«لوكندة» لبنانية تبنى بحجارة الخرائب وتؤثث بالمفروشات القديمة

على علو يفوق الألف متر في جوار بلدة بكفيا

TT

جان بيار كورسيني الإيطالي الأب واللبناني الأم، اختار أن يترك بلده الأم، ويلتحق ببلد الأم، بعدما عاد من السعودية حيث عمل عدة سنوات. ولشدة ولعه بلبنان، أخذ على عاتقه انجاز عمل تراثي مميز على علو يفوق الألف متر في جوار بلدة بكفيا (وسط لبنان) يكون سكناً ومصدر رزق له وللعائلة بأكملها، اطلق عليه اسم «لوكندة كورسيني»، بدلاً من اسم فندق او نزل، كي يكون للاسم ايضاً نكهة تراثية، باعتبار ان بيروت وبعض المصايف اللبنانية كانت تشتهر بـ«اللوكندات»، واللوكندة باللاتينية تعني النزل الخاص بالمسافرين.

ويشرح جان بيار قصته مع هذا الانجاز لـ«الشرق الأوسط» بالقول: «لا يدرك روعة لبنان واهميته الا الاجنبي، الذي عاش فيه ردحاً من الزمن، او المهاجر الذي عاش بعيداً عن وطنه. ومن حسن حظي أني ورثت عن والدتي قطعة أرض في منطقة بكفيا، تفوق مساحتها 3 آلاف متر مربع، وتعلو عن البحر اكثر من الف متر، وتشرف على البحر وسلسلة طويلة من الجبال، وقد ارتأيت أن ابني فيها نزلاً يشبه البيوت اللبنانية القديمة، فرحت، منذ نحو 11 سنة، افتش عن الحجارة في كل انحاء لبنان، حيث الخرائب المهملة، او البيوت المهدمة نتيجة الحرب، وصرت اجمعها حجرا حجرا، والشيء نفسه بالنسبة الى الابواب التي يفوق عمرها 80 عاما، وهي مصنوعة من خشب القطران الصلب. وصرفت الكثير من الوقت لأجمع البلاط القديم المزركش من الأبنية التي يتم هدمها لإقامة ابنية حديثة مكانها. وعثرت على بيانو يعود عمره الى اكثر من 100 عام. المقاعد من عمر جدة زوجتي. الكراسي والاسرة صنعها احد النجارين خصيصا لنا، بما يذكرنا بمفروشاتنا اللبنانية القديمة. الاجران (حجارة مجوفة كانت تستخدم لدق لحمة الكبة النية) تصطف في المدخل، وفي الداخل، براد خشبي يدور على نفسه كان يستخدم للحلويات. السجاد قديم. الخزانات أكل الدهر عليها وشرب».

ويضيف: «خلال الاحدى عشرة سنة انجزنا ثلاث طبقات، ويبقى الروف الذي نأمل في ان تساعدنا الظروف على انجازه. الطبقة السفلية جعلناها مطعما ايطاليا مع مدخنة وسطيحة واسعة. والطبقتان الأخريان كل منها مؤلف من 4 اجنحة و4 غرف كبيرة الحجم، على غرار الغرف اللبنانية القديمة. ولكي يكتمل الطابع اللبناني لللوكندة، قررنا أن تكون الإدارة والخدمة عائلية، أي اننا نتولى نحن كعائلة تشغيل هذا النزل، وقد أردنا من المطعم الايطالي، زواجاً بين الطابعين اللبناني والايطالي على غرار زواج الوالدين».

ويتابع جان بيار: «لم اكتف بوجود النزل في منطقة حرجية، بل حرصت على زرع اكثر من 100 شجرة صنوبر تضفي المزيد من الطابع الريفي، والمزيد من الهواء النقي والطبيعة الجميلة، حتى ان احد اصدقائي نصحني بأن اطلق على النزل اسم اوكسيجين».

«النزلاء، كما يقول، لبنانيون ومغتربون في غالبيتهم. والليلة الواحدة بين 155 و310 دولارات، مع ترويقة لبنانية من اللبنة والجبنة والزعتر، وخبز الصاج والكنافة. نفتح طوال موسم الصيف، وفي الشتاء نفتح ايام الجمعة والسبت والأحد فقط».