثه هذا عن رأيه الشخصي أو رأي ثلة من فقهاء هذه الصناعة، مما حمل الكثير من المؤسسات المالية إلى إعلان حالة الطوارئ للبحث في كيفية معالجة اثر هذا التصريح على منتجات التورق لديها وموقف هيئتها الشرعية من هذا التصريح. لاسيما إذا علمنا ان التورق المصرفي المنظم يشكل غالب نشاط هذه المؤسسات المالية فعمليات تمويل الأفراد تتم بالتورق والشركات بالتورق، والتورق الدوار (قلب الدين) حيث يتم تمويل الشركة بمبلغ كبير تورقا لمدة محددة وبالاتفاق بين المصرف والشركة فإن الشركة تقوم بسداد أرباح هذا المبلغ لهذه الفترة المحددة والذي يمثل جزءا من المديونية وفي تاريخ استحقاق التورق تقوم الشركة بإجراء عملية تورق جديدة مع المصرف بسعر مختلف يتم بمبلغها سداد التورق السابق وهكذا يتم دوريا سداد التورق بتورق إلى حين انتهاء مدة التمويل حيث يتناقص مبلغ التمويل دوريا، كما ان هذه الطريقة تستخدم كذلك في بطاقات الائتمان المتجدد الإسلامية. إضافة إلى استخدم المصارف التورق العكسي بديلا عن الودائع الآجلة.

ولم تكن هذه المرة الأولى التي يحرم فيها منتج التورق المصرفي المنظم فقد سبق هذا صدور قرار بتحريمه من المجمع الفقهي لرابطة العالم الإسلامي في دورته السابعة عشرة إضافة إلى عشرات الأبحاث التي سطرت في هذا المنتج من قبل الكثير من العلماء والاقتصاديين والتي نصت على تحريمه.

لا شك ان ما ذكره الدكتور حسين في مقابلته قول خطير يجب ان لا يمر مرور الكرام على عملاء المصارف التي تبيع منتجات قائمة على التورق المنظم بل يجب عليهم مطالبة هذه المصارف بالرد على هذا القول وتفنيده عبر هيئاتها الشرعية ببيان واضح وصريح وعدم الاكتفاء بما تم إقراره سابقا، لأنه من المعلوم ان ما يصدر عن هذه الهيئات الشرعية من فتاوى وقرارات هي في غالبها أمور اجتهادية قد تتغير بتغير المعطيات التي بنيت عليها، ولا شك أن هذا من استبراء المرء لدينه فلا يعذر المرء في هذا المقام وبعد إطلاعه على هذا التصريح بالجهل أو بالاعتماد على الفتاوى السابقة للهيئات الشرعية لهذه المؤسسات.

كما انه يجب على المؤسسات المالية التي لديها منتجات قائمة على التورق المصرفي ومن باب الشفافية والمصداقية مع عملائها، أن تطالب هيئاتها الشرعية ببيان يوضح موقفها مما جاء في هذا التصريح لاسيما وقد حكى الدكتور حسين الإجماع على ذلك.

* خبير في المصرفية الإسلامية [email protected]