غسان صليبا: لست مرتبطا فقط بمسرح الرحابنة.. وما يقدمه بعض الفنانين اليوم خطير جدا ويربي جيلا من السطحيين

يعد لطرح أغنية فردية «بعيد الشر عن قلبك»

غسان صليبا
TT

قال المطرب غسان صليبا إن «المستوى المتدني الذي تعانيه مجتمعاتنا لا يقتصر فقط على مجال الفن. ورأى في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن هناك حالة سائدة اليوم نلاحظها هنا وهناك، تتمثل بتقديم المصلحة الشخصية على المصلحة العامة، ولا سيما فيما يخص بلدنا لبنان». وأضاف: «هذه المشكلة نعانيها في الفن كما في أي مجال آخر، فالهدف الأساسي للناس أصبح محوره الكسب المادي السريع، ولذلك نجد اللامسؤولية مستشرية في أي منتج يقدم للمواطن، فكما هناك أغان لا تمثل لبنان لا من بعيد ولا من قريب، كذلك هناك حالات إجرام في الاقتصاد اللبناني وتتمثل في تقديم منتجات غير صالحة للمستهلك ولو جاء الأمر على حساب صحته». وتابع: «الأمر الأكثر خطورة في رأيي هو موضوع الأشخاص أصحاب الإمكانات المادية العالية، الذين من خلال صرفهم مبالغ مالية كبيرة على أعمال دون المستوى يسخفون الفن اللبناني. فالمغني حر في تقديم ما يريده لنفسه وهو في منزله، أما عندما يصبح الأمر جديا ومتاحا أمام الجميع فالحسابات تختلف، والفنان يجب أن يتحمل مسؤولية ما يقدمه».

ورأى غسان صليبا أن المؤسسات الإعلامية تساهم بشكل أو بآخر في تدني مستوى الأغنية صوتا وكلاما ولحنا، وقال: «إنها تسمح بتمرير أغان وأعمال فنية لا تليق بصورة لبنان إذاعيا أو تلفزيونيا وحتى صحافيا، وهذا له علاقة مباشرة بالمستوى الفكري والذوق العامين، فما يتلقاه المشاهد أو المستمع يتأثر به تلقائيا، فإذا كان سطحيا فهو يعتاده ويصبح من صلب تربيته الفنية وإذا كان العكس فهو يرتقي إلى الأفضل، فليس مسموحا بألا يستمع اللبناني مثلا إلى الموسيقى الكلاسيكية على الأثير أو شاشات التلفزة إلا في حالات الحداد الرسمية فقط».

وأكد أن «المسؤولية الوطنية غائبة فلا أحد يهتم أو يسأل، ولذلك توجب علينا ممارسة الرقابة الذاتية»، وختم بالقول: «في النهاية، الفن هو صورة للبلد والشعب والثقافة التي يتلقفها، فلا يمكننا الاستخفاف به».

ويستعد غسان صليبا لإنزال أغنية جديدة له بعنوان «بعيد الشر عن قلبك»، من كلمات منير بوعساف وألحان بلال الزين. وعن سبب اختياره لأول مرة هذا النوع من الأغاني التي تحاكي الناس من خلال استخدامها عبارة شعبية، أجاب موضحا: «لقد شعرت بأن هذا الثنائي قريب جدا من شخصيتي الفنية (منير وبلال)، ورغبت في تقديم الجديد بعد غياب عن الساحة، فهي إيقاعية رومانسية، وموضوعها مختلف يحكي عن الحب الذي يكنه شخص لآخر بحيث يجعله يتمنى لو أنه يصاب بمكروه بدلا من حبيبه».

وعد أن الفنان يجب أن يواكب العصر الذي يعيشه لا أن يتجمد في مكانه، شرط ألا يؤثر ذلك على مستواه الفني، فيتمسك بالأصالة التي يلونها بالحداثة. ووصف هذه الأخيرة بأنها أرخت بظلالها على الفن من خلال التقنية المتطورة السائدة، وقال: «كل شيء تأثر بهذه التقنية الخارجة عن المألوف، إن من ناحية اللحن أو أسلوب التسجيل والتوزيع الموسيقي، الأمر الذي أضفى رونقا وروحا على الفن لم يسبق أن شهدناها سابقا، وإننا لو أضفنا هذه الحداثة على الأعمال القديمة لكانت دون شك تميزت بلمعة فنية جديدة». وأشار إلى أن «مقومات الأغنية الجيدة ما زالت هي نفسها إذا ما تحدثنا عن الكلمة أو اللحن، إلا أن التقنية استطاعت أن تحسن صورة الفن فكانت بمثابة المكياج الذي لمسها فانعكس إيجابا عليها، ولا سيما على أصحاب الأصوات العادية».

