المهندسة المصرية لميس خطاب: البيزنس قلبه «أخلاقيات المهنة»

مهندس الديكور يقتل نفسه بنفسه إذا فرض ذوقه على كل مكان يعمل به

لميس خطاب
TT

دؤوبة ومهتمة بالتفاصيل.. هكذا وصفت مهندسة الديكور وعضو لجنة التشييد والبناء بجمعية شباب الأعمال، لميس خطاب، نفسها.

تخرجت لميس عام 1995 من كلية الفنون الجملية ـ قسم ديكور، جامعة حلوان، وبدأت العمل في شركات قطاع خاص قبل الاستقلال بعملها، الذي بدأته «خطوة خطوة».

وبعد سنتين من التخرج، كانت البداية في مكتب والدها الممثل الراحل عبد العليم خطاب الشهير بـ(خال هنادي) في رائعة طه حسين «دعاء الكروان» وتكن لميس مشاعر خاصة جدا لهذا المكان بالرغم من وجوده في منطقة وسط القاهرة، أشهر الأماكن ازدحاما في مصر، نظراً لان هذا المكان يحمل ذكرى والدها الذي توفي وعمرها خمس سنوات، وكان يكتب فيه الشعر ويقرأ السيناريوهات، وارتبطت بهذا الحي الشعبي، حتى لدعوة وفود من الاتحاد الأوروبي والشركات الأجنبية هناك عند الاتفاق على البيزنس، برغم من وجود مكتب آخر في حي الزمالك الراقي. أثرت والدة لميس في شخصيتها، فغرست فيها أهم مبدأ في حياتها، والذي تتخذه نبراسا لها في حياتها الشخصية والعملية «لا تجعلي الله أهون الناظرين اليك»، ومن هنا تعترف خطاب بأن هذا المبدأ جعل عندها قناعة بأنه ليس صحيحا أن البيزنس ليس له قلب «فالبيزنس قلبه، أخلاقيات المهنة أولا، ثم أخلاقيات الحياة بشكل عام».

انضمت لميس إلى جمعية شباب الأعمال عام 2003 بترشيح من المهندس احمد حجاج والمهندس خالد الميقاتي رئيس جمعية شباب الأعمال الآن ـ وتفتخر لميس بتمثيل شباب الأعمال من مصر على مستوى الشرق الأوسط ضمن برنامج «MEET.U.S» كاليفورنيا ـ أميركا ـ عام 2006 الذي وضعته وزارة الخارجية الأمريكية مع معهد بايستر الأمريكي بالتعاون مع اميد ايست ـ مصر الهادف إلى تدريب القيادات الشابة على إدارة الأعمال، بعد ترشيح من جمعية شباب الأعمال ووزارة الصناعة والتجارة لها، ولم تكن هذه المرة الأولى للاحتكاك بالخارج بل قامت بالتصميم والتنفيذ للعديد من المعارض الدولية خارج مصر مثل معرض باتيمات الدولي بباريس ومعرض ايبكس الدولي بهونغ كونغ، وشاركت أكثر من مرة في المعارض الدولية مثل معرض بولونيا بايطاليا وفالينسيا باسبانيا، وأيضا قامت بالتعاون بالتصميم والتنفيذ مع شركة كارما ـ لازا الاسبانية العالمية، لإقامة العديد من المعارض الدولية، باسم شركتها «فاينل تش للديكور».

وشاركت أخيرا في ارض المعارض الدولية «بفكرة» مصرية تماما، وليس بمنتجات كما نتعود في المعارض، ولاقى ذلك قبولا وترحيبا من رئيس الوزراء د. أحمد نظيف، وأشاد بالفكرة والشخصية المصرية التي تسعي للابتكار دائما.

