موسم رمضان يشهد أولى إطلالات ميريام فارس وهيفاء وهبي في عالم الدراما

تدخلان منافسة مختلفة.. والمنتج يبحث من خلالهما عن ترويج أعماله

ميريام فارس في عملها الدرامي الجديد - هيفاء وهبي في مسلسل «كلام على ورق»
TT

تحولت بعض نجمات الغناء أمثال هيفاء وهبي وميريام فارس إلى عالم الدراما، مما ترك علامات استفهام كثيرة لدى المشاهد. فهذه الظاهرة التي بدت جلية في موسم رمضان التلفزيوني الحالي، هل هي مجرد مرور مؤقت أراده المنتجون وسيلة جديدة لترويج أعمالهم الدرامية؟ أم أن تلك الفنانات هن بالفعل يتمتعن بموهبة تمثيلية رفيعة المستوى، مما لفت كتاب ومنتجي المسلسلات، فلجأوا إليها بهدف الاستفادة من هذه المواهب كونها ستلوّن أعمالهم بالجديد والمميز؟ وهل هؤلاء النجمات انتظرن الوقت المناسب لإظهار مواهبهن إلى العلن ولتقديمها على طبق من فضة للمعجبين بهن؟

ميريام فارس التي سبق وشاهدناها ممثلة ناجحة في كليباتها الغنائية المصورة منذ بداية مشوارها الغنائي، أطلقت لموهبتها العنان عندما شاركت في الفيلم السينمائي «سيلينا» عام 2009، والمقتبس عن مسرحية «الشخص» للأخوين رحباني وهو من إخراج حاتم علي.

بعدها انبهرت الساحة الفنية بما قدمته في موسم رمضان عام 2010، وذلك من خلال برنامج «فوازير ميريام» الذي عرض حينها على شاشة «القاهرة والناس» المصرية، وقيل يومها إنها تلقت أجرا عاليا مقابل إطلالتها هذه، فاق المليون دولار. حققت ميريام فارس نجاحا لا يستهان به في هذا المجال، فهي التي سبق وعرفت بملكة المسرح لليونتها الجسدية وأدائها لوحات تعبيرية وأخرى إيقاعية في كليباتها وحفلاتها الغنائية، برهنت في الفوازير التي أدتها يومها بأنها صاحبة موهبة كبيرة في عالم التمثيل والاستعراض بشهادة أهم نقاد الساحة الفنية، فهي جسدت دور أكثر من شخصية فنية وعالمية فيها، حتى إن الفنانة نيللي وصفت اختيارها للقيام بفوازير رمضان بأنه خيار موفق لما تتمتع به من رشاقة بدنية وثقافة فنية. بعدها توقع كثيرون أن يكون لمشوار ميريام التمثيلي تكملة، وبالفعل صدق ما توقعته الأكثرية، عندما جرى اختيارها هذا العام، ومن قبل المنتج العربي مفيد الرفاعي لتطل على جمهورها من خلال مسلسل «اتهام» الذي يعرض في موسم رمضان الحالي.

يحكي المسلسل قصة الفتاة اللبنانية ريم التي تسافر إلى القاهرة مع اثنتين من صديقاتها بعد أن اتفقن على العمل في الخارج بسبب الأزمة الاقتصادية في البلاد، فيقررن العمل في معمل قطن غير أنهن يقعن ضحية عصابة، فتقف ريم في وجه الظلم لتنتقم لنفسها ولصديقاتها، وفي الوقت نفسه تقع في الحب، فيغير هذا الحب كل حياتها. ورغم أن المسلسل عرض منه حتى الآن حلقات قليلة، فإنه جذب عددا لا يستهان به من المشاهدين من ناحية طريقة إخراجه السلسة لفيليب أسمر، ولحبكته الغنية التي اعتدناها في أعمال كاتبته كلوديا مرشيليان من ناحية أخرى. أما أداء بطلته ميريام فارس فلفت انتباه المشاهد لطبيعيتها وحنكتها في وقوفها أمام الكاميرا، مما برهن على أنها صاحبة موهبة تمثيلية فذة لا يمكن تجاهلها، رغم أن هذا المسلسل يعد التجربة الأولى لها في عالم الدراما.

وتقول كاتبة المسلسل كلوديا مرشيليان في حديث لـ«الشرق الأوسط» إنها كانت متأكدة من قدرة ميريام فارس على التمثيل منذ اللحظة الأولى التي شاهدتها فيها ضمن عمل الكاستينغ، وبأنها لم تتفاجأ بذلك كون لميريام خلفية ثقافية فنية جيدة أظهرتها أيضا في فيلم «سيلينا». عندما استوضحناها عن رأيها بظاهرة دخول نجوم الغناء عالم التمثيل ردت موضحة: «المقاييس في الفن تبدلت بين البارحة واليوم فصارت كناية عن باقة فنية مختلفة المواهب، ولا أدري لماذا تفاجأ البعض بدخول ميريام عالم التمثيل فهي مثلت في كليباتها الغنائية وفي فيلم (سيلينا) وفي فوازير رمضان»، وأضافت: «نحن لم نستعن بها وأرفض هذه المقولة تماما، ولست مضطرة للاستعانة بأحد للترويج لأعمالي الرائجة في العالم العربي والجميع يعلم ذلك، فميريام لديها الموهبة التمثيلية المطلوبة وما ستشاهدونه في الحلقات المقبلة خير دليل على ما أقول، فلقد كتبت حتى الآن 41 مسلسلا ولم أستقدم أحدا من خارج عالم الدراما بهذا الهدف». وتابعت: «علينا أن نعترف بأن المغني يمثل أيضا أثناء وقوفه على مسرح حفلاته، فمن منا لم يتأثر بوقفة فيروز وأدائها على المسرح، ولو وقع الأمر على مذيعة مثلا لاعتبرت أن في الأمر صعوبة، ولكن ذلك لا يشمل المغني برأيي».