وعن رأيه في برامج الهواة الرائجة حاليا على شاشات التلفزة، قال: «هي تتضمن أصوات ومواهب جميلة وأنا أتابعها أحيانا، ولكني لم أستطع أن أحفظ أسماء الهواة الذين أعجبت بهم. أما فيما يخص الفنانين أعضاء لجان التحكيم في هذه البرامج، فعلق بالقول: «هناك نقص في طريقة ممارسة مهمتهم، إذ أجد أن الثقافة الأكاديمية غائبة تماما لديهم، فموضوع اختيار موهبة جديدة لا يرتكز على إبداء آراء عادية أو الانجراف بحالة حماس مؤقتة، فهناك خلل في هذا الموضوع، والمطلوب التحلي بأسلوب أكاديمي لناحية تقييم تلك المواهب بموضوعية، لأن الآراء تختلف في هذا الشأن، وعملية التوجيه تتطلب العلم والثقافة».

وكان غسان صليبا قد شارك أخيرا في مسلسل تلفزيوني بعنوان «وأشرقت الشمس»، فنجح في أداء دوره ولاقى أصداء إيجابية لدى المشاهد، لا سيما أن هذا العمل قدمه كممثل لأول مرة على الشاشة الصغيرة، وهو الذي اشتهر في أدوار البطولة على مسرح الرحابنة. وقال معلقا عن تجربته هذه: «لقد أضاف إلي هذا العمل انتشارا أكبر وجمهورا أوسع، خصوصا أنه شهد أعلى نسبة مشاهدة في تاريخ الدراما اللبنانية». وعن خياراته المستقبلية في هذا المجال، قال: «هذا النجاح حملني بالطبع مسؤولية كبيرة تجاه الأعمال التلفزيونية المقبلة التي يمكنني أن أخوضها، الأمر الذي سيدفعني إلى التروي في دراسة أي عرض جديد يقدم لي في هذا المجال». وعد أنه شخصيا كان يتملكه الرضا والنقد البناء حول هذا الدور الذي لاقى الاستحسان لدى المشاهد كما لدى القائمين على هذا المجال. وأعلن أن كاتبة المسلسل منى طايع هي بصدد التحضير لجزء ثان منه، بسبب النجاح المنقطع النظير الذي لاقاه الجزء الأول منه.

وكان غسان صليبا قد حاز أخيرا جائزة الإعلامي الراحل جورج إبراهيم الخوري تقديرا لمسيرته وعطاءاته الفنية، وعلق قائلا: «هي جائزة أفتخر بها، لا سيما أن الراحل جورج إبراهيم الخوري كان إعلاميا غير عادي بشهادة الجميع، وكان أول من ساندني وشجعني في مشواري الفني، وهذا النوع من الجوائز يمنح صاحبه الرضا والاعتزاز بالنفس». وعبر عن حنينه لأرباب الإعلام الماضي، إذ كانوا حسب رأيه نتاج مدارس وتدريبات إعلامية قاسية لم نعد نشهدها حاليا مع احترامه لإعلاميي اليوم».

وعن سبب غيابه عن المسرح، قال: «هو حبي الأول، ولكنه يتطلب مناخا من الاستقرار، فتكلفة إنتاجه عالية وتتطلب مخاطرة لطالما غامر بها أصحابها وأنا أتابع اليوم المسرحيات التي تعرض في لبنان كعمل كركلا الأخير (كان ياما كان) و(خدني بحلمك مستر فرويد) لجلال خوري».

وعما إذا كان يرتبط ارتباطا مباشرا بمسرح الرحابنة فقط، الأمر الذي جعله يغيب عن الأعمال المسرحية الأخرى عامة، رد موضحا: «لا أبدا، فهذا الأمر ليس صحيحا، فأنا مستعد للمشاركة بأي عمل ذي مستوى جيد إن من ناحية النص أو الموسيقى، وحتى لو جاء هذا العرض من قبل أي شخص عادي».

والمعروف أن غسان صليبا لعب دور البطولة في أكثر من مسرحية للرحابنة وكان أحدثها «ليلة صيف»، وسبق أن شارك في مسرحيات (أبو الطيب المتنبي) و(ملوك الطوائف) و(صيف 840) و(زنوبيا) و(عودة الفينيق). كما له سلسلة أغان شهيرة مثل (يا حلوة شعرك داري) و(لمعت أبواق الثورة) و(ووطني بيعرفني) وغيرها.