الابن الأكبر لنجاة علي: كانت تربطها صداقة بأغلب الفنانين

الصوت المفضل لأم كلثوم وغنت قبلها قصيدة «الأطلال»

نجاة علي
TT

«نجاة علي» نجمة لا يزال بريقها متوهجا في ذاكرة الأغنية المصرية، فهي أول مطربة غنت في السينما الصامتة بمصر، واشتركت بالغناء والصوت في كثير من الأفلام مع كوكبة من نجوم السينما والطرب.

ولدت نجاة علي بقرية بردين بمحافظة الشرقية في عام 1913 واسمها الحقيقي «نجية على أحمد صيام»، وبدأت مشوارها الفني في بداية العشرينات من خلال الإذاعة المصرية، وقدمت حفلات كثيرة في منازل وحدائق الأثرياء، وكان أول حفل لها على مسرح الأزبكية في عام 1929. وبلغ ما سجلته نحو 90 أسطوانة وعددا لا يحصى من الشرائط في الإذاعة.

ممدوح الطوبجي الابن الأكبر «لنجاة علي» من زواجها الأول، يستعيد الذكريات عن والداته قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «هي صاحبة أول فيلم غنائي في تاريخ السينما المصرية وهو بعنوان (دموع الحب) مع موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب، وكانت أول أغنية سجلتها في الإذاعة بعنوان «سر السعادة»، وقد غنت في افتتاح الإذاعة المصرية مع عملاقة الغناء أم كلثوم وعبد الوهاب وعبد الغني السيد وفتحيه أحمد.

وعن علاقتها بأم كلثوم وغنائها أغنيه الأطلال قبلها يقول: «نجاة علي قامت بغناء جزء من قصيدة الأطلال بعنوان (وداع) ولحنها محمد فوزي، وبعدها بعدة سنوات غنت أم كلثوم القصيدة ولم يشكل أزمة بينها وبين أم كلثوم، بل كانت تربطهما علاقة احترام متبادل وصداقة، وعندما حصلت أم كلثوم على لقب (صاحبة العصمة)، أقدمت في ذلك الوقت نقابه المهن الموسيقية على الاحتفال بها، فسألتها من تريد أن يغني في هذه الاحتفالية، قالت أريد نجاة علي هي التي تحيي الحفل، بعد الحفل قامت أم كلثوم بزيارتنا في المنزل وقمت (أنا) بفتح الباب لها وكنت في الخامسة وكان شكلها مختلفا عما تظهر في الحفلات فكانت بسيطة لأبعد الحدود لدرجة أني لم أتعرف عليها».

أضاف الطوبجي: «أمي كانت تربطها صداقة بأغلب الفنانين في ذلك الوقت، وكانت بعيدة عن أي صراعات بل كانت تساعد الجميع، وكان من أبرز أصدقائها الفنانة مديحة يسري وفايزة أحمد التي كانت تزورها حتى بعد الاعتزال، وكانت تستشيرها في بعض الأغنيات، وهدى سلطان أيضا، وأذكر أنها تمت دعوتها إلى حفل لعبد الحليم حافظ (في بداية مشواره) وقد هاجمه الجمهور في ذلك الحفل ولكنها قابلته بعد الحفل ونصحته أن يكمل مشواره وألا يتأثر بما حدث فهذا أمر طبيعي، فكانت تحب الخير للجميع. كما كانت تربطها صداقة وطيدة بالراحلة أسمهان وفريد الأطرش، ونتيجة هذه الصداقة، كان ارتباطها الثاني بالأمير فؤاد الأطرش (الأخ لهما)، وعشنا في بيت الأطرش فترة زمنية كبيرة، وكنت أشاهد أسمهان كل يوم وأغازلها، وصدمنا جميعا بخبر وفاتها المباغت».

وعن رأيه في عمل درامي عن حياة والدته، قال: «لا أمانع لكن حياة نجاة علي لا يوجد فيها أحداث مثيرة كي تكون مادة لعمل درامي على عكس أسمهان وليلى مراد وسعاد حسني».

وعن زواجها واعتزالها الفن قال: «تزوجت ثلاث مرات الأولى من والدي أنيس الطوبجي وكان تربطهما صلة قرابة، وهو كان ضابطا مهندسا، وبعد الزواج طلب منها الاعتزال نظرا لغيرته الشديدة عليها وكان رصيدها الفني فيلمين، ولكنها وافقت على الفور علي هذا الطلب فكانت عاشقة للبيت والاستقرار، وسافرت معه إلى مرسى مطروح وكان ذلك أثناء الحرب العالمية الثانية، ولكن لم يستمر الزواج أكثر من خمس سنوات.

يضيف ثم عادت إلى الفن مرة أخرى، وشاركت في فيلم «الحظ السعيد» وتزوجت مرة أخري من فؤاد الأطرش وحصلت علي لقب «أميرة» وكانت المشكلات بينهما كبيرة بسبب الإنجاب فكانت رافضة للإنجاب، ثم انفصلت بعد سبع سنوات من الزواج، ثم تزوجت من السويفي وهو من أصول سورية وأنجبت منه محمد شقيقي وهو لواء طيار.

وأكد الطوبجي أن سبب اعتزال والدته للفن ولادتها لشقيقي حيث كانت ولادة قيصرية وعسيرة بعدها أعلنت اعتزالها للفن نهائيا في نهاية عام 1952، فهذه العملية تؤثر على صوت الفنان ويصبح نفسه قصيرا، لكن طلب منها يوسف السباعي في عام 57 الغناء للسد العالي ووافقت وكرمت على هذه الأغنية من الزعيم عبد الناصر، فهي كانت لا ترفض المشاركة في أي عمل وطني رغم اعتزالها الفن. وعلى المستوى الشخصي كانت لا تحب الظهور في وسائل الإعلام المرئية لكنها كانت تحب الإذاعة، وكانت شديدة الإعجاب بالراحلة سعاد محمد وبعد الاعتزال عاشت في الإسكندرية، كما كانت تربطها علاقة احترام وود بمحمد عبد الوهاب وكان يناديها بـ«ست نجاة».

وحول عدم وجود أغاني نجاة علي بقوة على الساحة الغنائية قال: «الجيل الآن ليس لديه الثقافة للبحث عن التراث القديم، بالإضافة إلى أن اللون التي كانت تقوم بغنائه صعب على أي فنان أن يقلده، وكانت تقول عن رأيها في الغناء قبل وفاتها «أصبح الغناء وجبة خفيفة وليست دسمة كما كان في الماضي». تمتلك نجاة علي رصيدا غنائيا يصل إلى ما يقرب من 400 أغنية رغم اعتزالها المبكر. ومن أشهر أغانيها التي تعاونت فيها مع أغلب الملحنين والكتاب، «فكراك ومش نسياك» و«يا لايمين في الهوى» و«وسلم على قلبي»، «أل إيه دلوقتي ما بيحبش». كما اشتركت أيضا في خمسة أفلام أخرى هي: «حب للسما، وشيء من لا شيء، والحظ السعيد، والشاطر حسن، والكل يغني»، والتي اشتركت فيه المطربة نجاة الصغيرة حيث أطلق عليها لقب الصغيرة من خلال أحداث تلك الفيلم لأنها كانت تجسد شخصية المطربة نجاة على وهى صغيرة.

نالت نجاة علي جائزة الجدارة عام 1978، وتوفيت في عام 1993.