ورأت كلوديا مرشيليان أن لدى ميريام قدرة وطاقة قويتين في تجسيد الأدوار، وأنها شكلت إضافة على العمل؛ مما ساعد فريق العمل بأجمعه وساعدها أيضا. ووصفت مرشيليان قصة المسلسل بالجريئة وختمت بالقول: «الفن ليس ديكتاتورية، والفنان هو الذي يفرض وجوده أو العكس».

الفنانة هيفاء وهبي من ناحيتها دخلت موسم الدراما الرمضانية من بابه العريض، وذلك من خلال قيامها ببطولة مسلسل «كلام على ورق». والمعروف أيضا بأنها سبق وكان لها أكثر من تجربة تمثيلية سينمائية في «بحر النجوم» في عام 2008، و«دكان شحاتة» في عام 2009، و«حلاوة روح» في عام 2014.

وخوضها هذه التجربة لأول مرة دراميا، حمل لها الكثير من التحدي، هي المعروف عنها حبها لتنفيذ أعمالها على أكمل وجه.

ويحكي المسلسل الذي تردد أن كلفته بلغت ستة مليون دولار، قصة الفتاة اللبنانية (حبيبة بيطار) من أم مصرية تضطر للانتقال من الضيعة إلى المدينة بعد أن يتركهم الأب، ومن هنا تبدأ أحداث جرائم قتل ومافيا مخدرات وحياة بنات الليل، وتبادل اتهامات تتوالى طوال أحداث المسلسل حول الفتاة وكل من له علاقة بها دون أن يعرف المشاهد من هو القاتل الحقيقي حتى المشهد الأخير من العمل.

صور المسلسل في لبنان وهو من إخراج محمد سامي، يشارك فيه عدد من نجوم الشاشة العربية كماجد المصري وعمار شلق وغيرهما. وكان من البديهي أن يستقطب هذا المسلسل منذ الحلقة الأولى له اهتمام المشاهد، الذي كان تواقا لمشاهدة هيفاء وهبي في عمل درامي، بعد أن سبق وشاهدها في برامج تلفزيونية أخرى كـ«الوادي»، و«شكلك مش غريب». ويقول المخرج طوني قهوجي الذي رافق هيفاء وهبي في مختلف أعمالها التلفزيونية: «طبعا لدى هيفا موهبة تمثيلية لافتة، وقبل عرض المسلسل شاهدت بعض اللقطات من (كلام على ورق) وأعجبت بأدائها، وهذا الأمر لا أجده مفاجئا أبدا، لأن في مقدور الكثير من المغنين أن يمثلوا، والأمر ليس منوطا فقط بهيفاء وهبي وميريام فارس اللتين سبق وعملت معهما». وأضاف: «أنا ضد المقولة التي تشير إلى أن هؤلاء هم دخلاء على الساحة التمثيلية، فهذا الأمر غير صحيح وهناك مغنيات ذات قدرات تمثيلية هائلة». وردا على ما إذا كانت هذه الظاهرة تدخل في خانة الترويج للعمل والاستفادة المادية منه، أجاب: «موضوع التسويق أمر يساعد كثيرا بالطبع ولا يختلف على هذا الموضوع لا المنتج ولا شاري العمل. لكن الأسباب لا تنحصر في ذلك فقط، فالشطارة تقضي بتأهيل وتحضير الفنان للقيام بهذه الخطوة فتكون بمثابة الأساس الذي يبنى عليه المنتج فيما بعد شخصية المغني الممثل». وتابع: «كلما جرى التحضير جيدا للعمل تطلب الأمر بناء صلبا وهنا يكمن السر، وإن وجود النص والمستوى الجيدين للعمل يقرب إدارة الإنتاج من الوصول إلى أعلى القدرات التمثيلية لدى النجم، بغض النظر عما إذا كنا ضد أو مع أن يدخل الفنان عالم الغناء».

وعد طوني قهوجي الذي أشرف على إخراج «فوازير ميريام» مع ميريام فارس، وبرنامجي «الوادي» و«شكلك مش غريب» مع هيفاء وهبي، أن فنانات عالميات دخلن أيضا عالم التمثيل وبرعن فيه أمثال جنيفر لوبيز وشير وكريستينا أغيليرا، فلماذا نتفاجأ بدخول كل من ميريام وهيفاء وهبي عالم الدراما، وهما من المحترفات في عالم السينما أو الاستعراض؟

يمكن القول في الختام إن هذه الظاهرة ليست بالجديدة على الساحة العربية، إذ إن نجمات غناء عربيات شهيرات، دخلن عالم التمثيل وبرعن فيه أمثال صباح، وفيروز، والراحلة وردة. فلطالما امتلك المطرب قاعدة جماهيرية كبيرة تساهم في تسويق العمل السينمائي أو الدرامي بصورة أسرع لمنتجه، كما أن هذه الأعمال تجذب المشاهد لأنها تسلط الضوء على نجوم يحبهم ويتابعهم بشكل مستمر أكثر من الممثل العادي. أما استمرارية الفنان المغني في العمل الدرامي فيرتكز على أدائه التمثيلي وبراعته في اختيار أدواره، كأي ممثل آخر نتابعه في هذا المجال فتشهد مسيرته نجاحات وإخفاقات حسب مستوى العمل الذي يقدمه.