وخرجت لميس من البرنامج الأميركي ومشاركتها في المعارض الدولية بقناعة وإيمان قوي بمهارة العامل المصري الذي تتميز شخصيته بالإبداع والفوضى في نفس الوقت، حيث ترى انه لا مثيل له في العالم، وتتفق مع رؤية رئيس الهيئة العامة للاستثمار السابق زياد بهاء الدين بأنه إذا حصل العامل على الاهتمام ومكافأته المعنوية قبل المادية «يدي عينه» باللغة العامية للعمل، وأضافت أن حرفية العامل الأجنبي تكمن في الالتزام الشديد بالوقت وإعطاء الجودة المطلوبة ولكنه يعمل بآلية مخيفة، فإذا قابلته أي صعوبات في العمل يتوقف عن التفكير، خلافا للعامل المصري الذي يتحايل دائما على أي عقبة مهنية تقابله وهذا ما يسمي بـ«الفهلوة» المصرية، التي للأسف يظلمها الكثيرون. وخرجت أيضا بأن الشخصية المصرية والعربية عامة تستطيع منافسة العالمية إذا توافر لها المناخ الصحي لذلك، وضربت مثلا «ببعض السيدات الخليجيات المتميزات جدا في شتى المجالات الآن. فمنذ سنوات ليست ببعيدة بالكاد كنا نسمع عن تميز أي سيدة أعمال خليجية أو عربية. أما الآن وبعدما كنت أشارك في قمة مؤتمر سيدات الأعمال العرب ـ أبو ظبي تحت رعاية الشيخة فاطمة، فوجئت بمدى التطور والكفاءة التي أصبحت عليها سيدات الأعمال العربيات. وأضافت أيضا أن «نهضة الديكور بمصر مواكبة للعالمية، فمصر غنية بالمواهب المبدعة. وكيف لا يكون هذا ونحن أبناء حضارات عديدة غنية بالطرز التاريخية المختلفة أمثال الفرعونية والقبطية والإسلامية... وليس صحيحاً أن لدينا مشكلة الـ«Finishing» أو التشطيبات النهائية في أعمال الأثاث المصرية مقارنة بالأجنبي الذي يتفوق عليه كما تذكر بعض التوكيلات لشركات أجنبية بمصر، وترى لميس أن التصنيف بشكل عام غير عادل، فأرفض كلمة «سيدات الأعمال» أو إنشاء أية مؤسسة تحمل هذا التصنيف للرجال قبل السيدات، فالسوق ليس به تصنيف ولكن يتسع لأصحاب الكفاءة في إطار منافسة عادلة والبقاء فيها للأجود والأكفاء.

وعن كيفية التعامل مع شرائح ذوقية مختلفة، تشير بالقول «تقرأ العميل أولا، تحدد ما يريده، ومن ثم الخيارات التي تراها مناسبة له وان كانت لا تتناسب مع ذوقها الشخصي، وتنفي أنها تنتقي شرائح سوقية معينة من الطبقات الاجتماعية المرتفعة، قائلة «إنني لا افرض رأيي وذوقي على العميل، إلا إذا إعطاني تفويضا كاملا بذلك، دون الرجوع إليه» وترى أن «هذه أهم صفات مهندس الديكور الناجح» موضحة انه إذا فرض ذوقه في كل الأماكن التي يعمل بها، فيكون بذلك «حرق نفسه بنفسه».

وإنْ كانت لميس تتحدث قليلا في السياسة إلا أن لها قناعة واحدة وهي «لا بد من وجود تعددية حزبية في العمل السياسي»، وهي في المرحلة الحالية ليس لها اي طموح سياسي نظرا لضيق الوقت وانشغالها بعملها «والتطورات العالمية من حولنا في مجال الأعمال»، إلا أنها تلمح إلى انه ربما يأتي اليوم الذي تعمل به في السياسة! حين تتطور الأوضاع السياسية للأفضل ويكون هناك متسع للجميع، إلا أنها مهتمة ومؤمنة بالصناعة التي هي قاطرة التنمية في أي بلد، ولذلك تنوي السفر إلى الصين خلال الشهور المقبلة ليس للاستيراد ولكن لمعرفة تفاصيل التطور والنهضة التي بها غزت الصين الدول الرأسمالية بمنتجاتها.

وعن المسؤولية الاجتماعية لشباب الأعمال ترى إنها مهمة في ظل تراجع للظروف الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، تحت الإنشاء، لمعالجة تهميش وتجاهل المجتمع لدور كبار السن، وذلك اعترافا بإسهامهم في التنمية الشاملة بمصر، وبالحاجة إلى التفاعل مع خبراتهم السابقة.